العدد 875 صدر بتاريخ 3يونيو2024
استطاع المخرج والفنان المصري الأسترالي محمد هاشم ، أن يحقق نجاحا كبيرا وذلك من خلال تقديم العرض المسرحي جاليبولي، عن فترة الحرب العالمية الأولى وما حدث وقتها بمصر، وتوضيح موقف مصر تجاه الجنود الأستراليين الموجودين في ذلك الوقت ، حيث لاقى العرض نجاحا كبيرا بأستراليا، التقت مسرحنا بالكاتب والمخرج محمد هاشم المحاضر بالجامعة الأمريكية بمصر للتعرف أكثر عن تفاصيل التجربة، والحديث عن نشأته بأستراليا وحبه للمسرح، والرجوع مرة أخرى لمصر، لتقديم عروض مسرحية ناجحة.
ما الذي جذبك لاختيار موضوع معركة جاليبولي لتقديمه في عملك الفني؟
لأن الثقافة والمجتمع الاسترالي مهتم باليوم القومي لمعركة جاليبولي، حيث يقام احتفال كبير ومهم كل عام في استراليا، فمن هنا تحمست للفكرة وخصوصا بعد رجوعي إلي مصر، وعندما حضرت هذا الاحتفال أكثر من مرة داخل السفارة الأسترالية بمصر، فمن هنا كانت بداية الفكرة.
كيف ترى تأثير خلفيتك المصرية والأسترالية في تقديم رؤية مختلفة لأحداث الحرب العالمية الأولى؟
قدمت خلال أحداث العرض شخص استرالي وشخصية مصرية، فحينما كنت أكتب ملامح وحوار الشخصية الأسترالية كنت أرجع إلى ثقافتي وخلفيتي وحياتي السابقة في استراليا ، وأثناء كتابة حوار الشخصية المصرية كنت أكتب من خلال ثقافتي الحالية وحياتي الأن، ففكرة أنني عشت في البلدين أفادتني في كتابة النص، ومعرفة الخلفية الثقافية التي يجب أن يكون عليها الشخصيات المكتوبة.
ما هي التحديات التي واجهتها أثناء العمل على هذا العرض، وكيف تغلبت عليها؟
الإخراج من مصر، والممثلين في استراليا ولكن المنتج حاول مساعدتي لإنه وضع كاميرا داخل غرفة البروفات، فكنت متواصل معهم عن طريق الإنترنت، فكان ذلك له بعض العيوب ولكننا تغلبنا عليها مع الوقت، والتحدي الأكبر إن البروفات استمرت لمدة شهر واحد فقط.
هل هناك رسائل معينة أو موضوعات خاصة كنت تأمل أن يستشفها الجمهور من خلال عرض «جاليبولي»؟
بالتأكيد، فأنا هدفي هو أن تتعرف كل ثقافة على الأخرى، لأن استراليا بها جاليات عربية كثيرة، وغربية أيضا، ولكن كل جالية منغلقة على نفسها ، فهذا العرض محاولة مني بأن يكون هناك حلقة وصل بين الاستراليين والعرب، وهذا ما حققته بشكل كبير ، ففي أول ليله عرض كان استراحة الممثلين بها العديد من الجنسيات والثقافات العربية والغربية بدأوا في التعارف على بعضهم واكتشاف طبيعة البشر بأنه لابد أن يتعارفوا ويندمجوا في المجتمع.
كيف استفدت من الأبحاث التاريخية في تكوين السرد الدرامي للعرض؟
كنت محظوظ، لأن الكاتب الأسترالي ماثيو هاردينج قام بتأليف عدة كتب عن هذه الفترة، وفيها يخاطب الاستراليين ويوضح ما حدث لهم خلال فترة الحرب العالمية الأولى ، والكاتب كايلو اندسن قدم كتاب عن الجنود المصرية الذين ساعدوا الاستراليين في هذه الحرب عام 1914.
هل تعتقد أن السينما والمسرح لديهما القدرة على تغيير النظرة التاريخية للأحداث؟ كيف يمكن لعملك أن يسهم في هذا الجانب؟
السينما والمسرح بالتأكيد لهم تأثير، ولكن إذا قدم العمل في مدة زمنية طويلة من الممكن أن يتشتت الجمهور عن الهدف الرئيسي للفيلم أو العمل الفني، ويتم التركيز على أي عنصر أخر من عناصر العمل مثل الموسيقى والتصوير والإضاءة مثلما حدث مع فيلم لورانس العرب.
ما الذي يميز العرض الخاص بك عن غيره من الأعمال الفنية التي تناولت نفس الفترة التاريخية؟
في هذا العمل كان هناك تعامل واحتكاك مباشر بين المصريين والأستراليين من خلال الصحفي الاسترالي والفتاة المصرية ، وركزت على تقديم قوة المرأة المصرية ، وخصوصا إن الغرب لا يعلم مدى قوة المرأة في الشرق الأوسط.
كيف تعاملت مع تصوير الأحداث المأساوية والحساسة التي وقعت خلال معركة جاليبولي؟
لم نتطرق للمعركة على خشبة المسرح، ولكن قدمناها من خلال الراديو الموجود بجوار الصحفي، وخصوصا إن احداث المعركة وقعت في تركيا فهذه المعركة قتل فيها أكثر من 500 ألف جندي استرالي ، ولكن أحداث المسرحية ككل تقع داخل مصر بين الصحفي الذي يوثق كل الأحداث التي وقعت في هذه الفترة.
هل هناك شخصيات تاريخية معينة تمثل نقاط تركيز رئيسية في العرض؟ كيف تم اختيار هذه الشخصيات؟
قدمت شخصية شارلي بين، وهو الصحفي الوحيد أو المراسل الحربي الذي رجع إلى أستراليا بعد الحرب ووثق ونشر كل ما حدث في مصر في فترة الحرب، وأقيم في استراليا متحف حربي بكل الوثائق والشهادات التى كتبها هذا الصحفي، فلولاه ما وجدت أي معلومات عن هذه الحرب.
كيف ترى تأثير خبرتك كمحاضر في الجامعة الأمريكية بمصر على مسيرتك الإخراجية؟
بالتأكيد فكل عمل قدمته يكسبني خبرة، فكل عرض كان مختلف وله أسلوب مختلف ويمنحني الخيال، ففي عرض جاليبولي قدمت فكرة المكان الواحد على المسرح ونحن نتحدث عن فترة الحرب العالمية الأولى، فاستعنت براديو لينقل لنا العالم الخارجي ، وهذا هو الخيال الذي يفتح لنا مجالا من الإبداع.
ما هي النصائح التي تقدمها لطلابك الذين يطمحون لأن يصبحوا مخرجين؟
عدم الخوف من بداية العمل ، فأي عمل فني يحتاج إلى المراجعة والتدقيق ومشاركة الأراء وكسر حاجز الخوف والتجريب وتقبل النقد وكل الأراء سواء السلبية أو الإيجابية.
ما هو التحدي الأكبر الذي يواجه طلاب الإخراج في مصر اليوم، وكيف يمكن التغلب عليه؟
قلة المسارح، وتفكير الشباب بإن العمل الفني الجيد يحتاج إلى إمكانيات مادية هائلة وهذا غير صحيح ، فبعض الشباب ليس لديهم ثقافة العمل الذي يمكن أن يقدم بأقل التكاليف ويكون منتج جيد.
لماذا قررت استخدام أشعار محمود درويش ضمن عرض «جاليبولي»؟
لأنه يخاطب الاستعمار ويناسب هذا العرض وغيره من العروض التي تناقش فكرة الاستعمار، ومن أهم الأسباب التي جعلتني أستعين بأشعار محمود درويش هي تعريف الاستراليين باللغة العربية.
كيف ترى أن أشعار محمود درويش تتفاعل مع السياق التاريخي لمعركة جاليبولي؟
كان سعيد جدا بهذا التفاعل على خشبة المسرح، وخصوصا إنني كتبت الشخصية الأسترالية وهي تتحدث بلسان كل استرالي يشاهد العرض وطرحت جميع التساؤلات التي يمكن أن يطرحها الجمهور ، لأن هدفي الأساسي هو تعريف الجمهور بحقيقة هذه الفترة التاريخية ودور مصر في هذه الحرب.
ما هي أهمية تعليم فن الإخراج في الجامعة الأمريكية بمصر، وكيف يسهم ذلك في تطوير المشهد الثقافي والفني بالبلاد؟
الجامعة الأمريكية بمصر مهتمة جدا بدمج الفن بكل المواد التى تدرس داخل الجامعة، فقد تم دمج الفن بكليات البيزنس والهندسة والقانون والإعلام، وذلك لاقتناعها بأنه لابد من استخدام الحلول الفنية لحل كل المشكلات.
هل تعتقد أن تجربتك في التدريس تؤثر على طريقتك في الإخراج؟ كيف؟
لا أدرس في الجامعة تحت مبدأ الحفظ والمحاضرات التقليدية، ولكن نطرح اسئلة والكل يقدم أفكار وحلول، وهذا ما يسمي بالعصف الذهني الذي ينتج عنه الارتجال، وفن الإرتجاا مهم جدا، لإنه يخلق مساحة من التجريب للوصول إلى أفضل النتائج.