العدد 924 صدر بتاريخ 12مايو2025
أقامت شعبة الدراما بالنقامة العامة لاتحاد كتاب مصر ندوتها الشهرية يوم الثلاثاء الموافق 29 إبريل 2025، وكانت الندوة للاحتفاء بالمشروع المسرحى للكاتب محمود القلينى، حيث تمت مناقشة مسرحيته «محاكمة الحمير» الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقد قدمت الكاتبة صفاء البيلى الندوة مرحبة بالكاتب محمود القلينى، وتحدثت عن مشواره الأدبى، وأشارت إلى أهم وأبرز إنجازاته المسرحية، ثم أشادت بالنص المسرحى «محاكمة الحمير» من حيث الموضوع والقضية، وقدمت الكاتب والناقد أمل سالم لطرح رؤيته النقدية بعد أن سألته عن البنية الدرامية للنص، وفكرة مناقشة مسألة الثورة، ورؤيته حول المسرحية، ليبدأ أمل سالم حديثه مشيدًا بالكاتب ومشروعه المسرحى، وأن الزمن سوف ينصفه كما أنصف عبدالرحمن الخميسى وغيره ممن تأخرت شهرتهم، ثم تناول شخصيات المسرحية العشرين، وتحدث عن عدد الحمير، وعن الجنى والجنية، كمخلوقات ما ورائية، ثم عن الوزير وقاضى القضاة وشخصيات الحكم وعن الشعب الذى تمثل فى ثلاث شخصيات، أبوالسيد، وأم السيد، وأم نوال، ثم تناول الزمن المسرحى، كما تحدث عن المتلقى ومشاركته، وعن عملية التلقى وأهميتها، وعن العوالم الكثيرة التى يخلقها النص وإمكانية استنتاج المستقبل من خلال القراءة المتأنية للنص، ثم أشار إلى المكانية، وإمكانية مناسبة هذا النص لأماكن كثيرة، وعن تقسيمة المسرحية واتزان وتناسق مشاهدها وفصولها، ثم تناول الحوار من خلال حديث الجنى والجنية وتعليقهم على سلوك الحمير المستسلم، وسلوك الآدمى الاستعبادى، لطرح قضية الطبقية وتحريك الثورة من خلال شخص واحد، وآليات قيام هذه الثورة، وتبرير الجنية أن تكرار الصورة يؤدى إلى اعتيادها، وأشار إلى فكرة الطرف الثالث الذى يريد الإطاحة بالجميع، كما أشار إلى أن المسرحية تناقش الظلم والعبودية، وتصاعد الحوار الذى يعد بمثابة نقد اجتماعى، كما أشاد بالأنماط التى استخدمها الكاتب (الكائنات الحية)، (الإنسان الغائب)، (الجن)، والحيوان هنا يتمثل فى (الحمار العجوز، والحمار الشاب)، حيث يناقش الحمار الشاب والحمار العجوز مسألة القدرية من خلال الحوار الدائر بينهما، والمقارنة بين الإنسان والحيوان من حيث الظلم القدرى والمقارنة بين سلوك الإنسان باعتباره عاقلا وبين سلوك الحمار بوصفه حيوانًا، ومع التصاعد الدرامى لشخصية الحمار العجوز يتضح أن مردود التركيبة السنية واضح للغاية، كما أن الحمار الشاب يتحول إلى الحمار الزعيم، ومشهد حمار 1 و2 و3 هو مشهد التكريس لفكرة اختمار الثورة، والميزة فى الزعيم هو اختيار اللحظة المناسبة لوقف ديمومة هذا الظلم، وهو ليس مترددًا لأن معرفته ليست حقيقية، وقدراته ليست كتطلعاته، الزعامة فكرة أن يسبق تفكيرك تفكير الآخرين، وينتهى هذا المشهد بصورة المخلص، حيث حيكت هذه الصورة بسلاسة وهدوء وحرفية، وجملة (بالروح والدم والفول والبرسيم نفديك يا زعيم) تؤكد ثقافة العالم الثالث، حيث إنها جملة دالة، ثم تحدث سالم عن التصاعد الدرامى ورمزية الحمار فى المسرحية ودلالته مشيرًا إلى مسرحية «ظل الحمار» واختلاف الدلالة، وذائقة محمود القلينى الخاصة التى تتضح فى طريقة تناوله وعرضه لقضيته.
ثم انتقلت المناقشة إلى الكاتب والشاعر أحمد زيدان بعد أن أشارت البيلى إلى الرمزية والكوميديا السوداء والعبث، وبساطة اللغة، والجرأة، ثم تحدث أحمد زيدان عن كيفية استخدام الحيوان والترميز به، وتقديم طرح درامى ليس للأطفال، وتناول فى حديثه شخصيات الجن والحمير والسلطة، ورؤية السلطة للحمير التى تريد عمل ثورة، وتفكيرهم لأن يقوم الإنسان بدور الحمار، حيث يمكن للسطلة جبى الضرائب من الإنسان، فالإنسان المستعبد الذى يعيش على الهامش لا يتطور، إنما يمكن أن يتحول لحياة الحمير، كما يقول زيدان من خلال رؤيته وطرحه إن الجميع يرضخ فى النهاية، فالحمير قاموا بكل شيء، ولا يمكنهم القيام بأكثر من ذلك، وأن فكرة الثورة هنا جاءت غير مكتملة وفق التصور المطروح، كما تحدث عن الفصل الأول بوصفه فصل طرح، وانتقل بعدها إلى كيفية عرض هذا النص على المسرح، وأشار إلى أنه بحاجة إلى تدخل، ثم عاد للحديث عن النص ليؤكد على أن الحلول فى النهاية كلها تصل إلى الرجوع والقبول من النظام نفسه، حتى لا يفنى النوع نتيجة هذه الثورة، كما أكد أن النص كوميدى، وأن الألفاظ الواردة تناسب البيئة، وهى ليست ألفاظًا مبتذلة، لأن هؤلاء حمّارة، عربجية، وأشار أيضًا، لينهى حديثه، أن الكاتب بدأ طرحه بشخصيات ميتافيزيقية، كما أنه أنسن الحمار، فالقضية هنا لا تخص الحمار وحده.
ثم تم تقديم الكاتب محمد مستجاب الذى تناول العنوان وتحريضه له على القراءة بشغف، وأكد على أن هذا النص إذا تم تجسيده على المسرح فسيتم تجنيب أشياء فيه، ثم انتقل مستجاب للحديث عن الصياغة وأن الكاتب لم يلجأ للخطب، والنص نص محرض، حيث يريد أن يقدم ثورة على أوضاع حياتية تعيشها الحمير فى المملكة، حيث ينجح الجنى فى إدخال فكرة الثورة بذهن الحمار الشاب الذى يقنع الحمير بذلك، ثم يحرضهم على الرفض، ويحثهم، ليتوقف الجميع عن العمل، ثم يتطور الإضراب للبحث عن حياة حميرية تليق بهم، ومن الحلول التى طرحت أن يستخدم الإنسان بديلاً عن الحمار أو القبض على الحمير ومحاكمتهم بقانون الإنسان، ثم قال مستجاب إن المسرحية تقدم الكثير من الآراء الفلسفية، حول إنسانية الإنسان، وتأمين حياته من المأكل والمشرب، والعديد من الآراء التى تخدم الرؤية والقضية والنص، كما أن العبارات الحوارية خدمت النص، حيث لا توجد خطب حنجورية وهذه براعة تحسب للكاتب، فالحوار ممتد، يحمل أفكار شخصياته سواء لإنس أو لجن أو لحمير، كما أشار مستجاب إلى أن الكاتب يحاول تمرير فكرة الوصول للعدالة، فالقيادة الحاكمة توضع فى مأزق حول محاكمة الحمير، ليتفتق الذهن عن التخلص من هذه الحمير، وهذا يكشف سوء الإدارة، فالكاتب استطاع أن ينقل السياسة على لسان الحمير، كما أشار إلى أن هذه المسرحية تعود بنا لمسرح الستينيات، فالنص امتداد للنصوص الساخرة العظيمة، كما أن الكاتب له رؤيته الخاصة، رؤية كبيرة ببواطن الأمور، فالمسرحية تأتى على مستويين، مستوى مسرح الكبار، ومستوى مسرح الأطفال.
ثم يفتح باب المداخلات للحضور جيث تحدث الشاعر والكاتب مدحت العيسوى عن إمكانية تمثيل المسرحية، ثم تناول رمزية الحيوان فى هذا النص وأنسنته، وعن الثورة التى يمكن أن تكون فى أى مكان وزمان، وأن الكاتب استخدم الترميز كحيلة للهروب، ثم أشاد بالنص وبالكاتب.
ثم تداخل الدكتور عبدالكريم الحجراوى الذى رحب بالكاتب وأثنى على الكتابة الرصية، وتحدث عن دلالة الحمار وتغيرها فى الثقافة العربية، ثم أشار إلى فكرة القناع وضرورة عدم المباشرة فى الفن، لأن الفن ضد المباشرة ويحتاج إلى الحيل الفنية.
ثم أشاد الكاتب والناقد سامح وهيب بالنص والبناء الرمزى والرؤية، كما تحدث الكاتب سيد فراج عن الرمزية فى النص والإسقاط الذى تعدمه الكاتب، كما أشادت الكاتبة إيمان حجازى بالنص وبالعنوان بوصفه عنوانًا كاشفًا، كما سألت الكاتبة عزة أبوالعز عن توقيت الكتابة.
شكر الكاتب محمود القلينى الجميع، وتحدث عن مشواره مع كتابة المسرح، ورؤيته حول كتابة الأحداث والتكهن بها، فهو لا يكتب بعد الحدث، إنما يكتب قبله.