«أداء المقاومة في اشتغالات الممثل المسرحي العراقي»

«أداء المقاومة في اشتغالات الممثل المسرحي العراقي»

العدد 891 صدر بتاريخ 23سبتمبر2024

نوقشت في الأيام الأخيرة الماضية رسالة الماجستير الباحث العراقي منتظر سعدون لفته بعنوان «أداء المقاومة في اشتغالات الممثل المسرحي العراقي». 
لجنة المناقشة
وتشكلت لجنة المناقشة برئاسة الأستاذ الدكتور محمد عباس حنتوش، بقسم التمثيل للفنون المسرحية، بكلية الفنون الجميلة بجامعة بابل، و عضوية الأستاذ الدكتور راسل كاظم عودة بقسم التمثيل للفنون المسرحية، بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد، و عضوية أستاذ  مساعد دكتور سعد علي ناجي بقسم التمثيل للفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة جامعة بابل، و عضوية و إشراف أستاذ  مساعد دكتور فارس شرهان شعلان بقسم التمثيل للفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة في جامعة بابل، و منحت اللجنة الباحث، بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط و معايير أكاديمية درجة الماجستير.
خطابات راديكالية و أداء المقاومة
وقال الباحث منتظر سعدون لفته من خلال عرضه لبحثه: «شكلت الممارسات السياسية منذ ظهورها على الساحة ترسيخ كيان أيديولوجي متشدد من ناحية بلورته لخطابات راديكالية، تعمد إلى خلق علاقة متطرفة وتكوين نسق سياسي مضطرب، فأفرز هذه الاضطراب عبر التأريخ وسائل احتجاجية تدخل في خضم أسلحة الحرب اللاعنف، كـ «العصيان _ التمرد _ الانتفاضات _ المظاهرات» تصدت و وقفت بالضد من هذه الممارسات السادية فجاء مفهوم «أداء المقاومة» بوصفه أحد المفاهيم التي ناهضت هذه الممارسات، إذ رشح هذا المفهوم حراك ثقافي «مضاد / معارض» أنتج عبر الزمن مجالات متعددة من المفاهيم « الفلسفية _ الثقافية _ الفنية _ الاجتماعية» التي زعزعت من الخطابات السلطوية، وكان للمسرح حضور و خصوصية في التعامل مع مفهوم «أداء المقاومة»، إذ يزخر التاريخ المسرحي «عالميًا / عراقيًا» بمسرحيين حاولوا عن طريق خطابهم المسرحي المضاد، تسليط الضوء على زيف الممارسات الأيديولوجية عن طريق تبني أساليب مسرحية تناهض هذه الأنظمة المعادية للشعوب، وهذا ما أدى إلى ظهور عدت تجارب مسرحية مختلفة، وكانت تجربة الممثل العراقي المسرحية، إحدى التجارب التي برهنت مفهوم «أداء المقاومة» مسرحيًا، إذ أدت أغلب العروض المسرحية من ناحية الأداء إلى تثبيت وتأكيد مفهوم «أداء المقاومة».
الفضاء الدرامي
وتابع منتظر سعدون موضحًا: «انعكست المتغيرات السياسية منذ الأزل على شكل ومضمون المسرح، مما منح هذا الجانب تبني الخطاب المسرحي مضامين سياسية، تمس في جوهرها مفاهيم جديدة تبتعد عن التقليد و لها صلة مباشرة وحية مع الجمهور، فانبثقت أشكال مسرحية تحاكي توجهات « راديكالية/سياسية، وهذا ما أعطى للطرح المسرحي توفير تأثيرات مبتكرة على الصعيد الفني والجمالي؛ طرق أدائية درامية لها تماس مع التحولات المركزية الكبرى التي مرت على البشرية كـ «الحروب _ الثورات _ الأنتفاضات»، وهذه المتغيرات بلورت انعكاس خطاب مسرحي صريح وفوري مقاوم، أرفد الحراك المسرحي عدة جوانب منها: 
أولًا: تشكيل مساحة وعي واستقلالية تامة لحرية الإنسان في طرح مشكلته أمام الأنظمة الأيديولوجية «السياسية _ الدينية _الاجتماعية».
ثانيا: تكريس المسرح مشروعٍ ثقافي في الميدان المعرفي يختزل قيم فنية تستوعب خطاب ثوري.
الخطاب التحريضي الثوري
ثالثا: إدراكه لأخطار تحاول تقويض انعتاق الفرد، وتكمن أهمية هذا النوع من الأداء في المسرح من تأسيس وظيفة رئيسة في تنشيط الواقع البشري والبحث عن وجوده، فالمسرح المقاوم بمفهومهِ العام «راصدًا مرئيًا» يتخذ من الأحداث والمواقف الفاعلة المؤثرة مادة لتعزيز خطابه المسرحي «التحريضي/الثوري»، إذ أرست العديد من المصادر المكتوبة عبر الأوساط المسرحية التنظيرية، أن المسرح من أكثر أنواع الفنون محرك للنهضة الشعبية بما يحمله من دعاية سريعة الاستجابة من قبل الجمهور، لذا جاء المسرح بوسائله الاحتجاجية الناقدة وسيلة نقد مباشرة تؤدي دورًا ناقلًا للواقع السياسي، مع إضفاء صبغة درامية لتأجيج وتعرية المسكوت عنه، إذ يبلور المسرح قضايا تثير الرأي العام وتجعل من المحتج أداة نضالية «أدائية مقاومة»، فحين صاغ الناقد «مارفن كارلسون» اصطلاح «أداء المقاومة» تعكز على قوالب وأدوات فنية سابقة، تهدف لصناعةِ حسٍ مسرحي يؤثر بشكل فوري على حرية الفرد من المجتمع، إذ تبنى«كارلسون» هذا النوع من الأداء؛ لخلق خطاب أدائي يدعوا دائمًا إلى الثورة والتغير، ويمنح المؤدي نوع من أنواع التمرد السلمي، متخذًا في اغلب الأحيان من سلوك الطبقات الاجتماعية «المهمشة» أداة لإسقاط المركزيات التي وضعتها الدول المارقة».
الإطار المنهجي واشتغالات المقاومة
وفي عرض سريع لأقسام البحث العلمي أوضح الباحث «سعدون»: أن بحثه يضم أربعة فصول، و جاء الفصل الأول«الإطار المنهجي»: للإجابة على التساؤل الآتي: ما هي اشتغالات المقاومة في أداء الممثل المسرحي العراقي؟.
أهمية البحث
وجاءت أهمية البحث: لتبين تأثيرات مفهوم أداء المقاومة في خطاب العرض المسرحي وتحديد المعالجات الفنية والجمالية في أداء الممثل المسرحي، أما الحاجة إليه فتكمن في أنه يُعرف العاملين في شؤون المسرح ومعاهد وكليات الفنون الجميلة بفضاءات خاصة بموضوع «أداء المقاومة».
هدف البحث
وجاء هدف البحث لتعرف إلى: اشتغالات أداء المقاومة في الممثل المسرحي العراقي، كما احتوى الفصل على الحد الزماني الذي حصر بين (2005م _2020 م)، إضافة إلى الحد المكاني «العراق»، في حين تمثل الحد الموضوعي: بدراسة مفهوم أداء المقاومة ومدى اشتغاله في أداء الممثل المسرحي العراقي، وكذلك جاء تحديد المصطلحات لغةً و اصطلاحًا لمفهوم «أداء المقاومة» والذي تم تعريفه إجرائيًا على النحو التالي: فعل احتجاجي منبثق من الحراك الشعبي، يقوم به الممثل من أجلِ ترسيخ سلوك ثوري في العرض المسرحي عن طريق بث خطابات «لفظية/جسدية» تمس في جوهرها الأنظمة الأيديولوجية « السياسية _ الدينية _ الاجتماعية» ويكون هذا الأداء بشكلٍ جدلي يحفز ذهن المتلقي للنقاش والحوار.
الإطار النظري.. أداء المقاومة مفاهيميًا.
أما الفصل الثاني «الإطار النظري» فقد تضمن ثلاث مباحث: «المبحث الأول يتكون من محور: أداء المقاومة مفاهيميًا «فلسفيًا_ اجتماعيا _ ثوريًا_ قانونيًا»، أما المبحث الثاني : فقد تضمن علاقة «أداء المقاومة» بالفنون المجاورة « الشعر _ الفنون الأدائية _ السينما»، أما المبحث الثالث تضمن: أداء المقاومة عند الممثل المسرحي الغربي، ثم الدراسات السابقة وكانت حصيلة الإطار النظري عددًا من المؤشرات».
الإطار الإجرائي لـ 3 مسرحيات
أما الفصل الثالث «الإطار الإجرائي» فقد حدد الباحث مجتمع البحث المتكون من «15» عرضًا مسرحيًا ضمن المدة الزمنية من «2005-2020»، في حين شملت عينة البحث «3» مسرحيات فكانت كالآتي «حظر تجوال _ الحسين معاصرًا _ أمكنة إسماعيل».
نتائج البحث
وكذلك اقترح الباحث في الفصل الرابع جملة من نتائج البحث ومنها:
ارتكز الأداء المقاوم في تكنيكهِ الحركي و اللفظي على إيقاعٍ مرن، يستند فيه الممثل على تقمص قالب «سياسي/ نفسي» يخلق عبره هجنة أدائية بين جسده المعارض والعامل المؤثر «الآخر».
بني الأداء المقاوم على حلقة سجال بين الممثلين تميل هذه الحلقة في الأداء إلى إبراز أسلوب أدائي يحمل نوع من «الخطابية _ الولع _ التجريد» للوصول لغاية رئيسة من هذا السجال تحدد وتكشف صيغة الفاعل المؤثر في الحدث المسرحي.
المركزيات الكبرى
وتضمن الفصل أيضًا الخروج بجملة من الاستنتاجات و منها: 
اتسم الأداء المقاوم في العرض الى إعطاء نشاطٍ ذهني للمتلقي من خلال نقد المركزيات الكبرى كـ(الحرب - التأريخ - الدين المتطرف – الاستعمار».
احتوت عروض أداء المقاومة على مقاومة الفوارق الطبقية بين أفراد المجتمع من خلال تجسيد أدوار تعلي شأن الهامش.
وكذلك ضم الفصل التوصيات، المقترحات، واختتم البحث بقائمة المصادر والملاحق وملخص البحث باللغة الإنجليزية.
 


همت مصطفى