العدد 910 صدر بتاريخ 3فبراير2025
لقد تطلب الأمر عمل العديد من المبرمجين الموهوبين لتحويل رسومات الكمبيوتر من «صندوق التكنولوجيا technology box” إلى فكرة واعدة لمكان كبير وأداة مستخدمة على نطاق واسع لإبداع المشاهد. ويقوم المخرجون الفنيون بشكل روتيني بإعداد الخطط والحسابات الفنية والرسومات والنماذج وأوصاف الدعائم لابتكار مظهر الأداء بعد تقييم أولي عام. يمكن الآن القيام بكل هذه المهام بشكل دينامي بطريقة جذابة وتفاعلية. بالتأكيد، يؤثر استخدام الوسائط المتعددة من قبل مصممي المشهد على أسلوب التفكير الفني. وباعتباري فنان يسعى إلى التعبير عن الذات بشكل أكبر، فقد ساعد ذلك في نشر وتطوير الإمكانات البصرية للتقنيات غير القياسية. وبالتالي، هناك نوعان من الفنانين الذين يستخدمون أدوات الصناعة الرقمية (1): فنانو الوسائط وفناني البرمجيات.
وهذا يعني أن العالم الحقيقي هو أول موضوع للتأمل في العرض المسرحي. يتم إبداع الصور باستخدام أدوات رقمية - أي أن الآخرين يستخدمون أدوات مباشرة من الكمبيوتر، ويعملون بصور جاهزة ومهارات تشبه غالبًا التراكيب المجردة. على أي حال، فإن كلا النوعين من العروض التي تدخل حيز المسرح تخلق خلفية في المسرح الافتراضي، وهي نموذج للواقع يسمح بحساب هندسة واجهة المسرح بدقة. وعند تصميم المسرح، يتم إجراء تقسيم أولي لمساحته لإنشاء الأدوات الرقمية التالية. تسمح مجموعة واسعة من هذه البرامج بتطوير تفسير للرسم المسرحي في الفضاء الإلكتروني، لإنشاء أداء باستخدام نماذج وممثلين داخليين، ودعائم، وعناصر ضرورية أخرى. ويتمكن المخرج من تعزيز تأثيرات الإضاءة والخلفية الموسيقية لتطوير البنية التكوينية للأداء.
وتُثري العناصر الرسومية الأداء من الناحية الجمالية، وتسمح بمجموعة متنوعة من التفاصيل، وملء الألوان وتوسيع المشهد الصوتي، وإظهار دقة الحجم والملمس وشكل الأداء بأكمله. وتعد نمذجة الأداء المتعدد الوسائط مهمًة في العروض المسرحية حيث تسود العناصر الزمنية. وتعد النسخ الرقمية للنماذج والرسومات عملية ومتحركة لتقديم أفكار الجيل الجديد . وبالطبع، لا غنى عنها تقريبًا في حالة فقدان النموذج الأصلي أو التقليدي. من خلال تقليد نموذج العالم المادي للأداء، ينشئ مصممو السيناريو استعارة مناسبة، سواء في مساحة المسرح أو في الأزياء، مما يسمح للممثل بتحقيق التعبير عن الشخصيات أو الموضوعات، اعتمادًا على النوع والغرض(2). والنوع التالي من تصميم السيناريو الرقمي، وهو تركيب فيديو يمثل عملاً موسيقيًا وتسلسلًا مرئيًا، فتح معاني جديدة في المفهوم العام للتصميم الفني للإنتاج المسرحي. فأصبح العرض عبارة عن بناء إخراجي يجمع بين أشكال فعالة من التفاعل والتقارير ووسائل التعبير المتعددة الوسائط، مما يخلق صورة للاختيار الوجودي البشري كعامل من عوامل اللاوعي واللامفهوم.
وتناقش العديد من الدراسات الأكاديمية استخدام أدوات رقمية مختلفة في ممارسة المسرح المعاصر. ومن الواضح أن الأدوات الرقمية وسعت بشكل كبير نطاق وسائل تحقيق التعبير الفني في فنون المسرح. إن ما يجب أن تكون عليه سينوغرافيا الإنتاج المسرحي لمشاهدته أمام جمهور فكري حديث هو دائمًا سؤال كبير ونسبي للغاية. من الضروري دائمًا إظهار الاكتفاء الذاتي لفن المسرح المعاصر وبالتالي الوفاء بدوره في الثقافة. إن العالم المتقدم تقنيًا والتقديم الواسع النطاق لأحدث التطورات في مختلف مجالات الثقافة يغيران بشكل مشروع التركيبة النفسية للشخص كاملًا(3)(4). إن أقصى قدر من تشتيت انتباه المشاهد، ولمس جميع الاحتمالات الحسية الممكنة، يعمق الشخص في محيطه ويسمح بفهم أعمق وأكثر عاطفية للعمل الفني.
في عالم التكنولوجيا الرقمية، تتغير الأفكار وتنحرف عن القواعد المعتادة لبناء وتخزين المعلومات. يصبح المشاهد مشاركًا عاطفيًا وجسديًا أكثر، وأكثر قدرة على إدراك الخصائص المكانية مثل التعددية الأبعاد وتنوع المحتوى والصور. تلعب سرعة الوقت أيضًا دورًا مهمًا(5).
بمجرد الموافقة على خطة العرض المسرحي، سيقوم المخرج المسرحي بإنشاء ما يسمى بتصميم العرض المسرحي النهائي، والذي سيعرض النموذج الكامل للعرض. يسلط هذا المشروع الضوء على العيوب والتغييرات في عناصر تصميم المشهد(6). يتم عمل الرسومات إلكترونيًا بتقنية ثلاثية الأبعاد، ويتم شراء المعدات اللازمة للإضاءة على المسرح وعرض الفيديو والصوت للمسرح. النموذج المسرحي هو نموذج تم تنفيذه فنيًا للصورة المرئية المستقبلية لأداء مسرحي حديث، يتم تنفيذه بحجم مخفض وفي علاقة معينة بالطبيعة - أي وفقًا للمقياس(7). سواء كان افتراضيًا أو ماديًا، يقدم النموذج المجسم إشارة واضحة إلى كيفية تناسب المكونات الفردية للهيكل مع المؤدين. يحتاج المخرج والممثلون إلى النموذج لتطوير وتصميم إنتاج مسرحي مستقبلي. يعد إنشاء تخطيط النموذج أحد أهم المراحل في عمل الفنان على إنتاج مسرحي(8) . إن إنشاء نموذج لسينوغرافيا الأداء المستقبلي من قبل الفنان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقيق المفهوم المسرحي العام وهو أمر ضروري لتحقيق الفكرة الرئيسية للإنتاج المسرحي. لا يمكن للفنانين تحديد إنشاء العمل الفني إلا من خلال التخطيط لحلول مكانية معقدة لأن الرسم التخطيطي لا يعكس الصورة المكانية الشاملة(9)(10). وأثناء مناقشة تصميم النموذج لحل سينوغرافيا العرض، يبحث الفنان والمخرج عن التوازن الصحيح بين الحجم والارتفاع ونسب مساحة المسرح بأكملها. وعليه، فكلما كان التركيب مدروسًا جيدًا أو أنواعًا أخرى من وسائل التعبير السينوغرافي المتعددة الوسائط، كلما كان التأثير السينوغرافي أقوى. إن سينوغرافيا العرض المعاصر اليوم عبارة عن تكافل خاص يعتمد على الأجزاء والتفاصيل الرمزية والتقنيات الترابطية والمنشآت وغيرها من التقنيات الرقمية الحديثة.
(5) الخاتمة
تسمح المحاكاة الحاسوبية للعرض المسرحي بإدارة مفاهيم التصور الفني للعرض وخصائص تجسيده. وبمساعدة التكنولوجيا الرقمية، تكتسب عملية إخراج الأداء الحديث جودة جديدة وتصبح أكثر إبداعًا ودقة في اختيار أساليب إبداع شكل فني. يمكن للأدوات الرقمية أن تزيد بشكل كبير من عدد وسائل التعبير الفني في ممارسة المسرح المعاصر.
تتحقق الإمكانيات الدرامية الجديدة في ممارسة المسرح الحديث على خشبة المسرح من خلال تقديم مجموعة واسعة من الأدوات الرقمية: عروض الشرائح، وعرض الفيديو، وعرض الفيديو، والمؤثرات ثلاثية الأبعاد، ومجموعات الوسائط المتعددة، والعديد من المؤثرات الضوئية والصوتية. تتمتع التكنولوجيا الرقمية بإمكانات كبيرة لتخطيط المسرح. ومع ذلك، فإن تنشيط مساحة المسرح بالأدوات الرقمية لا يمكن أن يكون ممكنًا إلا بالتزامن مع براعة الممثل. وبالتالي، تعمل الأدوات الرقمية في ممارسة المسرح المعاصر على تعديل الفعل المسرحي الكلاسيكي بنشاط: فهي توفر إمكانيات تكنولوجية جديدة لمخرج المسرح، وتشكل معاني مجازية جديدة للواقع المسرحي والواقع الافتراضي، وتحدد دورًا غير عادي للشخصية والجمهور، وتنتج جمهورًا مثمرًا ومنخرطًا.
....................................................................................
الهوامش
1- ك. هارفي وم. موسبرجر. 2019. أنشطة الأرشيف المسرحي والوظائف الأرشيفية الأساسية. Archivaria 63، 1 (2019)، 35-54.
2 - س. أرونسون ليهافي، ن. سكوب، وي. فيا دوريمبوس. 2021. التعليق المقارن على الفيديو والمحو الأمية البصرية: تحليل الأداء واللغة المسرحية. المجلة الدولية للفنون الأدائية والوسائط الرقمية 17، 1 (2021)، 86-101.
3 -T. V. Yereskova، وO. V. Mazuryk، وO. S. Aleksandrova، وH. V. Tymofieieva، وV. N. Zavadskyi. 2020. عدم اليقين كسمة منتظمة ل المجتمع الأوكراني الحديث. تيوري جا في براكسا 57، 3 (2020)، 928-946.
4 - ل. موزغوفيي، ف. موليار، أو. ستيبانوفا، ف. إجناتييف، وف. ستيبانوف. 2021. الواقع الديني والعلماني للوعي الفردي في سياق كوفيد-19. افتتاحيات ما بعد الحداثة 12، 2 (2021)، 522-534.
5 - ب. م. خيرنديش. 2020. التصنيف في المسرح الحديث أو مسرح السخرية. بحث في الأدب العالمي المعاصر 60 (2020)، 17-25.
6 - إي. بو، إم. ريتشاتريكوفا، دي. بي. جارسيا، سي. جلوريو، وأ. أستولفي. 2018. محاكاة صوتية للاستخدام الحديث للمسارح القديمة. في وقائع المؤتمر والمعرض الدولي الثاني والأربعين حول هندسة التحكم في الضوضاء (INTER-NOISE’13): التحكم في الضوضاء من أجل جودة الحياة. 21002109.
7 - L. Brägger, L. Baumgartner, K. Koebel, J. Scheidegger, and A. Çöltekin. 2022. Interaction and visualization design considerations for gaze-guided communication in collaborative extended reality. ISPRS Annals of the Photogrammetry, Remote Sensing and Spatial Infor- mation Sciences 5, 4 (2022), 205–212.
8 -B. John, D. J. Lang, H. von Wehrden , R. John, and A. Wiek. 2020. Advancing decision-visualization environments—Empirically informed
design recommendations. Futures 123 (2020), 102614
9 - E. P. Punt, S. C. M. Geertman, A. E. Afrooz, P. A. Witte, and C. J. Pettit. 2020. Life is a scene and we are the actors: Assessing the
usefulness of planning support theatres for smart city planning. Computers, Environment and Urban Systems 82 (2020), 101485.
10 - V. Bekh, A. Yaroshenko, T. Zhyzhko, V. Ignatyev, and R. Dodonov. 2020. Postmodern picture of reality of scientific knowledge: Evolution by epistemological diversity. Postmodern Openings 11, 3 (2020), 207–219.
• نشرت هذه المقالة في مجلة ACM للحوسبة والثقافة والتراث – المجلد الثاني العدد 16 في ابريل عام 2023 .
• تيتيانا بويكو تعمل أستاذا للمسرح في جامعىة كييف الوطنية للثقافة والفنون