العدد 885 صدر بتاريخ 12أغسطس2024
لايتوقف الحديث في شارع المسرح الأمريكي هذه الايام عن حدث مهم لم يحدث من قبل في تاريخ هذا المسرح وربما في مسارح العالم.
كان بطل الحدث هو المليونير الأمريكي روى كوكرام (68 سنة) وهو في الأصل راهب كاثوليكى لكنه ترك سلك الرهبنة وتحول إلى ممثل لبعض الوقت بعد أن حصل على شهادة جامعية في الدراما وشارك في عدة أعمال مسرحية. ومن خلال تلك التجربة عشق المسرح رغم أنه لم يحقق نجاحا كبيرا فيه. وبعدها فاز في يانصيب بملغ قياسى (269 مليون دولار) وتحول إلى رجل أعمال منذ 2014وحقق نجاحا كبيرا.
قرر اعتبارا من بداية العام الحالى البدء في التبرع للفرق المسرحية الجادة غير الربحية. وحتى الآن تبرع بخمسة وعشرين مليون دولار لعدد 39 فرقة مسرحية لمساعدتها في تقديم أعمال جيدة وهادفة.
هنرى الخامس
وكانت البداية مع فرقة أولد جلوب في سان ديجو بكاليفورنيا التى تواجه مصاعب مالية في إنتاج “هنرى الخامس” إحدى مسرحيات شكسبير. وتعد الفرقة من أعرق الفرق المسرحية في الولايات المتحدة حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى 1935.
ويقول كوكرام أنه بعد ما حقق من نجاح قرر أن يستغل جزءا من أرباحه الطائلة من نشاطه التجارى في دعم فن المسرح الذى يعشقه رغم أنه لم يحقق نجاحا كبيرا في الأعمال المسرحية التى شارك فيها. كما أنه يؤمن بالمسرح كفن ممتع يمكن أن يقدم الكثير إلى المجتمع.
ويقول أنه فكر في ذلك بسبب التكاليف المرتفعة لانتاج الاعمال المسرحية بينما لا تكون إيراداتها كبيرة. وهو يخصص تبرعاته فقط للفرق المسرحية غير الربحية. ولأنه لا يملك الوقت الكافى ولا الخبرة اللازمة للاختيار فقد انشأ مكتبا استشاريا لاختيار الأعمال التى تستحق التبرعات. وكل ما يطلبه فقط حضور العرض الافتتاحى للمسرحيات التى يساهم في تمويلها أو يتبرع لها.
شائعات
وينفى كوكرام الشائعات القائلة بأنه يفرض نصوصا معينة أو أبطالا بعينهم على الفرق التى يتبرع لها. ويقول أنه حريص على ألا يبدى أي رأى في المسرحيات التى يحضر عروضها الأولى ما دام مكتبه الاستشارى قد وافق على تمويلها.
ويعود فيؤكد أن دافعه الحقيقى للتبرع هو شعوره بمعاناة الفرق المسرحية غير الربحية من ارتفاع التكاليف وضعف الإيرادات بسبب تراجع الإقبال. وحتى من يقبلون على عروضها تعتمد نسبة كبيرة منهم على نظام الاشتراكات أو الأبونيهات حيث يدفع معظمهم اشتراكات سنوية تعطيهم الحق في دخول عروض الفرق بأسعار مخفضة.
ويناشد كوكرام الأغنياء في الولايات المتحدة ضم المسرح إلى وجوه الخير التى يتبرعون لها. ذلك أن الفرق المسرحية غير الربحية انتشرت بشكل كبير في الولايات المتحدة بكل ولاياتها وأصبح لها دور لاينكر في الحركة المسرحية الأمريكية. وبات عددها يقدر بالمئات ومهما تبرع للمسرح فلن يستطيع الوصول إلى الفرق المستحقة.
تصحيح
وفى الوقت نفسه يتعين على الفرق المسرحية تصحيح هياكلها التمويلية لتقليل اعتمادها على التبرعات. ويحتاج الأمر إلى بعض الأفكار غير التقليدية. وفى الوقت نفسه يجب على الحكومة الاتحاد وحكومات الولايات دعم هذه الفرق.
ويقول أنه رغم أنه يعيش في سان ديجو بكالفورنيا ألا أنه لايقصر تبرعاته على كاليفورنيا وحدها،بل تغطى تبرعاته الولايات المتحدة طولا وعرضا. فقط يجب أن يستوفى العمل عوامل الجودة.
فقد تبرع لمسرحية “جودمان” في شيكاغو ومسرحية “جوثرى“ في مينيابولس و”صلاة من أجل الجمهورية الفرنسية“ في مانهاتن. ورشحت بعض المسرحيات التى ساهم في تمويلها لجائزة تونى.
ولايقصر كوكرام تبرعاته على المسرح فقط بل يتبرع لمنظمات أخرى مثل أطباء بلا حدود. ويتبرع أيضا لمؤسسات فنية وثقافية.
كاليجولا في إيران لأول مرة
مئات المرات وعشرات اللغات
للمرة الأولى في إيران بدأ عرض مسرحية «كاليجولا» وهى واحدة من ثلاث مسرحيات فقط ابدعها البير كامو الأديب الفرنسى الأب والإسبانى الأم والجزائرى المولد على خشبة المسرح في مجمع مسرح إيران شهر في طهران لمدة شهر واحد فقط. وكانت المسرحيتان الأخريان هما «سوء تفاهم» و«الحصار العادل».
أخرجت المسرحية التى تنتمى إلى نوع مسرح العبث المخرجة المسرحية الإيرانية «رويا أسدي». وتبلغ مدة العرض 80 دقيقة. ويضم فريق التمثيل عددا من أبرز الممثلين المسرحيين في إيران مثل ميكائيل شهرستاني ومحمد رضا مير حسيني وعلي كشوري وسعيد بارسا ورحى خداياري وفرهاد اعتمادي وأخرين.
80 عاما
ومن المفارقات أن تعرض المسرحية في ذكرى مرور 80 عاما على كتابتها حيث نشرت لأول مرة في عام 1944. ومنذ ذلك التاريخ عرضت المسرحية مئات المرات بعشرات اللغات في جميع انحاء العالم.
وتدور احداث المسرحية حول حول شخصية كاليجولا، الإمبراطور الروماني الشهير بقسوته وسلوكه المجنون وغرابة اطواره. وتصور المسرحية كاليجولا وهو يعانى الاما نفسية رهيبة بسبب وفاة أخته. وتنتهى باغتيال كاليجولا الذى يعنى اسمه المجند ذو الحذاء الصغير. وهو حفيد الإمبراطور الروماني الشهير يوليوس قيصر، وابن أخيه هو نيرون الإمبراطور الشهير المتهم بإحراق روما.
تولى كاليجولا حكم روما وهو يبلغ من العمر 24 عامًا، وكان يحظى بشعبية كبيرة في بداية فترة حكمه، نتيجة لقرارته التى أسعدت شعبه، بعدما ألغى الضرائب، وأطلق سراح المعتقلين فأصبح من أكثر الحكام شعبية بين الناس.
ولم هذه الشعبية لم تدم طويلا، فبعد ستة أشهر من حكمه ، أصيب كاليجولا بمرض شديد عرضه للمعاناة من الألم لمدة شهرمتواصل، وحزن شعب روما بأكملها عليه، ولم يعرف أحد من الأطباء سببًا واضحًا لمرضه، إلا أنهم أرجعوا هذه الآلام لفرطه في شرب الخمر.
وجعل هذا المرض حياته تنقلب رأسا على عقب، إذ تحولت شخصيته بشكل تام، من الإمبراطور المحبوب، إلى الطاغية المكروه من شعبه، فوصل به الجنون إلى إدعاء الألوهية، وتمادى في جنونه بأن أجبر الآباء على رؤيتهم لأولادهم وهو يُعدمون، وسعيه لبناء جسر يربط بين مملكته وبين كوكب المشترى، حتى يتمكن من الوصول إلى الآلهة الأخرى والتشاور معهم!!!.
بطش
ولم يتوقف جنون وبطش كاليجولا عند ذلك ، بل زاد في الأمر وبنى تماثيل ضخمة له داخل المعابد، وأمر شعبه بعبادتها، وأمر بقتل جميع الصلعان لكرهه الشديد لهم، رغم أنه أصلع، كما أمر بإغلاق جميع مخازن الغذاء، حتى يُحدث مجاعات قاتلة ببلاده، ليستمتع بمشاهدة الناس وهي تموت جوعا ببطء. ووصل به الجنون إلى درجة كبيرة حيث عين جواده الخاص عضوًا بمجلس شيوخ البلاد.
وتوالت جرائم وأفعال «كاليجولا» المجنونة بين شعبه، من الاغتصاب والحرق والقتل، حتى قُتل مطعونًا بـ 30 طعنة على يد مجموعة من حراسه بقصره، ليتم إلقاؤه بأحد الآبار العميقة، ويتخلص منه شعبه من بطشه وجنونه إلى الأبد.
قدرات
وكان البرت كامو رغم حياته القصيرة التى لم تتجاوز 47 عاما (1913-1960) صاحب قدرات متعددة واهتمامات متعددة حيث كان فيلسوفًا ومؤلفًا وكاتبا مسرحيا وصحفيًا وناشطًا سياسيًا فرنسيًا. وكان من المؤيدين لاستقلال الجزائر والرافضين لجرائم فرنسا الوحشية ضد شعبها . هذا رغم أنه كان يدين احيانا مايسميه «العنف غير المبرر الذى يلجأ اليه الثوار في الجزائر»!!!.
وقد حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1957 عن عمر يناهز 44 عامًا، وهو ثاني أصغر حائز على الجائزة في التاريخ. وله أعمال قصصية عديدة مثل «الغريب» و»الطاعون» و»أسطورة سيزيف» و»السقوط» و»المتمرد». وبعض هذه الاعمال نشر بعد وفاته التى كانت في حادث سيارة في الرابع من يناير في فرنسا. وقد ثارت شكوك وقتها أن تكون المخابرات الفرنسية وراء الحادث بسبب موقفه المؤيد لكفاح شعب الجزائر لكن ذلك لم يتاكد.