فكرة نسب المنتج الإبداعي أيا كان هو إلى النساء، فنقول الأدب، المسرح، القصة، الرواية، ... منسوبا إلى النساء، فتصبح النتيجة الأدب النسائي، المسرح النسائي، ... وذلك في محاولة تمييز لهذا المنتج الإبداعي تفصله في مكان مستقل بذاته عن نظيره المنتج الإبداعي الذكوري، قد تكون فكرة النسب هذه عند إطلاقها غير صائبة، أو كانت هناك أسباب خفية عند إطلاقها غير تلك المعلن عنها، فالرجل طوال الوقت ومنذ فجر التاريخ ينتج إبداعا على مختلف أشكاله ولم يصنف أحد هذا الإبداع على أنه ذكوري أو خاص بالذكور، هذا على الرغم من تجاهل صورة المرأة بالمقارنة للحضور القوي لصورة الرجل في هذه الأعمال، وكان هذا المنتج الإبداعي يصنف على أنه إبداع، هكذا على الإطلاق، وعندما تسنى للمرأة حضورها الإبداعي خرجت بعض الأصوات لتفصل هذا الإبداع عن سياق الحضور الإبداعي العام للبشرية لنصفه بأنه إبداع نسوي، كما لو كانت تقصد من وراء ذلك، أنه إبداع من الدرجة الثانية، يأتي بعد ولا يأتي إلى مجاورة الإبداع البشري العام الذي أنتجه الرجل، وبذلك تم إلصاق صورة المرأة الناقصة، تلك الكامنة في الذهن الجمعي للرجل والمرأة معا على مر التاريخ بهذا النوع من الإبداع، لتصبح كلمة “نسوية” هنا كما لو كانت مرادفة لكلمة «ناقصة» ربما جال هذا بخاطر من أطلق التصنيف إذا كان رجلا، لكن إذا كان الذي أطلق هذا التصنيف امرأة فربما كانت تقصد من وراء ذلك تمييز إبداعها عن إبداع الرجل، انتابتها حالة من الزهو بإنتاجها الإبداعي، فقررت أن تصنعه في إطار خاص بها بعيدا عن ذلك الذي وضع الرجل فيه إبداعه، وهذه النظرة من المرأة التي تنتصر لإبداعها لا تخلو من نقص كامن في لاشعورها جعلها تنظر هذه النظرة لإبداعها، أو دفعها إلى هذا الفعل صورتها داخل المجتمع التي تحاول عبر إبداعها تغييرها أو على الأقل إضافة تفاصيل جديدة إليها تراها تجمل هذه الصورة أو تقويها.سواء كانت هذه النظرة من الرجل أو تلك من المرأة، فحالة الفصل هنا تدعو للبحث والتساؤل، كما أن فكرة النسوية المطروحة غير محددة تحديدا قاطعا، فهل المقصود بها تلك الكتابات التي تقدمها المرأة؟ أم تلك الكتابات المعبرة عن حقيقة صورة المرأة ووضعيتها داخل مجتمع ما؟ أم هذه الكتابات التي تتبنى قضايا المرأة أيا كانت؟ وذلك بغض النظر عن نوعية الذي قدم هذه الإبداعات رجلاً كان أو امرأة، وبناء على ذلك تبدأ الدراسات الأدبية والمسرحية تحديدا فهمها منذ البداية لفكرة النسوية، وعليه تبنى مساراتها البحثية بعد ذلك، كما أن المتابع للكتابات الإبداعية يلحظ: وجود كتابات نسوية تتبنى قضايا المرأة التحررية ووجود كتابات نسوية أخرى تتبنى قضايا المجتمع ككل.وبالتالي لا توجد حاجة لتصنيف وتحييد إبداع المرأة ووصفه بالنسوية عن إبداع المرأة تلك التي تدعو لتصنيف وتحييد إبداع المرأة ووصفه بالنسوية عن إبداع الرجل، فالرجل يتبنى في بعض أعماله قضايا المرأة التحررية وغيرها تماما كما تتبناها المرأة المبدعة، بل قد تزيد كتابات الرجل في هذا الشأن عن كتابات المرأة نفسها، لكن الشائع الذي بدأ يرسخ في الذهن الجمعي العالمي أن مفهوم النسوية يُطلق على مجموع ممارسات وكتابات المرأة الإبداعية، وبالتالي نطلق مصطلح المسرح النسائي على النصوص المسرحية التي تكتبها النساء، وبالتالي خرج علينا، ومن داخل هذه المسارات، تفرعات كثيرة تحاول البحث داخل هذا السياق عن نقد نسائي، إخراج نسائي، سينوغرافيا نسائية، ... إلخ، في محاولة لزيادة التعقيد أو لنقل زيادة الحضور الفاعل والمسرحي للمرأة، فهل يمكن أن توجد سمات مسرحية نسوية، ومضامين وأفكار و.. و.. تخص عوالم المرأة بأكثر مما تخص عوالم الرجل، يمكن بالطبع الحديث عن ذلك، كما يمكن أيضا الحديث عن محاولات كاشفة للرؤية النسوية للعالم تلك التي تضمنها كتابات المرأة وابداعاتها في مجال المسرح، لكن لا يمكن إقامة فكرة التصنيف بشكل مجحف، فكلا الإبداعين للمرأة أو للرجل وخصوصا في المنطقة العربية، يقعان وينتجان داخل مجتمعات غالبا ما تكون قاهرة لكليهما معا من دون تفرقة.