عبدالله صابر: هؤلاء البسطاء هم من يحملون الحياة على أكتافهم.. وهم أبطالى الحقيقيون

عبدالله صابر: هؤلاء البسطاء هم من يحملون الحياة على أكتافهم.. وهم أبطالى الحقيقيون

العدد 933 صدر بتاريخ 14يوليو2025

يقدم المخرج عبدالله صابر رؤيته الفنية فى عرض مسرحى ملىء بالدفء والمشاعر الإنسانية، وذلك من خلال استخدامه للفن كوسيلة لمسّ جوهر الحياة اليومية، من خلال شخصيات نلتقيها كل يوم دون أن نمنحها الانتباه الكافى.
«مسرحنا» التقت المخرج عبدالله صابر للحوار معه حول العرض وعما يشغله من أحلام وطموحات المستقبل وعن شغفه وتجربته.
< ما الذى جذبك فى فكرة هذا العرض تحديدًا.. وهل كانت هناك تجربة شخصية ألهمتك فى تنفيذ العمل؟
- ما جذبنى لفكرة العرض هو أنه يتناول قضايا إنسانية مهمة جدًا، ويسلط الضوء على فئة من الناس مهمشة فى حياتنا، ووجودهم أساسى جدًا. العرض يتحدث عن الناس الذين نشاهدهم يوميًا وقليلًا ما نشعر بقيمتهم، مثل بائع التذاكر فى المترو أو ربة المنزل التى تعمل فى صمت دون تقدير، أو حتى الممثل الكومبارس الذى يظهر فى الخلفية، لكن من غيره العمل الفنى لا يمكن أن يكتمل أو ينجح.
والرسالة إن هؤلاء الناس رغم بساطتهم، هم من يحملون الحياة على أكتافهم، كما أن العرض يتناول علاقة الفن بحياة الناس العادية، ويضع تساؤلًا < عن كيفية تماس الفن مع حياة الإنسان البسيط؟ وكيف يمكن أن يكون له تأثير فى وعيه ومشاعره وحتى فى نظرته لنفسه ولمجتمعه..

هل تعتقد أن هذا النوع من المواضيع مؤثر بالفعل؟
- بالتأكيد، لأن هذا الموضوع شائك جدًا، ويؤثر فى الناس بشكل كبير، خصوصًا لأن هذه الموضوعات تؤثر فى الناس بشكل كبير، لأنها لا تلامس الواقع فقط لكنها تحرك الجوانب الإنسانية بداخلنا.
< هل واجهت صعوبات فى مشوارك مع النصوص المسرحية؟
- أكيد، قدمت نصوصًا كتيرة ولم تحظَ بالقبول، ومرات الرفض كانت قاسية، ومرات أخرى كانت بشكل محترم، بمعنى أننى تعرضت لكل أشكال الرفض، وفى نفس الوقت اتقبلت فى أشياء أخرى حتى لو كانت بسيطة أو صغيرة، إنما كانت مهمة بالنسبة لى.

< ما أصعب مشهد واجهته أثناء تنفيذ العرض؟
- من أصعب المشاهد التى واجهتنا فى التنفيذ كان مشهد المشاحرة بين الرجل والمرأة، خاصة فى وجود الممثل الذى يحاول التدخل والصلح بينهم، رغم أنه لا يعرفهم بشكل شخصى، لكنه قابلهم من نصف ساعة فقط.
المشهد ظاهريًا بسيط، لأنه بين ثلاثة ممثلين فقط، لكن تنفيذه كان صعبًا جدًا، لأنه يجمع بين التوتر والانفعال، وفيه تداخل مشاعرى معقد يحتاج إلى توازن دقيق.

< كيف ترى دور المسرح فى دعم الشباب؟
- طبعًا المسرح له دور كبير جدًا فى دعم الشباب وإعطائهم الفرص، ناس كتير بدأت من هنا، مثل منير مراد أو محمد يوسف المنصور الذى أصبح مخرجًا كبيرًا. المسرح فعلًا يصنع المواهب ويفتح لهم الطريق.

< هل اعتمدت على رموز أو إشارات مسرحية معيّنة.. وما التأويل الذى تود أن يخرج به المتفرج بعد مشاهدة العرض؟
- طبعًا، اعتمدت على مجموعة من الرموز والإشارات المسرحية، لكن بشكل غير مباشر. فلم التزم بالمدرسة الواقعية، رغم أن العرض فى مجمله أقرب للواقعية، لكن حاولت أخلق توازنًا بين الطرح الواقعى وبعض الرموز التى تجعل المتفرج يفكر ويتأمل.

< هل هذا هو أول تعاون لك مع الكاتب محمود جمال الحدينى؟
- لا، لم يكن التعاون الأول بل سبق وقدمت نص «إنهم يعزفون»، ومحمود بالنسبة لى كاتب مميزًا جدًا جدًا، ويمكن أعتبره أهم كاتب فى جيله من وجهة نظرى، وهو أيضًا مخرج متميز جدًا، وإنسان جميل.

< كيف تعاملت مع النص؟
- النص صراحة سهّل علىّ اشياء كثيرة جدًا، لأن فكرته قوية وجذابة، وهذا جعلنى أركز على عملى كمخرج دون الاضطرار إلى بذل مجهود مضاعف فى تعديل النص.
فهناك نصوص أخرى، المخرج يضطر إلى أن يتدخل بشكل كبير ويعدل ويعيد ترتيب حتى يصل لرؤيته، لكن هنا النص كان جاهزًا تمامًا.

< كيف ترى دور البيت الفنى للمسرح فى دعم الفنانين خاصة الشباب؟
- البيت الفنى للمسرح مؤسسة مهمة جدًا، وفعليًا تدعم الفنانين على مختلف المستويات، سواء كانوا من الأسماء الكبيرة أو الوجوه الجديدة. وأنا شخصيًا هذا أول عمل لى من إنتاج البيت الفنى، والطبيعى أن تكون نقطة البداية من مسرح الشباب، لكن العرض قدم على مسرح السلام، وهذا شىء كبير جدًا بالنسبة لى، وتوفيق كبير من ربنا.

< كيف ترى حال المسرح فى مصر حاليًا؟
- المسرح فى مصر حاليًا فى حالة تحول كبيرة جدًا، وفى نهضة واضحة بتحصل، وحركة، ووعى، وشباب تعمل بجد وفى محاولات كثيرة للتطوير من أنفسهم ومن أدواتهم. واعتقد إنه طول ما هناك شباب لديهم الشغف والإصرار، فالتغيير هيستمر، وهذا شىء طبيعى جدًا فى أى حراك فنى حقيقى.

< برأيك.. ما العقبة الأساسية التى تواجه المسرحيين اليوم؟ هل هى قلة الدعم غياب المنصات أم مشاكل فى الجمهور؟
- المشكلة الأكبر من وجهة نظرى إن كل شىء أصبح سهلًا ومباشرًا، لدرجة إن الناس فقدت شغفها للسعى للثقافة أو الفن. بدل ما الواحد يروح للمسرح أو يدور على تجربة حقيقية، كل حاجة بقت توصله لحد بيته على الموبايل أو التليفزيون، المسرح يحتاج إلى مجهود وتجربة حية، وهذا شىء الجمهور أصبح كسلان فيه، فالعقبة ليست فى الدعم أو المنصات، لكن أيضًا فى تغيير سلوك الجمهور وتفضيله للراحة على حساب التفاعل الحقيقى.

< ما حلمك المسرحى الذى تتمنى تحقيقه؟
- حلمى المسرحى الكبير أن أقدم عرضًا يلف العالم، ويشارك فى مهرجانات دولية ويشاهده جمهور من ثقافات مختلفة. كما أيضًا أتمنى تقديم عرض على خشبة مسرح كبير ومهم، لأن هذا شىء له قيمة كبيرة بالنسبة لى. فأنا أحب المسرح المعاصر جدًا، وأشعر بأنه الأقرب لروحى وتفكيرى، وطبعًا سيكون شرفًا كبيرًا لى إذا استطعت تحقيق هذا الحلم وأيضًا أن أمثل بلدى من خلال عمل فنى حقيقى.

< هل كانت لك تجارب فى السينما والتليفزيون.. وكيف ترى الفرق بينها وبين المسرح؟
- فعلًا، شاركت بأعمال فى السينما والتليفزيون، والحمد لله قدرت أحقق حاجات لطيفة، وهذه تجارب أنا ممتن لها جدًا. لكن شغفى الحقيقى كان دائمًا مع المسرح، وهو بالنسبة لى الأصل.


صوفيا إسماعيل