وداعًا عمرو دوارة.. حارس ذاكرة المسرح المصرى.. فارس المسرح الذى عاش له ومات من أجله

وداعًا عمرو دوارة..  حارس ذاكرة المسرح المصرى.. فارس المسرح الذى عاش له ومات من أجله

العدد 947 صدر بتاريخ 20أكتوبر2025


خيم الحزن على الوسط المسرحى والثقافى فى مصر والعالم العربى برحيل المخرج والمؤلف والمؤرخ الدكتور عمرو دوارة، الذى ترجل بعد رحلة حافلة بالإبداع والتوثيق والعطاء تجاوزت نصف قرن. فقد شكّل دوارة علامة فارقة فى المشهد المسرحى، إذ جمع بين الممارسة الإبداعية والعمل الأكاديمى والتأريخ الدقيق لتجارب المسرح المصرى والعربى، وكان من القلائل الذين وهبوا حياتهم بالكامل للمسرح، كتابةً وإخراجًا وتوثيقًا وتنظيمًا للمهرجانات والفعاليات.
جاء رحيل دوارة ليترك فراغًا كبيرًا فى وجدان كل من عرفه أو تتلمذ على يديه أو قرأ كتبه التى أرخت لتاريخ المسرح المصرى والعربى بأمانة ودقة. امتلأت صفحات التواصل الاجتماعى بكلمات الحزن والرثاء، وتداول المسرحيون صوره وكلماته الأخيرة التى نشرها بنفسه قبل أيام، وكأنها كانت وداعًا متأملًا وهادئًا للحياة والفن.
كان يؤمن بأن الفن رسالة وأن المسرح وطن روحى، ولذلك ظل على مدى سبعين عامًا مخلصًا لقضاياه، لا يكلّ من العمل ولا يتوقف عن البحث والتوثيق. وفى كلمته الأخيرة التى اختار لها عنوانًا لافتًا: “قطار العمر ومحطة السبعين”، كتب ما يشبه سيرة ذاتية موجزة ووصية روحية صادقة، عبّر فيها عن رضاه الكامل بما قدمه، واستعداده للقاء خالقه بقلب مطمئن.
حين كتب بصدق وتأمل نادرين عن رحلته الطويلة مع الفن والحياة قائلًا: “تمر الأيام مسرعة وتزيد من سرعتها مع اقتراب محطة النهاية، ولا أملك إلا الدعاء لله العلى القدير أن يحسن ختامى فى الدنيا والآخرة.. لقد كانت رحلة ممتعة تضمنت سبعين ربيعًا مسرحيًا وسبعين خريفًا، و105 رحلات فنية إلى الدول العربية والأجنبية للمشاركة فى أهم المهرجانات المسرحية”.
كان دوارة فنانًا موسوعيًا جمع بين الإخراج والتأليف والتوثيق، فأخرج سبعين عرضًا مسرحيًا وقدم أربعين كتابًا وثلاث موسوعات متخصصة، إلى جانب مئات المقالات والدراسات، وكتب المادة العلمية والسيناريو لثلاثين فيلمًا وثائقيًا. عاش المسرح بكل تفاصيله، مؤمنًا برسالته التنويرية ودوره فى بناء الإنسان والمجتمع.
برحيل الدكتور عمرو دوارة، يفقد المسرح العربى أحد أكثر فرسانه إخلاصًا ووفاءً لتاريخه وتراثه، لكنه يترك سيرة زاخرة بالعطاء، تؤكد أن الفن الصادق لا يرحل، بل يظل حاضرًا فى ذاكرة الأمة ووجدانها.
وهنا تسابقت الأقلام والقلوب فى نعيه، حيث عبّر المسرحيون من مصر والعالم العربى عن صدمتهم برحيله، وتحدثوا فى كلماتهم عنه وعن فضله ومواقفه الإنسانية والفكرية، وعن أثره الباقى فى ذاكرة المسرح. جاءت كلماتهم محمّلة بالمحبة والوفاء، لتشكل معًا لوحة إنسانية وجماعية تعبّر عن مكانة دوارة فى قلوب زملائه وتلاميذه وكل من عرفه من قريب أو بعيد.
د. وفاء كمالو: شخصية استثنائية رفيعة المستوى
وقالت الناقدة الدكتورة وفاء كمالو متأثرة: دكتور عمرو دوارة شخصية استثنائية رفيعة المستوى، هو جزء من شخصية مصر، ومن ذاكرة الفن، وهو ظاهرة مسرحية مثيرة للجدل والتساؤلات، كيان عبقرى يمتلك التجربة المتوهجة والعلم الغزير واللغة المغايرة والرؤى العلمية، والموهبة الخصبة والوعى الثائر بجماليات المسرح وفلسفة الفن، هو الباحث والناقد والمؤرخ والموثق والمخرج الكبير، استطاع أن يغير مسارات البحث والفكر والابداع فى مصر والعالم العربى، وهو صاحب موسوعة المسرح المصرى المصورة، الإنجاز العظيم الذى تحدث عنه الواقع الثقافى المصرى، باعتباره من الأعمال التوثيقية الكبرى، التى تحافظ على ذاكرة الأمة وتاريخها وشخصياتها، وكذلك إعادة قراءة التاريخ، وصولا إلى نتائج جديدة تتوافق مع عصر المعرفة الكونية، التى نعيشها الآن، كما أنها تشكل حلا جذريا وعلميا لإشكالية غياب المراجع الموثوق بها، والتى توثق الواقع المسرحى المصرى.
وتابعت: كان حصول دكتور دوارة على جائزة التفوق هو تقدير مستحق لجهوده، وكانت الموسوعة هى الجزء الأساسى فى حصوله على الجائزة، وفى سياق متصل قام الدكتور دوارة بتأسيس الجمعية المصرية لهواة المسرح عام 1982، ولا تزال الجمعية حاضرة بقوة فى قلب المشهد المسرحى المصرى، وقد أدار العديد من المهرجانات التى نظمتها الجمعية، ومن أهمها مهرجان المسرح العربى.
وأضافت كمالو: قام دكتور دوارة بإخراج أكثر من سبعين عرضا بمسارح المحترفين وكل تجمعات الهواة، وفى مجال الأطفال قام بإخراج خمسة عروض متميزة حازت على العديد من الجوائز، أما مؤلفاته فى مجال الفنون المسرحية فهى تمثل حالة من الوعى والابداع، ولعل أهمها “فؤاد دوارة عاشق المسرح الرصين”، المسرح هموم وقضايا ، يوسف وهبى فنان الشعب، المهرجانات المسرحية العربية، صادر عن أمانة عمان الكبرى بالمملكة الاردنية، الاخراج المسرحى بين مسارح المحترفين والهواة، الإخراج لمسارح الأطفال، شموع مسرحية انطفأت بلا وداع، مسرح الأقاليم وعلامات على الطريق. 
واختتمت متأثرة: تمتد مسارات الإنجازات الثرية ويظل الدكتور عمرو دوارة قامة فكرية ثقافية شامخة افتقدها واقعنا الفنى، لكنه سيظل باقيا فى ذاكرة الوطن والتاريخ والابداع.

د. محمد سعد: رحيله ترك فراغًا كبيرًا فى وجدان المسرحيين.
قال مهندس الديكور والأزياء الدكتور محمد سعد فى رثائه للمخرج والكاتب الدكتور عمرو دوارة، إنه عمل معه فى عرض “قمر الغجر” الذى أخرجه دوارة وقدم على مسرح البالون، موضحًا أن النص تناول رحلة مدرسية إلى الإسكندرية أو الساحل الشمالى، يلتقى فيها الطلاب قبيلة غجرية، وتنشأ قصة حب بين أحد الشباب وفتاة من الغجر، لتتوالى المغامرات فى إطار غنائى واستعراضى.
وأضاف د. سعد أن د. دوارة خاض معركة حقيقية لظهور هذا العرض إلى النور، رغم ما كان يعانيه من مشكلات صحية آنذاك، مؤكدًا أنه كان يحارب بإصرار المبدع حتى يكتمل العمل. وأوضح أنه من خلال رؤية دوارة الإخراجية، تمكّن من تحقيق مزج بصرى وحركى مبتكر بين الشباب والبنات والبحر والمناظر الطبيعية، وطلب منه تصميم ديكورات تجمع بين المجسّمات والشاشات لخلق إيقاع سريع وجذاب للعرض.
وتابع قائلًا إن العرض، رغم تميزه الفنى، لم يلقَ الرواج الجماهيرى المتوقع بسبب قلة الدعاية والبانرات، إلى جانب بعض العقبات الإدارية التى كانت تستنزف طاقة المخرج وتؤثر على مساحة الإبداع لديه.
وأشار د. سعد إلى أنه شارك أيضًا مع د. عمرو دوارة فى عرض آخر قدّم فى العراق من بطولة خالد الذهبى، قائلًا:
 “كان عمرو دوارة يبذل مجهودًا هائلًا فى كل تفصيلة من تفاصيل العمل، وقد حظى العرض بحفاوة كبيرة فى بغداد، واعتُبر مشاركة جريئة لفرقة مصرية فى مهرجان عربى كبير. حققنا من خلالها قبولًا واسعًا وضيافة رائعة، وتركنا بصمة طيبة باسم المسرح المصرى”.
واختتم حديثه قائلًا إن د. دوارة كان دائم الحضور فى كل المحافل، لا يتوقف عن العمل والتواصل مع الجميع رغم ما ألمّ به من وعكات صحية فى سنواته الأخيرة، مؤكدًا أنه كان إنسانًا محبًا، واسع العلاقات، قريبًا من كل الأجيال، مشيرًا إلى أن رحيله ترك فراغًا كبيرًا فى وجدان المسرحيين، داعيًا له بالرحمة والمغفرة.

علاء الجابر: شخصية العام فى جائزة علاء الجابر للإبداع المسرحى
فى تصريح مؤثر عبّر الناقد والكاتب المسرحى علاء الجابر عن حزنه العميق لرحيل الدكتور عمرو دوارة، مؤكّدًا أنه سيظل حاضرًا فى قلوب محبيه رغم الغياب، وقال: أخى الحبيب وصديقى الغالى علاء.. تسلّمت خطاب التكريم مع خالص الشكر والتقدير، وسعيد جدًا بهذا التكريم، وإن شاء الله يسعدنى ويشرفنى الحضور بنفسى لاستلام الشهادة والدرع فى الموعد المحدد”.
بهذه الكلمات الطيبة ردّ عليَّ الصديق الراحل د. عمرو دوارة، وظللنا على تواصل شبه دائم خلال فترة التحضيرات لتكريمه شخصية العام فى جائزة علاء الجابر للإبداع المسرحى فى دورتها الخامسة لعام 2025.
لكن شاء الله أن نفقده قبل لحظة التكريم، وأن نودّعه اليوم مدثّرًا بالبياض، نصلى عليه فى مسجد الأخشيد بمنيل الروضة، مودّعينه الوداع الأخير.
وأضاف الجابر: ورغم قدرتنا على تعديل المطبوعات والفيلم والدرع ليحمل وصف (الراحل)، فإننا سنكرّمه كشخصية حاضرة بيننا، بابتسامته الجميلة وطيب حضوره كما عهدناه.
رحم الله الصديق الغالى عمرو دوارة، الذى سنفتقد وجوده الفاعل بيننا، لكن عزاءنا أن اسمه وسيرته سيبقيان خالدين بما أنجزه من أعمال خالدة للفن والمسرح والمسرحيين.

أحمد الإبياري: سيظل أثره خالدًا فى ذاكرة الفن والمسرحيين عبر الأجيال.
فيما نعى المؤلف أحمد الإبيارى الراحل الدكتور عمرو دوارة بكلمات مؤثرة، مشيدًا بما قدمه من جهد استثنائى فى خدمة المسرح المصرى، قائلًا:
 رحمة الله عليه.. لقد بذل الدكتور عمرو دوارة مجهودًا فرديًا عظيمًا ومضنيًا، لم يسبقه إليه أحد، حين قام بتوثيق تاريخ المسرح المصرى بكل دقة، جامعًا أسماء المؤلفين والمخرجين وأبطال المسرحيات وسنوات عرضها منذ نشأة المسرح فى مصر وحتى السنوات الأخيرة.
وأكد الإبيارى أن هذا العمل التوثيقى الكبير يمثل إنجازًا نادرًا ومشرفًا، وإنصافًا لكل من أسهم فى بناء وتاريخ الحركة المسرحية المصرية، مضيفًا: ما أنجزه دوارة يعد مرجعًا ثريًا لكل مثقف وطالب علم وباحث فى شؤون المسرح، وسيظل أثره خالدًا فى ذاكرة الفن والمسرحيين عبر الأجيال.
وختم حديثه قائلًا: رحم الله الدكتور عمرو دوارة، فقد ترك إرثًا علميًا وفنيًا خالدًا، يستحق به كل الدعاء والرحمة.

عادل عبده: فقدنا قيمة وقامة كبيرة.. وكنت أتمنى أن يُكرَّم فى حياته.
بكلمات صادقة ومفعمة بالأسى، نعى المخرج عادل عبده صديقه الراحل الدكتور عمرو دوارة، قائلًا إن الراحل كان أخًا وصديقًا غاليًا، وناقدًا ومؤلفًا ومخرجًا كبيرًا، وحارسًا لذاكرة المسرح المصرى، تميز بالأمانة فى كتاباته ونقده مع كل الزملاء وفى كل العروض.
وأضاف عبده أنه عرفه منذ أكثر من خمسةٍ وعشرين عامًا، ولم يجد منه يومًا شيئًا سيئًا، واصفًا إياه بأنه شخصية محترمة وودودة، وكانا على تواصل دائم يتبادلان الرسائل بشكل يومى تقريبًا.
وأكد عبده أن مصر فقدت مثقفًا استثنائيًا، مشيرًا إلى أنه كان يتمنى أن يُكرَّم الدكتور عمرو دوارة فى حياته، لأنه يستحق تكريمًا كبيرًا لما قدمه للفن والحركة المسرحية من جهدٍ ومعرفةٍ وثقافةٍ وفهمٍ عميق.
واختتم عبده حديثه قائلًا: إن الراحل كان جديرًا بالاحترام من الجميع، فقد احترمه كثيرًا كمخرج متمكن وكاتب وناقد متميز، فضلًا عن كونه مؤرخًا كبيرًا للمسرح المصرى، مؤكدًا أن الساحة الفنية فقدت قيمة وقامة كبيرة.

أ.د. حسين على هارف: فقدنا أستاذا ابن أستاذ 
فيما قال الأستاذ الدكتور حسين على هارف “كاتب ومخرج وناقد مسرحى/العراق”: “تعارفنا قبل عشرين عامًا بالتمام والكمال، وكان ذلك فى الفجيرة عندما كنا ناقدين ضيفين على مهرجان الفجيرة الدولى للمونودراما فى دورته الثانية، وهناك كشف الدكتور عمرو دوارة لى عن وعيٍ مسرحيٍ عميق، ولباقةٍ فى الحديث والمناقشة، وزخمٍ فى المعلومات والبيانات الخاصة بالمسرح المصرى والعربي”.
تابع هارف، قائلًا: “ترتّب على هذا اللقاء ولادة صداقةٍ عميقةٍ عضدت زمالتنا وتوجتها، وفى العام التالى كلّفنى بأن أكون عضوًا فى اللجنة التحكيمية لمهرجان المسرح العربى الذى كان يديره، وكان ذلك شرفًا كبيرًا لى، أن أكون محكمًا فى كرنفالٍ مسرحيٍ يُقام فى مصر أستاذة العرب التى نهلنا من أعلامها وكتبها وتجاربها الكثير”.
وأضاف: “فى هذا المهرجان تلمستُ عن قرب صدق مساعى د. عمرو دوارة فى تشجيع المسرحيين الشباب، ولاسيما الهواة منهم، ورعايتهم ودعم طموحاتهم ومنحهم فرصًا فنية حقيقية. وقد تشكلت لجنة التحكيم آنذاك من قاماتٍ فنيةٍ رصينة، برئاسة د. هانى مطاوع وعضوية كل من ندى بسيونى وفتحى كحلول وروضان الجزائرى وأنا”.
واستطرد قائلًا: “سعى الراحل إلى الارتقاء بمستوى المهرجان تنظيمًا وفنًا، من خلال استقطاب نجوم المسرح والسينما المصرية لمواكبة فعالياته، ومنهم الفنان فاروق الفيشاوى، كما بادر إلى تكريم عددٍ من المسرحيين المصريين والعرب، وكان من بينهم الدكتور عقيل مهدى من العراق. وقد خصص الجوائز للعروض المصرية حصرًا لتتنافس فيما بينها، بينما كانت العروض العربية عروضًا موازية، هدفها رفع مستوى المهرجان وإتاحة فرصة الاحتكاك والتفاعل مع تجاربٍ مسرحيةٍ من بلدانٍ شقيقة”.
وأشار هارف إلى أن لقاءاته مع دوارة تكررت مرات عديدة، موضحًا: “التقينا فى القاهرة خلال مهرجان الهيئة العربية للمسرح، وفى بغداد حين قدّم عرضًا مسرحيًا على خشبة المسرح الوطنى من إخراجه. وكان دائمًا نبيلًا مبتسمًا، تعلو وجهه ملامح الطيبة والتفاؤل”.
وقال أيضًا: “من بين اهتماماته الجميلة كان مسرح الطفل، وقد أهدانى أحد كتبه التى وثّق فيها تجارب هذا المسرح محليًا وعربيًا، وهو كتابٌ أصبح مرجعًا مهمًا للكثير من الباحثين وطلبة الدراسات العليا”.
وأضاف: “فى إحدى زياراتى للقاهرة، حرص على أن أزوره فى مقر جمعيته التى أخلص لها ومنحها كلّ وقته وجهده، وهى الجمعية المصرية لهواة المسرح، تلك الجمعية الفريدة التى عنيت بالمسرحيين الشباب وفتحت أمامهم الآفاق”.
وختم هارف كلماته، قائلًا: “كان عمرو دوارة أستاذًا ابن أستاذ، فقد تتلمذنا على كتب ومقالات وطروحات والده النقدية، ومع رحيل عمرو دوارة خسر المسرح العربى فنانًا وباحثًا وصديقًا صدوقًا، غير أن عزاءنا الكبير فيما تركه من منجزٍ معرفيٍ وفنيٍ خالد”.
واختتم: “رحم الله فقيد المسرح العربى الدكتور عمرو دوارة، وأسكنه فسيح جناته”.

د. هانى كمال: استحق عن جدارة لقب حارس الذاكرة المسرحية.
قال المخرج الدكتور هانى كمال معزيًا فى رحيل الدكتور عمرو دوارة: نعزى أنفسنا فى وفاة المخرج والناقد والمؤرخ المسرحى د. عمرو دوارة، حارس الذاكرة المسرحية بحق. كنت سعيدًا للغاية لأننى عملت معه وأنا طالب فى الجامعة فى مسرحية جان دارك، التى شارك فى بطولتها كل من محمد رياض وحنان شوقى، وعدد من الأحباب.
وأكد د هانى كمال أن د. عمرو دوارة كان موسوعة فنية وثقافية كبيرة، لم يبخل يومًا على أحد فى الوسط المسرحى أو الفنى أو الثقافى بأى معلومة أو صورة أو وثيقة مهمة وغالية. وقد استحق عن جدارة لقب حارس الذاكرة المسرحية، لأنه كان الأحرص على التوثيق والتأريخ لما قدمه المسرح المصرى من أعمال وشخصيات.
وتابع: يكفى أنه أنجز كتابه المرجعى «150 سنة مسرح»، الذى قال فيه كل ما يتمناه عشاق المسرح أن يُقال، ووثق فيه رحلة الإبداع المسرحى المصرى بكل دقة وإخلاص.
كما أسس الجمعية المصرية لهواة المسرح، التى شكلت حاضنة حقيقية للشباب وداعمة لمواهبهم، وقدم من خلالها العديد من الأنشطة والمبادرات المهمة.
واختتم كمال كلمته، قائلا: برحيله فقدت الحركة المسرحية والنقدية مخرجًا ومؤرخًا ومبدعًا كبيرًا، أعطى بإخلاص وجهد وعشق نادر للمسرح والفن.
رحم الله الدكتور عمرو دوارة، وأسكنه فسيح جناته، وعوضنا خيرًا فى غيابه.

حمدى أبوالعلا: أخلص لقضيته الكبرى وهى حفظ وتوثيق الأعمال المسرحية المصرية
فيما قال المخرج حمدى أبوالعلا كلمات مؤثرة تلخص جوهر مسيرة الراحل، مؤكدًا أن الدكتور عمرو دوارة أخلص لقضيته الكبرى، وهى حفظ وتوثيق الأعمال المسرحية المصرية بكل تفاصيلها، من مؤلفين وشعراء ومهندسى ديكور وموسيقيين ومخرجين، فأخلصت له القضية بدورها ومنحته ما لم تمنحه لغيره، فكانت ثمرة ذلك موسوعة المسرح المصرى، التى ستبقى دليلًا خالدًا على شغفه وإخلاصه للمهنة.
وأشار أبوالعلا إلى أن الراحل كان له أيضًا دور بارز فى تأسيس وقيادة جمعية الهواة، التى قدّمت العديد من الفنانين الذين أصبحوا لاحقًا نجومًا فى عالم الاحتراف، فضلًا عن جهوده فى إخراج عدد كبير من الأعمال المسرحية المميزة.
واختتم كلماته قائلًا إن تلك مجرد ملامح من جوانب متعددة فى حياة رجل عاش للمسرح وبالمسرح، لكن الأهم من وجهة نظره كان إنسانيته البسيطة وابتسامته الدائمة، فلم يره يومًا إلا مبتسمًا، داعيًا له بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه الله فسيح جناته.

هشام دوارة: عمرو دوارة راهب الفن والأدب
قال مهندس الديكور هشام فؤاد دوارة، شقيق الراحل الدكتور عمرو فؤاد دوارة، فى كلماته المؤثرة على صفحته الخاصة: أخى الأكبر وصديقى، الدكتور عمرو فؤاد دوارة، حمل ألقابًا كثيرة: المؤرخ، حارس ذاكرة المسرح العربى، الناقد المسرحى.. لكنى اليوم لا أريد الحديث عنه بالألقاب، بل عن الإنسان داخله.
وتابع: فى نظرى، أنسب الألقاب له هو راهب الفن والأدب بحق. بدأ حياته مهندسًا، ثم تخصص فى نظم المعلومات، وهو ما أفاده كثيرًا فى إعداد موسوعته الضخمة عن المسرح المصرى منذ نشأته. تدرج فى السلك الوظيفى حتى أصبح وكيلًا للوزارة، ومع ذلك لم يتخلَّ عن عشقه للفن والأدب، فواصل دراسته بمعهد التذوق الفنى حتى نال درجة الدكتوراه.
كتب مئات المقالات، وأصدر العديد من الكتب، وأخرج عددًا كبيرًا من المسرحيات، لكنه فى خضم هذا الزخم نسى نفسه. نسى حياته الاجتماعية، فقد خَطب مرتين ولم يُكمل أيًّا منهما، إذ كان وقته كله للبحث والكتابة والبروفات.
وأضاف: لم يهتم بمظهره أو راحته الشخصية، كان يرضى بالقليل من الملبس، ويكتفى بأبسط سبل العيش، لأن شغله الشاغل كان العمل والإبداع. ومع ذلك، لم يقصّر فى فعل الخير والواجب؛ فقد تبرع بمبلغ كبير باسم والدتنا لمستشفى أبوالريش، وكان دائم السؤال عن أسرته وأصدقائه، لا يتأخر عن أحد.
واختتم هشام دوارة متأثرا: لكن الجسد فى النهاية تمرّد عليه، لم يحتمل كل هذا الجهد المتواصل على مدى سبعين عامًا، بينما ظل عقله وقلبه نابضين بالعطاء حتى آخر لحظة.
رحمك الله يا أخى الحبيب، وأسكنك فسيح جناته، جزاء ما قدمت من علمٍ وفنٍّ وإنسانية”.

د. حبيب غلوم: دوارة الباحث العاشق للمسرح
فيما قال الدكتور حبيب غلوم، عضو مجلس أمناء الهيئة العربية للمسرح، كلمات نابعة من القلب فى وداع الناقد والباحث الدكتور عمرو دوارة، فقال: كنت ألتقيه فى كل زوايا الحقل المسرحى فى الفترة التى عشت فيها فى القاهرة دارسًا فى بداية التسعينيات، يتحرك بدافع الباحث العاشق للمسرح، فتجده فى الفترة الصباحية بين أروقة أكاديمية الفنون، يتنقل بين معهد النقد الفنى ومعهد الفنون المسرحية أو فى الفناء الخارجى للأكاديمية الذى يربط معظم المعاهد (البرجولة)، يتحدث مع الجميع ويستمع لهم، ومساءً يرتحل بين أروقة المسرح القومى والطليعة والهناجر ومسرح الشباب.
كان يتمتع بروح الشباب المفعمة بالحيوية والإيجابية، وبتلك الابتسامة التى لا تفارق عينيه، وبأدب جمّ يتوغل بين المجموعات الشبابية ناصحًا بحب المسرح وبأهمية العطاء فى رحابه، ووجوب نكران الذات أمام قدسية خشبته.
وختم الدكتور حبيب غلوم كلماته قائلًا: رحم الله الصديق الناقد والباحث الدكتور عمرو دوارة، وغفر له، وألهمنا الصبر على فراقه. إنا لله وإنا إليه راجعون.

مجدى محفوظ: نذر عمره لتوثيق وأرشفة تراث المسرح فى مصر والعالم العربى
وفى كلمات مؤثرة عبّر فيها عن مكانة الراحل ودوره الفريد، قال الكاتب المسرحى مجدى محفوظ: رحل عن دنيانا حارس ذاكرة المسرح المصرى، الرجل الذى نذر عمره لتوثيق وأرشفة تراث المسرح فى مصر والعالم العربى، فكان علامة بارزة من علامات العطاء والإخلاص للفن، وعاش عمره باحثًا عاشقًا للمسرح، يحفظ تاريخه ويصونه من الاندثار.
وأضاف: واجه الدكتور عمرو دوارة صعوبات كثيرة خلال مسيرته، لكنه تجاوزها بصبر وإيمان، ليُنجز موسوعة المسرح المصرى التى استغرقت منه سبعةً وعشرين عامًا من الجهد المتواصل، فأصبحت مرجعًا لا غنى عنه لكل باحث ومهتم بتاريخ المسرح المصرى.
وتابع محفوظ: لم يكن دوارة مجرد اسم فى الوسط المسرحى، بل كان مبدعًا شاملًا كتب وأخرج ووثّق، وأسهم فى تخريج أجيال من المبدعين الذين تتلمذوا على يديه. كما كان دائم الحضور فى المحافل المسرحية الدولية، وصاحب المبادرة فى تأسيس مهرجان المسرح العربى، الذى مثّل نواةً انطلقت منها مهرجانات عربية ناجحة كثيرة.
واستعاد محفوظ ذكرى مناظرة لا تُنسى جمعت بين الدكتور سيد على إسماعيل والدكتور عمرو دوارة فى الدورة الخامسة من مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى، حول “رائد المسرح المصري: يعقوب صنوع أم سليم النقاش”، حيث دافع دوارة عن صنوع، بينما تبنّى إسماعيل رأى النقاش، وانتهت المناظرة فى أجواء من الود والاحترام المتبادل، مؤكدة أن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.
واختتم مجدى محفوظ كلماته قائلًا: “قدّم الدكتور عمرو دوارة للمسرح المصرى والعربى الكثير كتابةً وإخراجًا وتوثيقًا، وسجّل فى موسوعته ما يزيد على ستة آلاف عرض مسرحى احترافى. إن فقدانه خسارة كبيرة للمشهد الثقافى، لكنه سيبقى حاضرًا بما قدّمه من إنجاز وإخلاص. رحم الله الدكتور عمرو دوارة، وأسكنه فسيح جناته”.

حسن العدل: فنان أصيل وناقد متفرد حمل مشعل النور للمسرح المصرى
وقال الفنان حسن العدل فى وداع د.عمرو دوارة: رحمات الله الواسعة عليه، فقد كان فنانًا مسرحيًا أصيلًا، وهذا ما جعله إنسانًا أصيلًا أيضًا. كان صديقًا وأخًا عزيزًا، مهمومًا بقضايا المسرح، كرّس حياته لرصد وتوثيق الحركة المسرحية فى الماضى والحاضر والمستقبل، جامعًا بين الشكل والمضمون.
لم يكن ناقدًا فقط، بل كان مخرجًا متميزًا قدّم أعمالًا مسرحية ثرية بالفكر والجمال، كما أسّس مهرجانًا لمسرح الهواة إيمانًا منه بطاقة الفنان الهاوى وقدرته على الإبداع المسرحى.
برحيله، فقد المسرح أحد أهم حَمَلة مشاعل النور لفنونه وتوثيقه؛ الناقد المتفرد، والمثقف الواعى، والفنان الصادق الدكتور عمرو دوارة.

 د. بشار عليوى: الرثاء يليق بفرسان المسرح
وبتأثر كبير قال الناقد المسرحى العراقى د. بشار عليوي: بقلب مثقل بالحزن، لكنه ممتن بلا حدود، نودع اليوم علمًا من أعلام الفكر والمسرح، رحل بجسده تاركًا وراءه إرثًا لا يموت. إنه الأستاذ الدكتور عمرو دوارة، فهو ليس مجرد اسم عابر فى سجل المسرح المصرى، بل هو مؤسسة بحثية وفنية متكاملة، ومؤرخ ضابط للذاكرة المسرحية، وناقد بصير، ومخرج ممسوس بحب المسرح. رحل عنا الجسد، لكن ستبقى كتبه، وأفكاره، وتلاميذه، ونقده الثاقب، شواهد حية على عطاء نادر.
لقد كان الراحل د. عمرو دواره، رحمه الله، بمثابة “ذاكرة المسرح المصري”. لم يكن مؤرخًا يجمع الوثائق ويحفظها فى أدراج مغبرة، بل كان باحثًا يفتش فى ثنايا التاريخ عن نبض الحياة، عن لحظة الولادة، عن التفاصيل الإنسانية التى شكلت مسارنا الفنى. كان يؤمن بأن فهم الحاضر المسرحى لا يتأتى إلا بفهم جذوره، فانكبّ على توثيق تاريخ المسرح المصرى المعاصر بعين العالم المدقّق وقلب الفنان الشغوف. كانت مؤلفاته ليست مجرد مراجع أكاديمية، بل كانت خريطة طريق لفهم تطور الذائقة الجمالية المسرحية والتحولات الاجتماعية والسياسية التى انعكست على الخشبة، وفى عالم يكثر فيه النقد الانطباعى أو المتعالى، جاء دوارة بنقد مختلف. كان نقده بناءً، تشخيصيًا، ينطلق من معرفة عميقة بفنون المسرح وأدواته. لم يكن يهدم عملًا لمجرد الهدم، بل كان يحلله بموضوعية ليكشف مكامن القوة والضعف، مقدمًا رؤية تساعد الفنان على تطوير أدائه والفكر الناظم لعمله. كان حريصًا على أن يكون النقد جسرًا للحوار، وليس ساحة للتصفية أو المجاملة. وقد جمع فى نقده بين عمق الأكاديمى المحصن بالنظرية، وحدس الفنان الممارس الذى يعرف أسرار الصنعة ومتاعبها، ولم يقف عمرو دوارة عند حدود التأريخ والنقد، بل امتدت عبقريته إلى الإخراج المسرحى، حيث نقل معرفته النظرية إلى واقع ملموس على الخشبة. كانت عروضه تجسيدًا حيًا لفكره، تظهر فيها دقته فى اختيار النص، ووعيه بالفضاء المعمارى للعرض (السينوغرافيا)، وحرصه على بناء الشخصيات بشكل متكامل. قدم من خلال إخراجه مسرحًا مفكرًا به، مسرحًا يخلط بين المتعة البصرية والعمق الفكرى، مؤمنًا بأن جمهور المسرح قادر على استيعاب الأعمال المركبة التى تحترم عقله ووجدانه.
وأضاف عليوى: أما على المستوى العربى، فقد كان دوارة سفيرًا للمسرح المصرى بامتياز. كانت دراساته ومشاركاته فى الملتقيات والمؤتمرات المسرحية العربية تسلط الضوء على التجربة المصرية الغنية، لا بوصفها نموذجًا منفردًا، بل كجزء من نسيج مسرحى عربى متكامل. ساهم فى حوارات عربية حول قضايا المسرح وهمومه، معتبرًا أن التحديات التى تواجه المسرح فى مصر هى ذاتها فى معظم الأقطار العربية، مما يستدعى تبادل الخبرات وبناء مشروع مسرحى عربى مشترك.
لقد كان الراحل د. عمرو دوارة مدرسة مفتوحة، تخرج على يديه أجيال من الباحثين والنقاد والفنانين. كان يعطى من علمه بلا حدود، شاهدًا على خلق الأستاذية النبيلة. كانت مكتبته وعقله كنزًا مفتوحًا لكل طالب علم جاد.
اليوم، ونحن نرثى عمرو دواره، فإننا لا نرثى رجلًا فقط، بل نرثى جزءًا من ضمير المسرح المصرى. لكن رحيله الجسدى ليس نهاية المطاف، فإرثه الهائل من الكتب والبحوث والأفكار، وتلاميذه المنتشرين فى ساحات الفن والثقافة، هم ضمانة استمرار تأثيره. ستبقى كتبه مرجعًا، وأفكاره منارة، وروحه حاضرة فى كل حوار مسرحى جاد، وفى كل بحث يتقصى تاريخنا الفنى، وفى كل عرض يبحث عن الجمال والحقيقة.
واختتم داعيا: الرحمة والغفران لك أيها الصديق العزيز والأستاذ الجليل، فقد عشت من أجل المسرح، ومتّ وهو يحمل اسمك عاليًا. ولئن رحلت عنا، فإن مسرح مصر لن ينساك، لأنك ببصمتك التى لا تمحى، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تاريخه، بل من مستقبله أيضًا.

محمد ناصف: مسيرة إبداعية ثرية
فيما قال الكاتب المسرحى الكبير محمد عبدالحافظ ناصف: عرفت الدكتور عمرو دوارة كاتبا وناقدا ومخرجا وتوثيقيا وكادرا تنظيميا بارعا لا يشق له غبار، فقد ترك للمسرح المصرى موسوعة ستظل تثرى المكتبة المسرحية المصرية والعربية بتاريخ مصر المسرحى المعاصر، عرفته أيضا كناقد وصاحب رأى فى الكثير من القضايا التى تخص المسرح المصرى والعربى، كما أنه كان مؤسسا لمهرجان مهم جدا يهتم بالعروض العربية وهو مهرجان المسرح العربى فى مصر ولا أدرى لماذا توقف؟! كما أنه أحد المخرجين المتميزين لمسرح الدولة أنهى حياته بإخراج مسرحية بقطاع الفنون الشعبية، والرائع أن مصر كرّمته بجائزة الدولة للتفوق منذ عامين كتتويج لمسيرة إبداعية مهمة.

عباس الحايك: ليست مصر وحدها التى خسرت الدكتور دوارة بل المسرح العربى كله
وقال الكاتب المسرحى السعودى عباس الحايك: التقيت الدكتور عمرو دوارة للمرة الأولى بعد أن قرأت له، فى مهرجان الجزائر للمسرح المحترف بالجزائر 2009، هناك كانت فرصة للتعرف عليه والاقتراب أكثر منه، حيث كانت اللقاءات على هامش المهرجان، لقاءات معرفية، نهلت منها الكثير من المعرفة.
وتابع: بعد سنوات فاجأنى بترشيحى للتكريم فى المهرجان الذى كان يديره، مهرجان المسرح العربى، مع مجموعة من المسرحيين أصحاب التجارب المهمة، وهو ما اعتبرته تقديرا حقيقيا لتجربتى من قبل شخصية مسرحية اعتبارية كالدكتور عمرو دوارة صاحب التاريخ الكبير. التقينا مرة أخرى حيث أدرت ندوة له فى مدينتى الدمام شرق السعودية، فى جمعية الثقافة والفنون. توالت اللقاءات، وكان آخرها حين تشاركنا معا لجنة تحكيم مهرجان كربلاء الدولى للمسرح. فى اجتماعاتنا اليومية لمناقشة العروض، كانت الأحاديث تمتد أكثر من مناقشة العروض، حيث إننا أمام رجل يملك وعيا ومعرفة عميقة، نقاش يطول عن المسرح وشئونه، عن تاريخ المسرح المصرى والعربى بمجمله، فالدكتور عمرو باحث ومؤرخ، وحضور لقاءاته يحمل المتعة والمعرفة.
كما كان حضوره فى المشهد المسرحى العربى كبيرا، فإن فقده وخسارته كبيرة أيضا. فالدكتور عمرو دوارة الذى يملك شهادتى دكتوراه، إحداها وأهمها فى المسرح، قدم للمسرح العربى الكثير من الكتب والأبحاث كما قدم عروضا مسرحية أخرجها، وقدم مواهب مسرحية، فهو أحد الداعمين الكبار للهواة فى مصر عبر إطلاقه وتأسيسه مهرجان المسرح العربى، الذى احتضن عبر دوراته عروضا مسرحية مهمة، وكرم عددا من المسرحيين العرب، ممن لم يحظوا التكريم فى بلدانهم. 
ليست مصر وحدها من خسر الدكتور عمرو دوارة، بل كل المسرح العربى، وهو من عد (حارس ذاكرة المسرح)، فجهوده الاستثنائية والفريدة فى البحث والتأريخ، سيفتقدها المسرح العربى، وسيفتقد حواراته ولقاءاته، واهتمامه بالمواهب، وطموحه أن يعود المهرجان الذى توقف وأن يتطور المهرجان. 
وختم الحايك قائلا: ذاكرة المسرح العربى، ستفتقد حارسها الذى رحل تاركا إرثا كبيرا لا يمكن أن ينسى.
 
ناصر العزبى: أحب الألقاب إلى قلبه «حارس ذاكرة المسرح المصرى»
قال الكاتب المسرحى والناقد ناصر العزبى كلمات مؤثرة فى وداع الدكتور عمرو دوارة، مؤكدًا أن رحيله لم يكن مجرد فقدٍ لمثقف كبير، بل غيابٌ لصوتٍ ظلّ حاضرًا فى كل تفاصيل المسرح المصرى والعربى، مخلصًا له فى البحث والتوثيق والنقد والإخراج، ومؤمنًا بأن المسرح ليس مهنة أو هواية، بل حياة ورسالة لا تنتهى.
قال العزبى إنه تعرف على الراحل فى مطلع التسعينيات ناقدًا وباحثًا ومخرجًا مسرحيًا بارزًا، وناشطًا ثقافيًا أسس جمعية هواة المسرح التى احتضنت محبى المسرح من مختلف المحافظات، مؤمنًا بأن «المسرح يعيش بالشغف، وأن الهواة هم نبع التجدد الحقيقى للفن». وأضاف أنه توطدت علاقته بالدكتور دوارة بعد أن كتب عن مسرحيته «عصفور عاوز يطير» التى قُدمت على مسرح البالون لفرقة “تحت 18” فى أواخر التسعينيات، لتبدأ صداقة فكرية وإنسانية جمعتهما عبر سنوات طويلة، تنقّلا خلالها بين فعاليات ومهرجانات ومشروعات مسرحية متعددة.
وتابع العزبى قائلًا إنه شارك الراحل فى الدورتين الأخيرتين من مهرجان المسرح العربى لهواة المسرح، الذى أسسه دوارة قبل إنشاء الهيئة العربية للمسرح مهرجانها بسنوات، وبلغ بخطواته الجادة خمس عشرة دورة ناجحة. كما جمعهما مهرجان مسرح الحجرة الذى نُظم بمكتبة أبجدية عام 2011، ومهرجان دمياط لمسرح الغرفة عام 2015، والمهرجان الصيفى لعروض فرق الجامعات عام 2014، إلى جانب عضويتهما المشتركة فى اللجنة الفكرية بالمهرجان القومى للمسرح المصرى.
وأشار إلى أن آخر مشروع جمعهما كان عملًا دراميًا عن الفنان نجيب الريحانى بعنوان «حضرة صاحب السعادة»، حيث تولى الدكتور دوارة الإشراف العام على المادة التوثيقية، لكن القدر لم يمهله ليكمله.
واستعاد العزبى ملامح من مسيرة الراحل، قائلًا: “كان نجل الناقد والمؤرخ الكبير فؤاد دوارة، وقد ورث عنه عشق المسرح، لكنه حرص على أن يشق طريقه الخاص، جامعًا بين التكوين العلمى والفنى. فبعد تخرجه فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة، التحق بأكاديمية الفنون، وحصل على بكالوريوس المعهد العالى للفنون المسرحية، ثم اتجه إلى الدراسات المتخصصة فى نظم المعلومات والفهرسة والتوثيق داخل مصر وخارجها، ليبدأ بعدها مسيرة استثنائية امتدت لأكثر من أربعة عقود”.
وأوضح العزبى أن دوارة أخرج أكثر من خمسة وستين عرضًا مسرحيًا، نصفها على مسارح الدولة، والنصف الآخر مع فرق الهواة والمستقلين، مؤمنًا بأن روح المسرح تكمن فى الحرية والإخلاص. ومن أبرز أعماله: وهج العشق، خداع البصر، عصفور خايف يطير، وقمر الغجر التى كانت آخر أعماله على مسرح البالون العام الماضى.
وأضاف: “كان أحب الألقاب إلى قلبه «حارس ذاكرة المسرح المصري»، وقد استحقه بجدارة، إذ كرس حياته لتوثيق تاريخ المسرح ورواده، وكتب أكثر من ألف مقال ودراسة نقدية، إلى جانب موسوعته الضخمة التى وثقت المسرح المصرى منذ نشأته حتى بدايات القرن الحادى والعشرين فى ثمانية عشر جزءًا، وموسوعة «سيدات المسرح المصري» التى ضمت أكثر من 1500 شخصية نسائية، فضلًا عن أكثر من ثلاثين كتابًا فى النقد والتأريخ المسرحى أصبحت مراجع أساسية للباحثين والدارسين”.
وأكد العزبى أن الراحل ظل عضوًا فاعلًا فى مجلس إدارة المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وأسهم فى إثراء مكتبته التوثيقية، كما أطلق مبادرات ثقافية مهمة، منها الدعوة للاحتفال بمرور 150 عامًا على تأسيس المسرح المصرى الحديث، مؤكدًا ريادة يعقوب صنوع عام 1870، وهى المبادرة التى تبنتها وزارة الثقافة لاحقًا. كما أشار إلى أن اتحاد كتاب مصر أعلن منذ عامين جائزة سنوية فى النقد المسرحى تحمل اسمه تكريمًا لعطائه.
وختم العزبى كلماته قائلًا: “نال الدكتور عمرو دوارة جائزة الدولة للتفوق فى الآداب عام 2022، وكان آخر تكريم له اختياره شخصية العام لجائزة علاء الجابر، لكنه رحل قبل الاحتفاء به بأيام. برحيله، فقد المسرح المصرى والعربى واحدًا من أكثر أبنائه إخلاصًا وشغفًا بالفن، مفكرًا ومؤرخًا وإنسانًا نادرًا جمع بين المعرفة الأكاديمية والحضور الإبداعى، تاركًا إرثًا ضخمًا سيظل شاهدًا على حبه للمسرح وإيمانه برسالته التنويرية”.
وختم بالدعاء: “رحم الله الدكتور عمرو دوارة، الذى رحل بجسده، لكنه سيبقى حيًا فى ذاكرة المسرح العربى وضمير كل من أحب الخشبة وآمن برسالتها”.


سامية سيد