مسرح الأطفال فى أمريكا

مسرح الأطفال فى أمريكا

العدد 917 صدر بتاريخ 24فبراير2025

لا نكاد نعرف شيئا عن مسرح الأطفال فى الولايات المتحدة رغم ازدهار هذا النوع من المسرح فى بلاد العم سام ووجود تجارب خاصة به تستحق التعرف عليها. 
وهذا النوع من المسرح معروف فى الولايات المتحدة منذ  مطلع القرن العشرين حيث أقيم أول مسرح للأطفال فى عام 1907 لأغراض تعليمية ثم بدأ ينتشر فى أوروبا. وكان الاتحاد السوفييتى السابق أول من اهتم بمسرح الطفل مع قيام النظام الشيوعى لنشر مبادئ الشيوعية بين الأطفال بدا يتوسع إلى باقى دول أوروبا.
ومن هذه التجارب ما يدور فى ولاية مينيسوتا وبالتحديد فى قسم المسرح بجامعة ولاية منيسوتا. فى هذه التجربة التى  بدأها  ثمانية من طلاب  السنة الأولى بالقسم.
والتجربة عبارة عن عدة مسرحيات غنائية قصيرة هادفة للأطفال قرر الثمانية تقديمها فى المدارس الابتدائية بمقاطعة مانكاتو التى يقع بها مقر الجامعة بدلا من الاكتفاء بتقديمها على مسرح الجامعة أو على أى مسرح فى المدينة مساء.  
ويستدعى ذلك بالتالى بدء العمل فى ساعة مبكرة من الصباح بدلا من الانتظار حتى المساء كما هو الحال فى عالم المسرح.   
ويشعر الطلاب بسعادة كبيرة بهذه التجربة ويرون فيها  تجربة ممتعة ستؤتي ثمارها الكبيرة لاحقًا سواء فى حياتهم العلمية او العملية بعد التخرج. بل إنها أكسبتهم قدرات إدارية متعددة يحتاجها العمل المسرحى خاصة فى التعامل مع المشاكل الطارئة.
من هذه المسرحيات مسرحية The Me As  Well  التى وجدنا صعوبة فى ترجمة اسمها الى العربية وان كان اقربها الى الدقة “انا أيضا”. 
  تقول الطالبة الحسناء سيج مينيهان  التى لعبت  دور العمدة بوسي  فى المسرحية  “كانت  تجربة رائعة لأنني في البداية لم أكن أدرك أن لدينا مخرجين رائعين.  وتمضى قائلة ان ما يزيد من سعادتها ان هؤلاء المخرجين من  زملاء الدراسة الشباب وليسوا من اصحاب الخبرات الكبيرة. ومع ذلك قدموا اخراجا متميزا للعمل المسرحى. وخصت بالذكر زميلتها لاندون هدسون وزميلها الى شولتز.
 وتؤمن هدسون على قولها وتقول إن العرض ظهر بشكل يفوق المتوقع  من خلال الحوارات  التي أجروها أثناء قضاء الوقت معًا. 
وقالت هدسون التي شاركت ايضا فى التمثيل فى المسرحية  وهى أصلا  بارعة  فى تجسيد الشخصيات  الكوميدية ان ما يثير الاعجاب ان احدا لم يكتب نص هذا العرض بل كتبه الطلاب الثمانية بشكل جماعى. 
وتقول كنا نجلس معا لفترة طويلة ونتداول أفكارا متعددة لعدة ساعات من أجل صياغة موقف درامى بل لمجرد صياغة عبارة احيانا فى هذا العرض الذى يستغرق نحو خمسين دقيقة. 
وتضيف ان نجاح العرض جعل جامعة ميتشجان ستيت فى ولاية ميتشجان المجاورة تطلب عرض المسرحية على مسرحها الخاص. المعروف باسم مسرح تيد  بول.

شخصيات
 وتعود فتقول إنها ابتكرت الشخصيات فى هذه المسرحيات بناء على قصص وتجارب مرت بها فى طفولتها وفى مطلع شبابها.   واستوحت الشخصيات ايضا  من سلسلة قصص الاطفال الشهيرة  “السادة الرجال والسيدة الصغيرة” التى استمتعت بها كثيرا فى طفولتها.
 وتقول ان المسرحية الغنائية “أنا أيضًا” هي قصة عن المشاعر التي نشعر بها في حياتنا اليومية، وضرورة إيجاد التوازن في تنظيم هذه المشاعر وسبل تحقيق ذلك. وتدور أحداث المسرحية  في بلدة افتراضية اسمها سانت فيلينجزبيرج. وفى هذه البلدة تلتقي شخصيات مركبة مثل هابي، وكوريوس. وهذه الشخصيات تتميز بسمات مختلفة تتفاعل وتتقاطع لتنتج فى النهاية العقدة التى يدور حولها العرض المسرحى. فهناك من هو هادئ، وثرثار، وذكي، وشجاع، ومنظم وهكذا. وكل شخصية تسعى الى ابراز الصفات الايجابية التى تتمتع بها وتنفى عن نفسها الصفات السلبية.
 وتتضارب المشاعر أمام بعضها البعض، وقد نجد أحدهم قد خالف القاعدة بشعوره بشعور آخر.

مباراة
وكانت المسرحية عبارة عن مباراة بين الطلاب الثمانية فى الاداء ونجحوا  في إضفاء الحيوية على العرض الذي تتراوح مدته بين 40 و45 دقيقة. وتقول ان اهم ما ميز هذا العرض القصير هو انه لم ينته بنهايته بل طرح تساؤلات عديدة حول كل شخصية يتعين على كل من شاهد المسرحية ان يبحث عن اجابة لها.
ولعبت الأغانى دورا مهما فى التأكيد على المعنى. فهى تهتم بجميع المشاعر الأخرى، وإذا تجاوز أحدهم الحدود، تنبهه شخصيات أخرى عن طريق الغناء ايضا.  
 ويقول أعضاء فريق التمثيل إن المسرحية تقدم بشكل غير مباشر  نصائح عديدة بشكل لايبعث على الملل  من نواحٍ عديدة. فهى تشرح لهم مثلا كيف يتصرفون فى بعض المواقف الطارئة. وهذا ما حدث فى المسرحية عندما تعطلت آلة التسجيلات الموسيقية فى إحدى الأغانى فقام ابطال العرض بمحاكاة بعض أصوات الآلات الموسيقية.  

مرونة
ويساعد على ذلك عموما ان المجموعة تتمتع بمرونة عالية وتسمح لأعضائها باضافة لمساتهم الخاصة ونكاتهم وأشياء أخرى إلى العرض. وهذا الامر يحدث مع كل عرض للمسرحية الواحدة قال إن هذه التغييرات تحدث مع كل عرض.  
ويقول شولز ان اكثر ما يثير اعجابه فى العروض التى يقدمها مع زملائه هو ردود الفعل المباشرة عندما يرى مثلا تلميذة  صغيرة   في مدرسة أولية  تتفاعل مع العرض وتبتسم طوال الوقت لأنه كان  مؤثرًا للغاية. ويمضى قائلا ياله من امر رائع ان ترى قطعة من عملك تتضافر وتؤثر في الناس، لأن هذا ما ترغب في القيام به ككاتب مسرحي.
ويعترف شولز بأنه وزملاؤه السبعة لم يبتكروا تقليدا جديدا. فهو من الممارسات الشائعة بين طلاب المسرح لكن الجديد انهم اقدموا على هذا التقليد الرائع  وحققوا نتائج طيبة فى سن صغيرة ودون خلفية علمية أو عملية كبيرة.


ترجمة هشام عبد الرءوف