العدد 902 صدر بتاريخ 9ديسمبر2024
في يوم الأربعاء الموافق20 نوفمبر 2024 رحل عن عالمنا الفنان العرائسي الكبير عاطف أبو شهبة عن عمر يناهز 83 عاما، والذي يعد واحدًا من رواد فن العرائس في مصر، تاركا وراءه إرثا فنيا لا ينسى في مجال العرائس.
ولد الفنان عاطف أبو شهبة بالإسكندرية في عام 1941، تخصص في مجال الفنون والمسرح، قضى معظم حياته في تعزيز وتطوير فن العرائس في مصر والعالم العربي. وأصبحت أعماله في فن العرائس والمسرح الورقي علامة بارزة في المسرح المصري، حيث أسهم في إثراء فن العرائس في مصر والعالم العربي، وأصبح له دورا بارزا في تقديم عروض العرائس بطريقة مبتكرة وخصوصا في تقديم عروض مسرحية مستوحاة من التراث العربي والعالمي. وشارك في العديد من المهرجانات الفنية كان دائمًا يولي اهتمامًا خاصًا لنقل هذا الفن إلى الأجيال الجديدة من العرائسيين من خلال ورش العمل والمشاريع التوعوية. اهتم اهتماما خاصا بأطفال السجون وذوي الاحتياجات، حاول السفر لعدة بلدان لنشر أفكاره وأعماله لكنه لم يستطع لعدة اعتبارات.
شارك عاطف أبو شهبة في الفيلم التسجيلي «بتاع العرايس»، والذي تناول فيه قصة حياته، من إخراج عمروش بدر وإنتاج كل من بينو سمير وهينار ريان. ومن هنا جاء تلقيبه بهذا الاسم (بتاع العرائس).
وبعد معرفة خبر وفاته ساد المجتمع الثقافي والفني والمسرحي حالة من الحزن والأسى لهذا الفقد، وتقديرا لدوره البارز في الحياة الفنية ومسرح العرائس والمسرح الورقي ومشواره الطويل لنشر هذا الفن الذي اقترب على الاندثار كان لمسرحنا أن ترصد تلك الأجواء وكانت تلك بعض كلماتهم عنه:
المسرح الورقي في جامعة طنطا
قال ا.د. سيد علي إسماعيل الكاتب والمؤرخ والناقد المسرحي:
رغم بساطته وعفويته، كان منظماً وجاداً في عمله، إنه المرحوم «عاطف أبو شهبة»! عندما اهتم بالمسرح الورقي ونجح في إدخاله إلى مصر وانتشاره، حتى أصبح رائداً فيه، بدأ يعطي ورشاً في هذا الفن الجديد ليعلم الآخرين. وفي العام الدراسي 2018/2019 كنت أقوم بالتدريس لطلاب الدراسات العليا للفرقة الأولى بقسم المسرح بكلية التربية النوعية بجامعة طنطا – بجانب عملي في جامعة حلوان – وكنت كل عام أبتكر مع طلابي وزملائي من الأساتذة في طنطا موضوعاً جديداً وفريداً في مادة المشروع، وتناقشت مع الدكتورة «عزة الملط» - رئيسة القسم وقتذاك – بأن نستعين بالأستاذ عاطف ليعطي دورة تعليمية – ضمن محاضرات مقرر المشروع – في «المسرح الوقي»، كوني أستاذ المادة، وبالفعل تم ذلك، وبدأت أشجع الأستاذ عاطف وأنبهه بأنه سيبدأ مرحلة مهمة في حياته الفنية، كونه سيعطي دورة فنية أو ورشة في شكل محاضرات داخل إحدى الجامعات المصرية الحكومية، فلا بد أن يكون عند حُسن ظني، لأن المقرر مقرري وأنا رشحته على مسئوليتي وأنا واثق أن اختياري له سيكون في محله!! فهم الأستاذ عاطف الرسالة، وبالفعل قدّم ورقة رسمية بالورشة عنوانها «اقتراحات خاصة بورشة المسرح الورقي»، قال فيها:
وضع خطة زمنية للورشة محدد بها مدة الساعات المطلوبة من البداية، وأثناء الإعلان عن الورشة، ثم تقسيم المهام المطلوبة على فترات زمنية، ثم تعريف المتلقي بماهية المسرح الورقي والأدوات المستخدمة، ومشاركة الجميع في كل الأشغال المطلوبة (الشخصيات – الديكور – مرحلة تحريك العرايس)، ثم التدريب لتجنب العيوب الممكن حدوثها أثناء العرض، تحضير نسخة احتياطية للتسجيل الصوتي حتى نتجنب أية مشكلة تحدث أثناء العرض، ومحاولة اكتشاف أدوات جديدة أقلّ تكلفة.
بدأ عاطف وابنه «شادي» - تحت إشرافي وإشراف الدكتورة هالة فوزي - التعرف بالطلاب والأساتذة، حيث كانت الزميلات الدكتورة «عزة الملط» والدكتورة «أماني العطار» والدكتورة «هالة فوزي» مشاركتان في الدورة، وقدما ورقة بها ملاحظاتهما على المحاضرة الأولى، وجاء فيها: يفضل استعمال مصادر إضاءة غير الموبايل، حيث إن مساحة التحرك للطلاب صغيرة جداً، ويجب تقديم نماذج مبسطة في البداية من أعمال الأستاذ عاطف، حيث إنه عرض على الطلاب نماذج أجنبية، ويفضل أن يقوم الطلاب باختيار أفكار مسرحية واقعية، مع وجوب إعطاء محاضرة في مزج الألوان، وكيفية تخزين الأدوات.
بذل عاطف وابنه شادي مجهوداً كبيراً لعدة أشهر مع طلاب الدراسات العليا بقسم المسرح بكلية التربية النوعية بجامعة طنطا، وخرج مشروعهم إلى النور، وكان العرض يوم 19/3/2019، واجتازت الطالبات الدورة بنجاح، ومنهن: آلاء محمد الحو، أمل رضا داغر، إيمان أبو الرايات، إيمان الزنفلي، إيمان النعناعي، حنان طلال لملوم، شيماء طه أبو ضحوه، فتحية السمنودي، منه الله الطناحي، هاجر عمارة، ياسمين أبو جوهر .. هؤلاء هن طالبات المرحوم «عاطف أبو شهبة» في «المسرح الورقي» .. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
الحق والخير والجمال
وقال الفنان العرائسي محمد قطامش:
عاطف أبو شهبة انسان وفنان له معطيات تختلف كثيرا عن الأخرين، هكذا كان يفضل دائما أن يكون مختلفا ونادرا فنيا وإنسانيا.
على المستوى الانساني كان دائما يفاجئنا بمبادئه الإنسانية بالتواصل الدائم مع كل أصدقائه وأحبائه ( زملاء تلاميذ)، فهو محب دائم يغضب قليلا ويرضى دائما، يعاتب ويسامح عن طيب خاطر فهو لا يملك إلا المحبة. هكذا كنا نلتقي دائما تحت شعار ( الإنسان أولا ).
وعلى المستوى الفني اختار أن يكون متفردا، يداعب خيال ( أحباب الله) برسوم بسيطة هم يصنعوها، ويحركها من خلال قصة أو حكاية يشاركون فيها، ثلاثية إبداعية ( الحق والخير والجمال) هكذا كان يعلمهم ويدربهم متفردا بهذا الاتجاه ( المسرح الورقي)، وراح يبحث ويواصل ويجتهد حتى أوجد لنفسه ولمسرحه مكانا متفردا بين صناع البهجة العرائسيين، رحمة الله على الانسان الجميل المبدع القدير عاطف أبو شهبة.
العصامي المعافر.. رائد فن العرائس الورقية في مصر
وفي كلمتها قالت الكاتبة والناقدة المسرحية صفاء البيلي:
كنت كلما رأيته تساءلت: ما الذي يجعل هذا الرجل صبورا جلدا في الدفاع عن فن لا يعرفه الكثيرون؟ ما هذا الدأب الذي يدفع ذلك الجسد النحيل لأن يتحمل السفر والتنقل هنا وهناك بلا مقابل مادي أو معنوي يتناسب وكل هذا الجهد والمعافرة؟
إنه الإيمان بما يفعل.. ولا ريب في ذلك!
لقد ارتبط اسم الفنان الراحل عاطف أبو شهبة بمسرح العرائس الورقية الذي استولى على كل تفكيره وكان رائداً فيه على مستوى المسرح المصري الموجه للطفل. فهو يُعتبر من أوائل الذين قدموا مسرح العرائس الورقية في مصر، علاوة على سعيه الدائم لتطويره والتعريف به للجمهور المصري الذي لم يكن يعرف عنه إلا النذر القليل على الرغم من وجده في مختلف ربوع العلم ومنذ زمن طويل.
إن الفنان عاطف أبو شهبة.. لم يكن إنسانا عاديا بل كان فنانا متعدد المواهب، رغم ضيق ذات اليد، كان عاطف أبو شهبة فناناً مسرحياً من طراز فريد، فعلاوة على شهرته الواسعة كمسرحي عرائسي إلا إنه كان يجد سعادته وحياته في نقل خبراته للآخرين وخاصة الشباب، فعمل مدرباً مسرحياً ومخرجاً لذوي الاحتياجات الخاصة، كما أقام العديد من ورشات العمل والدورات التدريبية لتعليم هذا الفن الذي لم يكن منتشرا في مصر، وساهم في نشر ثقافته بين مختلف الفئات العمرية.
وكان له يرحمه الله تعالى شغف كبير بالفنون المسرحية ومساهمات كبيرة في مجال مسرح الطفل خصوصا فترك إرثاً كبيراً في مجال الفنون المسرحية، وساهم في تطوير هذا النوع من الفنون في مصر.
في سنوات عمره الأخيرة كان كل تركيزه وعشقه لمسرح العرائس الورقية فللحق لم يتميز بإبداعه في تصميم العرائس فقط بل وكتابة السيناريوهات الخاصة بعرائسه التي كان يخترعها ويصممها ويقدمها للأطفال بمحبة كبيرة.
ويشهد الجميع بأنه يعود له الفضل في مساهماته لتطوير مسرح العرائس الورقية في مصر، وجعله فناً معترفاً به بين مسرحيي الأطفال من مختلف الفئات العمرية خاصة شباب الجامعة بعد تدريب مجموعات من شباب الكليات الفنية.
رحم الله الفنان البسيط المثابر عاطف أبو شهبة الذي كان يسبح بمفرده في خضم واسع ليوثق هذا الفن الشعبي المؤثر ويحييه عبر رحلته التي اتسمت بالعصامية والمثابرة.
عاشق الحياة
قال عنه فنان العرائس المخرج ناصر عبد التواب:
عاطف أبو شهبة - كما عرفته وقتها - كنت أدرب مجموعة من الشباب المسرحيين على تحريك عروسة القفاز و تعلم فن الأراجوز في تجربة مهمة من تجارب الصديق المبدع مجدي عبيد مع مركز التنمية البديلة، وكانت العرائس التي أقوم بالتدريب عليها عروسة قفاز مصنوعة من خامة الفوم تصميم وتنفيذ الفنان نبيل السنباطي، وجاء فنان اسكندراني ( جدع ) معه عروسة قفاز مصنوعة من الشراب، وبدأ يعلم الشباب كيفية تصنيع هذه العروسة، يومها عرفت أنه الفنان عاطف أبو شهبة (عاشق الحياة ) في الفن بشكل عام والعرائس بشكل خاص، ومن يومها حتى آخر لقاء بيننا في مركز الابداع بالأوبرا في حفل توزيع جوائز جائزة علاء الجابر، ودار حديث قصير عن ملتقي الاراجوز والعرائس التقليدية السادس، الملتقي الذي ساهم فيه مجموعة كبيرة من مبدعي العرائس والمهتمين بفن الاراجوز والعرائس في تأسيس هذا الملتقى الذي يقيمه المركز القومي لثقافة الطفل في 28 نوفمبر 2019.
وتابع عبد التواب: كان الفنان أبو شهبة ولع بالتعلم والتعليم والاجتهاد في الكثير من الفنون، فهو أول من أسس للمسرح الورقي في مصر، وقدم أكثر من تجربة مع الشباب لتعليمه، أيضا أسس فرقة للاراجوز والعرائس وخيال الظل بالإسكندرية عشقه الأول والأخير بين مدن العالم، وأسس فرقة من المكفوفين وشارك بها في العديد من المهرجانات الدولية، وله تجربة رائعة مع أطفال (ذوي الهمم) أطفال الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب كمبحث علمي .
أبو شهبة صاحب التجربة الكبيرة، المحب للناس، والعاشق للوطن والحياة، كان رحمه الله طيب القلب، له علاقات طيبة بين كل العرائسيين في مصر والعالم العربي والغربي، رحمة الله على الفنان الانسان عاطف أبو شهبة.
سيكون مكرما عن مسرح الطفل في جائزة علاء الجابر للإبداع المسرحي في موسمها الخامس 2025 .
وشارك الكاتب والناقد المسرحي علاء الجابر قائلا:
أقل ما يمكن تقديمه لصديق وفنان أفنى عمره في العمل المسرحي، وخاصة مع الأطفال أن أقوم بتكريمه ضمن مكرمي جائزة علاء الجابر للإبداع المسرحي للموسم القادم 2025.
وهذا ما كنت أفكر به منذ حفل الافتتاح الذي حضره معنا في شهر أكتوبر من هذا العام 2024، والذي كنت أنوي أن أفاجئه بهذا الاختيار غير أن إرادة الله شاءت دون أن يعلم عن ذلك .
علاقتي بالصديق عاطف أبو شهبة بدأت منذ أكثر من 15 عاما، حين رَشّحتُهُ لإحدى الجهات في الكويت؛ لعمل مجموعة من العرائس الضخمة، وقد نجح بامتياز في ذلك المشروع؛ ورغم إمرار العمل ومتابعتي لمراحل التنفيذ بشكل دائم في شقته الصغيرة في الهرم، إلا أنه كان طويل البال، رقيق التعامل كعادته، يصغي لكل الملاحظات بصبر وتأني دون أي ضيق أو تبرم، ومِن ثَمَّ توَطدَّت علاقتي به عند مشاركته مخرجاً في مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، وكانت بطلته ممثلة كفيفة، كعادته في تشجيع المكفوفين وأصحاب الاحتياجات الخاصة والصبر الطويل في التعامل الإنساني معهم، و أذكر حينها أنه كان لدي بعض الملاحظات على العرض، التي أشَرْتُ لها في الندوة التطبيقية، وخاصة بالنسبة للنص إلا أنه استمع لها بكل طيب خاطر وشكرني أثناء الندوة وبعدها، وتقبَّلَ كل الملحوظات بصدر رحب.
وهكذا استمرت علاقتي به طوال هذه السنوات؛ علاقة وطيدة دائمة ومستمرة، بل كان أكبر المتحمسين للجائزة حين أَقمتُها أول مرة في الإسكندرية عام 2017، وكان دائماً ما يحرص على حضور الاحتفال بتوزيع الجوائز فيها؛ لإيمانه بأهميتها في تشجيع الشباب الموهوبين كما كان يردد، وسَعِد جداً باختياري أسماء المكرمين للدورة السابقة، د. وفاء كمالو، الكاتب عباس أحمد، والكاتب درويش الأسيوطي، وقال: إن تلك الأسماء هي المستحقة لما قدَّموا من مجهودات كبيرة للمسرح، وكان أول المشجعين حين أصدرنا مجلة نقد x نقد قبل عامين؛ حيث كان من أوائل الذين ساهموا في كتابة المقالات فيها، وكان آخر مقال نشَرَتْه المجلةُ له بتاريخ 20 سبتمبر 2024. وبعد عودته إلى الإسكندرية ظَلَّ على تواصل دائم معي، وطلب رأيي ، بمجموعة من النصوص الجديدة، التي كان ينوي نشرها بعد تحويلها لعروض مسرحية، لكن القدر لم يمهله لإنجاز مشروعه، حين فوجئتُ يوم 15 نوفمبر الجاري بانقطاع تواصله معي، وبرسالة من ولده “شادي” يخبرني أن والده يرقد في إحدى مستشفيات العامرية في وضع حرج، فحزنت، وقلقت عليه كثيراً، وبقيت على تواصل مع ولده “شادي” لقبيل ساعات من وفاته، وبعد الوفاة أيضا .
سيظل الصديق الغالي عاطف أبو شهبة في الذاكرة دائما، وكما أشرت سابقا، وبما أنني نويت وهو حي أن يكون الشخصية المُكرَّمة عن مسرح الطفل في الدورة القادمة للجائزة لعام 2025، فأنا عند وعدي لنفسي بتنفيذ ذلك التكريم يوم الاحتفال بتوزيع الجوائز رفقة أهله وأصدقائه ومحبيه.
رحمه الله وغفر له وجعل ذكراه ندية رقيقة كما هي روحه الشفافة الإنسانية.
الأب الإنسان والفنان والصديق والونيس
وبكل تأثر شارك الفنان شادي عاطف أبو شهبة – الإبن – قائلا:
لم أجد من الكلمات ما يمكن أن أعبر به عن رحيل الأب الإنسان والفنان والصديق والونيس والمعلم.. لم يكن مجرد أب لابنه الأوحد بل كان الصديق والأخ والونيس والاستاذ، وهو من كانت تربيته لي مختلفة، هو الأب صاحب المشاعر الفياضة والصديق الوفي الحنون.
وتابع: لو كنت أعرف أن تلك هي المرة الأخيرة التي سأودعه فيها، كانت ستفرق كثيرا في الوداع 00 وداع وفراق وكسرة قلب، رحيل عاطف أبو شهبة أبي له الرحمة والمغفرة 0
الأب خفيف الظل، والمعلم الذي لا تحتاج معه إلا لابتسامة تظهر على وجهك بمجرد أن تشاهد العروسة في يده سواء العروسة القفاز أو الاراجوز أو المارونت، وضحكته وهو يلعب بالرقاصة، مشاهد له لم ولن تفارقك.
لما تفتح عينك وتقدر تقف على رجلك وتكتشف حواسك الأساسية تجد أبا على وجهه ابتسامة، وفي يده عروسة إصبع يعلب بها فيعلمك أول درس في الحياة، وهو الاعتماد على النفس، و تلعب بالحب والاحساس والطيبة والأخلاق والأصول، وعندما تخطيء وتعصبه يصرخ بصوت عالي ويقول لك (اتفضل الدنيا مش هاتقف على حد )، وبعدها العقاب ( أنا مش واخدك معايا العرض انهاردة )، وكان أقصى عقاب لي لأني كنت أحب العروض والذهاب معه لحضورها، عاطف أبو شهبة علمني حب العائلة والمقربين والأخوة والأصدقاء، فلم أتلقى منه فقط تربيتي ولكني تلقيتها ممن أحاطوا بي نتيجة لترسيخه هذا المبدأ.
بتاع_ العرائس كما تريد أن تراه البسيط و العصبي والسياسي و الاخلاق و النرجسي احيانا، هو ذلك الشخص الذي لا يستطيع أن يعبر عن مشاعره إلا بالكتابة و الاخراج و العرائس وخيال الظل.
صاحب نظرية ( ما هو مش كاهنوت ) كل شيء تستطيع عمله فلا يوجد مستحيل ، ولا يوجد الصعب الدائم فكل فكل صعب وله حلول وبدائل، كان الكاتب والفكرة وكنت المنفذ.
حقيقة لا تستطيع الكلمات أن تعبر عن ما يدور بداخلي فالكلمات تعجز عن ذلك في ظل تلك اللحظات التي يغلفها الحزن والألم....سأفتقده كثيرا، رحمه الله.
من سيكمل تلك المسيرة؟
وقال الكاتب والمخرج المسرحي مجدي محفوظ:
صانع العرائس الورقية .......تركها تتطاير من حوله مودعة إياه بعد سنوات من العمر بين القاهرة والإسكندرية والشارقة، حاول أن تصل صناعته للكثير، ولأن الأوراق تستطيع الحديث مع الأطفال بل وتستمع إليهم، إلا أن الكثير من الناس لم يستمعوا إلى خشخشه تلك الأوراق الملونة التي تقف بجوار بعضها تحكي وتنادي دون مجيب.
أتدرون لماذا تبكي الأوراق التي تركت أنيسها حينما صنعها وصنع منها الحكايات ودب فيها من روح الجمال، كانت تتحدث معه دون قناع زائف أو تلك المساحيق التي تجملها، لكنها توسدت الصمت وأردات التحول إلى كونها أوراق تتطاير مع الريح في كل مكان لا مأوى لها إلا سكون الريح، لكنها وجدت نفسها وتنسمت روحها بفن وإبداع صانعها، وعبرت بصدق عن نفسها، توضح قيمتها، تبرز مدى جمالها حين تتشكل على أيدي مبدعة بلمساته وأفكاره، وكأنها تلك القصص العجيبة التي تحكي للأطفال سندريلا وليلي والذئب وعلاء الدين وغيرها من القصص التي يحبها هؤلاء الصغار، فتحمل لهم السعادة، وتحكي معهم قصص ألف ليلة وليلة وغيرها من الحواديت، لكنها صمتت للأبد فمات من يحركها من جمادها فحزنت وبكت وذهبت طي الرياح تتطاير معها إلى أن يستقر بها الحال حيث تهدأ الرياح .
عاطف أبو شهبة ذاك الفنان المبدع الذي تعرفت عليه منذ سنوات في مهرجان (ضي القمر) ليحكي عن تلك التجربة الفريدة التي امتهنها وأحبها منذ زمن وهي ( العرائس الورقية)، وبعد سنوات شاهدته في الشارقة في استضافة الهيئة العربية للمسرح يقدم ورشة في أيام الشارقة التراثية، ومن حوله الأطفال كل ليلة مبتسمين فرحين مع تلك الأوراق الجميلة، يصنعن منها تلك الشخصيات التي تحاكي خيالهم الجميل وهم في سعادة غامرة، لقد حاول الفنان المبدع عاطف أبو شهبة أن يصل فنه إلى أى مكان فيسعد به الجميع، إلا أن الظروف كانت دوماً المانع دون انتشارها في ربوع الوطن العربي، واليوم قد تركها أبو شهبة فمن سيكمل تلك المسيرة؟ ويواصل مشوارها الطويل، حتى يعلم الجميع أن صانع العرائس الورقية مازال بيننا يصنع فتحكي الأوراق . رحم الله المبدع الفنان عاطف أبو شهبة.
مشروع لم يكتمل
وبتأثر شديد قالت مريم زياني - الناشطة التونسية ولاعبة العرائس: كانت أمنياته أن يسافر بفنه للعالم كله، وكان يحب السفر للمغرب وتونس والجزائر، ويعلم كل العرائسين والمسرح الورقي، لكن لم تكن لديه فرص كبيرة للسفر لعدة اعتبارات لا مجال للتحدث عنها.
كان يشعر أنه مسافرا لبعيد، الفترة الأخيرة قبل أن يتعب أرسل لي الكثير من المعلومات، وأبلغني أنه انتهى من مشروع ومازال لم يعرضه، وأخبرني انه يوجد عرائس جديدة جميلة صنعها ومنهم عروسة على اسمي ( مريم )، لكنه لم يخبرني بتعبه ومرضه، وكان الأستاذ الكبير عاطف أبو شهبة الوحيد بكامل الوطن العربي المهتم بالمسرح الورقي، وأنا ناشطة بدار الثقافة فن عرائس، وناشطة بثقافة الطفل وكانت لي عدة تجارب بالمكتبات، ففي بداياتي 2016 كانت مع المسرح الورقي وخيال الظل، فكنت أستعين بالمركز الوطني لفن العرائس لأتعلم فن الماريونيت، وكان أول فنان عربي عرفته بالصدفة هو الأستاذ عاطف أبو شهبة، الذي ساعدني كثيرا حتى أنه كتب لي مرة في أول لقاء مع الأطفال وكان يصبرني عندما أخبرته أن الطبيبة قالت لي (مازال في عمر أمك شهرين وتموت)، كان يساعد الكل، فكان كلما سمع أن هناك فنانا من أصدقاء سواء بعيدين اوقريبين عندهم مشكلة، كان لا يتأخر في تقديم يد المساعدة والعون، يساعدهم بالكلمة الطيبة وكلامه يخفف الأوجاع .
وجد صعوبة فالسفر بمشاريعه وأفكاره، لأن توجد مشكلة يعاني منها الفنانين، فكل مهرجان بالوطن العربي له شلة وصحبة ومصالح، مع الأسف هذا ما نعرفه جميعا، فكان يريد المجيء لقرطاج.
كان دائما ينصحني ومن أهم نصائحه لي ( طول مانت حاسة أنه ينقصك الكثير فأنت على الطريق الصحيح، كون الإنسان يظل يتعلم، هكذا تعلمت من أساتذتي)... من أروع نصائحه.
عندما أسست مجموعة أحباء العرائس والعرائسيين العصاميين والهواة، كان أول مساند وفاعل وداعم للمجموعة، المجموعة تضم 95عرائسيا عصاميا ومحترفا وأكاديميا، و هو عبارة عن مختبر للقاء العرائسيين والتواصل وتبادل الخبرات في فن الماريونت وتطوير تجاربنا من خلال تجارب بعضنا البعض، أسست المجموعة لأنني كنت من محبي مجموعة مسرح دمى نيوز العراق الذي أسسته دكتورة زينب رئيسة اونيما العراق، فلما وقف نشاط المجموعة بعد الكوفيد قررت أننا نواصل التواصل كل المجموعة والعائلة الفنية العربية، وهو أول فنان ساندني وكان من بين أحباء الماريونت، ودائما ما كان يثير نقاشات بناءة وهادفة ويسعى للتطوير.
كان يعمل مع الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال السجون والاصلاح، وكان يسعى إلى إسعاد الناس بأبسط الأفكار، في إحدى المرات طلب مني كتابة ورقة تهنئة وتصويرها في شارع الحبيب بورقيبة، أنا اخترت عالم الاجتماع ابن خلدون وعلم تونس للتصوير عندها.
عاطف أبو شهبة إنسان فنان مرح وراقي وطيوب، كان يحب ويعشق السفر، ويحب تونس، جاء مرة إلى سوسة...كان جدا متواضع، شيم الكبار، راق إلى أبعد الحدود، أخي وصديقي عاطف ابو شهبة الله يرحمه.
رسالة عاطف أبو شهبة في مواجهة النسيان
وقال الكاتب والناقد المسرحي أحمد خميس:
في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات الاجتماعية والثقافية، تظهر شخصيات نادرة تلتزم بالفن كرسالة، وتتمسك بأحلامها رغم انحسار الأضواء عنها، هذا هو الفنان عاطف أبو شهبة، صانع العرائس الذي جسد عبر حياته وفنه قصة كفاح الإنسان للحفاظ على هويته الفنية أمام التحديات.
نحيفا في السبعينيات من عمره، قد لا تكتشف وجوده حتى يتحدث، يعتبر عاطف أبو شهبة رمزا من رموز فن العرائس في مصر، وإن كان هذا الفن قد نشأ بوصفه جزءا من التراث الشعبي، حيث كانت العرائس وسيلة للتعبير عن القصص الشعبية، والنقد الاجتماعي، وحتى نقل الأحلام الجماعية، لكن عاطف لم يكن مجرد صانع عرائس، بل كان راوياً يسرد من خلال فنه حكايات المجتمع، ليبث فيها الروح والخيال، ومع مرور الوقت، أصبح الفن بالنسبة له هوية ورسالة تتجاوز التسلية لتلامس قلوب الناس.
مع تراجع الاهتمام بفن العرائس نتيجة التحول التكنولوجي، يتحول نضال عاطف أبو شهبة إلى معركة للحفاظ على وجود هذا الفن، وكأن كل عروسة يصنعها هي جندي في مواجهة النسيان، ومن هنا تمثل حياة عاطف أبو شهبة حكاية يرويها عن كل الفنانين الذين يجبرون على مقاومة التهميش في زمن تدار فيه الفنون وفق قوانين السوق لا الشغف، عن تطور تكنولوجي يهمش فنونا، ويطرد وظائف من السوق، ليصبح الإنسان خارج الاهتمام.
يمثل عاطف أبو شهبة التراث المصري الأصيل الذي يقف أمام رياح التغيرات وقوة الإبداع التي تكمن في القدرة على التكيف مع الظروف دون فقدان الجذور، فحكاية عاطف أبو شهبة ليست مجرد سرد لحياة صانع عرائس، بل هي دعوة للتأمل في قوة الفن ودوره في تشكيل المجتمعات، إنها قصة عن الإصرار والإيمان بقيمة الإبداع، حتى عندما يصبح العالم أقل اهتماما بما يمكن للفنان أن يقدمه.
يُجسد عاطف أبو شهبة حالة الفنان الذي يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على تراثه، ليس فقط لنفسه أو لعائلته، ولكن للأجيال القادمة، إنه البطل المجهول في معركة البقاء، وهو درس في الشغف الذي يتحدى تغيرات الزمن.
له أفضال على جيل التسعينيات
وقال عنه الفنان والممثل شريف الدسوقي:
له أفضال على جيل التسعينيات في الإسكندرية وأنا منهم، فكان دائما يعمل على تحفيزنا وكان مصدقا لنا ولموهبتنا المتواضعة، وأنا بالتحديد وقف بجانبي في أزمتي النفسية الشهيرة في الإسكندرية والتي استمرت لسنوات وكان مؤازرا لي رغم شغله وأموره الحياتية الخاصة لكنه كان دائما السؤال والاطمئنان علي، فكان يؤازرني ويقف بجانبي للخروج من الحالة النفسية التي انتابتني وكان يشجعني على العمل والابتعاد عن الأعباء النفسية، فكان نعم العون، وكان دائما يعرض علينا مشاريع تجعلنا في حالة من العمل الدائم، وكان مؤمنا بأفكارنا ويحفزنا دائما على العمل، فكان مؤمنا بأفكارنا وموهبتنا، ومنذ عام 2001 وهو دائم العمل والتوثيق للتجارب سواء عن طريق السوشيال ميديا او عن طريق المهرجانات المستقلة فلم يبخل بأي جهد لمن يراه في حاجة إليه، عاطف أبو شهبة وقف بجانب الكثيرين ونتمنى أن نجد كل الخير في ابنه شادي، ربنا يرحمه ويسكنه فسيح جناته.
الفنان الحقيقي والإنسان
وقال صدام العدلة – فنان عرائس يمني:
في أوائل عام 2014 كنت مهتما جدا بعمل ماتريال عن مسرح العرائس، وكنت أبحث في هذا المجال، لكني وجدت المكتبة العربية شحيحة جدا بالكتب، ولم تكن هناك مصادر علمية كافية للاستعانة بها، ومن خلال علاقتي بالسوشيال ميديا والفيس، نشرت إعلانات على تلك الوسائل للبحث عن المعلومات والكتب والمراجع، وكان الأستاذ عاطف أبو شهبة من أوائل من تفاعلوا وأرسلوا لي وعرفني بنفسه، وتكلمنا كثيرا، وعرض علي كتابا كمصدر لي، وأرسل لي الكتاب عن طريق زميلة لي تحضر بالقاهرة، لم يكن ليبخل لتقديم يد العون والمساعدة حتى مع من لا يعرفه.
وشاءت الأقدار أن أحضر للقاهرة ونتقابل سويا، ودارت بيننا الاحاديث ...موقفه معي فرق كثيرا.
بعدها توطدت العلاقة بيننا، واشتركنا سويا في عدة أعمال وفعاليات ومناسبات خاصة بالعرائس، في القاهرة والإسكندرية والشارقة، وأيضا تلاقينا في ملتقى مسرح العرائس في القاهرة، وفي 2015 كنت معه في مشروع مع أطفال الشوارع بالجيزة، وكان يتولى محور الفنون وكنت معه في المحور في قسم العرائس، وعملت معه من ثلاثة إلى خمسة شهور كمتطوع، وتدربت تحت يده في عدة أشياء، فعملت معه في صناعة العرائس للأطفال والتدوير وكيف نقوي سلوك الأطفال.
علاقتي معه كانت بالتواصل المستمر، وكنت أشعر بنوع من الارتياح مع هذا الفنان الكبير، ولأنه انسان كان يتماهى في الكثير من الأشياء، وكان دائما يعطي مساحة للطرف الآخر، كان بسيطا، متواضعا لأقصى حد، جمعتنا المناسبات والجلوس سويا على المقاهي وكنا دائمي الحديث والمقابلات، كانت علاقتي به ممتدة، اتسمت بالحب والصفاء الذاتي، فهناك العديد من التفاصيل التي ربطتني به، ذلك هو الفنان الحقيقي والإنسان الذي ارتبط بعمله أيضا مع الاطفال المعاقين وأطفال الأحداث.
رسالة عاطف أبو شهبة في مواجهة النسيان
وقال الباحث أحمد عبد العليم:
في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات الاجتماعية والثقافية، تظهر شخصيات نادرة تلتزم بالفن كرسالة، وتتمسك بأحلامها رغم انحسار الأضواء عنها، هذا هو الفنان عاطف أبو شهبة، صانع العرائس الذي جسد عبر حياته وفنه قصة كفاح الإنسان للحفاظ على هويته الفنية أمام التحديات.
نحيفا في السبعينيات من عمره،، قد لا تكتشف وجوده حتى يتحدث، يعتبر عاطف أبو شهبة رمزا من رموز فن العرائس في مصر، وإن كان هذا الفن قد نشأ بوصفه جزءا من التراث الشعبي، حيث كانت العرائس وسيلة للتعبير عن القصص الشعبية، والنقد الاجتماعي، وحتى نقل الأحلام الجماعية، لكن عاطف لم يكن مجرد صانع عرائس، بل كان راوياً يسرد من خلال فنه حكايات المجتمع، ليبث فيها الروح والخيال، ومع مرور الوقت، أصبح الفن بالنسبة له هوية ورسالة تتجاوز التسلية لتلامس قلوب الناس.
ومع تراجع الاهتمام بفن العرائس نتيجة التحول التكنولوجي، يتحول نضال عاطف أبو شهبة إلى معركة للحفاظ على وجود هذا الفن، وكأن كل عروسة يصنعها هي جندي في مواجهة النسيان، ومن هنا تمثل حياة عاطف أبو شهبة حكاية يرويها عن كل الفنانين الذين يجبرون على مقاومة التهميش في زمن تدار فيه الفنون وفق قوانين السوق لا الشغف، عن تطور تكنولوجي يهمش فنونا، ويطرد وظائف من السوق، ليصبح الإنسان خارج الاهتمام.
يمثل عاطف أبو شهبة التراث المصري الأصيل الذي يقف أمام رياح التغيرات وقوة الإبداع التي تكمن في القدرة على التكيف مع الظروف دون فقدان الجذور، فحكاية عاطف أبو شهبة ليست مجرد سرد لحياة صانع عرائس، بل هي دعوة للتأمل في قوة الفن ودوره في تشكيل المجتمعات، إنها قصة عن الإصرار والإيمان بقيمة الإبداع، حتى عندما يصبح العالم أقل اهتماما بما يمكن للفنان أن يقدمه.
يُجسد عاطف أبو شهبة حالة الفنان الذي يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على تراثه، ليس فقط لنفسه أو لعائلته، ولكن للأجيال القادمة، إنه البطل المجهول في معركة البقاء، وهو درس في الشغف الذي يتحدى تغيرات الزمن.
الفنان الإنسان
وشارك الفنان العرائسي يوسف مغاوري قائلا:
عم عاطف الله يرحمه كان متخصصا في العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، شاركنا معا في تجربة في الحديقة الثقافية إنتاج مسرحية ( الساعة ) عرضت في الملتقي العربي للدمى والعرائس .
كانت التجربة تصنيع دمى وعمل عرض مسرحي، وشارك فيه طبيب نفسي وصناع دمى ومشرف من المركز والمؤلف والمخرج عم عاطف الله يرحمه، كان أبا وأخا وصديقا، ومن شدة تعلق الأطفال به كان هناك طفل متلازمة عندما تأخر الأهل عليه عن موعد الورشة، ترك بيته وجاء ورشة العرائس بمفرده، في حين بحث أهله عنه، حتى جاؤوا المركز في الحديقة الثقافية ووجدوه فيها، حبا لا يضاهيه حب وتعلقا بالإنسان الفنان والمعلم والأستاذ .
واحدًا من رواد فن العرائس في مصر
وعلق الفنان التشكيلي حسام ربيع قائلا:
عاطف أبو شهبة فنان مسرحي من طراز فريد، اختار لنفسه مجالا خاصا تميز فيه، فهو إلى جانب كونه فنان عرائس ومدربا مسرحيا ومخرجا لذوى الاحتياجات الخاصة، إلا أنه تميز في نوع خاص جدا من المسرح وهو المسرح الورقي.
حضر الفنان عاطف أبو شهبة عندي في المنصورة وبدون اعداد أو تجهيز عملت معه رحمه الله لقاءا، تحدث فيه بحريته عن أشياء كثيرة ومهمة حيث أكد أن هذا النوع من الفن ظهر في الصين وألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية لكنه لم يلق رواجا إلا بعد اشتعال الحرب؛ لعزوف الجمهور عن الذهاب الى المسارح، فجاء المسرح الورقي ليحاكي مسرح الأوبرا، وتم تقديم أعمال عالمية شهيرة مثل «الناي السحري» و«فيديليو»، وكذلك الأعمال المقدمة في المسرح في البلدان الناطقة بالألمانية، «فاوست»، و«يليام تيل» بالإضافة إلى أعمال شكسبير: هاملت وروميو وجولييت وعطيل وهكذا، وانتقل بعد ذلك إلى عدد من البلدان وخاصة في أثناء الحرب.
كما قال ابو شهبة في حواره معي ان هذا الفن الذى هو محاكاة للعلبة الإيطالية في الشكل، تقدم داخلها العرض المطلوب بشخوصه، وما شده فيه إمكانية تحقيق الشكل وسهولة نقله وتركيبه في أماكن غير تقليدية، فعكف على دراسة متفحصة لمدة عامين لهذا النوع إلى أن أعلن عنه وقام بالتعاون مع مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية بتقديم أول ورشة في مصر لهذا النوع، وتم تخريج أول دفعة عام2016، وبعدها قام بعمل ورشة للأطفال بالتعاون مع مؤسسة كن للتدريب في مكتبة الجامعة الأمريكية لتخريج دفعة من الأطفال وبالتعاون مع الفنانة سمر صلاح فنانة الصلصال والفنان منار واكيم من سوريا. أدخل فن الصلصال وفن الكولاج، وتم تخريج 6 أطفال عام 2017.
وكان أهم أسباب بحثه هو الوصول إلى الجمهور وهذا عامل أساسي في هذا النوع على حد قوله، لأنه يسهل تقديمه فى أماكن غير تقليدية «حدائق عامة. فصل دراسي، مستشفى، مقهى»، كما أنه يسمح بمشاركة عناصر أخرى من خارجه مثل المهرج، الموسيقى الحية، حكاء، راو، لاعبي سيرك.
شارك عاطف أبو شهبة في الفيلم التسجيلي الطويل « بتاع العرايس “، والذي تناول فيه قصة حياته، من إخراج عمروش بدر وإنتاج كل من بينو سمير وهينار ريان، وتألق أبو شهبة على السجادة الحمراء حيث قدم فقرة مميزة مع الأراجوز، مضيفًا جوًا من الفكاهة والسحر لحضور الحدث السينمائي البارز.
عاطف أبو شهبة، الذي يعتبر واحدًا من رواد فن العرائس في مصر، يأتي ليُضيف جاذبيته الخاصة إلى المهرجان، الذي يعد فرصة مهمة لتبادل الخبرات والتواصل بين الفنانين السكندريين.
ويُعتبر فيلم ‘بتاع العرايس› من أبرز الأعمال التسجيلية، فهو يعدُّ فرصة لاستكشاف عوالم العرائس برؤية جديدة ومن زاوية أكثر إنسانية تمنح التقدير للفنانين القلائل القائمين على هذا الفن الذي في طريقه للاندثار.
يذكر أن الفيلم شارك في ورشة تطوير بمهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي وتميز بمشاركته في مبادرة ذافاكتوري التابعة لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، حيث حاز على جائزتين متميزتين...رحم الله الفنان والصديق المناضل عاطف أبو شهبة.
كان داعما للشباب وملهما لهم
وشارك مصمم الديكور الفنان شادي قطامش قائلا:
كان فنان مهم ومحترم، ورائدا في مجاله، ودائما ما كان عنده شغف للأفضل في كل شيء، وكان دائما مستمر على العمل الفني، رغم كل الظروف المحيطة به، وكان داعما للشباب وملهما لهم..رحمة الله على الناس الطيبين..