جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 877 صدر بتاريخ 17يونيو2024

تعد السكين سلاحا ذا حدين يمكن استخدامها في الخير والشر. وعندما يسئ شخص استخدامها فان العيب لا يكون في السكين بل في من أساء الإستخدام.
ونفس الأمر ينطبق على المسرح. فهو قد يستخدم أداة للدعوة للخير والحب وعلاج مشاكل المجتمع وغيرها من القيم الرفيعة. وقد يستخدم وسيلة للترويج لأفكار الفاسدة. والعيب هنا ليس عيب المسرح، بل عيب من أساؤوا استخدامه.
تبادر هذا الخاطر إلى الذهن عندما طالعت تعليقات نقاد المسرح الأمريكيين على المسرحية الغنائية “امرأة معقدة” التى تعرض حاليا على مسرح نورما تيريس بولاية كونكتكت.

تعاطف!!!
محور التعليقات هو موضوع المسرحية الذى يتحدث عن المثليين ويدعو إلى التعاطف مع هذه الفئة التى تعيش خارج التيار الرئيسى على حد تعبيره وتفهم حالتهم النفسية بدلا من الهجوم عليهم!!!. فهناك من يؤيد هذا العمل باعتبار أن المثليين والمتحولين أفراد في المجتمع لهم حقوق. وهناك من يرفض هذه الحجج ويؤكد أن ذلك يشجع التحول والمثلية الجنسية بما يهدد المجتمع الأمريكي بعواقب خطيرة ولا ينبغى عرضه على خشبة المسرح حيث يتفاعل الممثلون مع الجمهور بدون حائل. ويكفى ما لحق بالمجتمع الأمريكي من جراء المثليين.

استفزازية
وكان من ضمن الفريق الأول الذى بارك هذا الخروج السافر عن الفطرة الإنسانية على خشبة المسرح ناقد النيويورك تايمز الذى أشاد بالعرض المسرحى بعبارات استفزازية. 
قال الناقد أن العرض يعالج فى الصميم برؤية ثقافية قضية الهوية الجنسية وأهمية تحديد الموقف من الجنس سواء الجنس الحالى للشخص أو الجنس الذى يريد التحول إليه. 
ومضى الناقد فى مغالطاته قائلا أن العرض عالج القضية بأسلوب مبتكر وممتع بفضل الأغاني والرقصات التى تضمنها. وبعبارة أخرى كان عرضا مشرقا وملونا ومرحا ومفعما بالحيوية وحافلا بالمشاعر الدافئة المتدفقة!!!. 
وتروى المسرحية قصة حياة المنتج المسرحى الراحل جون كينلى (المدير السابق للفرقة التى تقدم المسرحية – توفى فى 2009 عن 103 عام). ويخرج العرض جيف كالهون مخرج العرض والذى كان فى نصف عمر كينلى عند وفاته!!!. 
ويعتقد أن علاقة مثلية ربطت بين كينلى وبين مخرج العرض لبعض الوقت. ويواصل الناقد المغالطة الإشادة بالعرض فيقول أنها مسرحية غنائية رائعة حول القيم والهوية وأهمية أن يكون الشخص واضحا إزاء هويته الجنسية!!!.
وعلى الجانب الأخر انتقدت عدة صحف خاصة فى ولاية يوتا معقل طائفة المورمون المحافظة هذا العرض. كتب الناقد في صحيفة “سولت ليك تريبيون “ أن المسرحية على درجة عالية من الإتقان وتتمتع بعناصر جذب عديدة. وهنا تقع المشكلة حيث يمكن أن تجذب المشاهدين من جمهور الشباب على وجه الخصوص إلى الأفكار الفاسدة التى تعبر عنها المسرحية وتدفعهم إلى تجربة المثلية التى ثبت أنها فكرة ضارة وبالغة الخطورة ورفضها الدين المسيحى.

 باختصار 
وتتضح الخطورة من استعراض موضوع المسرحية الذى سنحاول شرحه باختصار ودون استرسال. 
فهى تستعرض النجاح الذى حققه كينلى في حياته المهنية كمدير لفرقة مسرحية. لكنه لم يكن يستمتع كثيرا بهذا النجاح بسبب الثنائية الجنسية التى يعانيها. وكان يعيش احيانا بشخصيته الذكورية الطبيعية وبإسمه. واحيانا يعيش بشخصية امرأة اسمها جين في ولاية أخرى. وكانت تجسد شخصيته النسائية ممثلة بينما يجسد ممثل اخر شخصيته الذكورية العادية.
ويقدم العرض المسرحى في ثنايا الحوار والاحداث معلومات مبسطة عن تاريخ عمليات تغيير الجنس. كما حاول النص تبرير هذا الانحراف عن الفطرة السليمة بأنه عيب خلقى في جينات الشخص ولا يكون للشاذ ذنب فيها !!. وربما كان ذلك وراء العنوان الغريب “امراة معقدة “والذى يشير إلى شخصية ذكورية اصلا. ويكفى هذا القدر من الحديث عن المسرحية حتى لانقع تحت طائلة القانون.

مسرح في السينما
فيلم يدافع عن المسرح في حياة المجتمع 
ضحك وفكاهة ومواقف صعبة لعرض الفكرة
 المسرح قيمة رفيعة في حياة الإنسان تعود عليه بفوائد جليلة. وهو ملجأ يهرب إليه الإنسان من مشاكل عديدة تواجهه ويجب حمايته. هذا ما يقوله فيلم “معسكر المسرح” الذى بدأ عرضه في عدد من دور السينما الأمريكية. هكذا يقول الناقد الفنى لجريدة ميامى هيرالد في تعليقه على المسرحية. 
تدور أحداث الفيلم التى يمتزج فيها الضحك والفكاهة والمواقف الصعبة والإنسانية في مدرسة للمراهقين يقيم بعض طلبتها من عشاق المسرح معسكرا في الغابة على مدار الإجازة الصيفية للتدريب على عدد من جوانب الفن المسرحى مثل التمثيل والرقص وتجهيز خشبة المسرح . ثم يبدأون بروفات لمسرحية تقدمها المدرسة في بداية العام الدراسى الجديد.

مشاكل
 ويمر المعسكر بعدد من المشاكل منها إصابة جوان المشرفة عليه بوعكة صحية حادة تستدعى دخولها المستشفى. وتصر جوان على أن تمضى التدريبات قدما مهما كانت الظروف فتستعين بابنها جون باعتبار أنه يتمتع بقدرات إدارية وتجارة عديدة تحتاجها إدارة هذا المعسكر. ورأت في الوقت نفسه أن يكون ذلك تدريبا عمليا له في عالم المال والأعمال ليصبح رجل أعمال ناجحا في المستقبل.
وعندما يتولى نجلها إدارة المعسكر يكتشف نقصا خطيرا في التمويل والتبرعات ومديونية كبيرة فيقرر التصدى للمشكلة بأفكار مبتكرة حققت نجاحا كبيرا ساهم في سداد الديون وتوفير الأموال اللازمة للعرض. واستبعد بعض المشرفين غير الأكفاء وأتاح ذلك تحويل العرض إلى مسرحية غنائية بدلا من الاكتفاء بعرض مسرحى تقليدى . 

مشاهد مضحكة
ويذكر للفيلم انه دافع عن المسرح برؤية كوميدية تضمنت العديد من المشاهد المضحكة مثل المتسابقين أصحاب الأصوات النشاز التى لاتصلح للغناء أو يقدمون أغان سطحية .
وربما كان هناك بعض الضعف في رسم الشخصيات وتطورها مع الأحداث لكن يظل العمل لا بأس به في الحدث عن الدور الذى يمكن أن يلعبه المسرح في حياة المجتمع. ويبدى النقاد إعجابهم بشكل خاص بالممثلة التى قامت بدور الفتاة المشاغبة المثيرة للمشاكل . 


ترجمة هشام عبد الرءوف