العدد 924 صدر بتاريخ 12مايو2025
حصلت الباحثة هبة حسن على بركات المدرس المساعد بقسم الدراما والنقد المسرحى على درجة الدكتواره مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بتبادل الرسالة بين الجامعات عن رسالتها وهى بعنوان «الجدل الثقافى بين النص الأوروبى والعرض المسرحى العربى «دراسة لعروض معاصرة مختارة معتمدة على نصوص شكسبير» وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الأستاذ الدكتور مدحت الكاشف عميد المعهد العالى للفنون المسرحية «سابقاً» مناقشاً، الأستاذ الدكتور سعيد الوكيل استاذ اللغة العربية والأدب والنقد بكلية الآداب جامعة عين شمس «مناقشاً ورئيساً»، أ.د.م أحمد مجاهد استاذ مساعد متفرغ قسم الدراما والنقد المسرح بكلية الآداب بجامعة عين شمس مشرفاً وقد اقيمت المناقشة رسالة الدكتوراة بقاعة المؤتمرات بكلية الآداب جامعة عين شمس وقد أشرف على الرسالة الاستاذ الدكتور حسن عطيه رحمه الله ، أ.م.د أحمد مجاهد استاذ مساعد متفرغ بقسم الدراما والنقد المسرحى بكلية الآداب جامعة عين شمس وفى البداية قرأت الباحثة هبه بركات جزء من ملخص الرسالة والتى تضمنت كالأتي: «إن الفرضية الأساسية التى تنطلق منها الدراسة هى وجود تناقض بين توجهات العرض المسرحى العربى المعاصر المناهضة للمركزية الغربية، وبين جاذبية للنص الشكسبيرى الذى طرحته الرؤية الكولونيالية بوصفه تجسيدا للمركزية الغربية، وهو تناقض أنتج العديد من الأساليب وطرق التعامل مع شكسبير. حيث لم يتخذ المسرح موقف ثقافى واجتماعى جامدة، بل تفاعل بوصفه عمليات حية فى حالة حراك متصل، لا يسودها نمط محدد مسبقا للعلاقة مع شكسبير، بل صارت الأساليب والتقنيات المسرحية تتحرك بحرية بين أنماط مختلفة من العلاقات، تماما كما هو حال العلاقة بين الثقافة العربية والثقافة الغربية بشكل عام، تلك العلاقة التى تدور فى إطار شديد السيولة داخل أطر اقتصادية وسياسية واجتماعية.
وتابعت: «واستجابة لتلك الفرضيات والأسئلة البحثية التى نتجت عنها تناولت الدراسة الكيفيات التى يتجسد بها فضاء العرض المسرحى العربى بوصفه فضاء ثقافيا يمتاز بالحركة والتبدل الدائم، وذلك عبر الاستعانة بالأدوات النقدية التى توفرها أدوات النقد الثقافى، ونموذج التعالى النصى من منظور جيرار جينت.
وقد انطلقت الدراسة من ثلاثة أبواب أساسية تعتمد فى تحليلها على خمسة عروض مسرحية عربية فضلًا عن مقدمة ومدخل منهجى، وخاتمة بأهم ما خلصت إليه الدراسة.
تناول الباب الأول (الدراماتورجية وآليات بناء الفضاء المسرحي)، وذلك من خلال الفصل الأول: مناطق التعارض والتلاقى بين نص العرض والنص المسرحى الشكسبيرى، أما الفصل الثاني: عمليات إعادة تشكيل النص الشكسبيرى وإعادة بناء الفضاءين الدرامى والمسرحى.
أما الباب الثانى فهو (تشكيل الأدوار الجندرية وبناء الجسد الثقافي) وذلك عبر الفصل الأول: عمليات تشكيل وإعادة تشكيل الجسد الأدائى، وكان الفصل الثاني: عمليات قلب الأدوار الجنسية وإعادة تشكيل العلاقات الدرامية، وجاء الباب الثالث (تفاوضية الخطابات المشكلة للعرض) من خلال فصلين، الأول: آليات تشكيل الخطاب الخاص فى العرض العربى المعاصر، أما الفصل الثانى: الخطابات المتصارعة فى العرض العربى المعاصر وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج ملخصها:
أولًا: إن عمليات الجدل الثقافى بين نص العرض العربى المعاصر والنص الشكسبيرى، يميل فى معظم الأحيان إلى تأكيد أوجه التعارض على حساب مواقع التلاقى. ثانيًا: اللغة الخاصة بالعروض تقوم بإعادة صياغة للنص الشكسبيرى عبر الحذف والإضافة أو اعتماد مستويات لغوية عامية داخل نص العرض، وهو ما يستدعى تصور أدائى مخالف للتصورات الأدائية لشكسبير ضمن ثقافته
ثالثًا: الجسد الأدائى يسهم فى دراماتورجيا العرض المسرحى، حيث يسهم بحضوره الفيزيائى فى عمليات جدل متعددة المستويات.
رابعًا: السمات البصرية والأدائية المرتبطة بالنماذج الجمالية السائدة والمعترف وترسخ لحالة تناسج حقيقى بين التقنيات الغربية المعاصرة والتقنيات الأدائية والجمالية والخطابات المرتبطة بالمجتمعات العربية.
خامسًا: إن التثاقف والمثاقفة والتناسج والهجنة ليست بدائل أو خيارات أيديولوجية يتم طرحها بشكل منفرد على العرض المسرحى فى علاقته بالنص الشكسبيرى، حيث يمكن أن نلمح حضورها بوصفها أنماطا متعددة للعلاقات مع النص الشكسبيرى.
سادسًا: يقوم العرض المسرحى العربى المستند على النص الشكسبيرى على عمليات جدل مستمر ومتشعب بين أصوات وخطابات اجتماعية وجمالية متعارضة.
سابعًا: إن شكسبير الغربى بوصفه جزء من موضوع الغرب فى الخطاب الثقافى العربى لا يحضر إلا بوصفه مصدرا من مصادر تشكيل شكسبير فى الخطاب الثقافى العربى.
ثامنًا: يجد المسرح العربى ذاته بموقف متناقض فى إطار مقاومته لموضوع الغرب بين مقاومة ومناهضة الغرب الكولونيالى وتمثل أفكاره ورؤاه الأيديولوجية.
تاسعًا: يواجه مصطلح الجدل الثقافى بالعديد من المصاعب المتمثلة فى اتساع الفضاء الذى يحاول تغطيته، ومدى قدرته على وضع ذاته بوصفه عملية تصنيف وتنظيم تحدد وتكشف عن مستويات أنماط العلاقات التى ربما تتجاور أو تتنافر على سطح العرض المسرحى، والتى تتداخل لتشكل منتج جديد منقطع الصلة بالأصل.
عاشرًا: هناك ميل عام لدى العروض إلى بناء نهايات متعددة والعديد من التعليقات الختامية، وهو ما يحيل إلى الصعوبات التى واجهتها تلك العروض فى بناء علاقات متسقة بين عناصر الفضاء الخطابى الخاص به.
الحادى عشر: يمتاز مصطلح الجدل الثقافى بمجال عمل متسع يجمع بين أنماط العلاقات الممكنة بين ثقافات الأداء، ففى البداية يمكن للجدل الثقافى استيعاب المشكال لكنه لا ينتهى عند حدود النص التى ينتهى عندها المشكال، كذلك فإن الجدل الثقافى يمتلك سمات تناسج ثقافات الأداء، وإن كان لا يقوم بسلب أنماط العلاقات الأخرى مثل المثاقفة والهجنة بل يتقبل وجودها بوصفها جزء أصيل من أى لقاء ثقافى بين الثقافات، وأخيرًا فإن الجدل الثقافى لا ينطلق من رؤية مغلقة ونهائية للثقافات بل يتعامل معها بوصفها كيانات فى حالة تفاعل دائم مع غيرها من الثقافات.
اثنى الدكتور أحمد مجاهد على الباحثة هبة بركات وذلك لالتزامها بالوقت المحدد فى قراءة ملخص الرسالة ثم ترك التعقيبات للأستاذ الدكتور مدحت الكاشف والذى أشار فى خلال حديثه على بعض النقاط المهمة، كما وجه الشكر للأستاذ الدكتور احمد مجاهد على المشاركة فى هذه المناقشة معرباً عن سعادته بتواجده على منصة واحدة مع الاستاذ الدكتور سعيد الوكيل والأستاذ الدكتور أحمد مجاهد. ووصف رسالة الدكتوراه للباحثة هبة بركات بأنها رسالة ممتعة ورصينة وعنوانها يفجر الكثير من القضايا خاصة أن الباحثة بذلت جهداً كبيراً أكثر مما ينبغى وذلك لشغفها بموضوع الرسالة، فهناك زخم وثراء كبير فى الرسالة واوضح بعض النقاط المهمة ومنها العنوان وهو “الجدل الثقافى بين النص الأوروبى وبين العرض المسرحى العربى”، وهو ما يثير إنطباع للقارىء أنه على سبيل المثال نص شكسبيرى وليكن “الملك لير “ قدمه النجم يحيى الفخرانى موضحاً أن عندما قرأ الرسالة وجد تحليلات رائعة لعروض عربية لاتستند للنص الشكسبيرى، ولكن تستند إلى معالجات تستند لنصوص شكسبير وقامت الباحثة بتفسيره بما يتفق مع القضايا المحلية فى الدول العربية. وتوقف الدكتور مدحت الكاشف عند بعد المصطلحات ومنها “ما بعد الكولونيالية» أو مابعد الاستعمار، وشدد على أهمية تفسير المصطلح ليصبح واضحاً خاصة أنه من الممكن تحويل الكتاب لرسالة، وقد لا يتعرف البعض عند قراءة الرسالة إلى هذا المصطلح كذلك عقب على علاقة مصطلح الكولوليانية بثورات الربيع العربى مؤكداً أهمية فض الاشتباك بين علاقة المصطلح “الكولوليانية” بثورات الربيع العربى.
كما أكد أهمية كتابة بعض التواريخ المهمة، ومنها الحادى عشر من سبتمبر وثورات الربيع العربى خاصة أنهما حدثان مهمان كذلك أكد أهمية شرح معنى ثورات الربيع العربى.
ووجه الدكتور مدحت الكاشف تساؤلا للباحثة هبة بركات حول حول ما تقصده فى الرسالة هل هو النص الشكسبيرى أم النص المعروض على خشبة المسرح؟ وعادت الكلمة للباحثة هبة بركات لتوضح أنها تقصد كلا من النص المعروض على خشبة المسرح والنص الشكسبيرى. كذلك عقب الدكتور مدحت الكاشف على الجزء التحليلى للعروض ووصفه بأنه رائع وأنه استمتع كثيراً.
كما أكد أهمية إلحاق الصور بالمتن وتوضيح الملحق الخاص بالصور فى حالة وجود “ملحق للصور”. كما أشار إلى تساؤلا هاماً من خلال الرسالة ما الدافع الذى يجمع كافة العروض العربية وغيرها بتبنى النص الشكسبيرى فى الأساس وهذا التساؤل هام وفق عنوان الرسالة. أما الدكتور أحمد مجاهد فتحدث عن بعض النقاط المهمة فى الرسالة، منها العنوان الجدل الثقافى بين النص الأوروبى والعرض المسرحى فالباحثة تقوم بعمل موازنة بين نص وعرض ولذلك لم يكن العنوان تناصا فنحن لا نعمل على نصوص موضحاً أنه كان هناك أهمية لشرح مفهوم “التعالى النصى” لجار جنيت وكيفية التعامل مع تيمة واحدة أو الكتابة على كتابة بمنظور مختلف وكان هذا سيكون نوعاً من التداخل من التناص لأن عندما كتب شكسبير نصه كان لديه هم معاصر، وعندما كتب الكاتب المسرحى الحداثى نصه كان لديه هم معاصر آخر والحكم دائما على المنتج النهائى يكون بمدى إتقان الكاتب فى التعبير عن همه المعاصر، وليس فى الإتساق أو الاختلاف مع الإطار المرجعى، لكن يكون بمدى إتقان الكاتب فى التعبير عنه همه المعاصر حتى لو كان هذا الإطار نصاً لشكسبير.
وتابع قائلا: «كان من المهم أن توضح الباحثة فكرة الدمج لأنها تعمل من خلال الرسالة على مستوى عالمى من خلال شيئين مختلفى النص، وهو علامة “رمزية” فقط لأنه لغه، والمسرح، وهو شبكة علامات حركية فالقارئ من حقه أن يعى كل ذلك.
أما الأستاذ الدكتور سعيد الوكيل فارتكز على بعض النقاط منها وطرح سؤال مهم وهو إذا اتيح للباحثة هبة بركات إعادة إعداد البحث مجدداً ما الذى يمكن تطويره او بمعنى آخر تنقد رسالتها ورداً على هذا التساؤل فقامت الباحثة هبة بركات بالرد على هذا التساؤل وهى المشاكل التى واجهتها التى تتعلق بالمصطلح موضحه أنها تتعامل مع مصطلح موجود فى النقد الثقافى، ولكنه لازال فى مرحلة التكوين بمعنى أنها عندما كانت تقوم بعمل البحث لم تكن لديها دراسات سابقة حول “الجدل الثقافى”، وهناك كتابات هى مؤسسة للجدل الثقافى وفكرة أن تأخد المصطلح من النقد الثقافى، وتطبقه على الأداء كان الأمر يشبوه بعض الصعوبة فهو مصطلح يعتمد على جمع المصطلحات فى النقد الثقافى ومنها المثاقفة والتناسب والتناص والتثاقف سيتم جمعها ليس باعتبارها بدائل فكل مصطلح يعامل كبديل فالجدل الثقافى يقوم بحالة جدل، فالعرض المسرحى هو تثاقف ومثاقفة ومن ليلة عرض لليلة أخرى يمكن أن يختفى التحليل كله ويختلف خاصة أنها لا تتحدث عن السرد أو شىء مطبوع وثابت وهو مصطلح جديد «الجدل الثقافى» لم يتم تطبيقه على مستوى دراسات الأداء وتابعت: «وكان لا بد من ضبط المصطلح وحدوده وأدواته علاوة على عمل العديد من الاختصارات للبحث كذلك كانت العينة بحاجة لتغير حيث كان لا بد توسيع عدد العروض لتشمل مناطق أخرى أو بمعنى آخر توسيع “العينة”، وكانت فكرة التواصل لفيديوهات العروض تمثل عائقاً للاعتماد على عدد أكبر من العروض. وأكد دكتور سعيد الوكيل أن فى البحث العلمى لا يجب الإعتماد على كل الأعمال المتاحة فحسب ولكن يجب أن يتم تناول الأعمال الجديرة التى تدرس كما عقب على فكرة الاعتماد على الدراسات السابقة التى تناولت العلاقة بين النصوص العربية ونصوص شكسبير بغض النظر عن العلاقة بين النص والعرض فهى علاقة مركبة ومعقدة جداً. كذلك كانت له ملحوظات تتعلق بتغير العنوان، وذلك عندما تصدر الرسالة ككتاب مع مراعاة أن الرسالة ستكون كتاباً فيما بعد للمثقف العام. ثم تسائل عن فرضية البحث وكان رد الباحثة هبة بركات أننا فى أغلب الوقت فى مسرحنا المعاصر نعتمد فى أغلب عروضنا على نصوص أوروبية وشكسبير نموذج لكيفية عمل هذا القالب ما بين النص والعرض وخاصة عندما يكون النص منتمى لثقافة مختلفة عن الجمهور الذى يقدم له العرض وآلية العرض نفسه فكيف تعمل تلك آليه ما بين العرض العربى بثقافته وأيديولوجياته بالزمان والمكان الذى يتم به العرض كيف يتعامل مع النص الأوروبى هل يتعامل مع النص الأوروبى باعتبار أن الاثنين متساوان هل الخطابات التى تشكل العرض هى خطابات متكافئة أم خطابات تفرض ايديولوجيتها فكيف تتم عملية الجدل بينها. واختتمت المناقشة بإعلان النتيجة، وهى حصول الباحثة هبة بركات على درجة الدكتواره مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية لتبادل الرسالة بين الجامعات.