«رؤية العالم في نص المونودراما عند صفاء البيلي» رسالة ماجستير للباحثة مروة محمد الطيب

«رؤية العالم في نص المونودراما عند صفاء البيلي»  رسالة ماجستير للباحثة مروة محمد الطيب

العدد 873 صدر بتاريخ 20مايو2024

تم مناقشة رسالة ماجستير بعنوان «رؤية العالم في نص المونودراما عند صفاء البيلي» مقدمة من الباحثة مروة محمد عرفان إبراهيم الطيب، بقسم اللغة العربية جامعة المنصورة، وتضم لجنة المناقشة الدكتور السيد نعيم شريف ناصر، أستاذ الأدب العربي الحديث ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنصورة (مشرفًا وعضوًا)، الدكتور سمير السعد حسون، أستاذ النقد الأدبي الحديث المتفرغ كلية الآداب جامعة المنصورة (مناقشًا ورئيسًا)، الدكتور أحمد السيد عبد الحميد والي، أستاذ الأدب والنقد المساعد بكلية اللغة العربية بالمنصورة جامعة الأزهر (مناقشًا وعضوًا). والتي منحت الباحثة من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحثة كالتالي:
إن العمل الأدبي يُمثل رؤية يُعبَّر من خلالها عن طبقة اجتماعية مُعينة، لها صِفاتُها وتقاليدُها الخاصة، فيقوم الكاتب بتصوير هذه الرؤية من خلال النص الذي يُبدعه. 
ورؤية العالم قديمًا تختلف عن الرؤية المعاصرة، فظهر مفهوم الرؤية من صدد إنشاء نظرية أدبية لدراسة النص الأدبي، ومفهوم رؤية العالم يُعد من أهم العناصر التي تنبني عليها البنيوية التوليدية عند لوسيان جولدمان، ورؤية العالم عند جولدمان تهتم بالنص الأدبي داخلهُ وخارجه من حيثُ البنية والفئة الاجتماعية، وفي رؤيتهِ للعالم يؤكد على أهمية الجماعة والطابع التاريخي لكل فئة اجتماعية.
ورؤية العالم تحاول الوصول إلى الوعي الممكن؛ ليُشَكِّل رؤية مُستقبلية ليُحاول من خلالها إيجاد حل مناسب، فمن خلال المسرح المونودرامي الذي بوصفه لونًا أدبيًا من ألوان المسرح، والذي يتسم بفردية التمثيل؛ إلا أنه يحمل رؤى مختلفة لشخصيات عِدة، فتحاول الشخصية الرئيسة من خلالها عرض أزمتها للوصول إلى حل ما، بعد إثبات رؤيتها من خلال الوعي الفعلي.
ولهذا يعد المسرح المونودرامي فنًا من الفنون الأدبية الصعبة، لأنه يعتمد على شخص واحد فقط يكون هو المسئول عن كل ما يدور على خشبة المسرح من حوار، وأحداث، وأفعال. وإذا كانت المسرحية متعددة الشخصيات، فيقوم هذا الممثل الوحيد في العرض المسرحي المونودرامي بتأدية تلك الأدوار المتعددة، فيخرج عن الشخصية الرئيسة (البطل) التي يقدمها هو ليتحول إلى شخصيات أخرى متعددة ومختلفة، أي أنه يقوم بمحاكاة لتلك الشخصيات افتراضًا؛ لذا فيكون هو المسئول عن الحالة الكلية للمسرح.
وعرَّفت الدكتورة نهاد صليحة المونودراما بأنها مسرحية يقوم بتمثيلها ممثل واحد، يكون الوحيد الذي له حق الكلام على خشبة المسرح، فقد يستعين النص المونودرامي في بعض الأحيان بعدد من الممثلين ولكن عليهم أن يظلوا صامتين طول العرض.
فالرؤية التي تُقدَّم من خلال شخص واحد على خشبة المسرح تصبح متعددة حينما يقوم بتقمص أدوار الشخصيات الأخرى، فيتطلب جهدًا لينفصل عن الشخصية الرئيسة ليقوم بتأدية الشخصيات الأخرى، وعليه أن يقوم بكل شخصية كما هي برؤيتها الخاصة، فلا يتحيِّز لشخصيته الرئيسة باعتباره مُقدِّمها أيضًا.
ونظرًا إلى أن النوع المونودرامي يعتمد على فرد واحد، هو الذي يقوم بكافة الأدوار، فمن الممكن أن يقوم بمحاورة الشخصيات على شاكلة مختلفة لكسر حالة الملل والخروج عن المعتاد بالتقمص أو التخيُّل، مثل أن يُحادِث صورة على هيئة شخص ما، أو يقيم حوارًا مع عرائس الماريونيت، أو ثياب أحد الشخصيات، وهذا ما نجده في نصوص الكاتبة.
فتُعبِّر المونودراما عن رؤية جماعية من خلال تجربة فردية، يُقدِّمها شخص واحد عن أزمة جماعية لدى مجموعة أو فئة اجتماعية تُعاني من الأزمة نفسها. 
وبالنسبة لقارئ النص المسرحي فتوجهه الإرشادات، حيث لا تتوفر له مشاهدة العرض الذي تتجلى فيه فنيات العمل المسرحي من حيث الأدوات والأداء التمثيلي وتستمر هذه الإرشادات منذ الصفحات الأولى للنص حتى نهايته، فيتخيل القارئ رؤية الكاتب، ولهذا لا يخلو النص المسرحي من إرشادات المؤلف، سواء كانت للقارئ أو للمخرج أو للممثل، فتلك الإرشادات توضح الرؤية التي يريد الكاتب إيصالها. إذ أن فن المسرح هو فن الأداء والتمثيل، فهو يمتاز بالمباشرة، أي تواجد الممثل والجمهور بمكان واحد، حيث يشاهد الجمهور الممثل في اللحظة الحالية، وهذا ما يجعل الممثل يُعطى للمسرح مكانه الخاص، حيث يشارك الجمهور شخصيته وكأنه يتوغل بينهم في صورة قضية حقيقية مُجسدة، متفاعل معهم لإيصال رؤية وفكرة معينة.
إذن فالفهم الجيد للعمل الأدبي وللدلالة التي يُفضى إليها الكاتب، يقودنا إلى حُكم صائب على هذا العمل، من خلال الجانب الجمالي للنص، حيث نستطيع أن نربط بين النص داخله وخارجه، أي بين الطبقة الاجتماعية وبين العمل الأدبي الذي أبدعه الكاتب.
ولهذا قامت هذه الدراسة على الربط بين رؤية العالم والمسرح المونودرامي، لبيان رؤية الكاتبة صفاء البيلي في تعبيرها عن الرؤية الجماعية المُعبرة عن الفئة التي انبنى عليها النص وبين المسرح المونودرامي بوصفه لونًا أدبيًا له خصائصه، مع بيان فنيَّات العمل المسرحي كبنية دلالية.
كما تطرق البحث أيضًا إلى مصطلح التعددية الصوتية أو ما تسمى بالبوليفونية (Poliphonie)، ويخص هذا المصطلح مجال الموسيقى، ويعني التناسق بين الأصوات والمقامات الموسيقية، ومن ثم تم الاستعانة به في مجال الأدب بواسطة «باختين» واستخدمه تحديدًا في مجال الرواية. 
فالسرد متعدد الأصوات عند باختين، حيث يقوم على تعددية الأصوات واللغات والأساليب والأيديولوجيات، وأنماط الوعي، فإن هذه التعددية بينها علاقات حوارية في النص الأدبي، كما أن فردية الممثل في المسرحية تقابلها تعددية الشخصيات، إذ يكون لكل صوت استقلالية تامة ورؤية مختلفة عن غيرها، فيما يدل على أنها شخصية منفردة عن غيرها من الشخصيات الأخرى، رغم أن من يُقدِّم جميع الشخصيات هو فرد واحد فقط. 
واعتمدت أهداف الدراسة على التالي:
1- الكشف عن بنية النص المونودرامي.
2- تطبيق رؤية العالم على الظواهر الاجتماعية والسياسية في المسرح المونودرامي.
3- عرض التعددية الصوتية في المسرح المونودرامي عند صفاء البيلي.
أسباب اختيار الموضوع: 
1- يُعد نص المونودراما لونًا فريدًا في المسرح العربي.
2- قلة تداول فن المونودراما بين الباحثين.
3- تنوع نصوص الكاتبة بين الرؤية الاجتماعية والسياسية في النص الواحد.
منهج الدراسة: 
اعتمد البحث على المنهج الوصفي، لتطبيق رؤية العالم على المسرح المونودرامي من خلال النصوص المونودرامية للكاتبة صفاء البيلي؛ للكشف عن رؤى الكاتبة في النصوص المسرحية المونودرامية السبعة.
مادة البحث: 
تضمنت مادة البحث سبعة نصوص مونودرامية للكاتبة صفاء البيلي وهم:
1- نص (امرأة عنيفة )2010م.
2- نص (جرافيتي) 2013م.
3- نص (جوليا) 2014م.
4- نص (نُص نهار) 2015م.
5- نص (5 شارع المتنبي) 2017م.
6- نص (عين شمس) 2018م.
7- نص (سُعدى) 2020م.
خطة الدراسة: 
تكونت الدراسة من: مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، ثم المصادر والمراجع، ثم الملخص. 
وتضم المقدمة (أهداف الدراسة، أسباب اختيار الموضوع، الدراسات السابقة، منهج البحث، مادة البحث، خطة البحث).
ويتضمن التمهيد (مفهوم رؤية العالم، ومفهوم المونودراما، والعلاقة بين رؤية العالم والمسرح المونودرامي، ثم التعريف بالكاتبة).
ثم تناول الفصل الأول ??الرؤية الاجتماعية في نص المونودراما عند صفاء البيلي?? ثمانية مباحث جاءت كالآتي: 
تمهيد، ثم (المبحث الأول ??الأرامل??، والمبحث الثاني ??القهر??، والمبحث الثالث ??التشرد??، والمبحث الرابع ??الخيانة الزوجية??، والمبحث الخامس ??السُلطة??، والمبحث السادس ??العُنف الأُسري??، والمبحث السابع ??التفاوت الطبقي??، والمبحث الثامن ??الاتجار بالبشر??).
ويحتوي الفصل الثاني ??الرؤية السياسية في نص المونودراما عند صفاء البيلي?? على مبحثين تم تقسيمهما على النحو الآتي: تمهيد، ثم (المبحث الأول ??السياسة الداخلية??، والمبحث الثاني ??السياسة الخارجية??).
ويتكون الفصل الثالث ??التعددية الصوتية في المونودراما عند صفاء البيلي?? مما يلي:
 تمهيد، ثم (تناول التعددية الصوتية في النصوص السبعة).
الخاتمة:
تضم الخاتمة عدد من النتائج، ومن أهم هذه النتائج:
1- أولتْ الكاتبة اهتمامًا كبيرًا بالمرأة، حيث صورت معاناة النساء الأرامل، والتعرض للقهر، والعنف، والسُلطة الأبوية، والخيانة، والتعرض للتحرش؛ حيث صورت النساء في مجتمعٍ ذكوري تحاول الخروج منه، وإثبات ذاتها في المجتمع.
2- نهايات النصوص جاءت ذات رؤية تشاؤمية، فانتهى نصيِّ (نُص نهار، وعين شمس) بالجنون، وانتهت النصوص الثلاثة (امرأة عنيفة، وجوليا، وسُعدى) بالموت، ما عدا نصيِّ ( جرافيتي، و 5شارع المتنبي) حيث انتهت آملةً بتغيير المجتمع للأفضل.
3- أولتْ الكاتبة التعددية الصوتية اهتمامًا في نصوصها، حيث قامت بتقديم الشخصيات إلى جانب الأداء الصوتي للممثل من خلال الإرشادات.
4- وكان للإرشادات دورًا كبيرًا، فجاءت للمخرج وللممثل وللقارئ أيضًا، حيث تُقدِّم وصفًا للشخصية، وتوضَّح من خلالها الشخصية التي تتحدث، فتوضِّح جملة القول بصوت كل شخصية يتم تقديمها بواسطة الشخصية الرئيسة. 
5- وقد جاءت التعددية الصوتية في النصوص المونودرامية السبعة، حاملًة لرؤى مختلفة، حيث جاءت كل شخصية ذات رؤية، وسمة، وصوت مختلف عن غيرها، فلكل صوت لون مختلف عن غيره من الأصوات.
6- قدرة الكاتبة على توظيف رؤية العالم في النص المسرحي المونودرامي، إلى جانب التعددية الصوتية التي استخدمتها بكثرة في نصوصها السبعة، فتراوحت الأصوات في النص الواحد بين خمسة أصوات حتى سبعة عشر صوتًا.
هذا وقد منحت اللجنة المناقشة للباحثة درجة الماجستير في النقد الأدبي الحديث بتقدير امتياز مع التوصية بطباعة الرسالة على نفقة الجامعة لما فيها من الجدة.
 


ياسمين عباس