العدد 920 صدر بتاريخ 14أبريل2025
تحت شعار «رجل المسرح.. ريادة وعطاء»، انطلقت باكورة الأمسيات الفكرية المصاحبة لفعاليات مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة فى دورته الأولى، التى تحمل اسم الفنان القدير أشرف زكى، وتقام فى الفترة من 6 إلى 17 أبريل الجارى.
احتضنت قاعة ثروت عكاشة بأكاديمية الفنون فعاليات الأمسية الأولى، يوم الثلاثاء الماضى، وسط حضور لافت من رموز المسرح والنقد، تقدمتهم الدكتورة غادة جبارة، رئيس أكاديمية الفنون ورئيس المهرجان، والمخرج محمود فؤاد صدقى، مدير مسرح نهاد صليحة ومدير المهرجان، إلى جانب نخبة من الفنانين والمثقفين.
تنوعت محاور الأمسية لتشمل جوانب مختلفة من المشهد الثقافى والفنى. استهلت الفعاليات بتوقيع كتاب الفنان أشرف زكى، حيث ألقت الدكتورة ياسمين عبدالحسيب الضوء على إسهاماته الفكرية والفنية.
وفى محور آخر، استعاد الحضور ذكريات الفنان الراحل سعد أردش من خلال شهادة مؤثرة قدمها الفنان جهاد أبوالعينين، مستعرضًا جوانب من مسيرته الفنية وتأثيره فى الحركة المسرحية.
واختتمت الأمسية بمتابعة نقدية ثرية قدمتها الكاتبة والناقدة الفنية نهلة إيهاب، تناولت خلالها بعض العروض المشاركة فى المهرجان. كما قدم الناقد فادى نشأت أوراقًا بحثية معمقة تناولت قضايا الفضاءات المسرحية المتعددة، مركزًا على مفهوم المسرح الغامر وتطبيقاته،
أدار الأمسية د. هانى كمال الذى أعرب عن سعادته الغامرة بصعود المنصة واختياره لإدارة هذه الأمسية المتميزة. وكشف كمال عن فعاليات الأمسية الثلاثية، والتى تتصدرها محطة بارزة تتمثل فى توقيع كتاب الفنان القدير أشرف زكى، مؤكدًا أنه يمثل علامة فارقة ومضيئة فى سماء العمل الفنى والإدارى على حد سواء ثم شرع فى سرد مقتطفات ومحطات مهمة من مسيرته الفنية والادارية، مستعرضًا إسهاماته وإنجازاته التى تركت بصمة واضحة فى المشهد الثقافى والفنى.
أشرف زكى: «كل إنسان على قد حلمه» مفتاح الحياة.. والعطاء أهم من المناصب
خلال مراسم توقيع كتابه “الفارس الهمام”، أدلى الفنان القدير أشرف زكى بتصريحات موجزة، لكنها حملت فى طياتها رؤيته للحياة ومفاتيحه للنجاح. وأكد زكى أن عبارة “كل إنسان على قد حلمه” تمثل له جوهر الحياة، مشيرًا إلى التمييز المهم بين امتلاك الحلم والإرادة اللازمة لتحقيقه. وأوضح أن الأحلام قد تكون متاحة للجميع، لكن ترجمتها إلى واقع ملموس تتطلب إرادة صلبة وآليات واضحة للتنفيذ.
وفى سياق آخر، أكد الفنان أشرف زكى، أهمية العطاء، واصفًا إياه بأنه أسمى من أى منصب. واستشهد بنجاحه فى إدارة أكاديمية الفنون، بالتعاون مع الدكتورة غادة جبارة، كنموذج يعكس تضافر الجهود لتحقيق تطلعات وتجاوز تحديات واجهتهم فى البدايات.
ياسمين عبدالحسيب
وفى كلمتها عبرت الكاتبة ياسمين عبدالحسيب عن سعادتها الغامرة بتكليفها من قبل إدارة المهرجان بصياغة والإشراف على كتاب يرصد مسيرة الفنان القدير أشرف زكى، والذى يحمل عنوان «الفارس الهمام».
وقد تقدمت عبدالحسيب بالشكر الجزيل لأكاديمية الفنون، برئاسة الدكتورة غادة جبارة، وللمخرج محمود فؤاد صدقى، مدير مسرح نهاد صليحة ومؤسس ومدير المهرجان، على ثقتهم الغالية وعلى تأسيس هذا المهرجان المهم.
كما خصت الفنان أشرف زكى بالشكر والتقدير لحضوره الدائم ودعمه المتواصل لكل فعالياتهم ولقاءاتهم الفنية.
وأوضحت عبدالحسيب أن هذا الكتاب هو باكورة الإصدارات المطبوعة للمهرجان، وكشفت عن مشاركة الكاتبين كريم صقر وطارق حبيب فى مهمة التحرير، مشيدة بجهودهما المتميزة التى ساهمت فى خروج هذا العمل إلى النور.
وأضافت عبدالحسيب أن الكتاب يشمل المسيرة الفنية والإدارية الشاملة للفنان أشرف زكى، مشيرة إلى أن سيرته الذاتية الضخمة تحتمل النشر فى عدة أجزاء وليس كتابًا واحدًا فقط، نظرًا لتعدد إنجازاته على كل الأصعدة. واختتمت حديثها بالإشارة إلى كلمته الشهيرة “احلموا”، والتى تعكس إيمانه بأن الطموح والسعى يقودان إلى تحقيق الأهداف بتوفيق من الله.
فى ذكرى مئويته.. تكريم اسم الراحل الدكتور سعد أردش وشهادات عن إنسانيته
شهدت الأمسية فى فعاليتها الثانية تكريمًا خاصًا لاسم فقيد المسرح المصرى الدكتور سعد أردش، بمناسبة مرور مائة عام على ميلاده، حيث استعرض متحدثون مسيرته الفنية والأكاديمية، وأضاءوا جوانب من شخصيته الإنسانية الملهمة.
وفى كلمته، أعرب الدكتور جهاد أبوالعينين، الأستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية، عن سعادته وتقديره لاختياره للحديث عن قامة بحجم سعد أردش. واستعرض أبوالعينين الدور الرائد للراحل فى المعهد العالى للفنون المسرحية، مؤكدًا دعمه المتواصل لطلابه وحرصه على إكسابهم الخبرات العملية من خلال إشراكهم فى مختلف المهام الأكاديمية، حتى فى تقييم زملائهم، مشيرًا إلى اتباعه مدرسة «الضغط من أجل إخراج الأفضل».
موضحا أنه كان دائم العطاء والسند لأبنائه الأكاديميين، هكذا وصف أبوالعينين علاقته بالراحل، مستحضرًا ذكريات تتلمذه على يده والعمل معه عن قرب. كما سلط الضوء على الجانب الإنسانى المؤثر فى حياة الدكتور أردش، مؤكدًا أن «التعامل الإنسانى الرفيع هو ما يميز الأستاذ الحقيقى عن غيره، بل ويسبق الجانب العلمى والأكاديمى فى أهميته».
وقد تخللت الأمسية شهادات أخرى أشادت بإسهامات الدكتور سعد أردش فى إثراء الحركة المسرحية المصرية، وبأخلاقه النبيلة وتأثيره الإيجابى فى حياة تلاميذه وزملائه. ليظل اسم هذا الرائد علامة فارقة فى تاريخ المسرح المصرى، ومصدر إلهام للأجيال القادمة.
الكاتبة والناقدة الفنية نهلة ايهاب
أعربت الكاتبة والناقدة الفنية الدكتورة نهلة إيهاب عن سعادتها بالمشاركة فى أولى الأمسيات الفكرية للدورة الأولى من مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة. ووجهت الشكر للقائمين على المهرجان، كما قدمت أيضا بشكل خاص الشكر للدكتور ياسر علام، رئيس اللجنة العلمية.
قدمت نهلة إيهاب قراءات نقدية مستفيضة لعدد من العروض المسرحية المشاركة، مركزة بشكل أساسى على البعد الإنسانى الذى تتضمنه هذه الأعمال، خاصة فى سياق عروض الفضاءات المتعددة. وسلطت الضوء على تجسيد الصراع الداخلى للفرد، وكيف ينبثق من منطقة اللاوعى ليشق طريقه نحو الوعى الشديد، وذلك من خلال التوظيف الذكى لعناصر العرض والمكان فى سبيل تأكيد رسالة الصراع.
وفى هذا الإطار، تناولت نهلة إيهاب عرض “مباراة القمة”، مشيرة إلى أنه يتجاوز كونه مجرد مباراة ملاكمة ليغوص فى أعماق الصراع بين الأنا والأنا. كما حللت عرضى “كابتن يحيى ناشد” و”مسافر ليل”، متناولة صراع السلطة الذى يميزهما واعتمادهما على عناصر بصرية كالإضاءة والبؤر الضوئية فى التعبير عن صعوبة التواصل والالتقاء بين الأفراد.
وأوضحت الدكتورة نهلة أن عرض “حلم ليلى” استثار الرغبات والمشكلات النفسية، فى حين أبرزت عروض الديودراما، مثل “المفتاح” و”دمى من ورق” ديناميكية الصراع بين الرجل والمرأة. ولم تغفل الإشادة بعروض المونودراما، وعلى رأسها عرض “يوميات ممثل مهزوم”، وكيف استطاع ببساطة السينوغرافيا فى فضاء مفتوح أن يصل رمزيته بفاعلية عالية إلى الجمهور.
فادى نشأت يختتم الأمسية باستشراف مستقبل المسرح الغامر
أشاد الباحث والناقد فادى نشأت بتميز المهرجان، مقدمًا شكره لإدارته على إتاحة الفرصة وتقديم هذا المحور الفكرى المهم.
وقد استعرض نشأت خلال الأمسية رؤيته لمستقبل المسرح من خلال مفهوم “المسرح الغامر” وتقنيات “الفضاء البديل”. وقدم تعريفًا للمسرح الغامر بأنه فكرة الفضاء البديل من خلال خلق حالة شعورية للمتلقى كى يكون داخل الحدث وتفعيل دوره الإيجابى، حيث يشارك الجمهور التمثيل فى خط درامى معين، وأشار إلى بعض التجارب من هذا النوع فى الولايات المتحدة الأمريكية.
موضحًا أن مفهوم المسرح الغامر يتضمن أشكالا متنوعة وغير مقتصر على قالب محدد، وفى هذا السياق أكد نشأت على الدور الحيوى للتفاعل والمشاركة فى تعزيز جاذبية العروض المسرحية، مشيرًا إلى الأهمية القصوى لتبنى التقنيات الحديثة، وعلى رأسها تقنية الهولوجرام، لمواجهة تأثير وسائل التواصل الاجتماعى واستقطاب الجمهور عبر تقديم تجارب بصرية مبتكرة.
كما أشار نشأت إلى نماذج اخرى من المسرح العالمى التى تبنت هذه المفاهيم بنجاح، مؤكدًا إمكانية تطبيقها وتطويرها فى السياق المحلى لإثراء المشهد المسرحى.