جولة فى شارع المسرح العالمي

جولة فى شارع المسرح العالمي

العدد 901 صدر بتاريخ 2ديسمبر2024

قريبا يستقبل شارع المكتبات فى الولايات المتحدة كتابا بعنوان «الجندى المجهول». وسوف يكون موضوع الكتاب هو تصميم الأزياء فى المسرح.
وفى ذلك تقول تقول مارينا تيرنر مؤلفة الكتاب فى المقدمة ان مصمم الازياء فى المسرح جندى مجهول بالفعل. فقد جرت العادة بعد العروض المسرحية الناجحة أن يتبارى النقاد والجمهور فى الإشادة بأبطال العرض والمخرج والكاتب ومصمم الديكور ويتناسون عنصرا مهما فى العرض المسرحى وهو الازياء. هذا رغم أن مصمم الأزياء فى المسرح يبذل جهدا شاقا يفوق مايبذله الممثلون على خشبة المسرح.
من هنا جاء عنوان الكتاب الذى تسعى من خلاله إلى القاء  الضوء على جندى مجهول بالفعل لاينتبه الكثيرون لدوره رغم انه يمكن ان يلعب دورا كبيرا فى فشل العرض المسرحى او نجاحه على غرار اى عنصر اخر. وهو يساهم مع غيره فى تحويل القصة إلى عمل نابض بالحياة على المسرح.
وللتدليل على صعوبة هذا العمل تشير إلى أن الفرق المسرحية عادة لايكون لديها فريق متخصص فى تصميم الأزياء لأن تكلفة هذا الفريق تكون مرتفعة. وعادة ما يكون هناك أفراد متخصصون تستعين بهم الفرق المسرحية عند إعداد العروض. وهى نفسها تعمل مع ثلاثة من زملائها يكونون فريقا واحدا ويتقاضون اجورهم وتنتهى علاقتهم بالفرق.

عشر مرات
ويمكن أن تستعين الفرق بهم مرة أخرى فى إطار تجديد حيوية العرض. وهنا تشير إلى مصطلح “ترهل العرض” وهى مشكلة تحدث مع طول فترة استمراره فيبدأ الممثلون فى أداء أدوارهم بفتور وحماس اقل ويبدون وكأنهم يؤدون عملا روتينيا. هنا تبدأ تحت إشراف مخرج العرض بعض التعديلات لتجديد حيويته مع الحفاظ على الخط الأساسى للعرض بالطبع. وتكون الملابس جزءا من هذه العملية.
وتعود فتقول أن تصميم ملابس العروض المسرحية ليست بالأمر السهل وقد يحتاج المصمم عشر مرات حتى يصل إلى التصميم المناسب. وقد يظن انه توصل إلى التصميم المناسب حتى يتم تنفيذه فيجده غير مناسب أو غير مناسب لجسم الممثل ويبدا رحلة التصميم من جديد.
ويصبح الأمر أكثر مشقة عندما تكون المسرحية تاريخية ولو لوقت قريب مثلا مثل مطلع  القرن الماضى. هنا يصبح على المصمم الاطلاع على العديد من الصور عبر قنوات مختلفة مثل الصور العادية أو الصحف التى كانت تصدر فى زمن المسرحية أو أفلام تم تصويرها فى وقت الحدث. وهذا ما فعلته بالفعل فى مسرحية الأرض الممطرة التى تدور أحداثها فى عشرينيات القرن الماضى وهى مسرحية قدمتها فرقة المسرح الأسود وهى فرقة تتكون أساسا من السود تكونت منذ 15 عاما. وتعتبر ملابس هذه المسرحية  من افضل تصميماتها
وتتوقف لتشير إلى أن مصمم الأزياء فى المسرح بالذات يحتاج إلى أن يتمتع بموهبة فطرية تصقلها الدراسة والاطلاع فى فروع مختلفة مثل علم النفس  لانه يصمم الملابس لشخص يتفاعل مع الجمهور بشكل مباشر.
وتعود أنها تفخر بأنها كان لها دور كبير فى نجاح عدد من الفرق المسرحية فى ولاية انديانا التى تقيم فى عاصمتها انديانا بوليس وتمارس نشاطها فيها وفى عدد من الولايات المجاورة. وادى نجاحها فى تصميم الملابس إلى قيام علاقة ودية مع مسئولى العديد من الفرق.
وتقول فى النهاية انها بدأت تصميم ملابس العروض الفنية أثناء دراستها فى جامعة كاليفورنيا  كهاوية ولم تكن تظن انها سوف تحترف هذا العمل.
 من المألوف ان يتبارى عشاق المسرح فى رثاء الممثلين عندما يرحلون إلى العالم الاخر.  ومن الوارد ايضا  ان يتباروا فى رثاء غير الممثلين من المخرجين والكتاب وحتى النقاد.
وهذا ما حدث عندما توفى عن 96 عاما  روبرت بروستين الناقد المسرحي ورائد المسرح وهو صاحب انجازات عديدة فى عالم المسرح الامريكى كما ذكرت  مجلة تايم الامريكية التى وصفته بعملاق المسرح كناقد وكاتب مسرحي ومدافع عن النزاهة الفنية ومؤسس اثنين من أبرز المسارح الإقليمية في البلاد.
وخفضت المسارح فى  برودواى وخارجها فى نيويورك وفى العديد من المدن الأمريكية أضواءها حدادا عليه.
اشتهر بروستين بأنه مناصر مسرحي متحمس ومثير للحماس دافع عن الأعمال التي تكسر الحدود وتحديث الكلاسيكيات بشكل مغامر وأسس مسرح فى جامعة  ييل لإعادة الاعمال الفنية (ريبرتوار ) كما اسس مسرحا مماثلة  في هارفارد.
وأثارت بعض الأعمال التي دافع عنها غضب النقاد ورواد المسرح غير المعتادين على الإنتاجات غير التقليدية، لكنه ظل على رأيه  لم يعتذر عن ذلك. فقد قال لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2001: “أعلم أنني خارج المسار. أنا خارج المسار لدرجة أنني أكاد أكون في نفس المسار”.
حتى نهاية  الثمانينيات من عمره، استمر بروستين على نشاطه و فى التعبير عن  آرائه حول كل شيء من الفن إلى السياسة،والهجوم على حزب الشاي ووصف آلام كسر الأضلاع  الذى تعرض لها على مدونته الخاصة على الانترنت . وكان باحثًا متميزًا مقيمًا في جامعة سوفولك. وأستاذًا فخريًا للغة الإنجليزية في جامعة هارفارد وناقدًا للأعمال الترا مجلة ذا نيو ريبابليك.
ولد بروستين في مدينة نيويورك، وحصل على درجة البكالوريوس من أمهرست ودرجة الماجستير والدكتوراه من جامعة كولومبيا. حصل على منحة فولبرايت، وقام بالتدريس في كورنيل وفاسار وكولومبيا، حيث قام بتدريس الدراما. كان عميدًا لكلية ييل للدراما من عام 1966 إلى عام 1979 وخلال ذلك الوقت أسس مسرح ييل لاعادة العروض .
وقدم هذا المسرح اعمالا عديدة ناجحة ولم يكن يقتصر على اعادة الاعمال بل كان يقدم اعمالا جديدة تحقق نجاحا كبيرا جعل هذه الفرقة  من رواد الأعمال الجديدة. وفازت العديد من اعمالها بعدد من الجوائز المسرحية المرموقة مثل جائزة بوليستر وتونى. وعرضت العديد من اعمالها فى برودواى عاصمة المسرح الامريكى . وحصلت  على  جوائز توني  عشر مرات وأكثر من 40 ترشيحًا.
 وفى حديث لصحيفة لوس أنجلوس تايمز في عام  1997تحدث عن رؤيته  للعمل المسرحى فقال “الهدف من العمل المسرحى  هو محاولة جعل الجمهور يتفاعل مع شئ يدوم ويلاحقه  سواء كان موضوعًا للنقاش أو أحلامهم. سوف يكون لديهم تجربة لم يتم حلها”.
ونشبت خلافات انتهت بطرده من جامعة ييل حظى بتغطية إعلامية   انتقل بروستين في عام 1979 إلى هارفارد، حيث قام بتدريس اللغة الإنجليزية وأسس مسرحا مماثلا    في عام 1980. ثم في عام 1987، أسس معهد التدريب المسرحي المتقدم، وهو برنامج دراسات عليا لمدة عامين.   كان يؤمن بأهمية الدراسة فى صقل المواهب المسرحية فى كل المجالات ...التمثيل ...الاخراج ...الكتابة المسرحية وحتى الاضاءة والديكور.
وتطور مسرح جامعة هارفارد ليصبح عام 2003  واحدا من أفضل ثلاثة مسارح إقليمية في البلاد فى استطلاع للرأى أجرته  مجلة تايم.
وعلى مدار مسيرته الطويلة كمخرج وكاتب مسرحي ومعلم، ساعد بروستين في التطوير الفني لفنانين مسرحيين مثل ميريل ستريب .  
  وفى حديث  لصحيفة بوسطن جلوب قبل وفاته بشهور إنه تبنى المسرح الشعبي بروح وطنية: “كنا نحاول تحرير المسرح الأمريكي من المشرفين البريطانيين. كنا نحاول إيجاد أسلوب أمريكي للكلاسيكيات”.
“كنت أبحث عن طاقات المسرح الشعبي المطبقة على الأعمال التقليدية. كنت أبحث أيضًا عن مسرحيات أمريكية جديدة. كانت هذه وظيفة مهمة جدًا لنا، لتشجيع وتطوير كتاب المسرح الأمريكيين الجدد.”.


ترجمة هشام عبد الرءوف