العدد 933 صدر بتاريخ 14يوليو2025
يعد مسرح الثقافة الجماهيرية أحد أبرز أداوت التعبير الفنى والثقافى ولطالما كان منبرًا حيويًا يعبر عن قضايا المجتمع وينقل رسائل التنوير والثقافة والتثقيف بإسلوب إبداعى ويأتى حصاد مسرح الثقافة الجماهيرية كتتويج لعام كامل.
وقد انتهى موسم مسرح الثقافة الجماهيرية بعرس مسرحى مميز، وهو ختام الدورة الـ47 من المهرجان الختامى لفرق الأقاليم وشهد تقديم أكثر من 124 عرضًا مسرحيًا من مختلف الأقاليم وأقيم المهرجان الختامى لفرق الأقاليم فى الفترة من 18 يونيو حتى 5 يوليو شاركت بها سبعة وعشرون عرضًا مسرحيًا من فرق الأقاليم على مسرحى السامر، وقصر ثقافة روض الفرج، حيث تم إعلان جوائز وتوصيات المهرجان وجوائز مهرجان التجارب النوعية، وشهد حفل الختام اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة لشئون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، والكاتب محمد عبدالحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، والفنان أحمد الشافعى، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الفنية، وسمر الوزير، مدير عام المسرح، وأعضاء لجنتى التحكيم ونخبة من النقاد والمسرحيين وقيادات الهيئة والصحفيين والإعلاميين، وبحضور جماهيرى غفير.
وقبل بداية الموسم الجديد كان علينا أن نرصد حصاد هذا الموسم لنتعرف على أهم ملامح هذا الموسم الذى تميز بزخم كبير فى العروض المسرحية من حيث الرؤى والموضوعات المطروحة.
ضرورة استلهام الواقع المحلى لا مجرد الانفصال عنه أو استبداله
قال الناقد محمد علام: «شهدت الدورة الحالية من ختامى مسرح الأقاليم تطورًا ملحوظًا على عدة مستويات، يأتى فى مقدمتها الحضور اللافت للمخرجين الشباب، الذين تمكنوا من فرض وجودهم وتقديم رؤى جديدة أكثر تنوعًا وتحررًا. فى السنوات السابقة، كان الانطباع العام لدى الكثيرين أن هناك تكريسًا لأسماء بعينها، أو لفرق وأقاليم محددة دون غيرها، لكن ما ميز هذه الدورة هو كسر هذا النمط، وفتح الباب أمام طاقات إبداعية جديدة من مختلف محافظات الجمهورية.
وتابع قائلًا: أبرز ما يمكن رصده فى هذه الدورة هو التنوع، الذى ظهر بوضوح فى طبيعة الفرق المشاركة، واتساع التمثيل الجغرافى لها، إلى جانب التعدد فى المدارس الفنية التى انتمت إليها العروض. فقد شاهدنا عروضًا تنتمى إلى الواقعية، وأخرى تنتمى إلى التعبيرية أو السريالية أو الفانتازيا، كما تناولت العروض طيفًا واسعًا من القضايا، منها ما يرتبط بأسئلة الهوية والقيم المجتمعية فى سياق الحداثة، ومنها ما يطرح مشكلات إنسان ما بعد الحداثة فى عالم متغير يتسم بعدم اليقين والقلق الوجودى.
وقد تميز عدد من العروض أيضًا بمستوى فنى مرتفع فى عناصر الأداء والديكور والموسيقى، ما وفر قدرًا كبيرًا من المتعة البصرية والسمعية للمشاهدين.
وأضاف: ورغم ذلك، فإن المتابعة المتأنية تكشف عن ملاحظة مهمة، تتعلق بطبيعة العلاقة بين هذه العروض والمجتمع المحلى. فرغم أن عددًا كبيرًا من العروض تناول قضايا مجتمعية واقعية مثل الصراع الطبقى، أو قضايا المرأة، أو مشكلة الثأر، فإن المعالجة جاءت – فى كثير من الأحيان مفصولة عن السياق المحلى، إذ تم تقديمها داخل مجتمعات بديلة أو افتراضية. على سبيل المثال، قد تُناقش قضية المساواة بين الجنسين، ولكن فى إطار درامى يدور فى بلد أوروبى أو بيئة متخيلة بالكامل، وهو ما يمكن تسميته بتغريب مجتمع العرض.
هذا الاتجاه يعكس اجتهادًا فنيًا ملحوظًا، لكنه يطرح فى الوقت نفسه تساؤلات حول مدى ارتباط الفن بالمجتمع، ومدى وعى الفنانين الشباب بضرورة استلهام الواقع المحلى لا مجرد الانفصال عنه أو استبداله بسياقات بديلة.
فى المجمل، يمكن القول إن هذه الدورة شكلت محطة مهمة فى تطوير مسرح الأقاليم، وفتحت الباب أمام تجارب واعدة، لكنها أيضًا كشفت عن الحاجة إلى إعادة التفكير فى علاقة الفن بالمجتمع، وإلى تقديم دعم مؤسسى أكبر لتمكين الفرق والمبدعين من مواصلة تطوير أدواتهم، وتعميق ارتباطهم بجمهورهم الحقيقى.
عودة النصوص المصرية بقوة إلى ساحة التنافس
فيما أوضح الكاتب المسرحى طارق عمار عن حصاد هذا الموسم قائلًا :» أبرز ملامح الموسم الحالى هى عودة النصوص المصرية بقوة إلى ساحة التنافس رغم أن نسبتها لا تزال من وجهة نظرى قليلة إلى حد ما ولكنها أفضل بكثير من مواسم سابقة. كما أن انتظام الانتاج إلى حد كبير رغم تأخر بعض العروض صنع موسما مسرحيا ممتدا نسبيا عن الاعوام السابقة كذلك عدد العروض الصاعدة إلى المهرجان الختامى من إقليمى وسط وجنوب الصعيد يوضح مدى الاهتمام بهذين الاقليمين هذا الموسم رغم ما عانته فرق الاقليمين من تأخر فى الانتاج وتابع قائلًا :» تأتى أبرز الايجابيات فى انتظام انعقاد المهرجانات بصورة تؤكد حرص الادارة العامة للمسرح والادارة المركزية للشئون الفنية على إتمام الموسم المسرحى بصورة مشرفة رغم ما اعترضه من عقبات ورغم ما شاب الأجواء العامة فى العالم كله من توترات إلى جانب الدفع بعدد لا بأس به من المخرجين الشباب الذين نالوا عن جدارة استحقاق تصعيد عروضهم للمهرجان الخاتمى أما أبرز السلبيات فتمثلت فى تأخر عملية الانتاج فى بعض الاقاليم الامر الذى ادى لتأخير عقد مهرجاناتها الاقليمية ومن ثم تأخير المهرجان الختامى
إنشاء مركز دائم تابع للهيئة العامة لقصور الثقافة يعمل كمظلة تدريبية
قال المهندس حازم شبل، عضو لجنة تحكيم ختامى فرق الأقاليم، إن الحديث عن المسرح فى إطار «الثقافة الجماهيرية» هو حديث عن جمهور حقيقى، ليس قاصرًا على العاصمة، بل ممتد إلى عمق المجتمع المصرى فى مختلف المحافظات. وأشار إلى أن الثقافة الجماهيرية تُعد الجهة الوحيدة تقريبًا التى تنتج مسرحًا خارج القاهرة والإسكندرية بشكل منتظم، مما يمنحها خصوصية وأهمية بالغة فى المشهد الثقافى.
وأضاف شبل أن ما يميز فرق الثقافة الجماهيرية هو تنوعها الطبقى والعمرى، إذ تضم فنانين من أعمار مختلفة، منهم من تجاوز الثمانين ولا يزال يشارك فى العروض بكل حب وشغف، دون انتظار أى مقابل مادى. فالمسرح بالنسبة لهم مساحة يجدون فيها ذواتهم، ويشعرون بالانتماء الحقيقى.
وأوضح أن تجربة المسرح داخل فرق الأقاليم تقدم دروسًا غير مباشرة فى الالتزام والانضباط والعمل الجماعى، إذ يتعلم المشاركون كيف يكونون جزءًا من مجموعة تعمل تحت قيادة مخرج، وتلتزم بمواعيد بروفات وعروض، وهو ما ينعكس إيجابًا على حياتهم العملية والمجتمعية.
وأكد على على أن معظم المشاركين فى هذه الفرق يمارسون مهنًا أخرى صباحًا، ثم يأتون فى المساء ليؤدوا «اللعبة» التى يحبونها بإخلاص شديد، وهو ما يعكس تأثير المسرح الكبير كقيمة فنية وإنسانية وتربوية.
وأشار شبل ان فكرة الثقافة الجماهيرية كانت نبيلة للغاية حين انطلقت فى أواخر خمسينيات القرن الماضى، ولا تزال آثارها الإيجابية قائمة حتى اليوم، لكنها باتت فى حاجة ماسة إلى التطوير وتبنى آليات جديدة تواكب المتغيرات.
وأوضح أن أولى خطوات الإصلاح تكمن فى فك المركزية، ولا سيما المركزية المالية، مقترحًا أن يُخصص لكل قصر ثقافة ميزانية سنوية مستقلة – كمثال: مليونى جنيه – مع إيجاد آلية تتيح التنافس العادل بين القصور فى الأداء والابتكار، مما يخلق مناخًا حيويًا وحقيقيًا للحراك الثقافى.
وأشار إلى أن فكرة “العروض المجانية” بحاجة إلى إعادة نظر، مؤكدًا أن «لا شيء اسمه عرض مجاني». وقال: «لست من أنصار أن تكون التذكرة بسعر تعجيزى، ولكن لا مانع أن تبدأ من 10 جنيهات مثلًا – وهو سعر رمزى – ويُمكن تخفيضه إلى 5 جنيهات فى بعض المناطق. المهم أن يكون هناك نظام حجز واضح ودخل مادى بسيط يمكن من خلاله قياس حجم الجمهور وتحديد اهتماماته».
وتابع: «الحجز المسبق يمنع الفوضى ويُحقق انضباطًا فى توزيع المقاعد، ويفتح المجال لتخطيط أفضل للتجربة المسرحية برمتها».
وانتقد شبل الوضع الراهن للمسارح، مؤكدًا أن البنية التحتية لمعظمها تعانى من أخطاء جسيمة، وقال: «للأسف، كثير ممن يتولون مسؤولية إنشاء المسارح فى مصر – على المستوى الحكومى – غير مؤهلين، إذ يركزون على استيفاء الأوراق فقط دون إتقان التصميم والتنفيذ، فنجد أنفسنا أمام نسخة مكررة من مسارح تشيكية تعود لستينيات القرن الماضى، وقد تم استخدامها بشكل خاطئ من الأصل».
وأضاف: «نفتقر إلى مسارح البلاك بوكس أو الغرفة، وهى نماذج مرنة ومناسبة جدًا للشباب، ويمكن تنفيذها فى المحافظات بتكلفة منخفضة وبفاعلية كبيرة. هذه المسارح تُشكل فضاءً حقيقيًا للتجريب، وتُتيح إنتاجًا فنيًا مستمرًا ومتنوعًا حتى وإن كان جمهورها محدودًا مقارنة بالقاهرة».
وشدد شبل على ضرورة أن يكون هناك برنامج واضح للعروض المسرحية، بمواعيد مُعلنة وجدول زمنى مُحدد، بحيث يعرف سكان المدينة أن فى منطقتهم مسرحًا حيًا يقدم عروضًا ومهرجانات باستمرار. وأضاف: «لن يُجدى نفعًا مجرد حشد الأوراق والتقارير الشكلية، بل يجب أن يصل المنتج الثقافى إلى جمهوره الحقيقى».
وانتقد شبل ما وصفه بالعادات السلبية المتوارثة فى تقييم العروض، وقال: «منذ سنوات طويلة باتت المسابقات والمهرجانات محكومة بذوق لجان التحكيم، وكأننا نصنع عروضًا تُرضى اللجنة لا الجمهور! هذا عبث.. اسمها ثقافة جماهيرية، أى أنها موجهة إلى الناس. كيف يمكن أن نصل لأكبر شريحة منهم دون أن نفقد هذا المعنى الجوهري؟».
وذكر قائلًا: «نحتاج إلى أن يكون لكل مدينة نجومها المحليون من ممثلين وفنيين، نجوم يُعرَفون ويُحتفى بهم، وقد يُكمل بعضهم طريقه إلى العاصمة لاحقًا، لكن الأهم أن يكونوا جذورًا قوية فى بيئتهم. المسرح الجماهيرى لا يُصنع من أجل التسابق فقط، بل ليصبح جزءًا حيًا من نسيج المجتمع».
وأكد حازم شبل على نقطة بالغة الأهمية تتعلق بالحاجة إلى إنشاء مركز دائم تابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، يعمل كمظلة تدريبية منتظمة، تقام فيه دورات مكثفة لمدة شهرين أو ثلاثة، بمثابة معهد تدريبى مؤقت، يستهدف تأهيل الراغبين فى إخراج عروض المسرح الجماهيرى ومشروعاته المتنوعة، سواء تلك المعدة ضمن مسابقات القوميات أو غيرها من المبادرات.
وأوضح أن هذه الدورات يجب أن تُبنى على مستويات متدرجة، ويحاضر فيها نخبة من الخبراء والممارسين من مختلف أنحاء مصر، سواء من أصحاب التجارب المتميزة داخل حركة الثقافة الجماهيرية، أو من الأساتذة المتخصصين فى الجامعات والأكاديميات، إلى جانب فنانين مسرحيين فاعلين فى المشهد المسرحى الراهن. وأضاف أن أهمية هذه الدورات لا تقتصر على الجوانب الفنية، بل تمتد إلى خلق حوار معرفى من خلال الندوات المصاحبة، التى تتيح للمشاركين فهم أعمق لما يقدمونه، وتفتح أمامهم آفاقًا أوسع للتحليل والنقد، مما يثرى تجربتهم ويعزز من قدراتهم الفكرية والفنية على السواء.
ما قُدم هذا العام من عروض وفنون يعكس مستوى عاليًا مقارنة بالأعوام القليلة الماضية
أكد الدكتور طارق مهران، عضو لجنة تحكيم مهرجان فرق الأقاليم، أن الثقافة الجماهيرية تعد من أهم قطاعات وزارة الثقافة المصرية، مشددًا على أنها النواة الأساسية التى تخرّج منها عدد كبير من فنانى مصر، وأنه شخصيًا أحد خريجى هذه المؤسسة العريقة.
وقال مهران: نشأت فى قصر ثقافة الطفل بجاردن سيتى منذ الطفولة، وكنا نذهب إليه فى مرحلة التعليم الابتدائى. كان هذا القصر بمثابة الحاضنة الثقافية التى أسهمت فى تشكيل وعى فنى لمئات الأطفال، والعديد منهم أصبحوا فنانين معروفين الآن.
وأشار مهران إلى أن الثقافة الجماهيرية تملك قدرات فنية كبيرة، إلا أن ما تحتاجه فقط هو الدعم فى الإمكانيات والإنتاج، موضحًا أن ما قُدم هذا العام من عروض وفنون يعكس مستوى عاليًا مقارنة بالأعوام القليلة الماضية، وهو ما يعود إلى الإدارة الناجحة التى تقود هذا القطاع حاليًا.:
وأضاف: لدينا طاقات فنية هائلة، ولكن كما يقول المثل الشعبى: «اطبخى يا جارية كلف يا سيدى». الفن الجيد يحتاج إلى إنتاج جيد، والإنتاج المتواضع لا يتناسب أحيانًا مع ضخامة عدد العروض التى تقدمها الثقافة الجماهيرية.
ضرورة الحفاظ على الكوادر الشابة ورغم إقراره بصعوبة تقليل عدد العروض، يرى مهران أن خفض الإنتاج الفنى قد يكون خيارًا أخيرًا فقط فى حال تعذر زيادة الميزانيات، مشددًا على أنه ضد هذا التوجه تمامًا. وأشاد فى الوقت ذاته بالشباب الذين يتولون إدارة الثقافة الجماهيرية حاليًا، واصفًا إياهم بأنهم يقدمون مجهودًا رائعًا يستحق التقدير والدعم.
واختتم مهران حديثه بقوله: الفن فى العموم يحتاج إلى إدارة جيدة، وهذا ما نشهده حاليًا بوضوح. لدينا فنانون قادرون على إخراج نجوم للعالم العربى بأكمله، فقط امنحوهم فرصة أفضل وإمكانيات تليق بما يقدمونه.
مسرح الثقافة الجماهيرية.. المسرح فى كل مكان
قال الدكتور محمود سعيد: بشكل طبيعى يحدث توازى مابين التطبيق العملى المحقق على خشبه المسرح خلال مهرجانات وعروض الثقافة الجماهيرية على امتداد مساحاتها الممتدة، فى تعبير حقيقى عن الوجه الحقيقى للفن المسرحى بمصر إذ تتبلور الأرضية التى دار حولها مسار المسرح فى عروض مسرحية متميزة ومثيره للجدل، بعيدا عن لعبه الجوائز أو إعطاء ذلك شهادة تميز أو ذاك شهادة خاصة، وهى بكل تأكيد مطلوبه، إذ إن فكرة المسابقة ذاتها لا تقيم مهرجانًا بل إن التسابق الجاد نفسه هو الأمل والأصل فى اللعبة حيث التواجد والاحتكاك المستمر بعروض وافكار ورؤى انم يحقق النجاح فى ظل تجانس حقيقى وانسجاما يتيح اطارا فنيا وفكريا، حتى مع وجود عروض غريبة الأصل والهموم والقضايا وكأنها قادمة من كوكب آخر فى ظل تحطم الأسوار الثقافية بفعل التداخل والتمازج الضرورى بين الفرق والداخل والخارج، فالمستقبل بكل تأكيد لن ينتظر التجارب الضعيفة والبسيطة بل سيجرفها كتيار نهر جارف لا يرحم، لذلك يبدو المسرح فى ابهى صورة لاعبا الدور الأهم فى صياغه العقل والوجدان بإزالة الفوارق، مع إتاحة الفرصة للتعرف على شتى الاتجاهات بعيدا عن الحشد الكمى للعروض المكررة، لذلك كان لزامًا من الوعى بالتمازج المطلوب بين الرؤية والصياغة الشكلية لبنيه العرض والماده إذ إن الابتكار فى الشكل يتطلب اتساقًا مع الرؤى التى ضاقت بالأشكال التقليدية ساعية نحو أشكال جديدة مغايرة وأن أى سعى جديد نحو المغايرة هو موقف للفنان المتجدد بين الفن والحياه والثقافة الجماهيرية كترجمة حقيقية للمصطلح على ارض الواقع، فى ظل تحديث مسرحى للنص وتحولاته والتى جعلت من العرض المسرحى الجاد تجاوزا لفكره إخراج نص ما على الخشبة وإنما أصبح مادة متكاملة يلعب فيها النص دورًا موازيًا لشتى مفردات العرض. وعلى نفس الوتيرة تسير فرضًا شتى أطر لعبه المسرح فى الثقافة الجماهيرية فى خطوط متوازية تتلاقى بمرونة وحرية.
المسرح للجماهير لذلك سميت الثقافة الجماهيرية
أما المخرج المسرحى الكبير سمير زاهر فتحدث قائلًا: عن حصاد هذا الموسم من مسرح الثقافة الجماهيرية وارتكز حديثه على مجموعة من الإيجابيات والسلبيات وقال عن أبرز سلبيات هذا الموسم فذكر قائلًا :» تعد أبرز السلبيات لهذا الموسم المورد المالى والفاتورة الإلكترونية وعدم جاهزية أغلب المسارح للعروض وذلك لأعمال الصيانة ونظم الحريق والدفاع المدنى فى المنصورة ودمياط والسويس علاوة على أن العروض تقدم ليلة واحدة لوجود أكثر من عدد يتراوح ما بين أربع أو خمسة فرق يعملون على مسرح واحد وربما تكون أولى ليالى العرض تقدم فى المهرجان الإقليمى ومعظم المعوقات ليس لها دخل بالإدارة العامة للمسرح ولكنها مسئولية الأقاليم الثقافية ومن حيث الميزانية ومكان العرض ومتابعة الإنتاج فإدارة المسرح تقوم بعمل لجان مناقشة المشاريع واعتماد المقايسة والإجازة الرقابية للنصوص وإقامة المهرجان الإقليمى وتصعيد العروض للمهرجان الختامى ثم إقامة المهرجان الختامى لتصعيد العروض المميزة للمهرجان القومى للمسرح وتبدأ مناقشة المشاريع من شهر أغسطس وسبتمبر حتى نهاية سبتمبر وأوائل أكتوبر على أن تقدم فى مدة أقصها الأول من يناير التأخير من الأقاليم وليس الإدارة العامة للمسرح أما بالنسبة للمبدعين وشباب الأقاليم فهناك شباب صاعد ومغامر ويقدمون أعمالًا خارج الصندوق وعن أبرز الإيجابيات تابع زهران قائلًا :» برغم تلك المعوقات والصعوبات التى تواجه فنانى الأقاليم فقد اسعدنى الحظ وشرفت كعضو لجنة تحكيم المهرجانات الإقليمية لشباب نوادى المسرح والفرق النوعية والفرق الكبرى شاهدت عروض تتسم بالجرأة وشباب مغامر ومغاير فى الأسلوب وكيفية التأويل والتناول جيل مبشر وطموح ويستطيع أن يواصل مسيرة مسرح الأقاليم نحو الأفضل جيل لا ينقصه إلا الدعم النفسى والفنى من قبل إدارته التابع لها وأن يبتعد قليلًا عن فكرة أن العروض هدفها نيل الرضا والاستحسان من قبل لجنة التحكيم وفكرة التسابق وأن يعى أن الهدف الأساسى المستهدف هو الجمهور وأن المسرح رسالة اجتماعية وتوعوية وترفيهية حتى لا ينصرف الجمهور عنا وبذلك نكون فقدنا العنصر الأساسى للعملية المسرحية فالمسرح للجماهير لذلك سميت الثقافة الجماهيرية.
فيما أوضح الناقد مجدى الحمزاوى قائلًا والذى كان عضو لجنة عروض إقليم وسط الصعيد:» صحيـح أنـه فـى بعـض الأحيان خاصة فـى المجتمعات التــى تتمتع بالاستقرار علــى المستوى الاقتصادى والسياسى والاجتماعى، دون وجود عوامل خارجية تهدد هذا الاستقرار، من الممكن أن تتواجـد مواضيـع تخاطــب الإنسان فقــط والتطــرق للمثاليــات؛ أو حتــى المتاعب النفسـية الناتجة عـن هـذا الاستقرار فـى ظـل غيــاب التحديــات التــى تثبــت للإنسان والمجتمع ذاتــه وتؤكـد علـى مناطـق تفـرده، أى الاقتصار علـى القضايـا التى تتنـاول أفـرادا بعينهـم، أو الخروج لكيفيـة تحقيق الحق والخير والجمال علــى النحو الأمثل؛ فــى ظــل عـدم وجـود قضايـا كبـرى تمس المجتمع ووجوده
ولكــن فــى المسرح الــذى يقدمــه الهــواة؛ ولا يكـون شـباك التذاكـر عاملًا مهمًـا فـى عمليـة الإنتاج واستمرار العمل؛ والذى يعتمد على الشباب مطعمًا ببعض الخبرات؛ مثل مسرح الثقافة الجماهيرية فى مصرنا والذى نحن بصدد الحديث عنه. فالمعروف حتى فى المجتمعات المستقرة اقتصاديا واجتماعيا دون وجود أخطار خارجية؛ إن الفنــان علــى يســار المسرح ودائمـا يدعو لأفضـل؛ فمـا بالـك بمجتمعنـا المصرى الــذى يعانــى مــن التهديــدات الخارجية؛ والتهديــدات بالانقسام المجتمعى مـن فئـة مـا؛ عانـى الشـعب منهـا؛ ومــازال يعانــى فــى التخلــص مــن آثارهــا؛ إلــى جانــب الشــكل المتدهور الــذى يعانيه الامتداد والجيو السياسى للمجتمــع المصرى الــذى يعتبــر اسـتقراره عاملًا مهمـا فـى اسـتقرار المجتمع المصرى؛ حيــث يقلــص إلى حد كبير خطر التهديــد الأطماع الخارجية؟ والطبيعى أن الفنان الهاوى لا بد أن يتعرض لتلك القضايا؛ خاصة فى وجود واقع محيط أكثر انشقاقًا وتقلبًا ومولدًا للمتاعب لكن الملاحظ أن عددًا كبيرًا من مسرحيينا الهواة لا يلتفتون إلى هذا ويتعاملون مع نصوص تشبه كثيرًا النصوص التى تقدمها المجتمعات المستقرة داخليًا وخارجيًا.