برنامج عطر الأحباب يحتفي بتجربة الراحل عبدالغني داود بقصر ثقافة الجيزة

برنامج عطر الأحباب  يحتفي بتجربة الراحل عبدالغني داود بقصر ثقافة الجيزة

العدد 885 صدر بتاريخ 12أغسطس2024

احتفت الهيئة العامة لقصور الثقافة بتجربة الكاتب الكبير الراحل عبدالغني داود في برنامج (عطر الأحباب)، الذي تقيمه الثقافة العامة وتشرف عليه، حيث خصصت الهيئة يوم الأحد، الحادي عشر من أغسطس؛ ندوتها بقصر ثقافة الجيزة للحديث عن مسيرة الكاتب الكبير وتكريم اسمه بين أبنائه ومحبيه،  وقد حضر الندوة الشاعر مسعود شومان (رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية) والدكتور عمرو دوارة، والشاعر عبده الزراع (مدير عام الثقافة العامة)، والصحفي الأستاذ أسامة عرابي، والناقد أحمد هاشم، والناقد والمسرحي عادل بركات، ورانيا عبدالغني داود، وقدم للندوة الكاتب والمسرحي الأستاذ ناصر العزبي؛ الذي بدأ الليلة بالحديث عن مسيرة عبدالغني داود المسرحية والنقدية، وحياته، ورؤاه الخاصة، وموقفه المعلن من التجربة الناصرية، هذه الرؤى التي تجلت في كتابه «الأداء السياسي في مسرح الستينيات»، كما أشار إلى أن عبدالغني داود من حراس ذاكرة السينما، ووصفه بالمنتمي، صاحب الإنجاز المهم، ثم قام بتقديم الشاعر مسعود شومان، الذي رحب بالحضور، ثم قام بتقسيم المبدعين لمبدع زهرة، ومبدع شجرة، ومبدع حديقة، وأكد على أن عبدالغني داود بمثابة المبدع الحديقة المليئة بمختلف أنواع الثمار، فالحديقة متنوعة ولها عطاءات باذخة، وقال إن عبدالغني داود من المبدعين الذين قدموا إبداعات متنوعة في السينما والمسرح، واهتم بالجمع الميداني للسير، خاصة السيرة الهلالية، وعبدالغني حديقة كبيرة، لم تنل حقها في الكشف عن ثمارها وإبداعاتها، فقد كان هناك جذر أصيل في إبداعه، حيث مثل خطًّا في المسرح لاستلهام المأثور الشعبي، وكان حاضرًا دائمًا في ليالي السيرة؛ يتتبع الرواة ويسأل عن طريق الهلالية من نجد إلى اليمن ثم العراق وصولاً إلى أرض المغارب، أما على المستوى النقدي فقد اهتم عبدالغني داود بمسرح الستينيات، وله دراسة مهمة عن هذا المسرح، وكذلك له دراسة مهمة عن مسرح محفوظ عبدالرحمن، فضلاً عن ترجماته المهمة، كما أكد شومان على أن علاقته بداود كانت عميقة، وأنه رشحه للتكريم في آخر مهرجان لمسرح الهواة، وأنه كان يود تكريمه في مسقط رأسه «كفور الغاب» بمركز سعد، حيث كان في زيارة لمكتبات هذه الأماكن وتذكر عبدالغني داود، وقد أوصى شومان في نهاية حديثه بضرورة جمع وطباعة أعماله لتكون في متناول الباحثين والقراء، كما أكد على أن مسرحه بحاجة إلى دراسات مستفيضة، وأبدى سعادته بهذه الليلة وهذا التكريم لأنه تكريم لأحد الكبار، كما أكد على أن الهيئة العامة لقصور الثقافة على أتم الاستعداد لطباعة أعمال الأستاذ عبدالغني داود، والحوارات التي وثق فيها للمسرح، خاصة مسرح الثقافة الجماهيرية، مشيرًا إلى أمنيته بظهور ببليوجرافيا عنه.
ثم تم تقديم الدكتور عمرو دوارة، الذي طالب الحضور بالوقوف دقيقة حداد على روح صديق عمره عبدالغني داود، ثم تقدم بالشكر للهيئة العامة لقصور الثقافة معتبرًا هذه الليلة بمثابة رد اعتبار لصديقه الذي ظلم ظلمًا بيّنًا، فقد طالب بتكريمه من قبل المهرجان القومي للمسرح، لكن المسئولين رفضوا طلبه، ثم تحدث دوارة عن جيله، وأشاد بملف جريدة مسرحنا الذي تناول مسيرة داود المسرحية والفنية، وقال إننا يجب أن نكون إيجابيين ونقوم بتجميع كل أعماله، ومسرحياته، وأشار إلى دراسته عن جيل الثمانينيات، وأشاد بها، حيث تناول عبدالغني داود كل مخرجي الثمانينيات تناولاً جادًّا، وأكد على أهمية هذه الدراسة، كما أشار إلى دراسته المهمة المنشورة في مجلة فن، وعاد للحديث عن الظلم الذي وقع عليه، حيث كان أديبًا متنوعًا، ظهر هذا التنوع في دراساته وأبحاثه، وأشار أيضًا إلى مشاركاته المهمة في الجمعيات الثقافية، فقد كان عضوًا ثابتًا فيها، وأشاد بمواقفه الثرية معه، التي تنم عن إنسانية مفرطة، حينما تسلم مكانه درع تكريمه بمنتهى التواضع حينما اضطر دوارة للسفر خارج البلاد في حين كان قد تقرر تكريمه في السويس، فلم يخذله عبدالغني داود، ثم تحدث عن دراسته التي كتبها عنه، حيث يقول دوارة: من أهم الدراسات التي كتبت عني كانت دراسة عبدالغني داود، وهو من أطلق عليّ «حارس ذاكرة المسرح»، كما أنه كان له دور كبير في تغيير عنوان موسوعتي من «بانوراما المسرح» لـ «موسوعة المسرح»، ثم تحدث دوارة عن كتابه «فن الأداء المسرحي»، الذي تناول فيه العديد من الممثلين، وتناول فيه ممثلين كثيرين غاب بعضهم عن الذاكرة، مثل شفيق نور الدين، كما قام فيه بتحليل أساليب الأداء، وتناول دوارة شخصيته، فقد كان سلسًا، لا يحب المشاكل، وكان يحب الحق، «كان حقّاني جدًّا»، وكانت له معاركه الأدبية الثرية التي لا يهادن ولا يجامل فيها، حيث كانت معارك شرسة، وحقيقية، وتناول أيضًا كتابه «الأداء السياسي في مسرح الستينيات»، الذي تحدث فيه عن الأساطين، وكانت أحكامه صريحة وقاطعة، ومعظم كتاباته كانت تنصب على المسرح السياسي، وموقفه من علي سالم كان واضحًا ومتشددًا، وأكد دوارة على ضرورة الاهتمام والسعي لطباعة أعماله الكاملة، لإتاحتها للباحثين، ووعد بالمساهمة في هذا بالعديد من المقالات، التي لا توجد عند أحد غيره، ثم تحدث عن سعادته بتكريم الجمعيات له، وتكريم المسرح العربي له، وإيمانه الشديد برسالته، وأشار إلى جوائزه، خاصة جائزة أبي القاسم الشابي، ثم وصفه بالمثقف الشامل، الجاد، الملتزم، الذي يعي دور المثقف، وتحدث عن مشاركته في مهرجان الفجيرة، وحرصه على العروض المصرية، وغيرته على اسم مصر في هذه المحافل الكبيرة، ثم تحدث عن أعماله المترجمة، خاصة ترجمته من المسرح الصيني، ثم أشاد بتناوله للعديد من كتاب الأقاليم، من الجنوب إلى الشمال، ومنهم على سبيل المثال الكاتب محمود القليني، وأكد على أهمية مبادرة اتحاد الكتاب في إصدار كتاب توثيقي عنه، وتمنى عرض مسرحياته وتقديمها للأجيال الجديدة، لأنه أخلص للأدب، والفن، والبلد، وكان يمتلك أدوات الناقد الحقيقي. 
بعد دوارة قام العزبي بتقديم الشاعر عبده الزراع، الذي توجه بالشكر لقصر ثقافة الجيزة، وأشاد بمشروع عبدالغني داود المسرحي والنقدي والفني، وقيمة هذا الكاتب المبتسم، الطيب، البشوش دائمًا، ثم قام ناصر العزبي بعد أن تحدث عن إنجاز عبدالغني داود الكبير، وإصداراته، وحلقاته الإذاعية، بتقديم الكاتب الصحفي أسامة عرابي، وقد تناول أسامة عرابي عبدالغني داود من زاوية القارئ المحب، الذي يرى أن حياته بها الكثير والكثير الذي يجب أن يروى، وأن يكون نموذجًا في زمن عزت فيه القدوة، ثم تحدث عن نضاله المتصل الذي خاضه، من أجل مبادئ آمن بها، حيث إن ذكاءه وتنوع ثقافته وإيمانه وانشغاله بقضايا أمته ووطنه وقضايا حقله النقدي والأدبي والفكري ما جعل البوصلة هي عدم الفصل بين الرؤية والحياة، وأشار إلى أن عبدالغني داود كان حريصًا على التحذير من التقريرية الزاعقة، وفي كتابيه الأداء السياسي في مسرح الستينيات، والأداء السياسي في مسرح محفوظ عبدالرحمن، له رؤيته الواضحة، فقد كان يؤمن بأن السياسة دخلت المسرح بسبب الأمور الدعائية، ونقل عن محفوظ عبدالرحمن رأيه في ثورة يوليو وتحفظاته عليها لإيمانه بالديمقراطية، لأنها هي الحل الوحيد لجميع المشكلات، وقد احتفى عبدالغني داود بمسرح محفوظ عبدالرحمن لأنه لم يكن ترويجًا لشعارات النظام الحاكم، ولا يحرص على إسقاط سياسي، واهتم أيضًا بمسرح الأقاليم، وبمبدعيها، ووصفهم بأنهم نجوا من أمراض المسرح المحترف لحرصهم وإيمانه بالإبداع، واعتبر المسرح الإقليمي هو المستقبل، رغم مشكلاته الجمة، المتمثلة في المال والعمل والإدارة، وكان يرى أن هذه الفرق مهددة بعدم الاستقرار لهذه المشاكل، وندرة العنصر النسائي، وقلة الموارد، وكان يرى أن ما نحتاج إليه هو المناخ الديمقراطي، ويرى أيضًا أن الهواية أهم من الاحتراف، ويرى عرابي أن داود كان جم النشاط، غزير الإنتاج، كتب المسرح، وله إحدى وعشرون مسرحية، وعشرة كتب في النقد المسرحي، وعشرة كتب في النقد السينمائي، وست مجموعات قصصية، وكتابان نقديان، وأشار أيضًا إلى قراءاته المتنوعة الثرية التي شكلت وجدانه، وعلاقته بالتراث؛ العربي والغربي، وإصراره الشديد على التجاوز، وتحدث عن كتابه «دراسات في المسرح الغربي»، ووصفه بأنه كتاب لاستثارة وعي القارئ، ثم أشاد بكتابه «مبدعون ونقاد»، واختتم كلامه قائلاً: كان عبدالغني داود مزيجًا فريدًا من الفكر الحر، والعمق والبساطة.
ثم تم تقديم الناقد أحمد هاشم الذي تحدث عن علاقته بالكاتب عبدالغني داود ومسرحياته، ومقاله الذي هاجم فيه إحدى هذه المسرحيات، وكيفية تلقي عبدالغني داود لهذا الهجوم، حيث أخذه بالحضن حينما رآه، في حين أنه هاشم كان يظن غير ذلك، وأشار إلى أنه كان رجلاً وفيًّا، راقيًا، ومخلصًا. ثم تم تقديم الكاتب عادل بركات الذي وصف عبدالغني داود بالناسك الزاهد، في محراب الفن، وحديثه المنصف عنه حينما عمل دراماتورج على أحد نصوصه. 
واختتم العزبي الليلة بتقديم رانيا عبدالغني داود التي تحدثت عن ديمقراطية والدها في البيت، وكيف أنا أباها كان يعشق عمله وكتاباته، ويحب بيته، وتحدثت عن حرصه الشديد على الكتابه حتى آخر لحظة في حياته، وهذا ما أكد عليه شقيقها في كلمته، كما أكد على حرصه على تقديم الدعم لمن سوف يساهم في إخراج كتابات والده للقراء.
ثم تم تقديم درع التكريم لأسرته من قبل الهيئة العامة لقصور الثقافة.     
 


سعيد شحاته