العدد 887 صدر بتاريخ 26أغسطس2024
ليس بوصفه مهرجاناً نوعياً مغايراً كما يدل على ذلك عنوانه فحسب، وإنما بإصراره على تحقيق فرضياته الجمالية المغايرة والمحدثة التي تدعو كل المسرحيين الى البحث عن أساليب وأنماط وصيغ مبتكرة في الطرح والمعالجة التي يتفاعل فيها ومعها كل مسرحي يريد أن يتواصل في البحث والمغامرة والمغايرة، ومغادرة تلك الأساليب التي أصابت المسرح بالرتابة والملل والتكرار، وكانت شريكة مع عدة أسباب أدت الى ابتعاد المسرح عن جمهوره وابتعاد الجمهور عن المسرح.. فالبحث عن تلك المستويات والممكنات التعبيرية المحدثة والمعاصرة التي تتماهى وتتفاعل مع ثقافة المتلقي اليوم وأسلوب حياته المعاصرة، كان الهدف والغاية والمسعى الذي أقامت فيه فرقة مسرح الرحالة مهرجان مسرح الرحالة الدولي للفضاءات المغايرة، في الأردن، والذي مرت أيامه سريعاً كلمح البرق، ليضيء في سماء الإبداع المسرحي العربي والدولي، وهو يؤثث خطاباً يتجاوز حدود المكرور والتقليدي والتشخيصي والمألوف والنمطي، بحثا عن ذلك الفضاء المغاير والمفتوح على المعنى الجمالي المبتكر والمتجدد بصياغاته وفرضياته ومستوياته وأساليبه التي تخطت ما سبقها..
وجاءت دورة هذا العام، وهي الدورة الثالثة، استثنائية ومغايرة، على مستوى: انتقاء العروض، تقديم الورش، الندوة الفكرية ومحاورها وعنوانها المركزي، الشخصيات المكرمة، شخصيات أعضاء لجنة التحكيم، الضيوف العرب والأجانب، حفليّ الافتتاح والاختتام ومستلزماتهما البروتوكولية والفنية، ليحقق المهرجان من خلال دقة المعايير التي اعتمدتها جميع لجان المهرجان، بما يكشف بوضوح عن رؤية وموضوعية وشفافية عالية في التعاطي مع مجمل مفردات المهرجان..
إن مجمل ما حدث وما قدم في مهرجان الرحالة للفضاءات المغايرة، كان مبهجاً ومدهشاً، ويمكن وصفه بجملة واحدة إتفق الجميع على مضمونها ومعناها ومبناها، وهي إن المهرجان بشر وتبنى واستهدف كل ما هو جديد ومختلف ومغاير وغير تقليدي، قولاً وفعلاً، نظرية وتطبيقاً، جعلنا واثقين بأننا نمتلك ممكنات البحث والمغامرة في فضاءات جديدة وحقول مبتكرة ومفردات محدثة في التعبير والتفسير والتحليل والتأويل، وهو ما نصبو إليه دوماً، ونحلم بتحقيقه، من أجل تحقيق حالة التواصل مع جمهور المسرح الباحث عن وجوده وعن ذاته وعن هواجسه وحاجاته المتغيرة في عالم متغير ومتسارع، وهذا هو الهدف الأسمى الذي وجد المسرح من أجله أساساً.
لقد حققت هذه الدورة من المهرجان نجاحاً تخطى كل التوقعات وفاق جميع الإحتمالات، ربما حتى توقعات القائمين على التخطيط والتنفيذ لهذا المشروع الفني والثقافي المغاير والمختلف، وهو يحقق في دورته الثالثة قفزة نوعية استثنائية في مجمل مفرداته، ويبدو إن حلم الرحالة لن يتوقف عند حدود، فالطموح أكبر من المتحقق بكثير، ولا زال في الجعبة ما هو أجمل وأروع وأكثر سحراً ودهشة، وهو ما سيحققه الرحالة في الدورة الرابعة عام 2025 وما سيليها من دورات، كما تحدث عن ذلك بثقة كبيرة الفنان المثابر (حكيم حرب)، وهو يؤكد على إن (الرحالة لم ينجزوا هذا المهرجان لوحدهم، بل كان معهم جيش من المؤمنين بالمشروع، وإن كلمة (شكراً) لا تفي الأوفياء والمخلصين الذين وقفوا معنا من داخل وخارج الأردن حقهم، أولئك الذين آمنوا بالفكرة وتبنوا المشروع وقاتلوا لأجل نجاحه بمنتهى الفروسية والشجاعة والإقدام، ابتداءً بالجمهور المسرحي الكثيف، الذي حضر لمتابعة المهرجان من كل حدبٍ وصوب، والجهات الرسمية والخاصة الراعية والداعمة للمهرجان) حيث حظي المهرجان بدعم ومساندة كبيرة من قبل كل من: معالي السيدة هيفاء النجار وزيرة الثقافة، سعادة المخرج محمد يوسف العبادي نقيب الفنانين الأردنيين، عطوفة الأستاذ الكاتب الصحفي عبد الهادي راجي المجالي مدير الدائرة الثقافية في أمانة عمان الكبرى، عطوفة الأستاذ أيمن سماوي مدير مهرجان جرش للثقافة والفنون، سعادة الأستاذ ماهر قدورة مدير عام مؤسسة الجود للرعاية العلمية- مبادرة حكمت الثقافة، سعادة الأستاذ الفنان محمد الجالوس المستشار الثقافي لبنك القاهرة عمان، مروراً باللجنة العليا للمهرجان: معالي الأستاذة الكاتبة بسمة النسور وزيرة الثقافة الأردنية السابقة، الفنانة عبير عيسى، الفنان سهيل بقاعين، الكاتب مفلح العدوان، المخرج والباحث الدكتور مخلد الزيودي، ولجنة إدارة المهرجان التي تشكلت من الفنانين: عمران العنوز، رئيس اللجنة التنفيذية، شام الدبس، رئيسة لجنة العلاقات الدولية، ماهر جريان، رئيس لجنة التقنيات، محمد عوض، رئيس لجنة المواقع، نضال جاموس، رئيس لجنة الترويج، قيس حكيم، رئيس لجنة الورش، فرح هاشم، رئيسة لجنة الندوات، محمد العقيل، رئيس لجنة الحركة.
فيما تشكلت لجنة التحكيم من مخرجين وكتاب ونقاد أردنيين وعرب، وشارك اعضاؤها ايضاً في الندوة الفكرية وهم: المخرج والكاتب غنام غنام، الأردن، الناقد الدكتور محمد المديوني، تونس، الفنان المخرج الدكتور سامي الجمعان، السعودية، المخرج انتصار عبد الفتاح، مصر، الكاتب والباحث الدكتور أحسن تليلاني، الجزائر.
وشارك في الندوة الفكرية من الأردن والدول العربية الشقيقة والتي خصص عنوانها المركزي (تجارب الفضاءات المفتوحة والمغايرة في المسرح العربي)، نخبة متميزة من الباحثين والنقاد الفاعلين في المشهد المسرحي: المخرج الدكتور صلاح القصب، العراق، الناقد الدكتور رياض موسى السكران، العراق، الكاتب بوكثير دومة، تونس، المخرج حاتم السيد، الأردن، المخرج نبيل نجم، الأردن، المخرجة لينا التل، الأردن، المخرج باسم الدلقموني، الأردن، المخرج الدكتور فراس الريموني، الأردن المخرج فراس المصري، الأردن.
ومؤطروا الورش: الفنان سعيد سلامة، فلسطين، المخرج خالد الرويعي، البحرين، السينوغرافي ابراهيم الفرن، مصر، الفنان شامال أمين، النمسا، الفنانة نيجار حسيب، النمسا، الفنانة د.كاثلين بيل، أمريكا والفنان باولو افاتانيو، إيطاليا.
فيما تنوعت وانفتحت اسماء مخرجي المسرحيات المشاركة على مختلف الأجيال والثقافات والرؤى: د.عواطف نعيم، العراق، د.فتحي العكاري، تونس، الاخوين ملص، فرنسا/ وسوريا، شوقي خوجة، تونس، نادرة التومي، تونس، مادونا حنا، مصر، آنجيل هرنانديز، المكسيك، يوري ماتسومارو، اليابان، نيجار حسيب، النمسا، باولو افاتانيو، ايطاليا، ميس الزعبي، الأردن، رشا المليفي، الاردن وكامل الشاويش، الأردن.
ولم يغفل الفنان حكيم حرب الأصدقاء الذين ساندوا المهرجان ووقفوا إلى جانبه :
عطوفة الأستاذ أحمد العون مدير مكتب وزيرة الثقافة، المخرج عبد الكريم الجراح مدير مديرية المسرح والفنون، والأستاذ محمد المومني رئيس قسم المسرح، الأستاذ أسامة الكسواني المدير الإداري في وزارة الثقافة، السيدة رويدة الكساسبة أمانة عمان الكبرى، السيدة رانيا قستنتين المديرة التنفيذية في مؤسسة الجود للرعاية العلمية..
وفي حفل ختام مهرجان (مسرح الرحالة الدولي للفضاءات المسرحية المغايرة) ألقى المخرج المسرحي العربي الكبير (صلاح القصب) كلمة بإسم المشاركين في المهرجان، مثلت إمتداداً لكل ما تحقق في مفاصل المهرجان من نجاحات واجتهادات سيظل أثرها ماثلاً في الذاكرة المسرحية لسنوات طويلة قادمة..
كما قام الفنان المسرحي الأردني (غنام غنام) بتلاوة بيان لجنة التحكيم وتقريرها النهائي والتوصيات والقرارات التي توصلت إليها، حيث منحت مسرحية “جنون الحمائم” للمخرجة عواطف نعيم من العراق، جائزة “لجنة التحكيم الخاصة”، فيما نال العرض التونسي “شكون” للمخرجة نادرة التومي والفنان محمد شوقي خوجا، جائزة “أفضل عمل متكامل”، في مهرجان “مسرح الرحالة الدولي للفضاءات المسرحية المغايرة”، فيما وتوزعت جوائز المهرجان الأخرى، بين الأعمال المتنافسة، حيث نال عرض “الفراشة والخيط الأحمر” من اليابان للمخرجة يوري ماتسوميرو، جائزة “البحث الإبداعي”، فيما فاز المخرج فتحي العكاري بجائزة “أفضل إخراج” عن مسرحية “مقاطع” من تونس، في حين ذهبت جائزة “أفضل سينوغرافيا” لمسرحية “السمكة المرأة” لجوديت فيراريس من إسبانيا والمكسيك، كما فاز مناصفة بجائزة “أفضل أداء رجالي”، كل من الأخوين ملص من سوريا عن مسرحية “اللاجئان”، مع محمد شوقي خوجا عن مسرحية “مقاطع” من تونس، كما ذهبت جائزة “أفضل أداء نسائي” مناصفة أيضاً، بين التونسيتين نادرة التومي عن مسرحية “شكون”، وهادية بن عبيد عن مسرحية “مقاطع»..
وفي كلمته في حفل ختام المهرجان، وفي نشوة هذا النجاح الباهر، قال الفنان حكيم حرب إن القادم سيكون اكبر وأجمل وأروع، وقد أعلن عن نية “مسرح الرحالة”، إقامة فعاليات الدورة الرابعة من المهرجان العام المقبل، في مناطق وادي رم، والبترا، والعقبة، والكرك، وعجلون، وعمان، بهدف تعميم ثقافة المسرح على الناس، والمساهمة في إشاعة ثقافة البهجة والارتقاء بالذات الجمالية، فكل عام وأنتم والمسرح وكافة أشكال الثقافة والفنون والمسرح الأردني، بألف خير وألق وجمال وإبداع، لتحافظ على الإنسانية والحق والعدالة والجمال، وحفظ الله الأردن، ليبقى سالماً آمناً، وواحةً خصبة للثقافة والفنون والإبداع، في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة، وإلى اللقاء في الدورة الرابعة للمهرجان عام 2025.