برودواى بين 2024و2025

برودواى بين  2024و2025

العدد 906 صدر بتاريخ 6يناير2025

فى محضر تقييم أداء برودواى عاصمة المسرح الأمريكى فى 2024 اختلف النقاد حول تقييم العروض المسرحية التى قدمت على مسارحها فى العام المنصرم.
لكن هناك اتفاقا شبه تام على أن عام 2024 كان عاما واصلت فيه برودواى الانتعاش والتعافى من أثار إجراءات التباعد بسبب كورونا. بدأ هذا الانتعاش فى 2023 حيث حققت العروض المسرحية على مسارح برودواى البالغ عددها 41 مسرحا  مليارا و600 مليون دولار. ومن المتوقع أن تكون عروض برودواى قد حققت عوائد أكبر فى العام المنصرم بعد الانتهاء من حسابها. ويعد هذا الرقم أقل من الأرقام المعتادة قبل إجراءات كورونا لكنه إنجاز على كل حال. ويلفت النظر أيضا أن عددا من مسارح برودواى فتحت أبوابها فى 2024 بعد أن كانت مغلقة.

معيار أخر
ويرى ناقد النيويورك تايمز أن معيار التقييم لاينبغى أن يكون العائد وحده أو فتح مسارح كانت مغلقة. يجب أن يضاف اليها فى الوقت نفسه جودة هذه الاعمال وان تناقش مشاكل المجتمع الأمريكى المعقدة وتلقى الضوء عليها. وهذا أمر بالغ الأهمية فى ضوء ظهور أعمال جيدة فى نيويورك نفسها خارج برودواى وفى ولايات أخرى.
ويقول الناقد أنه شاهد عددا من الأعمال خارج برودواى كانت على درجة عالية من الجودة بحيث تكون منافسا قويا لمسارح برودواى .  وانتقل بعضها بالفعل إلى برودواى أو فى طريقه إليها  بعد ما حققه من نجاح. هذا رغم أن بعضها قدمته فرق هواة غير ربحية. واختار الناقد عددا من المسرحيات التى ينطبق عليها هذا الوصف والتى عرضت بين ديسمبر 2023 وحتى نوفمبر 2024.وكان معظمها يعالج موضوع العنصرية التى بدأت تعود إلى المجتمع الأمريكى بشكل يبعث على القلق. وبعض هذه العروض تحذر من الأثار السلبية التى يمكن أن تلحق بالمجتمع الأمريكى من جراء تفشى العنصرية.

المناسب
من هذه العروض ”المناسب” وهو عرض يعالج قضية العنصرية من خلال مجموعة من الأطفال البيض والسود تندلع بينهم مناقشة حول لون البشرة وأهميته وكيف يكون البيض أكثر ثراء من السود إلى أخر هذه الامور.
وبدلا من تدخل الأسر للتهدئة بين الأطفال تنتقل المناقشة إلى الأسر لتصبح ذات طابع عرقى وسياسى بما يجره ذلك من مشاكل وتبعات. وتم عرض الفكرة بأسلوب صاخب ساهم فى تثبيت الفكرة. وقد فاز العرض بعدد من جوائز تونى المسرحية المرموقة.
وهناك مسرحية “مختصر عملى” وهى من تأليف هيثر كريستيان وهى مطربة وكاتبة مسرحية ومؤلفة موسيقية أيضا. وتميزت المسرحية باشتراك عدد كبير من الممثلين فيها على نحو لا يكون مألوفا فى العروض المسرحية. وكانت بعض أحداثها تدور داخل كنائس كاثوليكية وتتضمن صلوات كنسية وترديد آيات من الكتاب المقدس. وكانت تركز بشكل خاص على مشاكل المرأة الامريكية. وكان من المقرر أن تخرج كريستيان المسرحية بنفسها لكنها رات أن المخرج الجنوب افريقى كينان اوليفانت اقدر على التعامل مع هذا النص. وقد كان ولم يخب ظنها.

قانون ميت
وتأتى بعد ذلك المسرحية الغنائية «الخارج على القانون الميت» وهى من تأليف الكاتب الأمريكى صاحب الاصول اللبنانية والايطالية ديفيد يزبك (64 سنة). وهو أيضا كاتب مسرحى ومؤلف اغانى وملحن وله العديد من المسرحيات الغنائية التى عرضت على مسارح برودواى. لكن هذه المسرحية عرضت خارج برودواى وسوف تعرض فى برودواى فى 2025. وهو يقوم بأكثر من دور فى مسرحياته الغنائية ولايكتفى بدور المؤلف بل يقوم أيضا بدور مؤلف  الأغانى أو الملحن أو المنتج والمغنى أحيانا.
وقد فازت أعماله بالعديد من الجوائز فى طبقات عديدة. والطريف هنا أن المسرحية مأخوذة عن مسرحية أخرى لكاتب أمريكى أخر هو ايتامار موسيز (48 سنة) لكنه أعاد كتابتها برؤية وزوايا مختلفة رأى انها تستحق أن يعتبر كاتبها. ولم يعترض موسيز.
وتتناول المسرحية التمرد على القيود العتيقة التى تكبل حركة المجتمع. ويأخذ عليها بعض النقاد فقط لجوئها إلى بعض الاشارات الساذجة مثل ظهور البطل وهو يطلق الرصاص على اخرين من نعش اشارة إلى تلك القيود.  
والمسرحية من النوع الكوميدى وتدور حول شخص اسمه ماكوردى جسد شخصيته اندرو دوراند  يتميز بالبخل والغباء يواجه مواقف عديدة فيما يشبه مسرح العبث.
تجربة
ونأتى إلى مسرحية اخرى وهى «مارى جين « وهى من تأليف كاتبة مسرحية امريكية اخرى هى امى هيرتزوج التى تهتم اساسا بالقضايا الاجتماعية فى اعمالها. وهى متأثرة بالكاتب النرويجى هنريك ابسين (1828- 1906). ولا تنكر انها تقتبس بعض اعمالها من اعماله لكنها تضفى عليها لمسات اجتماعية تنفى عنها الاتهامات بالسطو على اعماله مثل بيت الدمية وسيد البنائين.
وفى هذه المسرحية تناولت حكاية ام تتعامل مع مشكلة اسرية تتمثل فى معاناة طفلها (عامان) من امراض عديدة لايرجى شفاؤها. ويعتقد انها تعاملت فى هذه المسرحية مع حياتها الشخصية حيث انجبت طفلة مريضة ماتت بسبب معاناتها من مشاكل صاحبتها منذ مولدها وتوفيت بسببها فى سن 11 عاما. ويرى النقاد انها نجحت فى التعبير عن معاناة الاسر التى تعانى من وجود ابناء من  اصحاب الظروف الخاصة  وكيف يتعين عليهم الاجابة عن اسئلة عديدة.   
ونأتى إلى مسرحية جديدة وهى «الينوى»وهو اسم ولاية امريكية تقع فيها شيكاغو ثالث كبرى المدن الامريكية.
والمسرحية عبارة عن  مسرحية غنائية راقصة كتبها ووضع الحانها سوفجان ستيفنز وهى مأخوذة عن قصة لجاستن بيك. المسرحية الموسيقية مستوحاة من ألبوم ستيفنز 2005 إلينوي. وتدور المسرحية حول شابً ينضم إلى مجموعة من الأصدقاء يروون قصصًا حول نار المخيم عن طفولتهم ونشأتهم في إلينوي وتطرح هذه القصص عددا من قضايا المراهقين فى المجتمع الامريكى.
ونأتى إلى مسرحية “القطط: الكرة الهلامية” وهى  تأليف الشاعر الأمريكى الشهير تى اس اليوت  والحان الموسيقار البريطانى الشهير اندرو لويد ويبر التى كان الابطال فيها  يضعون الماكياج الذى يظهرهم كالقطط ويحاولون شق طريقهم فى الحياة بسبل مختلفة .

الكوميديا مظلومة
  ونأتى إلى مسرحية «او ميرى « لكول اسكولا.  وهى مسرحية كوميدية بشكل غير عادى جعل بعض النقاد ينتقدونها بزعم أن استرسال الجمهور فى الضحك يضيع الهدف من العمل الدرامى وهو فى راى الناقد حكم غير عادل. وهذه المسرحية عرضت فى نيويورك بالفعل لكن خارج برودواى على مسرح لوسيل لورتل. ويتوقع لها العرض فى برودواى فى 2025 .
وتدور احداث المسرحية حول سيدة تسعى إلى الشهرة ويساعدها زوجها الذى يشبه الرئيس الامريكى الراحل ابراهام لنكولن ويحمل نفس اسمه مما يكون مصدر لمفارقات عديدة تفجر الضحكات.
ونأتى اخيرا إلى مسرحية «تلال كاليفورنيا» لجيز  باتروورث التى يشارك فيها خمس ممثلات فقط منهن اربع فتيات  وتجسد الخامسة دور سيدة ليس لها ابناء وتعامل الفتيات الاربع .  وهى تدرب بناتها على العمل فى مجال الاستعراض لمساعدتهن على تحقيق حلم لم تحققه  سواء النجاح فى عالم الاستعراض  أو بالامومة . وتتنقل المسرحية بين الماضى والحاضر اعتبارا من الخمسينيات. وكان مأخذ الناقد الوحيد على المسرحية  هو طول مدتها التى بلغت 3 ساعات.


ترجمة هشام عبد الرءوف