العدد 951 صدر بتاريخ 17نوفمبر2025
يظلّ المسرح الجامعى واحدًا من أهم المنصّات التى تُطلق طاقات الشباب وتمنحهم مساحة للتجريب واكتشاف الذات، فهو ليس مجرد نشاط فنى داخل الحرم الجامعى، بل فضاء تربوى وثقافى يُسهم فى تشكيل الوعى وبناء الشخصية، ويُعدّ بوابة أولى نحو الاحتراف لدى كثير من المبدعين. ورغم ما يمتلكه هذا المسرح من تاريخ لامع وتجارب مؤثرة فى تشكيل مشهد المسرح المصرى، فإن واقعه اليوم يكشف عن أزمة صامتة تتراكم بمرور الوقت: نقص فى الدعم، وغياب فى التخطيط، وضعف فى الإمكانات، إضافة إلى تراجع اهتمام بعض الجامعات بالنشاط الفنى مقارنة بسنوات مضت.
وفى الوقت الذى يواصل فيه الطلاب تقديم عروضهم بحماس لافت، تصطدم أحلامهم بسلسلة من العقبات التى تحول دون اكتمال المشروع المسرحى داخل الجامعة؛ بدءًا من تأخر الميزانيات، مرورًا بفقدان التدريب المتخصّص، وصولًا إلى غياب المسارح المُجهزة التى تواكب الحد الأدنى من الاحتياجات التقنية. كما تواجه التجارب الشابة صعوبة فى إيجاد منظومة واضحة تُنظّم العمل، وتضمن استمرارية الفِرَق، وتبنى جسور تواصل بين الإدارات الجامعية وصنّاع المسرح.
من هنا يأتى هذا التحقيق ليفتح ملف احتياجات المسرح الجامعى بعيون من يعيشون التجربة يوميًا: الأساتذة، والطلاب أنفسهم. نسعى عبر شهاداتهم إلى رسم صورة واقعية لما ينقص هذا المسرح ليستعيد مكانته، وإلى استكشاف ما إذا كان يمكن لهذا النشاط أن يتحول من مبادرات فردية متقطعة إلى مشروع ثقافى متكامل قادر على التأثير فى المجتمع الجامعى وخارجه.
د. محمد عبدالمنعم: المسرح الجامعى.. مختبر الحرية وصناعة الوعى
أكد الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم “ المخرج المسرحى وأستاذ التمثيل والإخراج بقسم المسرح – جامعة الإسكندرية” أن واقع المسرح الجامعى اليوم يكشف عن مجموعة من التحديات والاحتياجات التى تعوق أداءه لدوره التربوى والثقافى داخل الجامعة، رغم أهميته البالغة فى تشكيل وعى الطالب وصقل مهاراته الإبداعية. وأوضح أن المسرح الجامعى بحاجة ماسة إلى بنية تحتية مجهزة ومساحات مخصصة للتدريب والعروض، إلى جانب كوادر فنية وإدارية متخصصة تضمن استمرارية العمل وجودته. كما يعانى من فقر فى النصوص المعاصرة التى تعبّر عن قضايا الطلاب وهمومهم، فضلًا عن ضعف الدعم الفنى والفكرى والتقنى الذى يُعين المبدعين الشباب على تحويل أفكارهم إلى تجارب مسرحية ناضجة.
وأشار إلى أن بعض إدارات الجامعات تبذل جهودًا لدعم النشاط المسرحى، غير أن هذا الدعم يظل محدودًا وموسميًا، ويفتقر إلى خطة استراتيجية طويلة المدى تُنظّم وتُقنّن عملية التطوير. لذا شدد على ضرورة إدراج المسرح ضمن السياسات التربوية والثقافية للجامعة، شأنه شأن البحث العلمى أو الأنشطة المجتمعية، مؤكدًا أن الدعم الحقيقى لا يتحقق إلا إذا تحوّل إلى رؤية تربوية مستدامة تُترجمها ميزانيات ثابتة ومراكز إنتاج جامعية نشطة.
وأضاف عبد المنعم أن طلاب الجامعات لا يجدون دائمًا المساحة الكافية للتجريب والإبداع المسرحى، إذ تحدّ القيود التنظيمية وضعف التجهيزات من حرية التعبير الفنى. ويرى أن الإبداع الحقيقى لن يتحقق إلا من خلال إتاحة مختبرات مسرحية صغيرة داخل الكليات، وإطلاق ورش تدريب منتظمة يشرف عليها فنانون محترفون تُشجع الطلاب على التجريب والتنوع فى الرؤى. كما دعا إلى منح الفرق الجامعية فرصًا فعلية للعرض خارج الحرم الجامعى، لتصبح التجربة المسرحية مساحة مفتوحة لتبادل الأفكار والخبرات.
وأكد أهمية دمج المسرح فى المناهج الدراسية كمكوّن تطبيقى للمقررات النظرية، وتفعيل النقد المسرحى الأكاديمى ليصبح جزءًا من العملية التعليمية عبر تحليل العروض ومناقشتها علميًا، بما يُنمى لدى الطلاب حسًا نقديًا ومعرفيًا يوازى مهارتهم الأدائية.
واقترح د. محمد عبد المنعم إنشاء مركز للمسرح الجامعى يتولى مهام التنسيق والإنتاج والتوثيق، بما يضمن استمرارية التجربة واحترافها، ويحوّل النشاط المسرحى من مبادرة فردية إلى منظومة تربوية وثقافية متكاملة. فالمسرح – كما يرى – هو مختبر للحرية ومجال لتربية الذائقة والوعى وتنمية التفكير النقدى، وحين تدرك الجامعات أنه ليس نشاطًا هامشيًا بل منهج حياة وتفكير، عندها فقط سيستعيد المسرح الجامعى مكانته الحقيقية كمساحة للتربية والإبداع تُخرّج أجيالًا قادرة على بناء المستقبل بعقل حر وروح مبدعة.
د. سمر سعيد: المسرح الجامعى طاقة مبدعة تحتاج إلى إيمان القيادات ودعم مؤسسى حقيقي
أكدت الدكتورة سمر سعيد، عميد المعهد العالى للفنون الشعبية، أن المسرح الجامعى يمثل أحد أهم الوسائل التى تُسهم فى تشكيل وعى الشباب وصقل شخصياتهم، لكنه ما زال بحاجة إلى دعم حقيقى من القيادات الجامعية، سواء من رؤساء الجامعات أو عمداء الكليات، مشددة على ضرورة إيمانهم بقيمة العمل الفنى والمسرحى داخل الجامعة.
وأوضحت أن ضعف الاهتمام من بعض الإدارات الجامعية بالعروض والأنشطة الفنية يؤدى إلى إهدار طاقات كبيرة لدى الشباب، بينما يمكن للمسرح أن يكون وسيلة قوية لتفريغ تلك الطاقات فى اتجاه إيجابى يقيهم من الانخراط فى التطرف أو السلوكيات السلبية.
وأضافت أن الشباب اليوم يمتلكون قدرات إبداعية مدهشة، مدعومة بانفتاحهم على العالم من خلال التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى، حيث باتوا يتابعون العروض المسرحية من مختلف الدول، مما ساعد على تطوير ذائقتهم الفنية وتوسيع خيالهم المسرحى. كما أشارت إلى أن استخدام الفضاءات المسرحية المتنوعة أصبح أكثر تطورًا، ولم يعد المسرح مقصورًا على القالب الإيطالى التقليدى أو ما يُعرف بـ«مسرح العلبة»، بل ظهر مسرح الشارع والمسرح التفاعلى، حيث يجلس الجمهور أحيانًا على الخشبة مع العارضين، وهو ما يعكس روحًا جديدة للممارسة المسرحية داخل الجامعات.
وفيما يتعلق بالتحديات التى تواجه طلاب الجامعات، لفتت د. سمر إلى أن اختيار النصوص والإخراج يمثلان عقبة حقيقية فى الجامعات التى تفتقر إلى المتخصصين والأكاديميين فى المسرح، مشيرة إلى أهمية الالتحاق بورش تدريبية لصقل المهارات الإبداعية لدى الطلاب، وتزويدهم بمعرفة حديثة حول كيفية اختيار النصوص وتوظيف عناصر العرض المسرحى بشكل مبتكر. وشددت على أن المخرج الجامعى الشاب بحاجة إلى أن يخرج من الصندوق التقليدى ويواكب التطورات المعاصرة فى الإضاءة، السينوغرافيا، والتفاعل مع الجمهور.
وختمت بالتأكيد على أن الجامعات مطالبة اليوم ببناء شراكات وبروتوكولات تعاون مع مؤسسات ثقافية ومهرجانات مسرحية، وتنظيم ليالى عرض داخل الجامعة لتمكين طلابها من تقديم أعمالهم أمام زملائهم وأساتذتهم، مع دعوة الصحفيين والنقاد لمتابعتها. واعتبرت أن مثل هذه المبادرات تمنح التجربة الجامعية الاستمرارية والحيوية، وتجعل النشاط المسرحى جزءًا من الحياة اليومية داخل الحرم الجامعى، لا مجرد مشاركة موسمية فى المهرجانات.
د. عمر فرج: المسرح الجامعى بحاجة إلى دعم مؤسسى ومعنوى يعيد له دوره الثقافى
أكد الأستاذ الدكتور عمر فرج، أستاذ الدراما والنقد المساعد ورئيس قسم المسرح والدراما بكلية الآداب – جامعة بنى سويف، أن المسرح الجامعى اليوم يفتقر إلى الكثير من المقومات التى تُمكّنه من أداء دوره الثقافى والتربوى داخل الجامعة، مشددًا على أن الاهتمام بالنشاط الفنى والمسرحى يجب أن يكون من أولويات مؤسسات التعليم العالى.
وأوضح أن العديد من الجامعات لا تولى الأنشطة الفنية الاهتمام الكافى، رغم أهميتها فى بناء الوعى وتنمية شخصية الطلاب، داعيًا وزارة التعليم العالى إلى تفعيل المسابقات والمهرجانات الفنية بشكل دورى وإلزامى، حتى يستعيد المسرح الجامعى مكانته التى فقدها منذ تراجع الحركة الثقافية فى الجامعات خلال ثمانينيات القرن الماضى وحتى اليوم.
وأشار د. فرج إلى أن الدعم المادى والمعنوى يمثلان جوهر المشكلة، فغالبية الكليات لا تمتلك مسارح مجهزة أو ميزانيات كافية، إذ لا تتجاوز مخصصات الأنشطة الفنية فى بعض الكليات خمسة إلى عشرة آلاف جنيه، وغالبًا ما تُوجَّه هذه الميزانيات إلى مجالات أخرى. كما شدد على أهمية الاستعانة بمخرجين شبه محترفين أو من الهيئة العامة لقصور الثقافة لتدريب الطلاب ورفع مستوى الأداء الفنى للعروض الجامعية.
وأضاف أن الإدارة الجامعية تُسهم بدرجة محدودة فى دعم النشاط المسرحى، موضحًا أن الاهتمام يبدأ من قمة الهرم الإداري؛ فإذا أبدى وزير التعليم العالى اهتمامًا بالمسرح، ستنعكس تلك الرؤية على رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، ما يضمن تفعيل الأنشطة الثقافية وتوفير التمويل اللازم لها.
وأكد د. فرج أن طلاب الجامعات يمتلكون طاقة كبيرة وشغفًا بالفن، لكنهم يفتقرون إلى المساحة الحقيقية للتجريب والإبداع داخل الجامعات. ويرى أن توجيه هذه الطاقات نحو العمل الفنى يسهم فى بناء شخصية متزنة ومبدعة، ويُبعد الشباب عن الأفكار المتطرفة أو الجماعات المنغلقة.
وتناول أبرز التحديات التى تواجه العروض الجامعية، مشيرًا إلى أنها تتراوح بين ضعف الإمكانيات، وأزمة النصوص المسرحية المكررة، وغياب المخرجين المتخصصين القادرين على تدريب الطلاب. واقترح ضرورة إنشاء مسرح بكل كلية إلى جانب مسرح جامعى مركزى كبير، مع تكثيف المهرجانات والورش التدريبية التى تدمج بين الجانب الأكاديمى والتطبيقى.
واختتم د. فرج حديثه بالتأكيد على أن دور الجامعة ليس احتراف التمثيل أو تحقيق الربح، بل أداء رسالة ثقافية وفكرية تهدف إلى بناء العقول وصناعة وعى فنى مستنير. ودعا إلى أن تتحمل الجامعة تكلفة الأنشطة والمهرجانات الفنية بالكامل، مع فتح آفاق التعاون مع المجتمع المدنى لدعم الحركة المسرحية الجامعية واستدامتها.
د. محمد عبدالله حسين: غياب الدعم والتخطيط.. وأقسام المسرح نفسها لا تقدم عروضًا تمثل الجامعة
قال أ. د. محمد عبدالله حسين – أستاذ بقسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم – جامعة المنيا، إن المسرح الجامعى يمر اليوم بأزمة حقيقية تهدد دوره الثقافى والتربوى داخل الجامعة، موضحًا أن المسابقات المسرحية الجامعية اختفت تقريبًا إلا فى نطاق محدود، وذلك نتيجة ضعف اهتمام القيادات الجامعية بالنشاط المسرحى مقارنة بالنشاط الرياضى وبعض الأنشطة الثقافية الأخرى. وأشار إلى أن المفارقة المؤلمة هى أن بعض أقسام علوم المسرح نفسها لا تقدّم عروضًا تمثل الجامعة، باستثناء مشاريع التخرج التى تُقدَّم على استحياء ومن دون دعم حقيقى أو رؤية واضحة.
وأكد أن غياب خشبات العرض داخل الجامعات، وافتقار إدارات الأنشطة إلى الثقافة المسرحية، يُعدّان من أبرز الأسباب التى أدت إلى تراجع الدور الحيوى للمسرح الجامعى. وأضاف بأسف أن بعض المسؤولين ينظرون إلى المسرح نظرة مغلوطة باعتباره «رجسًا من عمل الشيطان»، وهو ما يخلق مناخًا طاردًا للمواهب الشابة.
وأوضح أن الجامعة تضم طاقات طلابية هائلة تحتاج إلى من يكتشفها ويرعاها، لكن هذه المواهب تُصاب بالإحباط بسبب غياب الاهتمام وإغلاق أبواب التجريب والإبداع أمامهم. واستعاد ذكريات السبعينيات والثمانينيات حين كان المسرح الجامعى فى أوج ازدهاره، إذ كانت العروض تُقدَّم على خشبات الجامعة وتُشارك فى مسابقات وزارة التعليم العالى، ويتم الاستعانة بكبار المخرجين. بل إنه نفسه – كما قال – قدّم عملًا مسرحيًا وهو طالب فى الليسانس وحصد عنه جوائز بحضور لجان تحكيم من كبار النقاد والمخرجين مثل الراحل على أبوشادى والدكتور نعيم عطية والأستاذ إميل جرجس، رغم أن تلك الفترة شهدت سيطرة الجماعات المتأسلمة على الجامعة.
وشدد على أن التحديات التى تواجه المسرح الجامعى كبيرة، إلا أن مواجهتها ممكنة إذا توفرت الإرادة. وتبدأ المواجهة – بحسب رأيه – بإعادة المسابقات المسرحية إلى الجامعات، وتوفير البنية الأساسية اللازمة من أماكن تدريب وعروض. أما النصوص فليست أزمة، فالجامعات تكتنز مواهب قادرة على الإبداع فى التمثيل والكتابة والإخراج.
واقترح د. حسين أن تتبنى الجامعات مقررات للثقافة الفنية تشمل المسرح والفنون الشعبية والموسيقى، على أن تُدرَّس باختيار طلابى فى جميع الكليات، بما فيها العملية، مع الاستعانة بأساتذة أقسام المسرح وكليات التربية النوعية. ويرى أن هذه الخطوة يمكن أن تعيد للجامعة دورها فى بناء الوعى الفنى وتنمية الحس الجمالى لدى الطلاب.
واختتم قائلًا إن «التحديات كبيرة، لكن الطاقات أكبر»، مؤكدًا أن المشكلة الحقيقية تكمن فى سوء التخطيط وغياب الجرأة فى اتخاذ القرار، موجّهًا تحياته وتقديره.
أمينة الأكشر: المسرح الجامعى يحتاج إلى منظومة دعم متكاملة تربط الإبداع بالتعليم الأكاديمى
قالت أ.د. أمينة محسن حسن الأكشر “أستاذ الفنون المسرحية – كلية التربية النوعية – جامعة بنها”
إن المسرح الجامعى اليوم يحتاج إلى منظومة دعم متكاملة كى يتمكن من أداء دوره الثقافى والتربوى داخل الجامعة. وأكدت أن المسرح الجامعى ليس مجرد نشاط ترفيهى، بل فضاء تربوى وفنى يسهم فى تشكيل شخصية الطالب وتنمية مهاراته الإبداعية والاجتماعية، إلا أنه يعاني، فى رأيها، من فجوات واضحة فى التمويل، وغياب المساحات المجهزة للتدريب والعروض، ونقص الكوادر البشرية المتخصصة القادرة على متابعة الطلاب وتطوير قدراتهم. وأشارت إلى أن ضعف الربط بين النشاط المسرحى والمناهج الدراسية يُفقد المسرح جزءًا من قيمته التعليمية، ويجعل التجربة أقل تأثيرًا مما يجب أن تكون عليه.
كما أكدت د. أمينة أن دور الإدارة الجامعية فى دعم النشاط المسرحى يختلف من جامعة إلى أخرى؛ فبعض الجامعات توفر أماكن للعروض أو تمنح تسهيلات للطلاب، لكن الدعم فى مجمله يظل محدودًا. وشددت على ضرورة تحويل هذا الدعم إلى خطط استراتيجية طويلة المدى تشمل الاستثمار فى تدريب الممثلين والفنيين، وتوفير خبراء ومتخصصين، وربط النشاط المسرحى بالحياة الأكاديمية للطلاب. وأضافت أن بناء شراكات خارجية مع المؤسسات الثقافية والمسرحية يعد خطوة أساسية لضمان استدامة التجربة ورفع جودتها.
وأشارت إلى أنها ترى أن الطلاب يمتلكون مساحة معقولة للتجريب والإبداع، إلا أن هذه المساحة لا تُستثمر بالشكل الكافى دائمًا. وقالت إن الحرية الأكاديمية وتنوع الخلفيات الطلابية ووجود بعض الموارد التقنية تشكل بيئة مشجعة، لكن التركيز المفرط على الجانب النظرى، ونقص الدعم للمبادرات الطلابية، والخوف من الفشل يحد كثيرًا من انطلاق الطاقات الإبداعية. ودعت إلى توفير مختبرات ابتكار، ومنصات رقمية للتعاون، وبرامج تعليمية مرنة تعتمد على المشاريع التطبيقية، إلى جانب تعزيز ثقافة جامعية تشجع المغامرة الفكرية وتحتفى بالأفكار الجديدة.
وفى حديثها عن التحديات التى تواجه العروض المسرحية الجامعية، أكدت أن ضعف التدريب ونقص النصوص المناسبة وقلة الخبرة الإخراجية وغياب الإمكانات التقنية تشكّل عقبات حقيقية أمام الطلاب. وشددت على ضرورة إدراج مقررات عملية فى الأداء والإخراج، وتنظيم ورش تدريبية يشرف عليها متخصصون، وتشجيع التأليف المسرحى الطلابى، وتوفير مراكز جامعية للفنون الأدائية تقدم تدريبًا مستمرًا. كما أوضحت أن تخصيص دعم مالى ثابت للعروض ووضع خطة ترويج جامعية من شأنهما رفع مستوى التجربة وتوسيع دائرة جمهورها.
واختتمت د. أمينة تصريحاتها بالتأكيد على أهمية بناء جسور حقيقية بين النشاط المسرحى والعمل الأكاديمى. وأشارت إلى أن إدماج المسرح فى المقررات، وربط الورش بالجانب النظرى، وتفعيل الشراكات الخارجية مع المؤسسات الثقافية والمهرجانات، كلها خطوات تجعل من المسرح الجامعى تجربة مستدامة وصانعة للوعى. ورأت أن الجامعة قادرة، عبر هذا التكامل، على تحويل المسرح إلى مدرسة فنية وتربوية متكاملة تكتشف المواهب، وتبنى شخصيات الطلاب، وتسهم فى الارتقاء بالذائقة الفنية والثقافية.
أمانى العطار: الميزانيات المتأخرة والبنية التحتية المتهالكة.. أبرز معوقات العروض الجامعية
أكدت أمانى جميل على العطار، أستاذ المسرح المساعد بكلية التربية النوعية، جامعة طنطا: أن المسرح الجامعى يفتقر اليوم إلى مجموعة من الاحتياجات الأساسية التى باتت تؤثر مباشرة فى جودة الإنتاج المسرحى، وفى مقدمتها الدعم المادى المستقر. أوضحت أن أغلب الفرق تعانى من تأخر صرف الميزانيات إلى ما بعد انتهاء العروض، وهو ما يعرقل تنفيذ الرؤى الفنية ويحدّ من قدرة الفرق على التخطيط السليم. وأضافت أن البنية التحتية للمسارح الجامعية تحتاج إلى صيانة عاجلة تشمل الستارة الرئيسية والكواليس والبناطيل المسرحية، التى تضررت وأصبحت غير صالحة للاستخدام الكامل.
وأشارت العطار إلى أن الإدارة الجامعية تُبدى دعمًا معنويًا من خلال الإشراف على النشاط والموافقة على إقامة العروض، إلا أن هذا الدعم يحتاج إلى تفعيل أكبر على المستوى المالى والإدارى. فالتأخر فى التمويل يضع الفرق فى ظروف غير مستقرة ويؤثر فى جودة العروض وتحفيز الطلاب. وشدّدت على أهمية وجود نظام تمويل منظم ومسبق يضمن صرف المخصصات فى الوقت المناسب، مع متابعة إدارية حقيقية لتذليل العقبات.
وفى ما يتعلق بمساحة التجريب والإبداع، أوضحت أن الطلاب يمتلكون رغبة قوية فى الابتكار، لكن الإمكانيات المتاحة لهم محدودة بسبب نقص أدوات العمل المسرحى. وترى أن توفير بنية تحتية مجهزة، تشمل معدات الإضاءة والمايكات وأنظمة الصوت الجيدة، من شأنه أن يطلق طاقات الطلاب الإبداعية ويمنحهم القدرة على تنفيذ رؤاهم الفنية بصورة أكثر اكتمالًا.
وتحدثت العطار عن أبرز التحديات التى تواجه العروض الجامعية، وفى مقدمتها التوفيق بين التدريب والعروض من جهة، وضغط الدراسة والامتحانات من جهة أخرى. هذا التداخل يؤدى إلى إرهاق الطلاب وتشتت تركيزهم بين الالتزامات الأكاديمية والفنية. ولتجاوز هذه العقبة، دعت إلى تنسيق جداول النشاط المسرحى بالتعاون مع الكليات لتجنب تزامنها مع فترات الضغط الدراسى، مع توفير دعم نفسى وتنظيمى للطلاب لضمان استمرارية التجربة بروح إيجابية ومنتجة.
واختتمت بالتأكيد على ضرورة بناء جسور حقيقية بين النشاط المسرحى والدراسة الأكاديمية، من خلال إطلاق ورش تطبيقية منتظمة، وإدراج مقررات تُعنى بالإنتاج المسرحى العملى، إلى جانب عقد شراكات مع جهات مسرحية خارجية لتبادل الخبرات. كما دعت إلى تحفيز البحث الأكاديمى فى قضايا المسرح الجامعى باعتباره مسارًا مهمًا لتطوير التجربة وضمان استمراريتها على أسس علمية واحترافية.
أواب شبانة: ضعف التجهيزات الفنية وتراجع جودة المسارح يحدّان من اكتمال الرؤية الإخراجية
يؤكد الطالب أواب شبانة الفائز بعدة جوائز بمهرجان ملتقى القاهرة الدولى للمسرح الجامعى، أن المسرح الجامعى ما زال يعانى فجوة كبيرة فى مستوى الإمكانات المتاحة له، موضحًا أن قلة المسارح المجهزة فنيًا وضعف جودة المتاح منها يظلّان التحدى الأكبر أمام الفرق الطلابية. فالمسارح الجيدة – كما يشير – قليلة وغير متاحة بالشكل الذى يسمح للطلبة بتقديم عروض قادرة على إبراز مواهبهم.
ويشرح شبانة أن محدودية الميزانيات تترك أثرًا مباشرًا على الرؤية الإخراجية، إذ يضطر المخرج إلى تعديل أو استبدال رؤيته للديكور بما يناسب التكلفة، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى تراجع جودة الصورة المسرحية وتناقص قدرة العرض على التعبير البصرى الكامل عن أفكاره.
وفى ما يتعلق بتجارب الطلاب، يلفت إلى أن فرصهم فى تجريب مناهج التمثيل باتت متاحة بشكل جيد، بينما تظل المناهج الإخراجية أقل حضورًا، إذ يعتمد ذلك على توجه كل مخرج وطريقته فى العمل وعلى طبيعة النص الذى يختاره الفريق.
أما عن الاحتياجات الملحّة للمسرح الجامعى، فيرى شبانة أن رفع مستوى العروض يتطلّب توفير مسارح أفضل تجهيزًا، وتنظيم ليلة عرض كاملة قبل يوم لجنة التحكيم كما يحدث فى المهرجان القومى للمسرح، بما يتيح للطلاب تجربة العرض فى ظروف حقيقية.
ويشير أخيرًا إلى أن التعاون بين المخرجين المحترفين والفرق الجامعية يحمل جانبًا إيجابيًا يتمثّل فى إتاحة فرص احترافية للطلاب المتميزين وتوسيع آفاقهم، لكنه لا يخلو من التحديات، إذ قد يفتقد المخرج المحترف الشغف الذى يمتلكه الخريجون أو الطلاب حين يخرجون لعروض فرقهم. ورغم ذلك، يؤكد شبانة أنه إذا توافر شغف الشباب لدى المخرج المحترف، فسيختفى هذا العيب، وسيصبح التعاون عنصر قوة حقيقية للمسرح الجامعى.
مينا أمجد: التدريب هو الفجوة الأهم والمسرح الجامعى بحاجة إلى مختبر للإبداع
قال الطالب مينا أمجد وديع، الفرقة الثالثة، من كلية التجارة وإدارة الأعمال (BIS) بجامعة حلوان، إنّ أهم فجوة يعانى منها المسرح الجامعى اليوم هى نقص التدريب والتأهيل المهنى، موضحًا أن المواهب متوفرة والحماس موجود بين الطلاب، لكن غياب التكوين المنتظم يجعل الجهود مبعثرة. وأكد أن المسرح لا يقوم فقط على الموهبة، بل يحتاج إلى فهم أدوات الأداء والإخراج والإيقاع المسرحى، وهى أمور لا يمكن اكتسابها بالممارسة وحدها دون تدريب متخصص. وأضاف أن الإمكانات التقنية أو غياب التخطيط الفنى يمكن تعويضهما بالإبداع، بينما غياب التدريب يحرم العمل من العمق والاحتراف.
وأشار مينا إلى أن محدودية الميزانيات تحدّ من حرية الرؤية الإخراجية، خصوصًا فى عناصر مثل الديكور والإضاءة والملابس، لكنها – فى رأيه – لا يجب أن تكون عائقًا أمام الإبداع، إذ يمكن تعويض النقص بالاعتماد على الرمز والابتكار البصرى بدلًا من الإسراف فى التجهيزات. واعتبر أن الفكرة والإحساس المسرحى أهم من المادة، لافتًا إلى إمكانية استخدام الإضاءة اليدوية أو أجساد الممثلين كجزء من التكوينات البصرية، واستغلال خامات بسيطة بطرق مبتكرة تصنع مسرحًا حقيقيًا نابضًا بالحياة رغم قلة الإمكانات.
وحدّد مينا أبرز الاحتياجات العاجلة للمسرح الجامعى فى ثلاث نقاط أساسية:
1. تنظيم ورش تدريبية مستمرة فى مجالات التمثيل والإخراج والكتابة والإضاءة.
2. تجهيز مسرح بكل جامعة أو كلية وتوفير معدات أساسية قابلة للنقل بين الجامعات مثل وحدات الصوت والإضاءة.
3. إشراف فنى متخصص من أساتذة أو مخرجين ذوى خبرة لضمان جودة العروض وتطوير أداء الفرق الطلابية.
وختم مينا أمجد حديثه مؤكدًا أن التعاون بين المسرح الجامعى والمسرح المحترف يمكن أن يُحدث نقلة نوعية حقيقية، إذ تضيف الخبرة الاحترافية عمقًا فنيًا وتنظيميًا للمواهب الشابة. واقترح أن يكون هذا التعاون عبر برامج إشراف وتوجيه مشتركة يعمل فيها المخرج المحترف مع طلاب الإخراج والممثلين فى مشروعات تخرج أو عروض متكاملة، إلى جانب إقامة ورش وبرامج تبادل فنى بين الجامعات والفرق المحترفة، لتتحول المسارح الجامعية إلى مختبرات حقيقية للإبداع، لا مجرد أنشطة ترفيهية.
محمد عاشور: نقص الصوت والإضاءة وضيق وقت البروفات.. أكبر العقبات أمام الممثلين
يؤكد محمد عاشور أحمد، طالب بالفرقة الرابعة – آداب مسرح جامعة الإسكندرية، أن المسرح الجامعى يفتقر اليوم إلى بنية فنية أساسية تُعين الممثلين على تطوير أدائهم، وعلى رأسها أجهزة الصوت والإضاءة، إضافة إلى غياب أماكن مخصصة لممارسة النشاط المسرحى بشكل منتظم. ويشير إلى أن ضيق أوقات البروفات يظل من أبرز العوائق التى تهدد جودة العمل؛ إذ تنتهى البروفات غالبًا قبل الخامسة مساءً دون إمكانية تمديد الوقت، مما يمنع الفرق من إنجاز مهامها اليومية بالشكل المطلوب. ويرى عاشور أن عنصرًا فنيًا واحدًا قادرًا على رفع مستوى العروض فورًا هو «الإضاءة»، لما لها من دور جوهرى فى بناء المشهد وتقديم رؤية إخراجية مكتملة. كما يوضح أن شعور الطلاب بضعف التدريب الاحترافى يعود إلى قلة الإمكانيات وغياب المتخصصين من ذوى الخبرة الأكاديمية. ويشدد فى ختام رأيه على ضرورة أن تتخذ الجامعة خطوات عاجلة تتمثل فى تخصيص أماكن ثابتة للنشاط المسرحى، وإتاحة وقت أطول للبروفات، والاستعانة بخبراء ومدربين مؤهلين لتنظيم ورش تدريبية تسهم فى تطوير مهارات الممثلين وصقل مواهبهم.
ختم عاشور بذكر بعض أعماله على مسرح الجامعة تمثيل ملحمة السراب، وكاسك يا وطن، وأريد ان أقتل لدكتور محمد عبد المنعم، وعلى مسارح الدولة
زقاق المدق لدكتور عادل عبده، والمغامرة لمراد منير وياسين وبهية ليوسف مراد، والإخراج كوبرى الناموس تأليف سعد الدين وهبة.
مروان جاد: ضعف الإمكانات التقنية ونقص العمالة المسؤولة عن تشغيل المسارح يعرقلان التجربة
أوضح الطالب مروان جاد – متحدثًا عن تجربته داخل جامعة بنى سويف – أنّ الجامعة تمتلك إدارة رعاية شباب واعية وداعمة، توفر للطلاب قدرًا كبيرًا من المساندة، ولا يمكن تجاهل دورها فى استمرار النشاط المسرحى داخل الجامعة. ومع ذلك، يرى أن هناك فجوتين أساسيتين ما زالتا تعرقلان العمل المسرحى.
أولى هذه الفجوات تتمثل فى ضعف الإمكانات التقنية داخل المسرح، لا سيما فى الإضاءة. ويرجع ذلك – كما يقول – إلى أن المسرح الجامعى لا يحقق دخلًا ماديًا كالفعاليات الأخرى مثل حفلات التخرج، مما يجعل الأولوية لتلك الأنشطة على حساب بروفات وعروض الفرق المسرحية. ويضيف أن المعدات تعانى من إرهاق الاستخدام فى الحفلات، فتحتاج لصيانة قبل أن يتمكن الطلاب من استخدامها، وهو ما يؤدى إلى تعطيل العمل الفنى.
أما الثغرة الثانية فهى صعوبة توفير موظفين من قِبل الجامعة للبقاء بعد ساعات العمل الرسمية من أجل خدمة البروفات أو المشاركة فى المهرجانات، وهو ما يسبب أزمات قد تصل إلى إلغاء بعض الأنشطة لعدم وجود العاملين المختصين بفتح المسرح وتشغيله.
ورغم هذه الظروف، يرى مروان أن محدودية الميزانيات ليست دائمًا أمرًا سلبيًا، بل يمكن أن تتحول إلى حافز للإبداع؛ إذ تدفع المخرجين والطلاب إلى ابتكار حلول فنية تحقق رؤيتهم داخل حدود ممكنة.
ويشير كذلك إلى أنّ حرية اختيار الموضوعات داخل المسرح الجامعى متاحة، طالما بقيت فى إطار المقبول، إلا أن تطبيق بعض المدارس الإخراجية يظل محدودًا بسبب احتياجها لميزانيات أكبر، وهو ما يجعل غياب الميزانية سببًا مباشرًا فى غياب التجارب المتنوعة.
ويؤكد مروان أن الورش الفنية والتدريب الأكاديمى يمثلان ضرورة عاجلة لتطوير مستوى الطلاب، مقترحًا إضافة مواد اختيارية فى أساسيات المسرح داخل الجامعة، وأن يتم تدريسها على يد أساتذة متخصصين، إلى جانب تحسين التجهيزات التقنية ومعالجة مشكلات العمالة والإشراف داخل المسارح الجامعية.
ويختم بأن التعاون بين المخرجين المحترفين والجامعات أثبت أثره بوضوح، مشيرًا إلى تجربة المخرج يوسف المنصور الذى يتولى إخراج منتخب جامعة بنى سويف للسنة الثالثة على التوالى، وهو تعاون يسهم – من وجهة نظره – فى تطوير أداء الممثلين والطلاب المخرجين، ويمهّد لهم الطريق للالتحاق بتعليم أكاديمى بعد التخرج.
نجية مرموش: المسرح الجامعى بحاجة إلى بنية تحتية وتمويل ورؤية تنفيذية واضحة
قالت الدكتورة نجية أحمد قدرى عبدالحميد مرموش، أستاذ الفنون المسرحية المساعد بقسم الإعلام التربوى بكلية التربية النوعية – جامعة المنصورة، إن المسرح الجامعى فى حاجة ماسة إلى بنية تحتية حقيقية تتيح وجود مسارح مجهزة ومكان مسرحى مستقل داخل الجامعة، مؤكدة أن نجاح التجربة المسرحية الجامعية لا يتحقق إلا بتوافر نص جيد، ومؤلف محترف، وتدريب منتظم.
وأوضحت أن جامعة المنصورة تزخر بطاقات ومواهب متميزة فى كلياتها المختلفة، مثل الطب والهندسة والعلوم، إلى جانب قسم المسرح بكلية التربية النوعية الذى يضم طلابًا قادرين على التميز فى التمثيل والإخراج والديكور، والدليل انتقال كثير منهم إلى أكاديمية الفنون لاستكمال تخصصاتهم.
وأضافت أن المسرح الجامعى يفتقر إلى الميزانية الكافية والدعم المؤسسى المستدام، كما يحتاج إلى مدربين ومخرجين أكفاء وخطة تنفيذية دقيقة تتابع الأداء وتقيّم عناصر القوة والضعف فى العروض، مشيرة إلى أن غياب هذه العناصر هو ما يُضعف من استمرارية الحركة المسرحية بالجامعات.
كما شددت على أهمية توظيف التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعى فى تطوير العروض المسرحية، مع ضرورة تحديث البنية التحتية وتجهيز الخشبات المسرحية لتواكب التطور الفنى. وأكدت أن الجامعة تدعم النشاط المسرحى فى الكليات، ولكن بشكل متقطع، وأن الاستدامة تتطلب تنظيم العروض بجدول زمنى مستمر وربط النصوص المسرحية بقضايا التنمية البشرية والبيئة وإعادة التدوير.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن الطالب هو محور التنمية المسرحية، فحين يُتاح له التعبير عن ذاته فنيًا تتفتح طاقاته الإبداعية، داعية إلى وضع خطة أكاديمية وتمويلية شاملة تُرفع إلى إدارة الجامعة لتوفير الموارد البشرية والمادية اللازمة، مشددة على أهمية أن تمتلك الجامعة أجهزتها المسرحية الخاصة بدلًا من الاعتماد الكامل على الشراكات الخارجية.
منى حبرك: المسرح الجامعى يحتاج إلى بنية تحتية داعمة ورؤية تربوية تُنمى شخصية الطالب
أكدت الدكتورة منى مصيلحى حامد حبرك، أستاذ المسرح التربوى المساعد بكلية التربية النوعية بأشمون – جامعة المنوفية، أن المسرح الجامعى اليوم يواجه مجموعة من الاحتياجات الأساسية التى تعوق أداءه لدوره الثقافى والتربوى بشكل فعّال، وتتنوع بين احتياجات مادية، وبشرية، وفكرية، وإعلامية، وتربوية.
وأوضحت أن الاحتياجات المادية والبنية التحتية تأتى فى المقدمة، إذ تعانى الجامعات من قلة المسارح المجهزة تقنيًا وضعف التمويل، إلى جانب غياب الورش التدريبية المتخصصة ونقص المواد والأزياء المسرحية اللازمة لتنفيذ العروض بصورة احترافية.
أما الاحتياجات البشرية والإدارية فتتمثل – بحسب قولها – فى غياب الكوادر المؤهلة من مخرجين ومدربين وفنيين، وضعف التنسيق بين إدارات الجامعات وأقسام الأنشطة فى تنظيم الفعاليات المسرحية.
وأضافت أن هناك احتياجات فكرية وثقافية لا تقل أهمية، منها ضعف الوعى الثقافى بأهمية المسرح الجامعى كأداة للتعبير والنقد والبناء الفكرى، وقلة النصوص المسرحية الأصيلة التى تعالج قضايا الطلاب والمجتمع، وغياب التكامل بين المسرح والمناهج الأكاديمية، فضلًا عن نقص برامج التبادل المسرحى بين الجامعات.
كما أشارت إلى أن الاحتياجات الإعلامية والتسويقية تتمثل فى ضعف الترويج الإعلامى للعروض، وغياب التوثيق والنشر الرقمى، وقلة الشراكات الثقافية مع المؤسسات الفنية خارج الجامعة، إلى جانب محدودية الجوائز التى تحفز الطلبة على الإبداع.
أما على الصعيد التربوى والاجتماعى، فترى أن المسرح ما زال بعيدًا عن الحياة الجامعية اليومية، وأن التفاعل الجماهيرى مع العروض ضعيف، مع غياب رؤية تربوية واضحة تجعل من المسرح وسيلة لتربية الذوق الفنى وتنمية الشخصية النقدية للطلاب.
وفيما يخص دور الإدارة الجامعية فى دعم النشاط المسرحى، أوضحت الدكتورة منى أن بعض الجامعات تقدّم دعمًا فعّالًا من خلال توفير قاعات العروض وتخصيص ميزانيات وتنظيم مهرجانات وورش تدريبية، مما يجعل المسرح الجامعى منبرًا ثقافيًا يعبّر عن قضايا الشباب ويسهم فى تنمية مهاراتهم.
لكنها فى المقابل لفتت إلى مظاهر القصور فى الدعم الإدارى فى عدد كبير من الجامعات، نتيجة النظرة التقليدية للمسرح بوصفه نشاطًا ترفيهيًا، وغياب الميزانيات، ونقص الكوادر المتخصصة فى الإشراف على النشاط المسرحى، وضعف المتابعة والتقييم، فضلًا عن عدم إدماج المسرح فى الخطط الاستراتيجية للجامعة.
وأكدت أن إسهام الإدارة الجامعية لا يزال محدودًا ومتفاوتًا بين جامعة وأخرى، وغالبًا ما يرتبط بمدى وعى القيادات الجامعية بقيمة المسرح فى التنمية الثقافية والفكرية للطلاب.
وقدّمت مجموعة من التوصيات لتفعيل دور الإدارة الجامعية، أبرزها وضع خطة استراتيجية ثقافية تتضمن المسرح كعنصر أساسى فى بناء شخصية الطالب، وتخصيص ميزانية مستقلة لدعمه، وتفعيل الشراكات مع المؤسسات الثقافية والفنية، وتدريب المشرفين على إدارة الأنشطة المسرحية، وتبنّى مبدأ «المسرح التربوي» ليصبح أداة تعليمية مكمّلة للمقررات الأكاديمية.
وحول مدى امتلاك الطالب للمساحة الإبداعية داخل المسرح الجامعى، أكدت أن التجربة تختلف من جامعة إلى أخرى؛ ففى بعض الجامعات يُمنح الطلاب حرية اختيار النصوص وتجريب الأساليب الفنية، مما يجعلهم شركاء حقيقيين فى الإبداع، بينما تظل المساحة محدودة فى أغلب الجامعات المصرية بسبب القيود الإدارية وضعف الإمكانيات.
وختمت بأن الطالب الجامعى يمتلك طاقة إبداعية كبيرة، لكنه يحتاج إلى بيئة حاضنة توفر له حرية التعبير، والتدريب المستمر، والإمكانات التقنية، وروح العمل الجماعى، والتحفيز المعنوى والمادى، حتى يتحول المسرح الجامعى إلى مختبر فنى وتربوى يُطلق طاقات الشباب ويُسهم فى تكوين وعيهم وثقافتهم الجمالية.