طلب: لا يوجد فى تراثنا مفهوم متكامل للحرية.. وبندق: الشعر ممثل للكون

عُقدت مساء أمس جلستان بحثيتان الأولى «مفهوم الحرية ولغة الرمز»، للشاعر د. حسن طلب، والثانية بعنوان «الشعر سفيرا فوق العادة» للشاعر مهدى بندق.وفى الجلسة الأولى انطلق حسن طلب فى دراسته من مقولة السهروردى «الرمز لا يُرد» موضحًا أن الاحتمال فى الرمز يغلب على اليقين، والتعدد يغلب على الوحدة، وكذلك التلميح على التصريح مؤكدا على علاقة الرمز بمفهوم الحرية، إذ إن الحرية لا توهب لأنها إن وهبت فقدت معناها وربما تحولت إلى عبودية، وقال طلب إن الحرية عملية معقدة، والرمز يحميها ويعضدها، مشيرًا إلى أن مفهوم الحرية متسع ومرتبط ارتباطًا وثيقًا بالرمز، فالحريات متعددة بحسب زواياها، وكذلك الرمز فهو شجرة من الدلالات والمعانى تزيد وتنقص بحسب الظروف.

وقال طلب إنه لا يوجد فى تراثنا مفهوم متكامل للحرية خاصة فى التراث العربى الإسلامي، مشيرًا إلى أن الحرية تريد أن تنطلق من منطق خاص بعيد عن الأديان. كما أشار إلى علاقة الحرية بالشعر وقال إنه لا يوجد فى الشعر مصطلح واضح عن الحرية، أما بالنسبة للرمز فلابد له أن يقترب من اللغة الجمالية، واللغة الرمزية هى القيمة الجمالية التى تكون فى صالح الأدب والتذوق.

وفى الجلسة البحثية الثانية «الشعرُ.. سفيرا ً فوق العادة» تحدث الشاعر مهدى بندق فى علاقة الشعر بالمعرفة والجمال، واقفا على مقولة «المعرفة جوهر مستقل عن الأشياء المطروحة فى العالم»، ومشيرا إلى أن العلم الحديث برهن أن الوعى ليس شيئا يضاف من الخارج إلى دماغ العارف، وإنما هو مجلى لوظائف المخ العليا أوهو أرقى وظائف هذا المخ وقت يمارس دوره، ليس بمثل ما تمارس المعدة وظيفة هضم الطعام، والقلب وظيفة ضخ الدم فى أعضاء الجسم حسب، وإنما بتجاوزه– أى الوعي- لحدود الوظيفة ورتابتها، منطلقاً إلى التفتيش عن مبرراتها، ومعززاً قدراتها بقدرته هو على الابتكار والخلق وإعادة الإنتاج بالتذكر، وحذف المنتج البالى بالنسيان.

إذن لابد من الاعتراف بأن الوعى إنما هو تمثيل للكون ما دام يلتزم بشروط صاحبه وقوانينه، ولكنه التمثيل القادر- بالأقل عند بعض الناس - على إنتاج المعرفة والجمال، حسب المعطيات الواقعية التى لا تعكر عليها أوهامُ السلف، وبهذا الفهم الحداثى صارت المعرفة علما، وكذلك الجمال، و لم يعد ينظر إليهما أحدٌ – إلا أنصاف المتعلمين – بوصفهما «إلهاما» يأتى من خارج الكون المادي.

وأما الشعر فقد أبت عليه طبيعته أن يرضى بدور التابع للعلم. وكيف له أن يفعل هو الذى ُفطر على المغامرة واقتحام المجهول سواء فى عوالم المعرفة، أو فى سماوات الفن المشعة بالجمال السرمدي؟.

كان الشعر ولا يزال يعد نفسه ممثلاً خاصا للكون .. سفيرا ً فوق العادة، فلقد برز إلى الوجود من ذات المادة الأزلية التى شكـّلت الكون (ويمكن أن ندعوها الملموس الظاهر ومعناه الباطن فى جديلة واحدة) بل لعله – أى الشعر - قد رأى أن كل ما فى الكون محض قصائدَ وإن تزيت بأزياء مختلفة.

ترى أين يكون موقع الشعر فى هذا البناء الجديد؟ لعله يقبل (أو لا يقبل) بمنصب العضو المنتدب، أو المراقب العام .. بالنظر إلى طبيعته التى تأبى عليه أن يكون له رئيس، حتى لو كان هذا الرئيسُ هو العقل ذاته، وإن قبله صاحبا وصديقا.


 



رجوع للصحفة الرئيسية   |  الذهاب لأرشيف الأخبار  

الصفحة ارئيسية   أرشيف الأخبار   اشترك في القائمة البريدية   دفـتر الـــزوار
الــدورة الحـالية   خريطة الموقع   اجـعلنا صفحـتك الرئيســية   وسائل الاتصال
هذا الموقع من تصميم وتطوير مركز التصميم الجرافيكي
جميع الحقوق محفوظة للهيئة العامة لقصور الثقافة - مصر