العدد 915 صدر بتاريخ 10مارس2025
نجح المخرج محمد عبدالرحمن الشافعى، فى تقديم تجربة جديدة ومختلفة داخل مسرح الغد، من خلال تقديمه العرض المسرحى «بلاى»، وقدم أفكارًا مختلفة للنص، واعتمد على الارتجال والتفاعل مع الجمهور.
المسرحية من تأليف الكاتب د. سامح مهران، وإخراج د. محمد عبدالرحمن الشافعى، وتضم فريق عمل متكاملًا يشارك فى تقديم رؤية فنية متقنة. يتولى تصميم الديكور والملابس دينا زهير، وتصميم الإضاءة عز حلمى، وتصميم الدعاية والمادة الفيلمية محمد فاضل القبانى، مساعدا الإخراج مها مصطفى وطارق صلاح، مخرج منفذ سيادة نايل. يشارك فى بطولة العرض نخبة من الفنانين: جلال عثمان، على كمالو، عبير الطوخى، نائل على، أحمد نبيل، إيمان مسامح، ووليد الزرقانى.
ما الذى ألهمك لتقديم تجربة “بلاى» بهذه الطريقة المثيرة للجدل؟
النص من تأليف د. سامح مهران، وكان يحمل اسم ديسمو، ومنصور فى الهيئة العامة للكتاب، وقرأته من فترة تتجاوز الـ3 سنوات، وأعجبت به كثيرًا، وطلبت من د. سامح تقديمه فى مسرح الغد، ووافق، وعقدنا بروفات لمدة 4 أشهر، وقدمنا بعض التعديلات على النص، بداية من تغيير اسم المسرحية من ديسكو إلى بلاى، وذلك لأن هناك بعض الأعمال الفنية تحمل اسم ديسكو مثل فيلم ديسكو ديسكو، وعرض قدم فى الهيئة العامة لقصور الثقافة يحمل اسم ديسكو، فكان هناك تخوف أن يحدث خلط بين الأعمال الفنية فقررنا تغيير الاسم، والسبب الثانى إن المسرحية قائمة على لعبة، فكلمة بلاى مناسبة للمعنيين، إذا كانت لعبة أو مسرحية، فالمسرحية قائمة بشكل كبير على فكرة المسرح بداخل المسرح، والارتجال وبها مساحة كبيرة من الإرتجال تصل إلى 50? من المسرحية، لكن لدينا فكرة أساسية وموضوع أساسى، وسيناريو لكن الأفكار تتغير حسب التفاعل بين الممثل والجمهور، بشكل يومى، فالعرض يقدم مجموعة من الممثلين يستعدون لتقديم عرض مسرحى، لكنهم يكتشفوا، لكنهم يكتشفوا إن مؤلف ومخرج العرض، غادروا البلد للبحث عن فرصة أخرى بعائد مائد أكبر، فيكون القرار فيما بينهم أن يقدموا عرض أخر مختلف، فكان الاقتراح هو اللجوء للنصوص العالمية، لكنهم يرفضون الفكرة، والقرار الأخير يكون هو تقديم فكرة مختلفة تنفع الناس وذلك بإلهام من الحارس، والفكرة التى تم اختيارها هى فكرة تواجه أغلب الأسر المصرية، وهى مشكلة اجتماعية والهدف الأساسى هو الطموح الزائد الذى من الممكن أن يكون غير مناسب وملائم لهذه الأسرة، فتحدث مفارقات كوميدية، حتى نصل لنهاية غير متوقعة.
أما عن لوكيشن العرض فهو قاعة بروفات، يتشكل ديكورها على حسب المشاهد، وهذا كان بمهارة مهندسة الديكور دينا زهير، والإضاءة أيضًا كانت هى الفاصل الوحيد الذى ينقلنا من الأماكن وبين الأزمنة المختلفة، وصمم الإضاءة الفنان عز حلمى.
المزج بين الكوميديا والهزل فى عرض “بلاى» يتطلب توازنًا حساسًا. كيف تمكنت من تحقيق هذا التوازن دون المساس بجوهر الأفكار التى يناقشها العرض؟
الكوميديا شىء صعب، وهذا النص صعب جدا، بالرغم إن نصوص د. سامح معروف عنها إنها نصوص صعبة وثقيلة وعميقة، وهذا النص رغم أنه يبدو وكأنه خفيف، فإنه عكس ذلك، فلا يمكن لكل الجمهور استيعاب العرض وفهمه وقراءته بالشكل الذى نريده، فالنص صعب، وفكرة تقديم كوميديا بها جزء من الارتجال وهذا خطر، لأننا فى هذه الحالة نكون مثل الترمومتر فلا بد من التوازن، فالممثل الكوميديان لا بد وأن تكون لديه حساسات استشعار بينه وبين الجمهور، والفكرة هنا إن أغلب ممثلى العرض لم يلعبوا أدوارا كوميدية من قبل، فكانت المفاجأة بالنسبة لهم أنهم قادرين على تقديم أدوار كوميدية، وأنا أتمنى أن يكون الموضوع كوميديا، كما ذكرت فى السابق، إن العرض لا يستوعبه كل أطياف الجمهور، لكنى أرى إنها تجربة مختلفة لأنه كان مهم بالنسبة لى العمل بمسرح الغد، ومهم أيضًا أن أقدم عرضًا من تأليف د. سامح مهران، فأتمنى أن تحقق التجربة النجاح المناسب.
هل كان هناك تحديات خاصة واجهتك أثناء الإخراج مع فريق التمثيل؟ وكيف تجاوزت تلك التحديات؟
فى البداية كان من أهم التحديات النص، لأنه صعب جدًا، وليس له بناء تقليدى (بداية، وسط ونهاية) لكنه قائم على قماشة واسعة جدًا، وأنا من يحدد متى تكون البداية، ومتى وقت الذروة، والفينال، فكل هذه الأشياء كانت تمثل تحديات كبيرة خاصة أن العرض مقدم فى مسرح الغد، فأثناء العمل فى مسرح الغد لا يصح التعامل وكأنه علبة إيطالى لكن لا بد من استغلاله كقاعة، وكان ذلك من ضمن التحديات التى واجهتنا أثناء رسم الحركة، وتوظيف الديكور.
كيف ترى دور “بلاي” فى التفاعل مع الجمهور؟
أيام يكون الجمهور مستوعب العرض وسعيد به، وأيام أخرى لا يكون الجمهور قادر على الوصول لفكرة العرض بشكل أساسي.
كيف ترى تأثير ورش الإخراج على تطوير مهارات المخرجين الشباب؟
أهم ما يميز ورش الإخراج هى الممارسة، والمخرج مثل الطيار مكلف جدا، والممثل مثل العسكرى (من حيث العدد)، وغير مكلف، على عكس المخرج، فالمخرج يكلف المكان كله، وفكرة وجود ورش للإخراج للممارسة والتدريب أرى إنه شىء مهم جدًا، بجانب الدراسة الأكاديمية الأساسية، خصوصًا أننى خريج ورشة مركز الإبداع شعبة الإخراج عام 2005، الدفعة الثانية وقدمت مسرحية هاملت، بنفس ممثلى عرض قهوة سادة.
ما المهارات الأساسية التى تحرص على تطويرها لدى المشاركين فى ورش الإخراج التى تديرها؟
أهمها، كيفية قراءة النص، لأن قراءة النص صعبة جدا، والأهم هى ستقرأه من وجهه نظرك، أو كما كتبه المؤلف، فهذا شئ مهم لقراءة ما بين السطور، خاصة إذا كان النص عالمى، والنص العالمى معناه إنه عاش كثيرًا ومتداول فى أكثر من ثقافة وهذا لم يأتى من الفراغ، بل بالعمل الجاد ومناقشة القضايا الإنسانية وموضوعات تهم ثقافات مختلفة على مدى سنوات طويلة، فحتى اقرأ النص كمخرج لا بد من قراءة النص بتركيز بدون سطحية وسذاجة للتعرف على أسباب كتابة هذا النص وما بين السطور، وكيف يمكن توظيف هذا النص فى الوقت الحالى.
هل هناك فرق كبير فى منهجية التدريس بين الإخراج المسرحى فى الورش العملية وبين التدريس الأكاديمى فى الجامعات؟
التدريس الأكاديمى شىء أساسى؛ لأنه يعرف كل النظريات والتاريخ والقواعد والأسس، ولكن الممارسة تكون قليلة، وخصوصا إن الإخراج يكون جزء من الدراسة، فلا يوجد قسم للإخراج فقط، فالطالب يدرس 4 مواد للإخراج على مدى 4 سنوات، والعملى أيضًا قليل، ولكن الدراسة أساسية، لكن فكرة الممارسة أهم.
كيف تسهم ورش الإخراج فى تقديم جيل جديد من المخرجين المسرحيين الذين لديهم رؤية حديثة ومبتكرة؟
ورش الإخراج تعطى الفرص للشباب للإنتاج وتقديم عروض وتفريغ لطاقتهم، وفرصة للظهور من خلال تجربة الورشة.
كيف يمكن جذب الجمهور، خاصة من الشباب، لمتابعة المسرح مرة أخرى فى ظل وجود وسائل ترفيه أخرى مثل السينما والمنصات الرقمية؟
الجمهور لا يذهب للمسرح، إلا فى حالات معينة منها وجود النجم، وأيضا لعنصر الإبهار، وأن يكون لديك شئ مبهر على مستوى التكنيك، وهذا مكلف جدا، فالمسرح العربى فى بعض دول الخليج اعتمد على النجم، والمسرح الأوروبى القائم من أكثر من 100 عام، وما زال قائمًا ولم يمت أو يعجز قائم على التكنيك، ولكن ذلك يكلف ميزانيات ضخمة ويستهلك وقت كبير فى التجهيز، ولدينا فى مصر بعض النماذج التى تستغرق وقت طويل فى التجهيز للعروض المسرحية، لتخرج بشكل مبهر وبإنتاج ضخم مثل المخرج أحمد البوهى، وأخيرًا الموضوع الذى يناقشه العرض، ولكن الموضوعات أصبحت مستهلكة ومكررة، فالجمهور أصبح يتحمل عبئًا كبيرًا للنزول للمسرح، فإذا قرر النزول سيبحث عن النجم الذى يحبه، أو لمشاهدة عناصر مبهرة، أو لمشاهدة فكرة جديدة لم تستهلك.
كيف ترى دور التكنولوجيا والابتكارات الحديثة فى تطوير لغة المسرح وأدواته؟
العلم تطور فى ال 20 سنة الماضية، والمسرح كان جزءا من العالم المتطور، فالطبيعى إن التكنولوجيا دخلت حياتنا وبيوتنا ودراستنا ومن الطبيعى أن تدخل للفن فى كل أشكاله، وليس للمسرح فقط، فدورها مهم جدا، ومن ينكر دورها فهو مغيب، فلا يمكننا أن نغفل دور السوشيال ميديا فى التأثير على المجتمع والتأثير على الأجيال والأفكار، فلا يمكن إغفال دور التكنولوجيا ولكن كيف يتم توظيفها، وهل نحن مستعدون للتعامل مع التكنولوجيا، ولدينا الكفاءات فى مسارحنا للتعامل مع الأساليب الحديثة المتطورة.
كيف ترى دور المسرح فى بناء الهوية المصرية والحفاظ عليها، خاصة فى ظل المتغيرات الثقافية والاجتماعية السريعة التى نشهدها اليوم؟
كل الثقافات والشعوب القديمة لديها مسرح خاص بها، فالمسرح يدرس فى بعض الأكاديميات الغير مختصة بالفنون تحت مسمى العلوم الإنسانية، فالمسرح فى المقام الأول فن إنسانى من الدرجة الأولى، وله دور كبير فى التأثير على الهوية، “ماذا نقدم، ولماذا”، وما الذى نأصل له، وتوجيه الشعب، فالمسرح مثله ككل الفنون، والموسيقى وتأثيرها أيضا على ذوق الناس وسلوكياتهم، فالشخص الذى خرج من حفلة البالية، بالتأكيد سيكون سلوكه مختلف عن الشخص الذى خرج من حفل المهرجانات الشعبية، فالفن له دور مهم والمسرح له دور أيضا فى التأصيل لهذا، خاصة إن لدينا مؤلفين مسرحيين مهمين ظهروا فى فترة الستينيات والسبعينيات أصلوا لحركة مسرحية مهمة جدت، لكننا ما زلنا متمسكين بالقالب الإيطالى أو الأوروبى، لأننا للأسف لم يكن لدينا فلاسفة يقومون بوضع نظريات لمسرحنا المصرى الخاص بنا، فعلى سبيل المثال فى اليونان قدموا المسرح فوجدوا أرسطو يقدم نظريات، وكذلك المسرح الإنجليزى فى عصر النهضة والمسرح الأوربى بشكل عام، لكن المسرح المصرى فلدينا أساتذة كبار يحاولون تقديم نظريات، لكننا نريد أشخاص تأصل النظريات خاصة بمسرحنا المصرى.
كيف ترى دور الشباب فى صناعة مستقبل المسرح المصرى، وما هى رسالتك لهم كأحد المخرجين المؤثرين فى هذا المجال؟ تشجيع المسرحيين الشباب، وإبعادهم عن اليأس والإحباط، وعدم الجرى وراء الاستسهال والمقابل المادى فقط، وأن يكون لديك أساس تعمل عليه ليكون لديك تاريخ خاص بك، وأنا أرى أن هناك بعض الشباب المسرحيين مهتمين، ويقدمون تجارب مختلفة فى الشارع بميزانيات قليلة جدًا، ويبحثون عن أماكن كثيرة كمركز الإبداع وقصور الثقافة، فالشباب لم تقصر، وأعتقد أن الدولة أيضًا لم تقصر تجاههم خصوصًا الهيئة العامة لقصور الثقافة تنتج عددًا ضخمًا من العروض بشكل سنوى فى كل المحافظات.