«أثر الحركة الفعلية فى تشكيل المناظر المسرحية فى الفترة من عام 1990 حتى 2019»

«أثر الحركة الفعلية فى تشكيل المناظر المسرحية فى الفترة من عام 1990 حتى 2019»

العدد 923 صدر بتاريخ 28أبريل2025

فى جلسة علنية بقاعة ثروت عكاشة بأكاديمية الفنون بتاريخ 28 أبريل 2025 حصل الباحث محمود فؤاد صديقى المدرس المساعد بالمعهد العالى للفنون المسرحية (قسم الديكور المسرحى) ومدير مسرح نهاد صليحة والمخرج ومصمم الديكور المسرحى على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى من المعهد العالى للفنون المسرحية، وكانت الرسالة بعنوان:
«أثر الحركة الفعلية فى تشكيل المناظر المسرحية فى الفترة من عام 1990 حتى 2019”.. دراسة تطبيقية.
وتكونت لجنة المناقشة والحكم من: الأستاذ الدكتور مصطفى سلطان الأستاذ المتفرغ بقسم الديكور والعميد الأسبق للمعهد العالى للفنون المسرحية مشرفًا ومناقشًا ومقررًا، الأستاذ الدكتور عبدالمنعم مبارك الأستاذ المتفرغ بقسم الديكور والعميد الأسبق للمعهد العالى للفنون المسرحية مناقشًا من الداخل، الأستاذ الدكتور أمنية أحمد يحيى الأستاذ بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة مناقشًا من الخارج، وقد حضر المناقشة وإعلان النتيجة الأهل والأصدقاء وعدد من الفنانين، كما حضر الأستاذ الدكتور أشرف ذكى نقيب المهن التمثيلية ورئيس أكاديمية الفنون السابق، والأستاذ الدكتور غادة جبارة رئيس الأكاديمية، والأستاذ الدكتور هشام جمال نائب رئيس الأكاديمية ولفيف من أساتذة أكاديمية الفنون.
وكانت مقدمة الرسالة كما يلى:
كان للتطور التكنولوجى وظهور النظريات العلمية الحديثة مثل نظرية تحليل الضوء، وقوانين الحركة لنيوتن، والنظرية النسبية لأينشتين، تأثيرهم الكبير على وعى وتحرر فكر الفنان، خاصةً مبدعو الصور المرئية فى العرض المسرحى.
وعليه فقد اختلفت النظرة إلى صياغة وتشكيل الفضاء المسرحى بناءً على المعطيات والأفكار الجديدة ومنها علوم الحركة Sciences Movement))، والتى تُعنى بتغيير الجسم، الحجم، الكتلة، وغيرهم، فى المستوى أو الفراغ من مكانٍ لآخر بفعل قوة خارجية أو داخلية خلال فترة زمنية محددة.
وبذلك قد اختلفت مفاهيم الحركة كنتيجة للأفكار العلمية منذ النصف الثانى من القرن العشرين، فى المجالات العديدة، ومنها الفنون البصرية. كما ظهرت فى بعض الاتجاهات التشكيلية مثل (الفن الحركى - Kinetic Art) وفى الرؤى التشكيلية داخل العرض المسرحى من خلال مكونات المناظر.
وقد ظهرت منذ أواخر القرن العشرين عروض مسرحية عديدة قد اعتمدت فى تشكيل صورتها المرئية على (الحركة الفعليةReal Movement)، وأصبح للمناظر (بعدّ رابعA Fourth Dimension ). كمكون رئيسى فى التشكيل المرئى، بهدف تحقيق دلالات وجماليات درامية.
إن محاولات تحقيق الحركة الفعلية فى الفن التشكيلى قائمة على خصائص المكان وإمكاناته، وقد سعى الفنانون على مر التاريخ إلى تحقيق ذلك، ومثال على ذلك ما جاء فى القرن العشرين، مثل أفكار المدرسة المستقبلية (Futurism)، فى البحث عن مفهوم الحركة فى الرسم والنحت وغيرهم.
ووجدت فى المدرسة البنائية (Constructivism)، ملامح الفن الحركى فى أعمال عديدة، بهدف الحصول على فضاء مسرحى يكون للحركة فيه دور يتساوى مع البناء، ومع الفراغ والتخيل.
مبررات إجراء البحث:
كانت دراسة النظريات العلمية الحديثة التى أثرت فى تشكيل المناظر المسرحية لتحقيق المعادل التشكيلي
الملائم والمتفق مع الأهداف الدرامية للنص المسرحى.
فقد رأى الباحث أن دراسة تلك التطورات العلمية المنعكسة على الفن التشكيلى متمثلًا بما يعرف بالفن
الحركى لما له من أهمية تسهم فى ثراء الصورة البصرية فى فضاء خشبة المسرح محققة الاتجاهات المعاصرة للمسرح.
هدف البحث:
تهدف الدراسة إلى استخلاص مفهوم الفن الحركى من الاتجاهات والحركات والتيارات الفنية التشكيلية المعاصرة، بهدف توظيفها فى تشكيل الصورة المرئية على خشبة المسرح فى إطار تشكيلى – جمالى – فكرى، من حيث ماهية المنظر وطبيعته وألوانه وأشكاله ورموزه ودلالاته وعلاماته والعلاقة بينه وبين بقية العناصر التشكيلية. وتنصب الدراسة بشكل عام على استخلاص الفن الحركى كقيمة تشكيلية من نماذج لبعض العروض العالمية.
وقد تبين للباحث أن الدراسات السابقة لم تتناول الفن الحركى بالمنظر المسرحى من ناحية التصميم.
أهمية البحث:
ضرورة الالتفات إلى أهمية دراسة مفهوم الفن الحركى كقيمة تشكيلية فى العرض المسرحى، لأن الحركة الفعلية كقيمة تشكيلية لا تقل أهمية عن الصياغات الدرامية والإخراجية، التى تتجاوز تحديد العلاقة بين الدال والمدلول. وطرح معانٍ عديدة يمكن بها تفسير تلك العلاقة.
لذا يرى الباحث أننا فى حاجة ماسة إلى ضرورة هذه الدراسة التى تتناول الحركة الفعلية كقيمة تشكيلية فى صياغة الصورة المسرحية على خشبة المسرح.

مشكلة البحث:
ترتكز مشكلة البحث على كيفية الاستفادة من الحركة الفعلية كاتجاه تشكيلى فى تصميم المنظر المسرحى، ما يستوجب دراسة أهميتها وعناصرها الفنية وأثرها على المنظر المسرحى من حيث الفكر والتشكيل والأسلوب. وقد تركزت الدراسة على تساؤلات رئيسية وهى.
مدى الاستفادة من الحركة الفعلية التشكيلية فى تصميم المناظر المسرحية؟
ما هى قدرة الحركة الفعلية التشكيلية فى إبراز وتعزيز المضامين الدرامية المسرحية؟
كيف تتحقق الحركة الفعلية بإمكاناتها التشكيلية وأساليبها والتفرد فى التصميم للمناظر المسرحية؟
حدود البحث:
تتحدد تلك الدراسة فى رصد وتحليل الحركة الفعلية فى بعض العروض المسرحية المعاصرة فى أوروبا وأمريكا فى الفترة من عام 1990 إلى 2019. وجاء اختيار الفترة الزمنية حيث رصدت بعض التجارب العالمية المشاركة بمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، التى اعتمدت على الحركة الفعلية فى تشكيل مناظرها، وتسعينيات القرن الماضى شهدت اهتماما كبيرا داخل مصر بفنون ما بعد الحداثة وبالفن الحركى بشكل خاص، وظهور العديد من الرسائل العلمية والكتب العربية والمترجمة التى تناولت الفن الحركى خصوصًا على الجانب التشكيلى.
تبويب البحث:
ينقسم البحث إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة.
الفصل الأول بعنوان:
(الحركة الفعلية فى الفنون التشكيلية والمسرحية)
وينقسم محتوى الفصل إلى الآتى:
مفهوم علم الحركة وعلاقتها بالفنون.
الفن الحركى.
الحركة الوهمية والفن التشكيلى.
الحركة الفعلية والتشكيل والمسرح.
فنانو الحركة الفعلية فى التشكيل.
فنانو الحركة الفعلية فى المسرح.
ومن خلال ذلك استطاع الباحث التعرف على مفهوم الفن الحركى وأنواع القوى المحركة لها ونماذجها فى بعض دول العالم، وكيف يمكن الاستفادة منها فى تحقيق عروض مسرحية مبتكرة تتناسب مع الإبداعات الحديثة فى فن المسرح. مع تتبع تاريخ وتطور ونشأة الفن الحركى تشكيليا ومسرحيا، وتأثيرها على الفن التشكيلى والفن المسرحى. وذلك من خلال تتبع وعرض لأنواع مختلفة من الأعمال الفنية التشكيلية لفنانين تشكيليين عالميين ومصريين وعروض مسرحية عالمية تتسم مناظرها بالحركة الفعلية، وبيان الاختلاف فيما بينها فى تحقيق العروض المسرحية.
الفصل الثانى بعنوان:
(الدراسة التحليلية لنماذج من عروض مسرحية عالمية)
وقد احتوى على تحليل لبعض العروض المختارة من المسرح العالمى لنتبين الصفات والملامح التى تأثرت بالمناظر الحركية الفعلية علاوة على التعرف على أنواع القوى المحركة لمناظر العروض المسرحية واتجاهات وأنواع الحركة وعلاقتها بفراغ العرض والممثلين.
وقد تناول الباحث بالتحليل العروض المختارة التالية:
العرض المسرحى: أوبرا (أورفيو - Orfeo)، تأليف: (كلاوديو مونتيفيردى - (Monteverdi، إخراج: (مونيك واجيماكرز- Monique Wagemakers)، تصميم الرقصات: نانين لينينج - Nanine Linning)، تصميم وتنفيذ الديكور: استوديو DRIFT، وعرضت على دار الأوبرا الوطنية بهولندا، عام 2019.
العرض المسرحي: (مصنع الظل - The Shadow Factory)، تأليف: (هوارد برينتون - Howard Brenton)، إخراج: (صامويل هودجز - Samuel Hodges)، (صامويل هودجز - Samuel Hodges)، تصميم وتنفيذ الصورة البصرية لكل من: تكنولوجيا بصرية متطورة (59 Productions)، مدير التصميمات: (ليو وارنر - Leo Warner)، مصمم الديكور: (جينى ملفيل - Jenny Melville)، مصمم الفيديو: (أخيلا كريشنان - Akhila Krishnan)، وعرضت على مسرح فى ساوثامبتون، انتاج فبراير 2018.
العرض المسرحي: (الليلة الثانية عشرة - Twelfth Night). تأليف: (وليم شكسبير- William Shakespeare). تصميم ديكور: (نيومبن فانجانك- Neumen+Ivana Jonke). إخراج: (إليكساندر بوفوفيسكى – Aleksandar Popovski)، وعرض على المسرح الوطنى الكرواتى فى زغرب - Croatian National Theatre, Zagreb، إنتاج 2017.
العرض المسرحي: (ساعة الكهنة - DRUID CLOCK)، إخراج: (أنطون أداسينسكي- Anton Adasinsky)، ديكور: (إدوارد بيرسودسكى - Eduard Bersudsky)، إضاءة: (سيرجى جاكوفسكى - Sergey Jakovsky)، الصوت: (دانيال ويليامز - Daniel Williams)، وعرض فى القاعة الرئيسية للمتحف الملكى بإسكتلندا، 2006.
واعتمد الباحث فى تحليله لتلك العروض على الآتي:
التعرف على العرض المسرحى من ناحية الأحداث الدرامية والمؤلف والرؤى الإخراجية
تناول المناظر المسرحية من ناحية الوصف وتحليل عناصرها الحركية وأثرها فى تشكيل الفراغ المسرحى
استفاد الباحث من نقاط الدراية السابقة لهذه العروض والتعرف على السمات الأساسية للتصميم المناسب والمختار لهذه الأعمال.
كما تعرف على اختلافات الأساليب التصميمية لمصممى مناظر العروض التحليلية، وخلق مناظر مسرحية وأشكال للفرجة غير تقليدية بناءً على متطلبات كل عرض ورؤية المخرج.
الفصل الثالث بعنوان:
 (الدراسة التطبيقية)
وقد اختار الباحث نصين، واحدًا من النصوص المحلية، وآخر من النصوص العالمية للتطبيق العملى وتصميم المناظر المسرحية فى الفضاءات المسرحية المختارة.
مسرحية كوكب حواء، تأليف: على سالم. وقد تم تطبيق تصميمات المناظر المسرحية على مسرح علبة إيطالى.
مسرحية المستأجر الجديد، تأليف: يوجين يونيسكو. وقد تم تطبيق تصميمات المناظر المسرحية على مسرح علبة إيطالى.
وقد شملت الدراسة التطبيقية على الآتي:
دراسة النظرية الدرامية للنص من خلال ملخص الأحداث والتحليل الدرامى لها.
تحديد الرؤية التشكيلية لتصميمات المناظر المسرحية من خلال تطبيق مفهوم وعناصر الحركة الفعلية.
وقد تضمنت الدراسة عددًا وفيًا من الرسوم والتصميمات التوضيحية للمناظر المقترحة.
وانتهى البحث بالخاتمة التى تحتوى على النتائج والتوصيات ثم المراجع المتنوعة والمقابلات مع مجموعة من الفنانين كانت لهم تجارب فى هذا المجال، والتى أعانته فى تحقيق ومشكلة البحث.
ومن النتائج مايلى:
إن تصميم المناظر الحركية المسرحية معتمدًا على الحركة الفعلية قد يساعد على إيجاد صور بصرية جديدة وتقديم مناظر مسرحية، لتكوينها فى أبعاد مكانية وزمانية مختلفة، بشرط أن يكون لدى مصمم المناظر المسرحى وعى فنى وثقافى، فى كيفية التعامل مع مكوناتها وأبعادها الفنية المعبرة.
رأى الباحث أنه ليس كل ما هو حركة فنًا حركيًا، فيجب أن يكون الزمن كبعد رابع مفهومًا فلسفيًا للتصميم.
دراية مصمم المناظر المسرحية بالأفكار الفلسفية والتشكيلية المتنوعة، يجعل هناك حرية أكبر فى الفكر والخيال، ما يؤثر على تطور المسرح المصرى.
الحركة الفعلية فى المناظر المسرحية تصميمها وتنفيذها ليست بالأمر السهل، ويحتاج إلى خيال جامح، معتمدًا على التكنولوجيا بجانب الجرأة والقدرة على التنفيذ، لأن المصمم لا يقوم بتصميم وتنفيذ مناظر مسرحية ثابتة. وهذا يحتاج الى دراية المصمم ومعرفته بأنواع القوى المحركة المختلفة التى يوظفها فى تحريك المنظر المسرحى.
لا يشترط أن يكون مصمم المناظر المسرحية على دراية بالعلوم الحديثة؛ لأنه من الممكن الاستعانة بالمهندسين المتخصصين فى تنفيذ الأفكار ودراسة القوى المطلوبة وتنفيذها بناء على الفكر التصميمى كما هو سائد على مستوى العالم.
يجب مراعاة العلاقة ما بين الحركة الفعلية والممثل على المسرح وأن تكون إضافة للرؤى والأهداف المطلوبة وألا تكون مشتتة وخاطفة للأنظار عن الأداء التمثيلى.
توفير البحث العلمى من خلال التعرف على ما يحدث من جديد فى دول العالم.
التوصيات.
على صناع السياسات دعم المسرح بالعديد من التشريعات القانونية والقرارات التى تذلل العقبات التى تواجهه وتيسر الأعمال فتساعده على النمو والانتشار الصحيح والسليم فيكون قبلة ثقافية وتوعوية للمجتمع المصرى.
السماح بالتجارب والأساليب الفنية المختلفة لخلق تيار ثقافى متجدد ومواكب للتطورات الثقافية والتكنولوجية والعلمية العالمية.
توفير المجلات العلمية الحديثة فى مجال المسرح.
 


جمال الفيشاوي