تحت عنوان «تحولات الوعى الجمالى فى المسرح المصرى» انطلقت أولى فعاليات المحور الفكرى المصاحب لفعاليات المهرجان القومى للمسرح فى دوراته الـ18، والتى تقام تحت شعار «المهرجان فى محافظات مصر»، برئاسة الفنان محمد رياض.وتأتى أولى الجلسات للمحور الفكرى تحت عنوان «أثر السياقات السياسية والاجتماعية على الوعى الجمالى»، وتأتى الجلسة الأولى بعنوان «التغيرات الاجتماعية وأثرها على أشكال التعبير المسرحى»، ويتحدث فيها كل من الدكتور سيد على إسماعيل أستاذ الأدب المسرحى قسم اللغة العربة كلية الآداب جامعة حلوان، والدكتور محمد زعيمة، ويدير الجلسة الدكتور محمد دوير، فيما تأتى الجلسة الثانية تحت عنوان «التوجه المؤسسى ودوره فى تشكيل الذوق المسرحى العام» ويتحدث فيها كل من الكاتبة رشا عبدالمنعم والمخرج محمد الطايع، والمخرج أشرف عزب ويدير الجلسة الكاتب عماد مطاوع.وفى بداية الجلسة بدأ الدكتور محمد دوير بالتعريف بالمتحدثين، وهما الدكتور سيد على إسماعيل والدكتور محمد زعيمة، متناولًا خلال كلمته أهم بعض محطات وتحولات المسرح المصرى، منذ مرحلة التأسيس مرورًا بفترة ثورة 1919، والمسرح الغنائى، ومرحلة ما بعد ثورة يوليو، ومرحلة الانفتاح وظهور الطبقات الاجتماعية المختلفة من الطبقات الدنيا وحتى الطبقة الوسطى والطبقات المثقفة، وقابلية الجمهور للمسرح وتلقيه.لافتًا إلى أن هناك ارتباطًا نشأ ما بين المسرحى الجمهور بمختلف تنوعاته واتجاهاته، وأن هذا الارتباط الذى تكون بين الجمهور والمسرح، والذى انعكس على ظهور أنماط وأشكال مسرحية تواكب التغيرات التى طرأت على المجتمع، لتواكب تلك الحركة هذه المتغيرات كظهور المسرح الصيفى وغيرها من الأنماط المسرحية، المختلفة. ووصولًا إلى مرحلة اللامعيارية، قائلًا: «يبقى السؤال الحقيقى هنا هو ليس أين المسرح المصرى؟ وإنما السؤال عن الهوية، وحينما نجيب عن ذلك التساؤل نجد سبيلنا إلى المسرح».وتناول الدكتور سيد على إسماعيل خلال ورقته البحثية التى حملت عنوان «الوعى الجمالى للمسرح المصرى فى مائة عام (1868- 1968)»، موجهًا الشكر إلى إدارة المهرجان على اختيار موضوع المحور الفكرى، وهو «الوعى الجمالى للمسرح المصرى»، قائلًا: «انطلاقًا من هذا العنوان أقدم رؤية تأريخية للمسرح المصرى خلال مائة عام، وأنه لا بد والنظر على المسرح باعتباره يدور حول الوعى الجمالى وأثر على الإنسان، وحينما نتحدث عن المسرح المصرى منذ بداياته سنجد أن أول من ابتكر المسرح فى مصر كان الخديوى إسماعيل، وهو الحاكم الوحيد الذى جاء وجعل اللغة العربية هى اللغة الأساسية بدلًا من اللغة التركية، وقد أرد من خلال المسرح أن ينمى اللغة العربية، وذلك عن جعل اللغة العربية ممثلًا فى شتى مناحى الحياة، وعمل على وجود أول نص مسرحى باللغة العربية، وهى مسرحية هيلانة الجميلة، كما كان حريصًا أيضًا على ترجمة الأوبرا إلى اللغة العربية».استكمل «إسماعيل» حديثه الذى تناول التطورات التى ظهرت فى المسرح المصرى منذ نشأته واهم المحطات التى مرَّ بها، سواء من خلال الفرق التى عملت فى المسرح أو فترات الحكام المتعاقبين على مصر، لافتًا إلى أن التأسيس للمسرح المصرى كان فيما بعد ثورة الـ1919، ومنها ظهور فرقة يوسف وهبى، والتى قدمت المسرح المصرى الأصيل، والتى شاهدنا من خلال الأعمال التى قدمتها حياة المصرى الأصيل سواء فى الريف أو القرى أو الأنماط الشعبية المختلفة، وأدى ذلك إلى ظهور حركة نقدية كبيرة بالتزامن مع ظهور تلك الفرق وهو ما جعل ظهور أهم المصطلحات وهى «المسرح المحلى»، والتى أعتبرها مرحلة التأسيس، وأعقبها افتتاح أول معد مسرحى حديث فى عام 1932.مشيرًا إلى أن مرحلة التأسيس للمسرح المصرى كانت فى فترة الملك فؤاد، والتى تضمنت نشأة معهد الفنون المسرحية والمسرح المدرسى، كما لفت إلى أن فترة الملك فاروق لم تضيف كثيرًا على حركة المسرح المصرى، حتى جاءت فترة ما بعد ثورة الـ 1952، والتى تعتبر من أزهى عصور المسرح المصرى، والتى يمكن أن نطلق عليها بـ«مرحلة التأصيل» للمسرح المصرى.فيما تحدث الدكتور محمد زعيمة، أستاذ النقد المسرحى بأكاديمية الفنون، خلال ورقته البحثية التى حملت عنوان «المسرح والتغير الاجتماعى والسياسى والتكنولوجى» عن أثر التغير الاجتماعى على المسرح المصرى، لافتًا إلى أن العنوان الرئيسى للمحور الفكرى قد يستدعى عمل الكثير من دراسات الدكتوراه، قائلًا: «لهذا حاولت الحديث عن المسرح المصرى منذ أواخر القرن العشرين لا سيما مع ظهور مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى ومحاولة الربط بين الأشكال المسرحية الجديدة والتغيرات الاجتماعية التى طرأت على المجتمع، وتلك النقلة الاجتماعية التى تعرض لها المسرح المصرى خاصة فى فترة الستينيات من القرن الـ20، وارتباط الجمهور والطبقة الصاعدة بالذهاب إلى المسرح وإلى السينما وبالتالى، نستطيع ان نقول أن المسرح فى تلك الفترة كان يخاطب تلك الفئة المجتمعية وهى الفئة الأقل من المتوسطة والتى اصبح الذهاب للمسرح ولسينما بمثابة عادة اجتماعية.وأضاف زعيمة:»وكان على المسرح أن يقوم بعمل متغيرات على العروض التى يتم تقديمها حتى تلائم تلك الطبقات الاجتماعية، لأن المسرح لم يعد مقتصرًا فقط على الطبقة المثقفة،لافتُا إلى ان هناك فترة مهمة فى المسرح المصرى وهى هجرة بعض الطبقات الاجتماعية من مصر إلى دول لخليج وبالتالى حدث تغيرات فى القدرة المادية للطبقات الاجتماعية، وايضًا حدوث نقلة أخرى والتى تمثلت فى الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتى أثرت على طريقة التفكير وبنية الطبقات الاجتماعية وسماتها، مؤكدًا على أن تلك المتغيرات قد أثرت على بنية الجمهور المصرى، وبالتالى كان له أثره البالغ على تغير بنية العرض المسرحى سواء من ناحية النص المصرى أو الأشكال المسرحية والتقنيات والموضوعات، مشيرًا على أن المسرح كان مواكبًا للأحداث السياسية والاجتماعية وكل المتغيرات التى طرأت على المجتمع المصرى، خلال الفترات الزمنية المتعاقبة، بدءًا من فترة السبعينيات أو الثمانينيات، وظهور موضوعات ونصوص مستلهمة من التراث مثل مسرحية الواغش والتى كانت منتشرة بشكل كبير وكان يتم انتاجها فى مختلف الجهات سواء فى الجامعة أو القطاع الخاص أو القطاع الحكومى لأنها ظهرت فى فترة استطاعت من خلاله الدخول فى الوجدان الشعبى.ومع ظهور المسرح التجريبى فى أواخر الثمانينات وكانت الصدمة الكبرى حينما شاهدنا عرض الجلسة السرية والتى قُدمت دون كلام ودون نص مسرحى، وكان يعتمد بالأساس على الحركة والإضاءة، وكانت هناك صدمة أولًا على المستوى النقدى والتى تسائل الكثير من النقاد على كيفية تحليل العرض المسرحى، سواء من ناحية العناصر الأساسية أو العناصر الاستثنائية، والتى كنا لا نعير لها اهتمًامًا من قبل، وجعلنا هذا العرض أن نتوقف قليلا حول طريقة التعامل مع تلك النوعية من العروض، وهو أيضًا ما انعكس على العروض المسرحية التى تم تقديمها فى المهرجان التجريبى فيما بعد، وبالتالى ظهور أشكال وأنماط للعروض المسرحية مغايرة عن الشكل التقليدى لتلك العروض.فى البداية رحب الفنان محمد رياض بالسادة الحضور مقدمًا الشكر للناق أحمد خميس رئيس المحور الفكرى والكاتبة رشا عبد المنعم على المجهود الذى قدموه خلال الفترة الماضية ليخرج الملتقى الفكرى بهذا الشكل.وأكد رياض على أهمية المحور الفكرى المصاحب للمهرجان وما يحدثه من اشتباك حقيقى بالواقع المسرحى المصرى، وما يطرحه من مشاكل وهموم وطرق العلاج أيضًا، منوهًا على حرصه الشديد على التواجد خلال المحور الفكرى إذ قال:»أنا أكون حريص على التواجد فى جميع أيام ندوات المهرجان لأنها تعتبر الاشتباك الحقيقى مع حركة المسرح، ولأنه يلقى الضوء على قضاياه»لافتًا:» إلى أن المهرجان القومى للمسرح ليس فقط مجرد احتفالية أو مجرد تسابق أو ورش فنية، وإنما هو حالة مسرحية كاملة، وأصبحنا فى تلك الفترة، وعلى مدار ثلاثة أشهر قد استطعنا أن نحدث حالة مسرحية رائعة، تلك الحالة التى قد تعود بالجمهور مرة أخرى للمسرح، فلم أكن متخيل أننى فى يوم من الأيام أننى سأكون ممثلًا مشهورًا، ففى البداية كنت أحب المسرح وبدأت فى ممارسته، حتى أصبحت على ما أنا عليه الآن، وأعتقد أن هناك حراكًا مسرحيًا كبيرًا خلال الفترات المقبلة، والتى أرى أن سيكون عمادها هم الشباب، واعتقد أن المسرح سينشط بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.