العدد 927 صدر بتاريخ 2يونيو2025
شهدت الدورة الأربعون من مهرجان المسرح العالمى، التى أُطلق عليها اسم “دورة الأساتذة”، تكريمًا لأربعة من أعظم رموز المسرح المصرى والعربى، وهم: جلال الشرقاوى، نبيل الألفى، سعد أردش، وكرم مطاوع. جاءت هذه الدورة فى إطار مهرجان طلابى يُعنى بنشر ودعم المواهب الصاعدة داخل المعاهد العليا للفنون المسرحية، حيث يشكل منصة مهمة تجمع بين الطلاب والخبرات المسرحية ليقدموا تجاربهم الفنية المتنوعة.
تميزت الدورة هذه المرة بحضور متميز وتنظيم متقن، أعاد للمهرجان بريقه بعد سنوات من التحديات التى شهدها المشهد المسرحى. وقد شهدت فعاليات المهرجان عرضًا لمجموعة متنوعة من الأعمال المسرحية التى حملت فى طياتها أفكارًا جديدة واتجاهات مبتكرة، ما يعكس رغبة الطلاب فى التجريب والابتكار بعيدًا عن القوالب التقليدية.
فى هذا التحقيق، نلتقى بعدد من الفنانين المشاركين الذين حصلوا على جوائز المهرجان، حيث يشاركوننا انطباعاتهم حول الدورة، تجاربهم الفنية، شعورهم بالإنجاز، وتطلعاتهم للمستقبل. نستعرض معًا رؤاهم حول دور الجوائز فى تحفيز الإبداع، مدى التزام المهرجان بالمعايير الفنية، وأهمية دعم الشباب ليكونوا جزءًا فاعلًا فى المشهد المسرحى المصرى.
هذه الأصوات المتنوعة تسلط الضوء على نجاحات الدورة، التحديات التى تواجه المسرح الطلابى، والرؤى التى يمكن أن تسهم فى تطوير المشهد المسرحى فى مصر، بما يجعل مهرجان المسرح العالمى منصة حقيقية للنمو والتميز.
عبدالله سعد: الدورة الأربعون كانت مميزة.. والجائزة الحقيقية هى التأثير فى وجدان الجمهور
أعرب المخرج عبد الله سعد عن تقديره للدورة الأربعين من مهرجان المسرح العالمى، واصفًا إياها بالدورة “المميزة للغاية”، خاصة أنها جاءت تخليدًا لذكرى عدد من كبار الأساتذة الراحلين، الذين كان لهم أثر بالغ فى الحركة المسرحية.
وقال سعد: “تميزت هذه الدورة عن سابقتها بالتنظيم الجيد والإعداد المسبق، حيث أُتيحت لها فترة زمنية كافية من لحظة الإعلان وحتى انطلاق فعالياتها، مما انعكس إيجابًا على الشكل النهائى للمهرجان».
وعن الجوائز، أوضح سعد أنه لا يرغب فى الحديث عن انطباعه الشخصى تجاهها، مؤكدًا أن “الجوائز هى وجهة نظر للجنة التحكيم، تختلف من مهرجان لآخر”، مشيرًا إلى أنه نال فى هذه الدورة عددًا كبيرًا من الجوائز عن عرضه مارلين مونرو، منها: أفضل ديكور (مركز أول)، أفضل ملابس (مركز أول)، أفضل إعداد (مركز أول)، أفضل بوستر ودعاية (مركز أول)، أفضل مخرج (مركز أول)، أفضل ممثلة (مركز ثانٍ)، أفضل ممثل (مركز ثالث)، شهادة تميز فى التمثيل، وأفضل عرض (مركز ثالث).
وأضاف متسائلًا: “يبقى السؤال قائمًا: ما المعايير التى تحكم توزيع الجوائز فى المهرجانات؟ وهل يجب أن تكون هذه المعايير معلنة ضمن لائحة كل مهرجان أم أنها تخضع فقط للذائقة الفنية للجنة التحكيم؟».
واختتم عبد الله سعد حديثه متمنيًا أن تعمل منظومة المسرح مستقبلًا بشكل تكاملى بين الإدارة والطلاب والفنانين، مؤكدًا أن “الجائزة الحقيقية من المسرح لا تكمن فى الكؤوس أو الشهادات، بل فى الأثر المعنوى الذى يُحدثه العمل المسرحى فى نفوس الجمهور”.
سعيد سالمان: فرحتى الكبرى كانت فى دعم زملائى.. والتجريب المسرحى هو سبيل التطور
أعرب الممثل سعيد سالمان عن سعادته الكبيرة بالمشاركة فى الدورة الأخيرة من مهرجان المسرح العالمى، واصفًا إياها بأنها من أقرب التجارب إلى قلبه، نظرًا لما شهدته من تنوع فنى وتجريبى لافت.
وقال سالمان: “هذه هى مشاركتى الثالثة فى مهرجان كبير خلال دراستى فى المعهد، ولكن ما ميّز هذه الدورة تحديدًا هو أنها كانت الأكثر ثراءً من حيث التجريب المسرحى وتقديم اتجاهات جديدة ومختلفة، وهو أمر أراه ضروريًا جدًا لتطور الحركة المسرحية».
وعن الجائزة التى حصل عليها، أوضح: “كنت فى غاية السعادة بتتويجى بجائزة أفضل ممثل عن عرض “الوحش”، ولكن ما أسعدنى أكثر من الجائزة نفسها هو فرحة زملائى وتشجيعهم، وشعورهم بأننى أستحق هذا التقدير. هذا الدعم المعنوى من الزملاء يعنى لى الكثير، ويعكس تقديرهم للجهد المبذول فى العمل وعلى خشبة المسرح».
وفى ختام حديثه، عبّر سالمان عن أمله فى أن يواصل المهرجان تقديم تجارب متنوعة وجريئة، وألا يخشى الفنانون من خوض غمار التجريب، قائلًا: «أتمنى أن تبقى أبواب المهرجان مفتوحة أمام كل محاولة جديدة، لأن التجديد هو ما يمنح المسرح نبضه الحقيقى.»
عبد الفتاح الدبيركي: شرف الانتماء للمعهد لا يُقدّر بثمن.. وأتمنى وصول العروض لأكبر جمهور ممكن.
عبّر الممثل عبد الفتاح الدبيركى عن سعادته الغامرة بالمشاركة فى الدورة الأخيرة من مهرجان المسرح العالمى، مؤكدًا أن أكثر ما لفت انتباهه هو وفرة الطاقات الإبداعية على جميع المستويات.
وقال: “كنت سعيدًا للغاية بكمّ الطاقات الموجودة على خشبة المسرح وخلف الكواليس، سواء فى التمثيل أو الإخراج أو التأليف أو الديكور أو المكياج أو الإكسسوارات. هذا التنوع يمنح المهرجان روحًا خاصة ويعكس ثراء المعهد كمنظومة فنية”.
وأعرب الدبيركى عن فرحته بفوزه بجائزة التمثيل عن دوره فى عرض الوحش، مشيرًا إلى أنها المرة الثانية التى يحصد فيها هذه الجائزة، قائلًا: «أرى أن من أهم الجوائز التى يمكن أن يحصل عليها أى ممثل، هى تلك التى تأتى من داخل معهد الفنون المسرحية. هذا المكان له مكانة عظيمة فى قلبى، والانتماء إليه شرف حقيقى يمنحنى شعورًا بقيمتى كفنان”.
وتمنى الدبيركى أن تشهد الدورات المقبلة توسعًا فى عدد ليالى العروض، موضحًا: “الجمهور يكون حاضرًا بأعداد كبيرة جدًا، ومن المهم أن تصل العروض إلى أكبر عدد ممكن من الناس. هذا هو النجاح الحقيقى، لأننا نقدم أعمالًا ذات قيمة كبيرة، ويجب أن تُشاهَد”.
واختتم حديثه بتوجيه الشكر للدكتور أيمن الشيوى، قائلًا: “أشكره من قلبى على اهتمامه الكبير بكل تفاصيل هذه الدورة، التى خرجت بصورة مشرّفة تليق باسم معهد الفنون المسرحية”.
محمود عبدالرازق: “البؤساء” تجربة أعتز بها.. والمهرجان كان مليئًا بالتجارب الجديرة بالاحترام
أعرب المخرج محمود عبدالرازق، مخرج عرض البؤساء، عن رضاه الكبير تجاه الدورة الأخيرة من مهرجان المسرح العالمى، مشيرًا إلى أنها كانت دورة مميزة من حيث طبيعة الموضوعات والتجارب التى قُدّمت خلالها.
وقال عبدالرازق: “كانت دورة لطيفة جدًا، تنوعت فيها الموضوعات التى طرحها المخرجون، وقد تميزت بعض العروض بتجارب فنية تستحق الاحترام، حتى وإن لم تُتوَّج فى ختام المهرجان بالجوائز. وهذا لا يقلل من قيمتها، بل يضيف إلى رصيد المهرجان من حيث الجرأة والتنوع”.
وأشاد عبدالرازق بالعروض الفائزة، معتبرًا أن “العرض الحاصل على المركز الأول كان تجربة جيدة”، مضيفًا: “أعجبنى المهرجان ككل، وأعجبتنى التجارب والمضامين التى طُرحت خلاله، وهو أمر يُحسب للقائمين عليه”.
وحول مشاركته فى عرض البؤساء، قال: “أنا سعيد جدًا بأن هذا العرض حصل على المركز الثانى لأفضل عرض، إلى جانب عدد من الجوائز المهمة مثل جائزة أفضل مخرج، وأفضل ديكور، وأفضل موسيقى، وغيرها. هذا بالنسبة لى مؤشر جيد جدًا ومصدر فخر ورضا.
كما أكد أن ترتيب العروض كان منصفًا فى مجمله، قائلًا: “أرى أن الترتيب النهائى للعروض كان جيدًا ومقبولًا، وأنا راضٍ تمامًا عن نتائج الدورة”.
ساندى أشرف: هذه الدورة المسرحية فتحت لى آفاقًا جديدة وأعطتنى دفعة للاستمرار والإبداع
عبّرت المؤلفة المسرحية ساندى أشرف عن إعجابها بالدورة المسرحية التى شاركت فيها، واصفة إياها بأنها دورة مميزة فعلًا، ولم تكن مميزة لمجرد القول فقط. وأوضحت أن من أبرز مميزات الدورة كان انفتاح آفاقها منذ البداية، حيث شهدت لجنة المشاهدة حضورًا مميزًا من الخبراء الأكاديميين، وعلى رأسهم د. ياسر علام، ما أتاح مساحة للاستماع والتفاعل البناء مع الأعمال المقدمة.
وأكدت ساندى أن الدورة تميزت بطرح أفكار جديدة ومختلفة، تتجاوز مجرد تقديم فكرة تقليدية، لتتناول موضوعات عميقة ذات بعد إنسانى، مثل السيرة الذاتية لنجمة أمريكية، وهو موضوع لم يُطرح بهذا الشكل من قبل، ما أضفى طابعًا عالميًا على الأعمال المسرحية، فى الوقت ذاته كان الجمهور قادرًا على استيعابها والتفاعل معها.
وفيما يتعلق بالجائزة التى حصلت عليها- أفضل اعداد عن نص مارلين مونورو- عبرت ساندى عن سعادتها الكبيرة، مشيرة إلى أنها لم تكن تتوقع الفوز، لكنها وجدت فى هذه الجائزة دفعة قوية للاستمرار فى إنتاج المزيد من الأعمال المميزة. ورأت أن المنافسة كانت قوية، وأن هناك عددًا كبيرًا من الأعمال المسرحية الجيدة التى تستحق التقدير.
كما أوصت المؤلفة بضرورة تطوير الدورات القادمة لتضم منظورًا مختلفًا فى تقييم الأعمال الفنية، بحيث يتم التركيز على قيمتها الفنية بشكل موضوعى، مع تشجيع تقديم أعمال متنوعة وأفكار جديدة، لا تقتصر فقط على قضايا إنسانية مرتبطة بالمجتمعات الغربية، بل يمكن استلهام مواضيع تنبع من المجتمع المحلى لتكون أكثر قربًا وتأثيرًا.
محمد عادل النجار: دورة متميزة تبرز مهارات الفنانين وتمنحنا مساحة حقيقية لممارسة الفن
عبّر الفنان محمد عادل النجار عن فخره وسعادته بالمشاركة فى الدورة الأخيرة للمهرجان، مشيدًا بالمجهود الكبير المبذول فى تنظيم الندوات والنشرات والعروض المتنوعة التى أظهرت مهارات المشاركين من مختلف الأقسام الفنية. وقال إن هذه الدورة كانت فرصة مهمة لتعزيز تواجد الفنانين وتقديم أعمال مميزة.
وأشار النجار إلى فرحته بالجوائز التى نالها عن عرض “الوحش”، لكنه أكد أن جائزة “رأى الجمهور” تبقى الأهم لأنها تعكس تفاعل المشاهدين مع العمل. وأوضح أن وجود مساحة حقيقية لممارسة الفن الذى يحبّه هو أهم ما ميز الدورة بالنسبة له.
وختم النجار بتمنياته أن تشمل الدورات القادمة ورشًا فنية بجانب المهرجان، تكمل الحراك الفنى وتثرى التجربة الإبداعية للمشاركين.
لبنى المنسى: إدارة المهرجان وقفت بجانبنا وحققت نجاحًا حقيقيًا فى جودة العروض ورضا الطلاب
وصفت الفنانة لبنى المنسى الدورة الأخيرة بأنها ناجحة جدًا، مشيدة بدور إدارة المهرجان التى وقفت إلى جانب المشاركين وساعدتهم فى حل معظم المشاكل التى واجهتهم، وأكدت أن الإدارة والاتحاد كانا دائمًا مهتمين بمصلحة الطلبة وجودة العروض المقدمة، ما جعل هذه الدورة من أنجح الدورات على الإطلاق.
وأعربت لبنى عن مفاجأتها وسعادتها عند حصولها على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، مشيرة إلى أنها كانت تخشى عدم تقبل الجمهور للتجربة الجديدة الغريبة، أو أن يكون ذوق لجنة التحكيم محافظًا يميل للكلاسيكيات. لكنها رأت أن منحها هذه الجائزة خطوة إيجابية مهمة لها ولفريقها، وللمسرح التجريبى داخل المعهد.
وختمت لبنى بتمنى استمرار هذا التوجه فى الدورات القادمة، مع تنوع فى لجان المشاهدة والعروض من حيث المرجعيات والمدارس الفنية، للحفاظ على الزخم الفنى وتنوع أشكال الفن داخل المعهد. وأضافت بتلقائية أن زيادة الميزانية ستكون خطوة مرحب بها، رغم أنها تعى أن هذا الأمر ليس سهلًا.
ياسمين عمر: فرحتى كبيرة بالجائزة.. والحلم مستمر.. والمهرجان فرصة لا تعوَّض
ياسمين عمر، الحاصلة على جائزة أفضل ممثلة عن دورها فى عرض “ثريا”، تحدثت عن تجربتها الأولى فى المهرجان العالمى قائلة:
“هذه هى مشاركتى الأولى فى المهرجان، حيث ما زلت فى السنة الأولى من دراستى. فى الحقيقة، أعجبتنى كثيرًا تجربة المهرجان، من حيث التنظيم، ولجنة التحكيم، والعروض المشاركة. كما أن المهرجان يمنحنا كطلبة فرصة مهمة جدًا للظهور والإبداع”.
وأضافت ياسمين عن شعورها بعد نيلها الجائزة:
«شعورى بعد الحصول على الجائزة كان مختلطًا بين الفرح الشديد لأننى أحقق حلمى، والخوف فى الوقت نفسه من المرحلة القادمة التى تتطلب منى إثبات نفسى وتقديم الأفضل باستمرار والتطور.
واختتمت ياسمين حديثها بتوجيه بعض الاقتراحات للمهرجان فى دورته المقبلة، قائلة:
«أتمنى أن يتم فصل يوم الافتتاح عن اليوم الأول للعرض، وزيادة عدد العروض، لإتاحة فرص أكبر للمشاركة.
ختاما يبقى الأمل معقودًا على أن تستمر هذه الدورات فى دعم الشباب، وتوفير فرص أكبر للوصول إلى جمهور أوسع، وتحقيق نقلة نوعية فى جودة الإنتاج المسرحى. فالمسرح الحقيقى ليس فقط فى المنافسة على الجوائز، بل فى القدرة على إحداث تأثير معنوى وثقافى عميق فى نفوس المشاهدين.
وهكذا، يظل مهرجان المسرح العالمى يحمل فى طياته أحلام جيل جديد من الشباب الذين يسعون لإحياء فن المسرح بكل أشكاله وألوانه.