جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 895 صدر بتاريخ 21أكتوبر2024

سعادة بالغة تشعر بها الممثلة الاسترالية سارة سنوك (37 سنة) التى تعيش بين بريطانيا واستراليا. والسبب أنها سوف تقتحم برودواى عاصمة فن المسرح الأمريكي  رغم أنها ليست ممثلة مسرحية بالدرجة الأولى .
 على مدى حياتها الفنية  شاركت سنوك  فى حياتها الفنية فى أكثر من ثلاثين عملا تليفزيونيا وسينمائيا وحصلت على العديد من الجوائز المرموقة  أو رشحت لها. ولم تشارك سوى فى أربع مسرحيات فقط  كان آخرها مسرحية “صورة دوريان جراى“ للكاتب المسرحى الأيرلندى “أوسكار وايلد” (1854- 1900).  
 وفى هذه المسرحية جسدت سارة سنوك الشخصية الرجالية الرئيسية وهى “دوريان جراى” على عادة المسرح الشكسبيرى منذ حياة شكسبير نفسه عندما كان هذا الأسلوب يحدث مع بعض الشخصيات ذات التركيب المعقد. وهذا الأسلوب لايزال مستخدما حتى اليوم.
 وقدمت سنوك بالفعل المسرحية على مسرح  وست اند فى لندن . ونظرا لما حققته من نجاح رأت الفرقة المنتجة لها تقديمها فى برودواى. وجاء ذلك بعد أن فازت بجائزة لورانس اوليفييه عروس جوائز المسرح فى أوروبا عن هذه المسرحية.
وتعرض هذه المسرحية منذ ابدعها مؤلفها فى القرن التاسع عشر وتحقق درجات متفاوتة من النجاح. أما العرض الحالى الذى تقوم  ببطولته سنوك فيحقق نجاحا كبيرا لسبب غير تقليدى وهو أنها تجسد فى المسرحية 26 شخصية بما يستدعيه ذلك من جهد شاق نفسيا وجسديا فى وقت محدود.  

صعوبة بالغة
وتقول سنوك أنها كانت تعلم صعوبة ذلك بل صعوبته البالغة. لكنها قبلت التحدى لأنها تكن قدرا كبيرا من الإعجاب لهذا الأدب الأيرلندي الذى توفى بعد حياة قصيرة من الإبداع. وأهم ما يثير إعجابها فى هذا الأديب كلماته التى لاتتوقف عند معانيها ويمكن أن تحتمل عشرات التفسيرات وهو ما ميز ذلك النص المسرحى رغم تعدد الموضوعات التى عالجها هذا النص وهى على سبيل المثال لا الحصر الفضيلة والفساد والغرور. وشجعها على قبول هذا التحدى وجود مخرج متمكن ساهم فى صنع توليفة جعلت جمهور المسرحية يتابعها  باستمتاع كبير.
وفى تصريحات أخرى تقول أنها كانت تجربة ممتعة للغاية. وكانت تشعر دائما بان من حق جمهور المسرح فى نيويورك الاستمتاع بها كما استمتع بها الجمهور البريطانى على الجانب الآخر من الأطلنطي.
وتقول سارة روث سنوك أنها لفتت أنظار مخرج المسرح بعد إجادتها فى دور جيف روى وهو دور البطلة  فى المسلسل التليفزيونى «التالى». الذى فازت عنه باثنتين من جوائز جولدن جلوب  وجائزة ايمى على مدى خمس سنوات تم تقديم المسلسل فيها بين عامى 2018 و2023. هذا فضلا عن الجوائز المتعددة التى فازت بها عن افلام أخرى مثل «غير مناسب للأطفال» و«ايزابيل».
وسبق لها كما قلنا  القيام ببطولة 3 مسرحيات أخرى على المسارح البريطانية  حققت نجاحا لاباس به وهى الملك لير والقديس يوحنا  وسيد البنائين للأديب النرويجى هنرك ابسن. وقامت ببطولة مسرحيات أخرى فى مسقط رأسها فى استراليا مثل مسرحية جان دارك .

موهبة
ويرى معظم النقاد أنها تتمتع بموهبة كبيرة لكنها لم تكتف بها وسعت الى صقل موهبتها بالدراسة فتخرجت فى معهد الفن الدرامى فى سيدنى.وكانت تنفق على نفسها بالغناء والرقص فى اعياد ميلاد الاطفال. وساعدها فى ذلك صوتها العميق المجسم والمؤثر.
وصورة دوريان جراى أصلا قصة فلسفية تعتمد على الخيال  والرعب نشر ملخص لها لأول عام 1890 فى مجلة ليبينكوت الامريكية. ثم نشرت كاملة فى كتاب بعدها بعام.
وتدور أحداثها حول لوحة (بورتريه) يرسمها  الرسام باسيل هولوارد لصديقه الحميم دوريان جراى. ومن خلال  الرسام يتعرف جراى  على اللورد هنرى واتون صاحب الرؤية الخاصة فى الجمال والحياة. ومن خلال حواراته مع اللورد يتنبه الى أن شبابه سوف يولى يوما ما ويدخل الى مرحلة الشيخوخة.
ويعبر دوريان عن رغبته فى بيع روحه من اجل أن يدخل الوجه المرسوم فى اللوحة مرحلة الشيخوخة والفناء  بدلا منه. وتتحقق امنيته. ويحيا حياة مملوءة حياة فاسقة مليئة  بالممارسات غير الاخلاقية. ويتقدم السن بالصورة الموجودة على اللوحة وتسجل الصورة كل الاثام النى يرتكبها .
وقد اثارت هذه الرواية فى حينها – وهى الرواية الوحيدة لاوسكار وايلد قدرا كبيرا من النقد اضطر معها وايلد الى اجراء تغييرات على الاحداث والحوار فى حياته واجرت تعديلات أخرى بأيدى اخرين بعد وفاته. لكنها الان  تحظى بالاعتراف كواحدة من كلاسيكيات الأدب القوطى.

اتجاه عام
ومع بداية عرض المسرحية فى برودواى وما تحققه من اقبال يقول النقاد أن هذا امر طبيعى بسبب اتجاه يسود أيضا فى عالم الدراما الامريكية  وليس المسرح وحده.
وهذا الاتجاه يتلخص فى الاعتماد على ارضية خيالية فى المعالجة والتعبير عن الافكار التى يرغب الكاتب المسرحى فى التعبير عنها .
وقد تزامن مع عرض مسرحية  عرض عدة مسرحيات تعتمد نفس المنهج الذى اتبعته صورة دوران جراى  فى معالجة الافكار فى برودواى نفسها وفى اكثر من  مدينة وولاية امريكية.
ونختار من هذه المسرحيات مسرحية «يوم جمعة غريب» التى  بدأ عرضها فى وقت متزامن مع «صورة دوريان جراى» فى هونولولو عاصمة ولاية هاواى  حيث اننا لم نتناول من قبل الحركة المسرحية فى هذه الولاية.
والمسرحية ليست جديدة بل هى مأخوذة عن قصة بنفس الاسم للأديبة الامريكية مارى رودجرز (1931 -2014) والتى كانت تكتب للبالغين والاطفال ومؤلفة موسيقية أيضا.
ابدعتها رودجرز كقصة اطفال لمناقشة بعض المشاكل والسلوكيات عام 1972. وبسبب نجاح هذه القصة وانتشارها بين الكبار والصغار على حد سواء تحولت الى فيلم عدة مرات كان اولها عام 1976 وأخرها فى 2020. وكانت تحقق نجاحا فى كل مرة.
وتحولت الى مسرحية عدة مرات  على مستوى فرق الهواة. تلك هى المرة الأولى التى تقدم فيها المسرحية فرقة من المحترفين وتقدم فى شكل مسرحية غنائية.
وتدور المسرحية ببساطة حول أم وابنتها (كاترين وايلى) تتفقان على تبادل الأرواح بحيث تحل روح كل منهما فى جسم الاخرى لمدة يوم واحد فقط  ثم تعرض كيف ستواجه المشاكل التى ستتعرض لها أو بمبدأ لو كنت مكانى”. وتؤكد المسرحية عن هذا الطريق على قيم الحب التعاطف وحياة الأسرة.


ترجمة هشام عبد الرءوف