العدد 905 صدر بتاريخ 30ديسمبر2024
في خطوة نحو تعزيز الوعي بأهمية مسرح الطفل ودوره في تشكيل أجيال المستقبل، نظمت شعبة أدب الطفل بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ندوة حوارية بعنوان “مسرح الطفل وقضايا الوعي”، وذلك يوم السبت الماضي بمقر النقابة بحي الزمالك.
جمعت الندوة نخبة من المتخصصين والكتاب والفنانين، على رأسهم الفنانة القديرة عزة لبيب، التي أثرّت الحوار بخبرتها الواسعة في مجال مسرح الطفل، إلى جانب الكاتب الكبير أحمد زحام، والكاتب عبده الزراع، والمخرج محمد فؤاد، والكاتب منتصر ثابت، والكاتب أحمد عبد العظيم، الفنانة الصغيرة فريدة سمير.
بالإضافة لكل من الكاتبة نجلاء علام مقرر اللجنة، والكاتبة هويدا زكريا، والكاتبة عزة ابو العز،
قدم الندوة الباحث حمدي سليمان عضو الشعبة الذي رحب في البداية بكل الساده الحضور وقال إن موضوع الندوة يعد من الموضوعات الهامة التي يجب تسليط الضوء عليها ونحتاج إلي المزيد من الندوات والنقاش حول هذه القضايا آملين أن نكون قادرين على تشكيل الوعي لدي الطفل المصري والأجيال الجديدة خاصه في ظل التحديات والصعوبات والمتغيرات التي تواجه هذا الجيل علي مستوي العالم لأننا بالفعل بصدد مواجهه تحديات “شرسة»
مضيفاً أن المشاكل التي تواجه مسرح الطفل تشبه إلى حد كبير تلك التي تواجه مسرح الكبار وهناك وعي عام بمشاكل مسرح الطفل، وحراك لمعالجتها وطرحها في العديد من الندوات وهناك تقارب بين تحديات مسرح الطفل والكبار التي تتمثل في الإنتاج ونوعية النصوص المقدمة والإخراج وغيرة معتقدا الكبار لديهم القدرة على حل مشاكلهم بشكل كبير، أما مسرح الطفل فهو أداه أساسية في تشكيل الوعي.
الفنانة عزه لبيب
بينما أعربت الفنانة القديرة عزة لبيب عن سعادتها الغامرة بالمشاركة في ندوة «مسرح الطفل»، مؤكدةً على أهمية هذا المجال في تشكيل وجدان الأطفال. وأشارت لبيب إلى أن مسرح الطفل يتطلب حساسية خاصة، داعيةً إلى ضرورة احترام عقلية الطفل في كل جوانب العرض المسرحي، بدءًا من الدعاية وحتى تجربة الحضور داخل المسرح. «استعرضت الفنانة عزة لبيب، في حديثها، تجربتها الغنية في مجال مسرح الطفل، لا سيما خلال فترة توليها إدارة فرقة المسرح القومي للطفل. وأوضحت أن هذه التجربة علمتها الكثير عن طبيعة الأطفال واحتياجاتهم الفنية، مؤكدة على أهمية التواصل مع الأجيال الجديدة بلغة عصرية تناسب تفكيرهم.»
كما أكدت أيضاً على ضرورة غرس القيم المصرية في نفوس الأطفال منذ الصغر، مشددة على أهمية تقديم قصص وحكايات مصرية بدلاً من الاعتماد على الأعمال الأجنبية مثل ديزني والحفاظ علي التراث لدي الأجيال الحالية،
الكاتب احمد زحام
قال الكاتب أحمد زحام إن الأسرة تلعب دوراً محورياً في تشكيل وعي الطفل منذ الصغر، مشيراً إلى تجربة طفل نشأ في قصر الثقافة ومارس العديد من الأنشطة الفنية، ثم اتجه فجأة إلى عالم الرياضة بعد ظهور النجم محمد صلاح وهذا التحول المفاجئ يؤكد أهمية الدور الأسري في توجيه ميول الأطفال.
وأوضح زحام أن الأسرة هي التي تحدد إلى حد كبير مستقبل أبنائها، داعياً إلى ضرورة توفير بيئة ثقافية غنية للأطفال، مثل جعل العروض المسرحية في قصر الثقافة مجانية، لتعزيز الوعي الثقافي لدى الأسر وتشجيعهم على اصطحاب أطفالهم إلى المسارح.
وفي سياق متصل، انتقد زحام لجان اختيار النصوص المسرحية الموجهة للأطفال، معتبراً أنها غير مؤهلة لاختيار نصوص تتناسب مع الطفل العصري. وأشار إلى أن هذه اللجان تفتقر إلى المعرفة الكافية بمفاهيم مسرح الطفل، داعياً إلى إعادة النظر في آليات اختيار النصوص مؤكداً أن كلامه موجه إلى اللجان الخاصة باختيار النصوص وليس الكتاب والمؤلفين .
وفيما يتعلق بالكتابة لمسرح الطفل، أكد زحام على أهمية أن تكون النصوص مكتوبة خصيصًا للأطفال، وأن تحمل رسائل تربوية واضحة. وشدد على ضرورة أن يتم تقسيم النصوص حسب الفئات العمرية، حتى تصل الرسالة إلى الطفل بشكل مناسب متفقا مع رأي الفنانة عزه لبيب في هذه النقطة ، وشدد زحام على أهمية الورش التي تعقد على النص المسرحي قبل عرضه، مشيرًا إلى أن هذه الورش تساهم في تطوير النص وتكييفه مع متطلبات المسرح. واستشهد بتجربته مع مسرح المعاقين، حيث واجه العديد من الصعوبات بسبب الروتين البيروقراطي الذي يعاني منه هذا النوع من المسرح،
يري زحام أن قلة الموارد وعدم تقدير دور الكتاب والمؤلفين» هما العائقان الرئيسيان اللذان يواجهان مسرح الطفل، ودعا إلى ضرورة توفير الدعم المادي والمعنوي لكتاب مسرح الطفل، حتى يتمكنوا من تقديم أعمال إبداعية تساهم في بناء جيل واعٍ ومثقف،
الكاتب عبده الزراع
أطلق الكاتب عبد الزراع صرخة تحذير من وجود أزمة حقيقية في مجال كتابة مسرح الطفل في مصر. وأكد الزراع أن هناك نقصًا حادًا في الكُتاب الموهوبين القادرين على صياغة نصوص مسرحية تتناسب مع عقلية الطفل المعاصر، والذي بات أكثر تطورًا بفضل التكنولوجيا والوسائل الحديثة.
وشدد الزراع على ضرورة تطور الكاتب ليواكب تطور الطفل، مشيرًا إلى أن الطفل أصبح يتفوق على الكبار في بعض الأحيان بفضل تفاعله المستمر مع وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة. وأضاف أن دمج التكنولوجيا في العروض المسرحية بات أمرًا حتميًا، ولا مجال للجدال حوله،
وألقى الزراع باللوم على النظام التعليمي، مؤكدًا أن تحسين مستوى التعليم في مصر هو الحل الأمثل لمعالجة جميع المشاكل، بما في ذلك أزمة مسرح الطفل. ودعا الزراع إلى ضرورة إحداث ثورة في الوعي تبدأ من المدرسة،
وأعرب الزراع عن أسفه لعدم حضور عدد كبير من الأدباء والكتاب في ندوة مسرح الطفل، رغم الدعاية الكافية التي سبقتها. وأكد أن تبادل الخبرات بين الكُتاب والمخرجين أمر ضروري لتطوير هذا المجال.
موضحاً في النهاية الفرق بين النص الذي يكتبه المؤلف والنص الذي يظهر على خشبة المسرح، مشيرًا إلى أن النص النهائي هو نتاج تعاون بين الكاتب والمخرج. ودعا الكُتاب إلى ضرورة المرونة والقبول لتعديلات المخرج، مؤكدًا أن رؤية المخرج قد تكون أحيانًا أكثر صحة،
الكاتب منتصر ثابت
أكد الكاتب منتصر ثابت في حديثة، أهمية ما ذكره الكاتب أحمد زحام بشأن ضرورة وجود متخصصين في مجال مسرح الطفل لتشكيل وعي الأطفال قائلاً «إن مسرح الطفل ليس مجرد عرض مسرحي، بل هو عالم سحري خاص يجب التعامل معه بأساليب فنية مبتكرة .
وأشار إلى تجربته في مهرجان مسرحي باليابان عام 2005، حيث شاهد عروضًا مبهرة للأطفال تعتمد على الحركة والإيماءات والديكور أكثر من الحوار، مؤكدًا أن هذا الأسلوب أكثر فعالية في توصيل الرسائل للأطفال.
مضيفاً عندما عدت إلى مصر بعد هذه التجربة، كتبت نصًا مسرحيًا يعتمد على هذا الأسلوب، ولكن للأسف تم رفضه بحجة قلة الحوار، وهذا يدل على وجود فجوة كبيرة في فهمنا لمسرح الطفل”
وشدد ثابت على ضرورة أن يكون المخرج أو القائمين على مسرح الطفل على دراية بسيكولوجية الطفل وقادرون على التواصل معه بلغة فنية بسيطة ومباشرة، مؤكدًا أن مسرح الطفل ليس مجرد تسلية، بل هو وسيلة لتشكيل وعي الطفل وتنمية خياله وقدراته وانتماءه وشعورة بالمسؤولية واحترام الآخر كل هذا في حال أن يكون الطفل مشاركا في العمل المسرحي أما في حال أن الطفل هو المتلقي هنا يلعب الكاتب دورًا حاسمًا في تشكيل وعي الطفل المتلقي ف النص الجيد هو الذي يقدم رسائل إيجابية وقيمًا نبيلة، ويستخدم لغة بسيطة ومناسبة لعمر الطفل، ويجب ألا ننسى أن الأطفال اليوم يعيشون في عصر التكنولوجيا، وهم أسرع في التعلم والاستيعاب. لذلك، يجب أن نقدم لهم أعمالًا مسرحية تتناسب مع قدراتهم العقلية وتثير فضولهم،
الطفلة فريدة سمير
أعربت الكاتبة (الطفلة) فريدة سمير عن فخرها واعتزازها بوجودها بين نخبة من الأدباء والمثقفين. وقد حصدت فريدة على العديد من الجوائز في مجال التأليف، كان آخرها جائزة المبدع الصغير فرع التاليف المسرحي في دورتها الثانية. واوضحت أن بدايتها مع الكتابة كانت في سن مبكرة من خلال تأليف قصص للاطفال بشكل عام بينما كانت بدايتها في التأليف المسرحي كانت من خلال ورشة عمل للكاتب أحمد زحام مؤكده أنه من علمها اساليب المسرح مشيرةً إلى أن مسرحيتها الأولى “الزرافة والعصفور” التي تناولت قيمة التعاون، كانت نقطة تحول في مسيرتها الإبداعية وحصلت من خلالها على جائزه .
وتؤكد فريدة على أهمية استخدام الأسلوب غير المباشر في كتاباتها المسرحية الموجهة للأطفال، حتى يتمكنوا من استيعاب الرسائل القيمة بسهولة ويسر.
وتري أن الأطفال أصبحوا غير مهتمين بالمسرح بسبب المحتوى البسيط والتقليدي الذي يقدم لهم، مما يشعرهم بالاستهانة بعقولهم. وأشارت إلى أهمية تجديد المحتوى المسرحي وتسويقه بشكل جيد لجذب الأطفال
شددت فريدة على أن بناء الثقة في الأطفال وتشجيع مواهبهم يساهم في تنمية أجيال واعية ومبدعة
الكاتب احمد عبد العظيم
بينما أعرب الكاتب احمد عبد العظيم عن سعادته بالمشاركة في هذه الندوة الخاصة بمسرح الطفل.
وعن موضوع الندوة أكد عبد العظيم على الدور المحوري الذي لعبه هذا الفن في تشكيل وعيه ووعي جيل كامل من المبدعين. وقال عندما تلقيت دعوة الكاتب عبد الزراع، لم أتردد لحظة. مسرح الطفل مسؤولية أتحملها تجاه الأجيال القادمة”
مضيفا انه واحد من كثيرين تشكل وعيه بفضل مسرح الطفل وعمالقته. ليس الأمر مقتصرًا على انه أصبح كاتباً للأطفال أو يغني لهم، بل تعدى ذلك إلى تشكيل رؤيتة للعالم، وقدرتة على القراءة والخيال والقيادة، والشعور بالآخر، والثقة بالنفس. هذا كله ثمرة لسنوات قضاها مسرح الطفل في صقل وعية»
وتابع عبد العظيم علينا أن ننقل ما تعلمناه من هؤلاء العمالقة للأجيال الجديدة. لكنني لا أستطيع أن أزعم أن هذا قد حدث بالشكل الكافي. علينا أن ننتظر جيلًا جديدًا ليؤكد ذلك”
وحول التربية المسرحية ورعاية الموهوبين، أعرب عبد العظيم عن أسفه لعدم وجود برامج متخصصة في هذا المجال بمحافظة المنيا وقال في تجربتي في المملكة العربية السعودية، عملت مع أطفال في سن مبكرة جدًا، ثم عدت لمصر للعمل مع المرحلة الثانوية. خلال هذه الرحلة، تمكنا من تحويل كل ركن في المدرسة إلى مسرح صغير واصبح الطالب يشعر بالمسؤولية الكاملة اتجاه هذا العمل
المخرج محمد فؤاد
في كلمته ألقى المخرج المسرحي محمد فؤاد الضوء على تجربته الفنية، مؤكداً أن وعيه الفني تشكل في بؤرة قصور الثقافة في حقبة زمنية ما شهدت ازدهاراً كبيراً للحركة الثقافية، وأوضح فؤاد أن تلك الفترة كانت حاضنة للمواهب والعمل على توظيفها بشكل احترافي، حيث عمل متخصصون ومبدعون كبار على غرار الكاتب إبراهيم عبد المجيد والشاعر أحمد الحوتي، مما ساهم في صقل أجيال من الفنانين.
وأشار فؤاد إلى التحديات التي تواجه مسرح الطفل حالياً، لافتاً إلى صعوبة تقديم عروض مبهرة بميزانيات محدودة في ظل منافسة عروض ضخمة. وأعرب عن أسفه لإهمال المسؤولين لمسرح الطفل، وعدم إدراجه بشكل كافٍ في المهرجانات والمحافل الثقافية.
ونقل فؤاد مقولة مؤثرة مفادها أن «المسرح ليس مرآة للواقع بل مطرقة لتشكيل الوعي»، مؤكداً على الدور الحيوي الذي يلعبه المخرج في تشكيل وعي الطفل من خلال العروض المسرحية، وتحدث فؤاد عن تجربة مسرحية «كمان زغلول» للكاتب أحمد زحام الذي أشار إليها بمشاركة الكاتب عبده الزراع وأهمية دمج الأطفال المعاقين في العروض المسرحية، وإلى التحديات التي تواجه هذا النوع من المسرح بسبب التعقيدات الإدارية والمحدودية في البنية التحتية للمسارح.
الكاتبة نجلاء علام
قالت الكاتبة نجلاء علام أن كتابة النصوص المسرحية تمثل تحديًا أكبر من الكتابة السردية، مشيرة إلى أن المسرح يفرض على الكاتب دقة متناهية في اختيار الكلمات وتوزيعها على الشخصيات، عكس الرواية التي تمنح الكاتب مساحة أكبر للتعبير من خلال مواقف واحداث وسرد مطلق .
فهي رحيمه بالكاتب أكثر من الكثابة للمسرح وتري أن كل من يعمل في مسرح الطفل و والمجال الثقافي بشكل عام هم من (المحاربين) وفي النهاية وجهت الشكر لكل الحضور من الأدباء والفنانين لأثراء هذه الندوة .
الكاتبة عزه ابو العز
وفي الختام تحدثت الكاتبة والمنسق الإعلامي للنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر عزة أبو العز عن تجربتها الملهمة في عالم أدب الطفل، وكشفت عن الدوافع التي دفعتها إلى هذا المجال.
أكدت أبو العز أن هدفها الأساسي هو إيصال رسالة حب وعطاء لكل الأطفال، خاصة أولئك الذين يعيشون في الأقاليم، واعتبرت أن الأطفال هم أولادها جميعًا، فغياب الأبناء الحقيقيين لم يمنعها من أن تشعر بأمومة عميقة تجاه كل طفل.
وتابعت «أؤمن بأن لكل فرد دور مهم في المجتمع، وأن أهم ما يمكن للإنسان أن يفعله هو تنمية وعيه وتوسيع مداركه. ولذلك، ركزت في كتاباتي على مواضيع تهم الأطفال، واستخدمت وسائل مختلفة مثل الإذاعة المدرسية والرسم والأنشطة الثقافية لنقل المعرفة والإلهام»،
وأشارت أبو العز إلى أن تجربتها في العمل مع أطفال الأقاليم كانت غنية ومثرية، حيث لاحظت أن هؤلاء الأطفال يمتلكون طاقات وإمكانيات كبيرة، ولكنهم يحتاجون إلى الدعم والتشجيع. ولهذا السبب، أطلقت مشروع «مملكة الأطفال» الذي يستهدف الأطفال من سن الخامسة إلى الخامسة عشرة، ويهدف إلى تنمية مواهبهم وقدراتهم.
وقالت «استخدمنا في مشروعنا وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال، وعقدنا العديد من اللقاءات والورش التدريبية، ونظمنا رحلات إلى المتاحف والمعارض. كما حرصنا على كتابة قصص تلهم الأطفال وتشجعهم على تحقيق أحلامهم»
وأوضحت الكاتبة أن اختيارها للأطفال الموهوبين كأبطال لقصصها جاء من إيمانها بأهمية إبراز الإيجابيات والقدرات الخاصة بكل طفل أكدت أكتب عن الطفل الموهوب من خلال سرد قصة حياته، وتسليط الضوء على بيئته وأسرته وشخصيته، بهدف إلهام الأطفال الآخرين وتحفيزهم على تطوير مواهبهم.