اليوم الدولي للتسامح.. أن نجعل المجتمع مكانًا أفضل للعيش

اليوم الدولي للتسامح.. أن نجعل المجتمع مكانًا أفضل للعيش

اخر تحديث في 11/19/2020 6:24:00 PM

محمد إمام

يحتفل العالم في السادس عشر من نوفمبر كل عام باليوم العالمى للتسامح، في أعقاب إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993 باعتبار 1995 عام الأمم المتحدة للتسامح، ثم أقرته في عام 1996 للاحتفال به ضمن الأيام الدولية، كما أنشأت منظمة اليونسكو جائزة للتسامح في ذكرى مرور 125 عاما على ميلاد المهاتما غاندي، تمنح كل عامين في الاحتفال باليوم العالمي للتسامح.

هدف اليوم العالمي للتسامح

يهدف الاحتفال باليوم العالمى للتسامح إلى إرساء قيم السلام ونبذ العنف، والاعتراف بحقوق الشعوب والأفراد في اختلاف الثقافات، كونها كائن حي يتطور بمرور الزمان ويختلف من طبيعة إلى أخرى ومن بلد لآخر، فما يعد من المباحات في مجتمع قد يكون محرما في آخر، كونه إرث ديني أو من العادات المجتمعية المكتسبة.
يساعد قبول اختلاف الثقافات على التعايش السلمي في المجتمع، دون الخوف من الاضطهاد العرقي أو الديني والعنصرية، فيخرج أجيالا تحترم الآخر وتقبل الاختلاف بما يتوافق مع القيم الدينية والمجتمعية، ولعل البيت القائل: "وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه" دليلا على أن زرع القيم التسامح في الأطفال منذ نعومة أظافرهم يجعل المجتمع مستقبلا مكانا أفضلا للعيش.
وليس معنى التسامح الانكسار والضعف والتغاضي عن أخذ الحقوق فالمؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ولكنه يعني نبذ التعصب وكراهيته، ومنع التمييز بأشكاله كافة، وتربية أبناء لا يعانون من عقد الاضطهاد والخوف والاستعباد أو الإحساس بالدونية، وكذلك ضمان الحرية والمساواة الاجتماعية وضان مجتمع يضمن تكافؤ الفرص لأبنائه.

"إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا. ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد إنه الوئام في سياق الاختلاف. وهو ليس واجبا أخلاقيا فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضا، والتسامح هو الفضيلة التي تيسر قياما لسلام، يسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب" المادة 1.1 من إعلان المبادئ بشأن التسامح

التسامح من خلال الموروثات

يساهم الموروث الشعبي في تشكيل وعينا قبل أن نعرف القراءة والكتابة، فيتلقى الأبناء من مجتمعهم القريب سلوكياتهم ومعتقداتهم الاجتماعية والدينية بما يلاحظوه من أفعال الوالدين، ويصبحوا مرآة للكبار، يمكن أن نطلق عليها "التعليم الرمزي"، فإما أن يتربوا على التسامح أو التعصب، ولعل المثل الشعبي "يا بخت من بات مظلوم ولا باتش ظالم" مثالا على الدعوة إلى نبذ الظلم –العنف قد يكون أحد أشكال الظلم-، وعلى الرغم من ظاهر المثل بالاستسلام وقبول الظلم بشكل لا نشعر معه بالأسى، إلا أنه يشير في طياته أن الظالم لا حظ له، فهو دعوة لترك الظلم أكثر من دعوته لقبول الظلم.

"التسامح في الواقع حالة ذهنية ووعي، بل هو لزوم أيضا؛ وقوامه أن يدرك المرء أن التنوع الثقافي يمثل عامل إثراء لا عامل انقسام؛ وأن يعي أن كل ثقافة، بما فيها من اختلافات مباشرة وبادية للعيان، تنطوي على سمة عالمية وكأنها تتحدث بلغة تنطق بها الإنسانية جمعاء."— السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو

وتتأصل التأثيرات الشعبية حتى العصر المصري القديم، والذى دعت تعاليمه إلى التسامح وضمان حقوق الإنسان، فتنهي عن التنمر والسخرية من الآخرين وخاصة ممن لهم احتياجات خاصة: "لا تسخر من رجل أعمى، ولا تعيب على شكل رجل أعرج، ولا تنهر رجلا بين يدى المعبود فهو لا يدرى خطائه"، وهذه إشارة واضحة للتسامح بحيث لا يعانى أصحاب الإعاقات من التنمر أو العنف المجتمعى. 

التسامح من خلال التعليم

التعليم المدرسي هو المرحلة الثانية لتلقى المعرفة والعلم بعد مرحلة المنزل الأولى، وتساعد المناهج التعليمية على تشكيل وعي الصغار، وتعليمهم ما يليق من سلوكيات وما لا يليق إلى جانب تلقى الدرس، ولأنها مكان لاجتماع عدد كبير من التلاميذ من مختلف البيئات الاجتماعية والثقافية، فيحدث التلاقي مبكرا وإن لم يكن بالمعنى المفهوم كتلاقى الأضداد، إلا أننا نرى مجالا كبيرا للعنف والتنمر والتسامح بين الطلاب وبعضهم أو من بالغين نحو الأطفال، وأبرزت بعض القضايا في وسائل الإعلام مؤخرا ومواقع التواصل الاجتماعى "الفيسبوك وتويتر" عن وقائع اضطهاد وتنمر داخل بعض المدارس، تدخلت على إثرها وزارة التربية والتعليم لحلها، هذه المشاكل حدثت نتيجة لخلال في مفهوم التسامح لدى مفتعليها.

دور قصور الثقافة في التسامح

تدعو الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى مناهضة العنف بصوره وأشكاله كافة وتحاول إبراز مفهوم التسامح وتأكيد أسسه، من خلال برامج ثقافية وفنية عامة، وأفردت ضمن خطتها الحكومية للتنمية المستدامة برنامجا لتعزيز القيم بما يسهم فى مواكبة المتغيرات، ينبثق منه عدة برامج فرعية منها الإرهاب والتطرف، المواطنة وتنمية الوعي السياسي والنشء، وحقوق الإنسان وصون الحريات الأساسية، لتعزيز وغرس مفاهيم التسامح، علاوة على مئات المحاضرات والندوات وعروض المسرح ومسرح العرائس التي تناقش مفاهيم السلام والتسامح وقبول الآخر، ويضيق المكان هنا لسردها، ولكن يمكن متابعتها على الصفحة الرسمية الهيئة العامة لقصور الثقافة على الفيسبوك.

شاهد بالصور


محمد إمام

محمد إمام

راسل المحرر @