العدد 900 صدر بتاريخ 25نوفمبر2024
إن التحويل بالترميز ممكن فقط لأن «البيانات» هي نتيجة لعملية تقسيم المعلومات إلى وحدات صغيرة وموحدة، وهي عملية ثقافية وتاريخية مستمرة يطلق عليها برنارد ستيجلر «التقسيمDiscretization “. وتقسيم المعلومات أو أخذ عينات تناظرية منها يعني “تحويل البيانات المستمرة إلى بيانات منفصلة [...]”، انها “العملية التي تصبح من خلالها التيارات والاستمراريات التي تشكل حياتنا عناصر منفصلة”، مثل “الكتابة، وتقسيم تدفق الكلام “. والمعلومات الرقمية مقسمة حسب التعريف، فهي تتكون من وحدات موحدة في الكود الثنائي، أو ببساطة، “بيانات”. ولأول مرة، على ما يبدو، تعمل أداة الكتابة في الوقت نفسه كمزود للمعلومات التي تدعو إلى التلاعب بنفس المعلومات: حيث يجمع الكمبيوتر بين وظائف تخزين البيانات ومعالجتها وإنتاجها. والإنترنت كقاعدة بيانات رقمية ثقافية ضخمة للمعلومات مدمجة تقنيًا في عملية الكتابة. ولعل الكمبيوتر، أو بالأحرى المؤلف كمعالج للبيانات، أكثر من “النص”، كما يقول بارت، هو “مساحة متعددة الأبعاد حيث تختلط وتتضارب مجموعة متنوعة من الكتابات، لا يوجد منها أي كتاب أصلي”. إن الطبيعة الرقمية للبيانات، بمعنى الوحدات القياسية المنفصلة في الكود الثنائي، هي التي تمكن المؤلفين، والمؤلفين كمعالجين للبيانات، من نقل المعلومات بسهولة. تعرف ليندا هاتشيون وسيوبان أوفلين ممارسة التعديل في اطار “عملية الترميز . ويمكن أن يكون الترميز هنا فعلًا مجازيًا بالإضافة إلى كونه واقع تكنولوجيً .
وفي عرض “ مسرح الفيسبوك facebook theater” 2015، قام ايفو ديمتشيف وهو أحد أحفاد الدراماتورجيين باعادة كتابة تعليقات الجمهور على الفيسبوك حول العرض وحولها الى حوارات ثم استخدمها كمدخلات للمؤدين عبر سماعات الأذن، ويعلقون على مخرجاتها مرة أخرى وهكذا في حلقة ترميز من نص الى آخر . وفي عرض الفنان السيبراني الرائد ستيلارك “ جسد بينج : أداء مفعّل ومحمّل عبر الانترنت “ عام 1996 يتم ترميز الحركة المجردة أو النشاط على الانترنت ( مثل ادخال النص من خلال المستخدمين ) من خلال محفز عضلي لحركة ستيلارك على خشبة المسرح . وما يستكشفه هذا النوع من العروض هو مدى قدرة التكنولوجيا على دفع حدود القدرات البشرية لمعالجة البيانات (بيانات اللغة والأفكار للأداء؛ المحفزات الجسدية).
الاقتباس
إن وجود قواعد بيانات في متناول اليد ليس شرطًا لممارسات التعديل والتخصيص. فتاريخيًا، يبدو أن الكتابة كانت دائمًا شكلًا من أشكال إعادة الكتابة (التناص) - «لا يوجد شيء يتجاوز التعديل» وبهذا المعنى حتى التعديل الأكثر استفزازًا «ليس ابتكارًا بل تجديدًا». ومع ذلك، فإن شاعرية «الاقتباس»، كما يعيد بيرلوف تدوير فكرة أنطوان كومبانيون عن «الكتابة»، تبدو بالفعل «الشكل المنطقي للكتابة» في عصر النص المتحرك أو القابل للنقل حرفيًا. إن ما تيسره الثقافة الرقمية بشكل جذري هو إعادة تجميع البيانات نظرًا لإمكاناتها في الربط. فالبيانات المنفصلة مفتوحة على احتمالات جديدة للاتصال (مع بيانات أخرى و/أو سياقات أخرى). وهذا يعكس الممارسات الدرامية التي تربط المواد من مصادر مختلفة في سياقات دلالية وجمالية جديدة. ولكن سواء كان «إعادة إنتاج وتجميع واختطاف الخطاب الموجود مسبقًا»، وأود أن أضيف اليه، القواعد، يُستخدم للطعن أو التأكيد، اذ أن الاستشهاد بـ «محو السياق من الاقتباسات الفردية، أو من تلك الأعمال ككل التي نسميها» أدبية «، هو عملية أيديولوجية لا يمكن اختزالها»، وخاصة في حالة أعمال راسخة مثل أعمال شكسبير. وتميل ممارسات الاقتباس المشروعة إلى تقديس الأعمال الراسخة، إما من خلال اقتباسها بها حرفيًا، أو من خلال الإشارة إليها في «أشياء شكسبيرية» مصطنعة، كما تسميها سوجاتا إينجار السلع ذات القيمة المادية المنخفضة نسبيًا والتي تم «إعادة تدويرها» من خلال «رأس المال الثقافي» لشكسبير. وعلى العكس من ذلك، فإن ممارسات الاقتباس التي تقاوم إغراء التماسك والجوهر تمثل «فكرة النصوص الشكسبيرية كمواقع للجدال، بدلاً من كونها مستودعات للحكمة الثقافية».
والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو: أي نوع من اللغة “يحركها” المؤلفون/المخرجون المؤلفون، ومن أين، ولماذا، وكيف؟ وفي إطار عملهم هذا، يتجول المؤلفون باعتبارهم معالجين للبيانات بشكل افتراضي أكثر من تجولهم جسديًا، فيجمعون الموضوعات النصية في كل الأنواع والأشكال الرقمية الممكنة، ويسعدون بما يجدونه. (ويجدون، من بين أمور أخرى، أعمال شكسبير الرقمية).
فعندما يلعب الأطفال الصغار بالألعاب، فإن ما يفعلونه هو اختبار ما إذا كانوا قادرين على كسر اللعبة إلى قطع. وعندما يكبرون قليلاً، يقومون بإنشاء هياكل جديدة بأي شيء يجدونه مناسبًا، متجاهلين الغرض الأصلي منه. أتخيل أن الشعر الاستشهادي هو ذلك النوع من الاختبار الصادم للأشياء الثقافية ثم إعادة استخدامها - لاسيما عندما نزعم أنها غير قابلة للكسر، مثل شكسبير.
الحركة
لم يغادر النص في المسرح ما بعد الدرامي خشبة المسرح، كما يُعلن في كثير من الأحيان، ولكن أساليب إنتاجه ووظائفه ومظاهره قد تغيرت. من الناحية النظرية والتطبيقية، يتم تسليط الضوء بشكل متزايد على الجانب الأدائي للكتابة واللغة في المسرح. واستلهاما من فكرة جوزيف روش «أن الحركة أصبحت أكثر أهمية من المحاكاة في الأداء المعاصر»، يميز مات كورنيش بين نوعين من النصوص المسرحية: نصوص مسرحية، وما يسميه «نصوص حركية» :
إن النصوص الحركية هي في حد ذاتها أشياء متحركة: فهي تمتلك طاقة حركية، وتعيش من خلال الأداء. وسواء كانت مطبوعة، أو مكتوبة بخط اليد أو محفوظة كمستندات Microsoft Word، فإن هذه النصوص لا تمثل الأداء ولا تشجع التمثيل في العروض المسرحية. فالعوالم التي تقدمها ليست متكاملة. [...] وغالبًا ما تُبتكر النصوص الحركية من خلال الأداء، وهي موجودة بين الأشكال والفئات، وتُقرأ أولاً كقواعد للارتجال وبشكل أوثق كأدب، ثم من أجل أصوات الكلمات، والأشياء المترددة التي استُنزفت من الرمزية؛ ثم مرة أخرى من أجل أدواتها.
وينطلق جيروم فليتشر من ملاحظة مماثلة، ولكن فيما يتعلق بالنص الرقمي، وهي أن الوظيفة والمظهر المتغيرين للنص يتطلبان طريقة جديدة لتصور وإدراك النص في الأداء:
عادةً ما يتم عرض النص الرقمي في هذه المساحة ويصاحبه أداء الجسد البشري، إما استجابةً لعرض النص أو معارضةً له. [...] ومع ذلك، لا يزال يُنظر إلى هذا البعد الأدائي باعتباره خاتمة أو مكملًا لعملية الكتابة التي حدثت بالفعل. [...] ويأتي الأداء بعد الكتابة.
وهذا ينطبق بشكل أكبر على العروض المسرحية الرقمية لنصوص شكسبير، حيث يتم تصوير العلاقة بين النص الشكسبيري والأداء بشكل غير متماثل في الغالب، مع اعتبار «النص المكتوب مستودعًا للحقيقة المؤلفة». يقترح فليتشر، إذن، أنه «بدلاً من النظر إلى الكتابة باعتبارها النقطة النهائية، ونتيجة الوسيلة أو الأداة الرقمي، يمكننا النظر في مسألة كيفية أداء الكتابة في جميع أنحاء الوسيلة/ الأداة بأكملها»، وهو الأمر الذي نعني به الوديعة . ومع ذلك، ألا يكون ذلك له صلة بسؤال فليتشر العكسي: كيف يعمل الأداة الرقمية من خلال الكتابة في مساحة الأداء ومن أجلها ؟
بصرف النظر عن الملاحظات التي أبداها كورنيش وفليتشر وليمان وآخرون، والتي تفيد بأن النص قد تم إزاحته رمزياً في المسرح ما بعد الدرامي، وأن نص شكسبير يتعرض «لإزاحة مركزية متزايدة» في التعديلات عبر الأنواع والوسائط، فكيف تبدو الحركة الأكثر حرفية لمثل هذه النصوص؟ اذ يتم تحريك بيانات النص حرفياً في شكل بطاقات أو نصوص مسرحية مطبوعة، ويظهر النص ويختفي، ويتم تمريره، وعرضه على جميع أنواع «الشاشات»، بما في ذلك الأجسام، مما يؤدي إلى تشويه الكلمات. وتتطابق حركة بيانات النص مع النصوص التناظرية والرقمية على حد سواء، في العروض منخفضة التقنية وكذلك عالية التقنية، وفي العروض التي يتم توليدها في الوقت الفعلي باللغات الطبيعية أو بالرموز. ولكن أيضا يتم تحريك اللغة بالمعنى الدراماتورجيفي المكانوالزمان المسرحيين . وسواء كانت اللغة شفرة (رمز) أو لغة طبيعية مكتوبة كلمة بكلمة فيتم تحريرها في الوقت الفعلي. أو يتم تأليف النص، بدلا من ذلك، بشكل نصي تشعبي من خلال الجمع بين كتل النص المتوفرة بالفعل أو «الكلمات المعجمية».
وفي مسرحه التقني الفقير Poor Techno Theater يقدم الفنان البورتوريكي أرافيند إنريكي أديانثايا ما يسميه “كتابة الأفعال”، أي التمثيل في شكل كتابة. وفي عرضها على وسائل التواصل الاجتماعي “ شبكة الثقة Web of Trust “، تدعو ايديت كالدور المشاركين المسجلين الحاضرين في المسرح أو عبر الإنترنت إلى كتابة وتحرير مبادئ عمل العرض وموقع الشبكة الاجتماعية . اذ تتعامل ممارسات البرمجة الحية بشكل عام مع “ البرمجة باعتبارها فنًا أدائيًا، وتتعامل مع تدوين فن الأداء باعتباره رمزًا “، وتهتم بالأداء باعتباره “كشفًا عن الرمز الرقمي” . وفي كل هذه الحالات وما شابهها، يُعرض النص على الشاشة أثناء كتابته في الفضاء المسرحي، وبالتالي يتقارب أداء النص والتكنولوجيا. “يصبح “المؤشر” “موقعًا للعمل والسحب، والقص واللصق، والحذف والمحو، والإدراج والتلاعب”. إن التكوين الحي للنص هنا هو أداء في حد ذاته.
المسرح الخوارزمي والبيانات المعيارية
تهدف آني دورسن التي تميز عملها عن ما تعتبره «أداءً متعدد الوسائط»، من خلال «مسرحها الخوارزمي الرقمي» إلى «البحث في [...] دراماتورجيا الخوارزميات نفسها، أو بعبارة أخرى طريقتها في تنظيم العالم، والأنواع الخاصة من المعاني التي تصنعها، وأنواع البنيات السردية التي تنطوي عليها». ولكن المسرح الخوارزمي لا يحتاج إلى أن يكون «رقميًا» بالمعنى الشائع لـ «المرتبط بالكمبيوتر». وبعبارات عامة، «الخوارزمية هي إجراء فعال، وطريقة لإنجاز شيء ما في عدد محدود من الخطوات المنفصلة . الخوارزمية، بعبارة فضفاضة، هي مجموعة من القواعد، وصفة للعمل، ودليل [...]» وبصفتي مخرجة مسرحية بالتعاون مع المخرج لوكاس فانديرفوست، عملت على ما كان، في الماضي، أداءً خوارزميًا تناظريًا باستخدام قاعدة بيانات شكسبيرية حرفية. وقد كانت عروض مثل « ما تريده What You Will” و “ شيء ما من تأليف شكسبير “ لفرقة المسرح البلجيكي De Tijid، بعيدة كل البعد عن المسرح التقني، اذ أنها تتكون من مجموعة من الكلمات والعبارات عير الدرامية من الأعمال الكاملة للشاعر الانجليزي، والتي مرت مجازيا عبر آلة تقطيع الورق ( رغم أننا بدأنا باستخدام المقص، وانتهى بنا الأمر الى استخدام الكمبيوتر ) .
بناءً على عروضه الخوارزمية منخفضة الجودة السابقة، يقترب عمل أوريون ماكستيد الأخير “الدماغ THE BRAIN” من الجمهور بشكل جماعي باعتباره “دماغًا عملاقًا قادرًا على التفكير وحل المشكلات وتقديم أداء. وتمكن الخوارزميات المؤلفين البشر من تفويض التأليف إلى المؤدين البشر أو المؤدين الذين يتم تشغيلهم بواسطة البرامج من خلال تقديم التعليمات. في عرض دورسن السابق “ مرحبا يا من هناك Hello Hi There”، جعلت الخوارزميات المصممة اثنين من مؤديي الدردشة الآلية ينتجا حوارًا. إن دورسن محقة إذن عندما تفكر في “كتابة الخوارزميات [...] لعمل إبداعي، حيث توجد دائمًا طرق متعددة لحل أي مشكلة معينة”، ولكنها محقة أيضًا في الكتابة بواسطة الخوارزميات. وقد صُممت تلك الخوارزميات التي طورتها لمسرحيتها المقتبسة عن هاملت بعنوان “قطعة عمل” (2013) “لتعمل كشركاء فنيين: مؤلفين مشاركين، ومخرجين مشاركين، ومصممين مشاركين، ومؤدين” على خشبة المسرح “لإنشاء وتقديم مسرحية مقتبسة من مسرحية شكسبير وفقًا لمبادئ خوارزمية”. والخوارزميات “بسيطة - فهي تتخطى، وتصنف، وتستبدل، وترتب” كلمات هاملت.
كان بإمكان دورسن أن تختار بيانات مقبولة وأقل أسطورية للعمل بها، كما في مشروع “موت المؤلفين” السنوي لجمعية الفنون الوسائطية كونستانت، ومقرها في بروكسل، في نفس المدينة التي استضاف فيها مسرح كاي العديد من عروض آني دورسن . وبمعالجة النصوص الأدبية التي انتهت حقوقها باعتبارها قواعد بيانات، أنتجت خوارزميات كونستانت “روايات توليدية” و”أوبرا روبوتية”، تصور بروبوتات الدردشة التي تتصرف بشكل مختلف مع البيانات وتتفاعل مع الطابعات والصور المعروضة والجمهور. ولكن التعامل مع مسرحية هاملت باعتبارها قاعدة بيانات نصية هو اختيار ينطوي على أكثر من مجرد الرغبة في التجريب النصي والبصيرة التكنولوجية. فاعتبار مسرحية “قطعة عمل” مثل “آلة هاملت” حرفيا . وقد اختارت دورسن مسرحية هاملت بسبب مكانتها باعتبارها النص المسرحي الإنساني الرسمي. ويطلق هارولد بلوم، وهو المتحدث الرمزي عن هذه النظرة، على مسرحية هاملت اسم المسرحية التي اخترعت ما ندركه نحن البشر بأننا بما هو كذلك . بالنسبة لدورسن، فإن الادعاء بأن ادراك هاملت لوعيه الخاص”، كما يقول بلوم، “جعل المسرحية الخيار الواضح لاستكشاف كيف يمكن للخوارزميات أن تغير الطريقة التي يبني بها المسرح تمثيلات الإنسان” . وبناءً على ذلك، قامت بتقليص مسرحية كل المسرحيات إلى بيانات “يمكن للحاسوب أن يفهمها”، على حد تعبير كاثرين هايلز. والتركيز الذي تضعه دورسن على هاملت من شأنه أن يجعلنا ننسى مغالطة أخرى من قائمة ليتش: “التعديلات هي تعديل نص واحد فقط” . من المؤكد أن دورسن تتكيف مع مسرحية هاملت لشكسبير، ولكن أيضًا مع “آلة هاملت” لهاينر مولر، وربما يكون من الأهمية بمكان، من حيث الكم، أن هؤلاء الأسلاف الأدبيين هو شفرة الكمبيوتر ونماذج البرامج التي تتكيف معها دورسن وفريقها لكي تحصل على صيغ لتوليد نسخ من مسرحية “آلة هاملت” .
كيف إذن تمكنت دورسن وفريقها من تفكيك مسرحية هاملت إلى أجزاء صغيرة وجعل هذه البيانات الشكسبيرية صالحة للاستشهاد بها؟ وما هي المبادئ التي إعادت وفقا لها اعادة تجميع النص وإضفاء طابع مسرحي عليه ؟ وهل تعد هذه ممارسة للكتابة الحية باستخدام الآلات التي يتم جعلها مرئية وحركية أثناء العرض؟ وأين تتم “الكتابة” ومن يقوم بالكتابة - أو ماذا؟
وكما أوضحت آني دورسن بالفعل وتأملت بشكل أساسي في الجوانب البرمجية والتقنية لـ “قطعة عمل” في مقدمتها للنص المنشور، وتبحث مقالة إيونا جوكان بشكل أعمق في منطق الخوارزميات، فسوف أركز أكثر على ما هو ذو صلة بفكرة المؤلف أو المؤدي كمعالج للبيانات وعلى الجوانب ذات الصلة بالتمييز والاستشهاد والحركة. سوف تكون الطريقة التي يتم بها إنتاج النص والطريقة التي يظهر بها في الأداء والطريقة التي يعمل بها هي محور المناقشة.
ملاحظة جانبية : عرض مباشر من خلال الكمبيوتر المحمول باستخدام الخوارزميات الرقمية
وفرت لى المقابلات المنشورة والحوارات الخاصة مع آني دورسن , علوة على مقدمة نص مسرحية « قطعة عمل « المنشورة ضمن اصدارات Emergency Playscript›s Publication , معلومات تتعلق بانتاج المسرحية . ولأغراض تحليل تأثير النص ووظيفته في الأداء , أعتمد على فيديو مسجل للأداء في أكاديمية بروكلين للموسيقى في ديسمبر 2013 , حيث أنهى جولته بعد أن سافر الى سياتل وأوسلو وبيرجن وفيينا وروتردام وباريس في نفس العالم . على الرغم من أنني لم أشاهد العرض على الهواء مباشرة، إلا أنني شاهدته جزئيًا – في النهاية ، “ماذا يعني” رؤية “العمل في سياق الأداء عن بعد والوسائط الرقمية”؟ . تطرح سارة باي تشنغ هذا السؤال في مقالها “نقد الأداء غير المرئي والتسجيلات الرقمية”، حيث تزعم بشكل مقنع أن تجربة وثيقة الأداء ليست (على سبيل المثال، تسجيل فيديو) غير مكتملة فقط ، ولكن “تجربة الحضور المشترك أيضا ليست في حد ذاتها نسخة كاملة” من الأداء. إن ما تقترحه باي تشنغ، إذن، ليس تناول التسجيلات المرئية للأداء على ظاهرها، بل “النظر اليها من منظور مستمد من تلفزيون الواقع، حيث يتساءل المشاهد عن دقة تمثيل الوسائط والواقع الذي يستند إليه التوثيق، مع الاهتمام في الوقت نفسه بالعلاقات العاطفية التي تطورها الصيغ المعروضة على الشاشة”. وفي هذا الصدد، أشعر بالسعادة لأن عرض “قطعة عمل” قد تم تسجيله بكاميرا ثابتة، في الأساس من وجهة نظر مركزية، حيث يظهر حوالي خمسة صفوف من الجمهور يجلسون أسفل الكاميرا. وعندما تتبنى زوايا أخرى للكاميرا (على سبيل المثال، من الجانب، عندما يتحدث “الشبح”)، فإننا لا نزال قادرين على تحديد مكان الكاميرا، حتى في حالة اللقطات القريبة القليلة على المؤدي البشري. ومن الناحية التقنية , لا يوجد فرق تقريبًا بين ما إذا كانت الأصوات الاصطناعية والنص والخوارزميات التي تدير الإضاءة والمؤثرات الصوتية قد نشأت بواسطة جهاز كمبيوتر في المسرح أو بواسطة جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي - يمكن اعتبار كلاهما “آلات لتوليد التأثير”، على حد تعبير ستيفن شافيرو. وهذا هو الحال هنا، لاسيما أن البيانات النصية والحسية التي تولدها خوارزميات دورسن يمكن إعادة إنتاجها بدقة (إذا أرادت دورسن ذلك)، على عكس الأداء الذي يعتمد بشكل أساسي على العوامل البيولوجية أو البيئية (البشر، الحيوانات، الطقس). ومع ذلك، فأنا أدرك جيدًا أنه لا يمكن إنكار تأثير الحضور حتى بالنسبة للوسطاء غير البشريين مثل الإضاءة التي تعتمد على الخوارزمية، والمؤثرات الصوتية، والنص المعروض. لذلك، أعتمد أيضًا على خبرتي الممتدة على مدار اثنتي عشرة عامًا كمؤلف مسرحي، في ملاحظة الاختلافات بين التدريبات والاختبارات والعروض الأولى و”الأيام التي تلي” وكذلك بين العروض وتسجيلاتها (زوايا الكاميرا واللقطات القريبة) والصور والمراجعات النقدية وروايات الجمهور. كل هذه العوامل تساعدني في محاولة تخيل كيف يمكن أن تكون التجربة “الحية” للأداء في المسرح، مع التواجد مع الجمهور، وأداء الخوارزميات بالاشتراك مع ممثل بشري واحد، دون أن أدعي أنني أعرف كيف كانت كما لو كنت أشاهد الأداء الحي .
....................................................................................
• كلير سويزن
• قبل إجراء بحث الدكتوراه الخاص بها حول «النص كبيانات في الوسائط ما بعد الدرامية» في جامعة بروكسل الحرة، عملت كلير سويزن كمؤلفة مسرحية لفرقة المسرح البلجيكي . وفي مجال البحث القائم على الممارسة. هي عضو منتسب في مجموعات البحث CLIC (VUB) وFigura (UQA). ومن بين منشوراتها نصوص مسرحية ومجلد عن وضع النص في مسرح ما بعد الدراما ومقال في JADT. قامت بتدريس علم الدراما والسرد للكتاب الطموحين في أقسام الدراما الناطقة بالهولندية والفرنسية في بلجيكا.
• نشرت هذه المقالة في Hybrid, Revue de Arts et Meditations Humane في مايو 2018 .