العدد 953 صدر بتاريخ 1ديسمبر2025
يصدر عن المجلس القومى لثقافة الطفل، التابع عن المجلس الأعلى للثقافة ضمن سلسلة دراسات وبحوث ثقافة الطفل، قريبًا كتابًا جديدًا بعنوان «الأراجوز.. سنوات من الصون والعاجل – تجربة مصرية» من تأليف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، وذلك فى إطار جهود وزارة الثقافة للحفاظ على التراث غير المادى ودعم الفنون الشعبية المصرية.
ويسلط الكتاب الضوء على تجربة مصر«أم الحضارات والفنون» فى صون وتوثيق فن «الأراجوز» باعتباره واحدًا من الفنون الشعبية الأصيلة التى ارتبطت بوجدان الطفل المصرى عبر عقود طويلة.
عروض حية وجهود ميدانية
ويعرض المؤلف محمد ناصف رحلة امتدت لسنوات فى العمل الثقافى والميدانى من أجل تسجيل هذا الفن على قوائم التراث، وتقديم عروض حية، وإعداد تدريبات وورش للحفاظ عليه.
من المبادرات الأولى إلى إدراج التراث عالميًا
ويتناول الكتاب مراحل مهمة فى توثيق الأراجوز، بدءًا من المبادرات الأولى لحمايته، مرورًا بالمشاركة المصرية فى ملف إدراجه على قوائم التراث الإنسانى، وصولًا إلى الجهود المتواصلة لنشره من خلال العروض والفرق الفنية والتدريبات التى تستهدف الأجيال الجديدة.
إضافة نوعية لسلسلة ثقافة الطفل
ويمثل هذا الإصدار إضافة نوعية لسلسلة ثقافة الطفل، حيث يجمع بين الدراسة الموثقة والتجربة الشخصية للمؤلف، ويقدم نموذجًا عمليًا لكيفية تحويل الفن الشعبى إلى مشروع حماية واستدامة يُسهم فى تعزيز الهوية المصرية.
ست سنوات من مشروع الصون العاجل
ويقول محمد ناصف عن الكتاب: «يعد مؤلفًا توثيقيًا تحليليًا عن ست سنوات من مشروع «الصون العاجل» لفن الأراجوز، الذى نفذه المركز القومى لثقافة الطفل بإمكانيات ذاتية بسيطة، رغم غياب الدعم المفترض من منظمة اليونسكو العالمية، إثر إدراج فن الأراجوز على قائمتها للتراث اللامادى بحاجة إلى الصون العاجل».
وأكد «ناصف» أن فن «الأراجوز» يُعدّ من أكثر الفنون الشعبية دقّة وتعقيدًا، لأنه يقوم فى جوهره على عنصرين سريّين لا يتقنهما إلا المخضرمون من اللاعبين القدامى؛ أولهما الطريقة الدقيقة فى صناعة «الأمانة» أو «الزمارة» التى تمنح «الأراجوز» نبرته الصوتية الفريدة، وهى عملية تتطلب خبرة طويلة وحسًّا فنيًا خاصًا لضمان خروج الصوت بالشكل المطلوب، أما العنصر الثانى فيتمثل فى مهارات الأداء الصوتى المرتبطة بهذه الأداة، والتى تشمل التحكم فى مخارج الحروف والطبقات الصوتية وخلق شخصيات متعدّدة من خلال تقنيات احترافية يصعب اكتسابها دون تدريب عميق وممارسة مستمرة.
خصوصية مهنة لاعب الأراجوز
وأضاف «ناصف» أن تمسّك الفنانين القدامى بهذه الأسرار وحرصهم على عدم مشاركتها مع الآخرين – بدافع الحفاظ على خصوصية المهنة أو خشية فقدان تميّزهم – أدى عبر عقود طويلة إلى انحسار هذا الفن وتقلّص دائرة ممارسيه، الأمر الذى جعل عملية نقله إلى الأجيال الجديدة أكثر صعوبة، وأسهم فى اقتراب الأراجوز من الاندثار قبل أن تتدخل المؤسسات المعنية للحفاظ عليه وإعادة إحيائه.
تجربة مصرية توثيقية تحليلية
وأوضح «ناصف»: يتناول كتاب «الأراجوز.. سنوات من الصون والعاجل – تجربة مصرية» تجربة توثيقية تحليلية قام بها المركز القومى لثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة لصون الأراجوز كمفردة ثقافية مصرية من التراث غير المادى كادت تندثر، وبدأ المركز القومى لثقافة الطفل صونها منذ عام 2019م حتى اقترب عدد لاعبى الأراجوز الجدد ما يقرب من 100 لاعب الآن بعد أن كان العدد 8 لاعبين».
وأضاف «ناصف»: أن الكتاب يتناول كذلك الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتنوعة والمتباينة، التى كادت تؤدى إلى اندثار فن «الأراجوز»، لولا الجهود الكبيرة التى بذلها المركز القومى لثقافة الطفل فى الحفاظ عليه.
وعبر«ناصف»: عن شكره لفريق عمل المركز القومى لثقافة الطفل، مثنيًا على جهود الفنانين ولاعبى الأراجوز ناصر عبد التواب، والسيد السويسى، محمد عبد الفتاح، وهم الذين تبنّوا مبادرة نقل الخبرة إلى الأجيال الجديدة، وبدأوا تدريب الدفعة الأولى عام 2021، والتى ضمّت 17 شابًا وفتاة وطفلًا من ذوى القدرات الخاصة، تلتها دفعات متعددة حتى تجاوز عدد الممارسين الجدد أكثر من 100 فنان فى مختلف المحافظات.
سنوات من العمل الثقافى والتطوعى
وجاء على غلاف الكتاب «على مدى سنوات من العمل الثقافى والتطوعى، خاض المركز القومى لثقافة الطفل تجربة تستحق أن تروى تجربة جعلت من الأراجوز، ذلك الرمز الشعبى المبهج، تراثا حيًا يتنفس فى وجدان الأجيال الجديدة ولم يكن الهدف مجرد الحفاظ على دمية من القماش والخشب؛ بل صون ذاكرة وطن تتكلم بلسان البساطة.
وفى إطار هذه التجربة الرائدة، سعى المركز إلى حماية الأراجوز بوصفه أحد أهم رموز فنون الفرجة الشعبية المصرية، وإعادته إلى مكانته كأداة للتعبير والوعى والفرح الجمعى، من خلال مشروعات التدريب، وللتوثيق، والعروض الحية والتواصل مع الفنانين.
وقام الكاتب المبدع محمد عبد الحافظ ناصف بتوثيق هذه التجربة فى إطار علمى وأدبى رصين يمزج بين الدقة البحثية وحيوية السرد الثقافى، ليقدم لنا سجلًا وطنيا ذا طابع إنسانى يروى حكاية الفن الذى قاوم.
وهذا الكتاب ليس مجرد توثيق لتجربة مؤسسية، بل شهادة على قدرة الثقافة المصرية على حماية تراثها وإعادة إحيائه بروح العصر، وهو دعوة إلى كل محب للفن والتراث ليواصل حمل الرسالة حتى يظل الأراجواز حيا فى الذاكرة والوجدان والفن المصرى والعالمي.