جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 896 صدر بتاريخ 28أكتوبر2024

لانكاد نعرف الكثير عن الحياة المسرحية فى أفريقيا . هذا رغم أن هناك تجارب ونشاط مسرحى كبير فى العديد من دول القارة السمراء يستحق التعرف عليه. فهو ليس مجرد شكل فنى بل له بعض الأشكال الأخرى التى تلعب دورا بطريقة أو أخرى  فى الحياة الاجتماعية لشعوب القارة. ومن أمثلة ذلك مايحدث حاليا فى مالى تلك الدولة الواقعة فى غرب أفريقيا.
 وفي فناء جناح بمستشفى للأمراض النفسية في العاصمة باماكو، تقوم مجموعة صغيرة من المرضى بتمثيل مشاهد من نزاع في إحدى القرى على إيقاع الطبلة التقليدية في غرب أفريقيا.
يصرخ أحد المرضى، مامادو ديارا، في وجه مريض آخر بلغة البامبارا المحلية وهى أكبر مجموعة عرقية فى مالى ساخراً: “أنت لا تعرف شيئاً! مجرد هراء!”.لكن كلاهما يبتسمان، ويرقص ديارا بينما يواصل توجيه الإهانات إلى زميله في الأداء.

كوتيبا
ويطلق على ذلك الشكل المسرحى  اسم  “الكوتيبا”، وهو شكل تقليدي من أشكال المسرح تمارسه البامبارا. ويمزج هذا الشكل بين التمثيل والغناء والرقص، وعادة ما يتم تقديمه في القرى للحديث عن المشاكل التى يعانيها المجتمع بشكل ساخر.
وفى هذه المستشفى وهى  أحد أكبر المستشفيات في باماكو، تعد الكوتيبا أيضًا وسيلة لتقديم الدعم والشعور بالمجتمع للأشخاص الذين يتلقون الرعاية النفسية.
وحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2022، يوجد في مالي أقل من 50 متخصصًا في الصحة العقلية لسكان يزيد عددهم عن 20 مليونًا. غالبًا ما يُترك الأشخاص المصابون بأمراض عقلية دون علاج ويُستبعدون من المجتمع.
وعلى الرغم من أن استخدام الكوتيبا كعلاج لم تتم دراسته رسميًا، يقول سليمان كوليبالي، عالم النفس السريري في المستشفى إن الشكل التقليدي للمسرح يمكن استخدامه فى مساعدة اصحاب المشاكل النفسية  على التغلب على مشاكلهم أو التخفيف من حدتها على الاقل.

شفاء اسرع
ويقول إن المرضى الذين يحضرون الكوتيبا يغادرون المستشفى بشكل أسرع من أولئك الذين يرفضون حضور جلسة العلاج بالمسرح.
وفى ذلك يقول مامادو ديارا “لم أقم بأي نوع من المسرح من قبل. لم أرقص أبدًا. ولكن بمجرد أن بدأت، أعطاني الله معرفة هذه الأشياء،”.
ويقول أداما باجايوكو، 67 عامًا، مدير فرقة المسرح الزائرة، إن العروض الأسبوعية   هي مساحة نادرة حيث يشعر المرضى بأنهم مسموعون ومحترمون. ويضيف قائلا  “نتحدث مع بعضنا البعض، ونرقص معًا، ونضحك معًا. إن لمس شخص ما يظهر أننا متساوون، والاستماع إليه يظهر أنه مهم، وما يقوله مهم”.
وكان باجايوكو جزءًا من فرقة  بدأت تقديم عروضها فى المستشفى عام 1983 . وفى ذلك الوقت كان العاملون في مجال الصحة العقلية يبحثون عن طريقة لاستخدام الممارسات الثقافية في مالي لمساعدة الأشخاص الذين يتلقون الرعاية النفسية. وقال إن العرض الأول كان فعالاً للغاية لدرجة أن المرضى سألوا الأطباء عما إذا كان بإمكان الممثلين العودة في اليوم التالي. ومنذ ذلك الحين، كان المرضى والممثلون يجتمعون لعروض  الكوتيبا  كل يوم جمعة .

ثلاث مراحل
ويقول  باجايوكو إن العرض من عروض الكوتيبا  يتم على ثلاثة مراحل  في ثلاث مراحل. أولاً، تعزف الفرقة الموسيقى لدعوة المرضى إلى الفناء. ثم تسأل الفرقة عن الموضوع أو الفكرة الرئيسية لأداء ذلك اليوم. بعد الأداء، يجلسون في دائرة ويعطون الكلمة لأي مريض يرغب في التحدث.
ولأن المرضى يشعرون بالراحة، فإنهم غالبًا ما يخبرون الممثلين بتفاصيل عن حياتهم لا يشعرون بالراحة في مشاركتها مع عائلاتهم أو أطبائهم، مما قد يساعد الأطباء على الوصول إلى جوهر أي قضية قد يتعاملون معها، كما قال باجايوكو .
في يوم جمعة مؤخرًا، قام المرضى بتمثيل مشهد مألوف في مالي: رجل في قرية متهم بالسرقة. يصرخ اللص ويدعي أنه لم يسرق أي شيء، بينما يسأل القرويون ديارا، الذي يلعب دور رئيس القرية، عن العقوبة التي يستحقها.
يصرخ ديارا وسط الصراخ: “اقتلوه!” ولكن عندما تجمع لغاضبون حول الرجل، هرب وفر. وقال باجايوكو إن الفرقة تؤدي مواضيع أخرى من قبل أزواجهن ومشاكل المخدرات وإدمان الكحول. اقترحها المرضى بما في ذلك تلك المتعلقة بالنساء اللواتي يتعرضن للضرب .

من السينما إلى المسرح إيجابيات وسلبيات
المبالغة فى إثارة المشاعر وكثرة عدد الممثلين
الأغانى غطت على نقاط الضعف
ومعظم الألحان غريبة عن المسرحية
مع بداية موسم الخريف كانت برودواى عاصمة المسرح الامريكى على موعد مع العرض المسرحى الاول  “دفتر الملاحظات “. المسرحية ماخوذة عن رواية بنفس الاسم كتبها الاديب الامريكى نيكولاس سباركس (1965 -    ) عام 1994.  ومنذ ذلك التاريخ طبعت الرواية عدة طبعات نفدت جميعها .كما تحولت إلى فيلم عدة مرات. لكنها المرة الأولى التى تتحول فيها إلى مسرحية
وهبطت الرواية على برودواي في الخريف فى شكل مسرحية غنائية بالغت فى إثارة المشاعر بشكل ميلودرامى حتى انها جعلت الجمهور  يبكي علانية . وساعد على ذلك الاغانى التى تضمنها العرض المسرحى وهى من تاليف الشاعرة الغنائية انجريد مايكلسون.
وتلتزم المسرحية المقتبسة من رواية نيكولاس سباركس بالخط الاصلى  وهي قصة حب بين الصبي الفقير نواه كالهون والفتاة الغنية آلي هاملتون، تُروى بينما يقرأ الراوي المسن أحداث القصة لزوجته المسنة المصابة بمرض الزهايمر، ويتبين لاحقًا أنهما الزوجان الشابان في القصة، والتي دمرها والدان لم يعترفا بالحب الذى غزا قلبيهما.
وبالاضافة إلى المبالغة فى اثارة المشاعر اخذ النقاد على النص المسرحى كثرة عدد الممثلين حتى أن عدد الممثلين كان يزيد فى بعض المشاهد عن ستة  مما يضعف قدرة المشاهد على التركيز فيما يراه.
لقد تحطم التسلسل الزمني للفيلم، وهي فكرة مرحب بها، مما يسمح بالتلاعب بالوقت وذوبان المشاهد وتداخلها، وهو أمر مفيد  لمسرحية موسيقية عن مرض الزهايمر. لكن المعالجة المسرحية اهدرت هذه الفرصة.  هذا رغم أن المعالجة حاولت أن يكون لها شخصية مستقلة عن المعالجات السنيمائية ولم تتضمن بعض المشاهد الرئيسية فى الفيلم وابتكر مشاهد بديلة.
عموما غطت بعض  الاغنيات على بعض نواحى الضعف والترهل. ومن هذه الألحان - “اترك الضوء مضاءً” و“إذا كان هذا هو الحب” والكوميديا ??الرائعة “إلى الأبد” - ولكن هناك حوالي 20 مقطوعة موسيقية تبدو مقحمة على النص. وكأنها من مسرحية موسيقية أخرى.
كما تم تغيير زمن الأحداث من ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين إلى الستينيات والسبعينيات.


ترجمة هشام عبد الرءوف