مظاهرة حب مصرية وعربية في رثاء سيدة الحلوى عايدة علام (الداعم والسند)

مظاهرة حب مصرية وعربية في رثاء سيدة الحلوى   عايدة علام (الداعم والسند)

العدد 890 صدر بتاريخ 16سبتمبر2024

 لأول مرة أجد صعوبة بالغة في عمل ملف خاص بأحد الراحلين أو الراحلات ممن أفنوا حياتهم في المسرح، وترجع الصعوبة هنا في الكم الكبير من محبي ومحبات الراحلة الأستاذة الدكتورة عايدة علام، والذين أجمعوا على تلقيبها بالأم سيدة الحلوى، والذين تسابقوا لتقديم كلمة عنها كأقل ما يمكن أن يقدم لها، وهذا وإن دل فإنما يدل على عميق الأثر الذي تركته هذه السيدة الجميلة والمحبوبة في قلوب كل من عرفها وتعامل معها. والتي رحلت عن عالمنا يوم الثلاثاء الموافق 27 من أغسطس، الأستاذة الدكتورة عايدة علام أستاذ الديكور بجامعة حلوان قسم المسرح، وزوجة الناقد المسرحي الكبير الراحل دكتور حسن عطية، و لها العديد من الإصدارات والكتب المسرحية والنقدية، وكانت عضوا بلجان تحكيم ومشاهدة العروض في العديد من المهرجانات وآخرها عضو اللجنة العليا بالمهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب، والذي أهدى دورته التاسعة لروحها .
وفور سماع خبر وفاتها سادت حالة كبيرة من الحزن والأسى في الوسط الثقافي والمسرحي المصري والعربي، ونعاها العديد من النقاد والمسرحيين المصريين والعرب بكلمات مؤثرة، وكان لمسرحنا أن ترصد تلك الاجواء التي سادت الوسط الثقافي والمسرحي بوجه خاص وكانت تلك بعض كلماتهم عنها:
هاني كمال: أستاذة جامعية بدرجة إنسانة وأم
قال عنها الفنان الدكتور هاني كمال: صاحبة الرقى والذوق الرفيع، صاحبة الكلام الطيب والمعاملة الحسنة، كان قلبها يتسع للجميع من أبنائها عشاق المسرح وكذلك بيتها، فكانت تدعم وتشجع وتدفع للأمام، خاصةً الشباب، حيث كانت حريصة على متابعة أعمالهم ثم الترويج للمتميز منها .
كانت ـ رحمها الله ـ تلقى الناس بقلبٍ محب ووجه مبتسم، وكفٍ يمتلئ بالبونبون، فقد غلبتها طبيعتها في جميع الأحيان بأن كانت حريصةً على نشر الحب والخير وتقديم النصح وإبداء الرأي، وهذا هو حال من يحمل بداخله قلباً سليماً محباً صادقاً .
تشرفت بمرافقتها في عديد من المناسبات، ولم أجد منها إلا كل جميل، وتابعت ردود أفعال الوسط الثقافي والفني بعد سماع نبأ وفاتها وكيف كانت وفاتها صدمة كبيرة للجميع، ورغم الأسى والحزن العميق لفراقها، إلا أن سيرتها العطرة ومواقفها الإنسانية والفنية وتاريخها العريق المشرف كانوا بمثابة المُسَكن الذى جعلنا نهدأ قليلاً.
أدعو لها بالرحمة والمغفرة والعفو، وأقول لها هنيئاً لشخصية عظيمة مثلك هذا الحب والموت في هدوء وسلام،أستاذة جامعية بدرجة إنسانة وأم.

 د. محمد شيحة: لا يمكن بأي حال رصد كافة انجازاتها
وقال دكتور محمد شيحة الأستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما والنقد:
اتفقنا كمجموعة د. عايدة علام، والعزيزة نادية مؤمن، وابنتنا المجتهدة شيماء توفيق المدرس المساعد بقسم الدراما، والمخرجة التليفزيونية مروة الجبالي، وكاتب هذه السطور أن نتوقف عن متابعة العروض المسرحية لحين انتهاء فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري، والتقينا في حفل الافتتاح وراحت كعادتها ترحب بكل من تلتقى بهم بما تحمله من حلوى، وأصرت يومها على أن تقوم بتوصيلي حتى المنزل هي والسائق المخلص الحاج ناصر الذي لا يتأخر عن الذهاب بها إلى جامعة حلوان وجلسات العلاج الطبيعي وفي كل تحركاتها، وفي اليوم التالي اتفقنا على أن يكون عرض المسرح القومي هو أول عرض نشاهده بعد عودة المسرحية للعرض، وطلبت منى أبحث لها عن الجزء الثاني من كتاب “ موت المؤلف المسرحي” الصادر من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي لأنها لم تجده في مكتبتها ومكتبة زوجها توأم روحي المرحوم د. حسن عطية زميل العمر، وقد أرسلت لها الكتاب بعد أن استعرته من مكتبة ( المعهد) واتصلت بي لتشكرني، وقالت لي سأقوم بتصويره واعادته للمكتبة بسرعة « ما حدش منا ضامن الظروف يمكن يحصل حاجة» . ورجوتها أن تحتفظ به حتى تنتهى من القراءة وكأنها كانت تشعر - نظراً لمتاعبها – بأن رحلة حياتها الحافلة بالحب والإنجاز قد أو شكت على الانتهاء والتي كادت أن تتحول إلى نهاية مأساوية لولا رحمة ألهمت الحاج ناصر ثم مروة الجبالي من التوصل إلى اكتشاف وفاتها بعد ساعات محدودة، ثم ساهمت شيماء توفيق والتليفزيوني المعروف في استكمال الاجراءات المعروفة في مثل هذه الأمور والاستنجاد بالأستاذ الدكتور أشرف زكي، الذي ساهم في حسم كل الأمور المتعلقة بشهادة الوفاة وغيرها بشهامته المعروفة عنه فهو سند لجميع الفنانين في كافة المواقف جزاه الله عنا كل خير.
 لقد كان خبر وفاتها صدمة قاسية لكل محبيها، خاصة وأنها خلال الأيام الثلاثة الأخيرة قامت بالاتصال بمعظم معارفها والحديث معهم في كثير من الأمور وكأنها كانت بذلك تودع الجميع.
وتابع: ليس من السهل حصر كل أنشطة الدكتورة – عايدة علام - في كافة المجالات الفنية والأكاديمية، وفى علاقاتها بالمعاهد والكليات الفنية التي تتعامل معها بخصوص إلقاء المحاضرات أو المشاركة في الندوات والمؤتمرات او الاشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه أو المناقشة العلمية لمثل هذه الرسائل خارج كلية الآداب جامعة حلوان بقسم المسرح،
وبالتالي لا يمكن بأي حال رصد كافة انجازاتها، وهذا أمر ممكن الحصول عليه من سيرة حياتها الموجودة بكلية الآداب جامعة حلوان، وأتمنى أن يحاول القسم عمل كتاب تذكاري عنها وعن نشاطها الفني مدعوماً بشهادات مكتوبة عنها من كل من يرغب من الأساتذة في المساهمة فيها ومن طلابها وطالباتها الذي ساهمت في اثراء تكوينهم الفكري و الثقافي.
 أما داخل هذا القسم منذ أن تولت الالتحاق به وبعد أن أصبحت رئيسة القسم ومن آخر يوم في حياتها فقد كانت الأم والأخت والصديقة للجميع قبل أن تكون الأستاذة الدكتورة الفنانة، هذا علاوة على مشاركاتها في الكثير من المهرجانات ولجان التحكيم من الداخل والخارج، بل كانت تتحمل مشقة السفر للمشاركة في مهرجان الجنوب وغيره، ولم  يفوتها أي حدث من الأحداث حتى لو كانت تعانى من آلام ساقيها .
و تعود معرفتي بالدكتورة عايدة إلى سبعينيات القرن الماضي تقريبا وبعد اقترانها بزميل العمر د. حسن عطية، وكانت لنا دائماً العديد من اللقاءات والمشاركات ومشاهدات العروض المسرحية في كل المواسم التي تواجدنا فيها معاً، والتي شاركتنا فيها زوجتي منذ أن كنا نحضر معا كل العروض المسرحية في كثير من مسارحنا، ثم أصبحنا بعد ذلك نلتقي بالناقد فوزى سليمان والاستاذة الفاضلة نادية مؤمن في معظم ما نشاهده من عروض.
اما بالنسبة للجانب الإنساني فحدث ولا حرج ويستطيع المرء أن يذهب إلى أي مسرح من مسارح الدولة، أو مسرح الثقافة الجماهيرية أو العديد من المسارح الجامعية ويسأل عنها وعن أياديها البيضاء فيما يتعلق بكثير من المواقف وليس فقط ما يتعلق بحضورها ومشاهداتها، رحم الله الفقيدة وألهم محبيها الصبر والسلوان، وأملى كبير في أن تخصص  كلية الآداب جامعة حلوان بقسم المسرح  «لوحة» لها بأحد المراسم أو إحدى القاعات.

 د. عامر المرزوك: كنت كثير التواجد في بيتهم الاستثنائي
الأستاذ الدكتور عامر صباح المرزوك أستاذ الدراما والنقد المسرحي جامعة بابل:  إن الحديث عن الدكتورة عايدة عبد الوهاب علام هو الحديث عن الاستثناء، لأنها تمتلك فرادة في طيبتها وتعاملها ونبلها، تستقبلك بابتسامتها المتميزة، وبقلبها الحنون الذي يسع الجميع، وبكرمها المعروف لدى كل من تعامل معها عن قرب. عرفتها مذ كنت طالباً للدكتوراه في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة، وكان زوجها الدكتور حسن عطية مشرفي في الدراسة، ورافقته كثيراً في محطات فنية وثقافية، فكنت كثير التواجد في بيتهم الاستثنائي، والتقيت في ذلك البيت الحميم الكثير من الشخصيات المسرحية العربية والمصرية، وكان كرم الدكتورة عايدة لا يوصف، فاحتضنتني كابن لها، وعوضتني عن غربتي وابتعادي عن أهلي، وفعلاً أحسب نفسي أني ابنها.
 وبعد رحيل أستاذي عطية بقى تواصلي مع الدكتورة عايدة بشكل مستمر، وأقمنا كتاب عنه أنا وأخي الدكتور بشار عليوي، وقد فرحت به كثيراً، وعندما أكون في مصر أزورها ونقضي أجمل الأوقات ونعيد الذكريات الجميلة.
 وعندما كلفت الباحثة رسل خلفة البكري وهي إحدى طالبات كلية الفنون الجميلة في بابل في مرحلة الدكتوراه وقتذاك للكتابة عن منجز الدكتور حسن عطية، وبالفعل في موعد المناقشة قمت بدعوة الدكتورة عايدة إلى العرق وفي مدينة بابل تحديداً، وحضرت المناقشة وكانت فرحة جداً بتلك الخطوة التي كانت أول دراسة تناولت الدكتور حسن عطية أكاديمياً، وقمت لها جولة في مدينة بابل الاثرية، وفي بغداد وكانت من أجمل الزيارات إلى قلبها.
   رحم الله أمي الثانية، وأجزم هي الآن فرحة بقربها من حبيبها الأبدي حسن عطية لتكون معه في عليين.

 عايدة فهمي: كان لديها طاقة إيجابية جبارة
وقالت الفنانة عايدة فهمي متأثرة:
العزاء كان أصدق دليل على الحب والاحترام والتقدير للدكتورة عايدة علام، لم أكن أعرف أحد من أهلها ولكن الناس كانوا يعزوا بعض، الأستاذة المعلمة القديرة المحبوبة، كانت لا تترك عرضا وإلا حضرته وتقول رأيها، بكل طاقة إيجابية كنا ننتظرها في عروضنا المسرحية، وإن لم تحضر كنا نسأل عنها باهتمام وعن عدم حضورها، فقد كان لديها طاقة إيجابية جبارة، فعندما اراها في إحدى العروض التي كنت اقدمها، كنت أشعر بأن اليوم سيكون جميلا وطاقته مميزة وجيدة، غابت دكتورة عايدة ولكن ذكراها ستظل بداخلنا، فهي حبيبتنا، الأستاذة الكبيرة التي شعر تلامذتها بحرقة الغياب والفقد، توفت وذهبت لحضن حبيبها الأستاذ الدكتور حسن عطية، يا رب في جنة الخلد، نحبك وسنظل نحبك طول العمر، وداعا الحبيبة د. عايدة علام.

د. علاء قوقة: حالة من الحب والعطاء غير مسبوقة
وقال الفنان والمخرج الدكتور علاء قوقة: 
د. عايدة من أجمل وأرقى الشخصيات التي تحمل روح جميلة محبة للآخرين، صديقة عزيزة وأم راقية، وما لا يعرفه الكثيرون أنه عام 1984 تقريبا، صممت ديكور مسرحية « 14 يوليو» إخراج الفنان عباس أحمد بفرقة كفر الشيخ القومية، وكانت بداية معرفتي بها، فكنت أحد ابطال العرض، كنت في كلية الهندسة ولم أكن قد التحقت بالمعهد وقتها، كنا نتواصل كثيرا، وكنت أزورهم في بيتهم ود. حسن عطية، وقريبا كنا في المهرجان القومي للمسرح المصري وكانت لا تبخل علينا بالحلويات وتوزع على الجميع، حالة من الحب والعطاء غير مسبوقة، رحمها الله، واسكنها الفردوس الأعلى من الجنة.

وفاء الحكيم: الأم التي تحتوينا
وبصوت يغلفه الحزن قالت الفنانة وفاء الحكيم: من الصعب علي عمل مسرح وهي ليست أمامي، فكانت تقول رأيها وتؤكد على ملاحظاتها وهي في نفس الوقت تعطينا الحلوى، من الصعب علي الا أجدها وارفع السماعة لأخذ رأيها، وجودها كان يشعرنا بالأم في المسرح التي كانت تحتوينا، كانت في كل مسرحياتي تحضر معها كل القسم الذي تدرس له ونقيم ندوة بعدها، كانت تقوم بحالة مسرحية خاصة، حالة موازية للعمل المسرحي الذي يقدم، سنفتقدها مثلما افتقدنا د. حسن عطية، ربنا يعوضنا عنهم، وربنا يرحمهم.

إسلام إمام: طلبت مني تقديم قصة الحي الغربي
فيما عقب المخرج إسلام إمام قائلا: 
 عقب حفل ختام المهرجان القومي للمسرح هذا العام اتصلت بي هاتفيا د. عايدة علام أكثر من مرة وصوتها يملؤه البهجة والسعادة، وتثني بشدة على إخراجي للحفل وفكرته و تقديمه في قالب موسيقي غنائي، و ظلت تذكرني بأنها لا طالما طلبت مني إخراج عمل موسيقي من الألف للياء و بدأت هي في طرح أفكار تصلح للمسرح الموسيقي، و توقفت أمام قصة الحي الغربي الشهيرة، و ظلت تحكي ذكرياتها وطفولتها وحبها لهذا العمل الفني الرائع، و ظلت تؤكد علي أنها طلبت مني عدة مرات تقديم قصة الحي الغربي في قالب مسرحي موسيقي، و حددنا ميعاد للقاء والمناقشة و لكن لم يمهلها القدر .  كنت سعيد الحظ بمعرفة د. عايدة علام الأم الرائعة منذ عام 1995، أي ما يقرب من ثلاثين عاما، لم تفارق الابتسامة وجهها، و لم تكسل عن متابعة الحركة المسرحية مهما كانت ظروفها الصحية، و لا تفارق يدي يدها بعد السلام إلا وبها بعض الحلوى. سنفتقدك بشدة د . عايدة ولكن عزائنا أنك ذهبت للقاء شريك عمرك د. حسن عطية.

د.أسماء بسام: بيتها مفتوحًا أمامنا جميعًا نحن الباحثين
 وقالت د. أسماء بسام: تعرفت عليها إنسانة وأم، تعرفت عليها أثناء مناقشة الماجستير عندما ناقشني أستاذي الدكتور حسن عطية زوجها ورفيق دربها، ولكن كانت المعرفة تليفونيًا فقط لم أحظى بمقابلتها إلا أثناء مناقشة الدكتوراه عام 2015، عندما جاءت المناقشة ومعها علبة شيكولاتة وهى تشد على يدى وتؤازرني وتقف بجانبي، أمًا حنونة، وكلما اشتدت المناقشة حدة كنت أنظر إليها وتنظر إلى وتبتسم ابتسامة رقيقة مطمئنة، لم أنسى ابتسامتها حتى الآن، وبعد ذلك أصبحت صديقتي وحبيبتي الأم الإنسانة، وعند كل مقابلة كانت تمنحنا قطع الشيكولاتة تصحبها البهجة والأمل في بكرة، كلما اشتد الزمن وصاحبني التوجس كنت أتحدث معها لتتغير الكآبة وتتبدل الحالة، ولا أنسى كلماتها المُحبة هي وأستاذي الدكتور حسن عطية عندما نتقابل في أي مهرجان أو ندوة فكرية أو مائدة مستديرة للحوار فيقولا لي : “ أهلاً أهلاً بالدكتورة سمسم، أحنا فخورين بيكي أوى يا أسماء”.
الدكتورة عايدة علام كانت بمثابة أم تحمل درجة علمية، لنا أن نتخيل إذا اجتمعت الإنسانية والأمومة مع العلم، بالطبع يصبح الإنسان العالم منتهى المثالية، عندما نجحت في جائزة البحث العلمي بالمهرجان القومي قالت لي نصًا “ لو الدكتور حسن كان موجود كان فرح أوى يا دكتورة مبروك”  واحتضنتني وبكت.
وعندما نجحتُ في جائزة البحث العلمي بالإمارات اتصلت بي تليفونيًا وباركت لي وفرحت معي، وكان بيتها وبيت دكتور حسن عطية مفتوحًا أمامنا جميعًا نحن الباحثين، جميع الباحثين كانوا أبناء لهما، لم تبخل علينا بنصيحة أو علم أو حديث، ولم تبخل بوقت أو جهد أو حتى عافية، لم تبخل بفرحة وابتسامة تفرحنا بها وتمحو الحزن والكآبة، لن ننسى كلمات التشجيع التي كانت وما زالت نبراسًا لنا في طريقنا، لم ترحل لأن ذكرياتها معنا، لم ترحل لأن ذاكرتنا محفورة بالود والمحبة والكلمات الرنانة، وداعًا دكتورة عايدة رغم أنني لم أصدق حتى الآن رحيلك المفجع، وداعًا إلى أن نلتقى، وداعًا القلب الطيب والروح النقية والحضن الدافئ والضحكة الصافية.

مجدي محفوظ: بيتها بمثابة بيت للمسرحيين العرب 
وبدأ الكاتب والمخرج المسرحي مجدي محفوظ كلمته قائلا: د. عايدة سنفتقد الكثير برحيلك.
وتابع: كان خبر وفاتها صدمة كبيرة للمسرحيين في مصر والوطن العربي، وذلك لما تمتلكه من حب ومودة وصفات كريمة في المجتمعات العربية، واستطاعت أن تأثر قلوب الجميع، وكان بيتها بمثابة بيت للمسرحيين العرب الذين كانوا يتوافدون عليهما دوما للسلام وطلب العلم، وكانت تمتلك روح مرحة وابتسامة دائمة وسؤال عن الجميع عبر رسائلها المستمرة على مواقع التواصل وتهنئتها للجميع قبل أي أحد , لذا كان خبر وفاتها صدمة للجميع وحاولنا  البحث عن الكثير من العبارات لنتجاوز تلك المحنه، وتذكرت فوراً حينما تقدم يدك للسلام عليها تسلم بابتسامتها المعروفة ومعها الحلوى المعتادة فتهديك قطعة أو غيرها مما تحمل من الحلويات التي عاهدناها فيها دوما ثم تظل في هدوءها المعروف، وتذكرت حين التقيت بها للمرة الأولى بالشارقة وتعرفت عليها مع زوجها الراحل الدكتور حسن عطية، وقدمت وقتها مداخلها عن تطور السينوغرافيا في المسرح العربي وبكل هدوء استطاعت أن تبين كل ما تريد . وفي الملتقي الفكري بالشارقة والذي حمل شعار (الإخراج والسينوغرافيا حدود العلاقة وتحدياتها) قدمت موضوعاً هاماً في ورقتها تحت عنوان (علاقة متوترة ...أم تفاعل مثمر) وهنا حملت الكثير من الإشكاليات الهامة والتي تهتم بالتقنية المسرحية والتي حاولت من خلاله أن تبين تلك العلاقة القائمة بين صناع العرض المسرحي والتقنيات، واستطاعت طرح الكثير من تلك العلاقات وأهميتها في منظور السينوغرافيا، واستطاعت الربط بين التكنولوجيا الحديثة ومصمميها وكيف لها أن تدعم العرض المسرحي .
لقد امتلكت دكتور عايدة رحمها الله شخصية مؤثرة فيمن حولها وذلك من خلال كونها حاضرة لفاعليات المسرح في مصر والوطن العربي، ولما لها من تأثير اجتماعي قومي وذلك لامتلاكها لسمات وخصائص مثيرة للاهتمام ولنأخذ تلك العادة البسيطة : وضعها الحلوى في حقيبتها وتوزيعها على الحضور يمثل حالة اجتماعية فريدة تفتح القلوب تحدث جاذبية كبرى لدى الحضور وخصوصاً من يلتقي بها للمرة الأولى.
وأتذكر منذ عدة أيام كنا في نهائي ختام المهرجان القومي للمسرح وكانت في نفس الصف الذي اجلس فيه ثم أهداني صديقي الفنان عادل حسان العديد من قطع الحلوى فوراً نظرت على يميني وجدتها جالسة وابتسمت ابتسامتها المعتادة. أستاذتنا الفاضلة سنفتقدك كثيراً كلما مر علينا احتفال مسرحي دونك لندعو لك دوماً بالرحمة والمغفرة.

 علاء الجابر: سيدة الحلوى، أغلب الوسط الفني أبناءها وبناتها.
وقال الكاتب والناقد المسرحي علاء الجابر – رئيس تحرير مجلة نقد × نقد -: في عام 2004 تعرفت عليها أول مرة، حين شاء الله أن يكون د. حسن عطية رحمه الله مشرفا على بحث زوجتي سعداء الدعاس في مرحلة الماجستير، في أكاديمية الفنون، كان تعارفا بسيطاً، تأكد حين استمر مشرفاً على سعداء في مرحلة الدكتوراه أيضاً، ما إن تخرجت سعداء حتى توثقت العلاقة أكثر، خاصة كلما التقينا بهما في الأنشطة المسرحية، الأمر الذي كان يسعدهما كثيراً، ومن ثم انتقلت العلاقة إلى مستوى آخر، حيث باتا كأفراد العائلة بالنسبة لنا، فاستمر التواصل عبر اللقاءات المنزلية، والاتصالات الهاتفية، ولقاءات أخرى في الكويت وغيرها من العواصم العربية. 
وبعد انتقال أستاذنا د. حسن عطية إلى الرفيق الأعلى، صار التواصل مع د. عايدة أكبر، فلا يكاد يمر يوم إلا ويكون بيننا رسالة أو اتصال هاتفي، ولا يمكن أن تطأ قدمي القاهرة دون التواصل معها وزيارتها في منزلها الكريم، الذي كان محطة لكل الأصدقاء.
وأعتقد بأن د. عايدة وجدت مع الأصدقاء ضالتها، فتحولت معهم إلى أم وصديقة ورفيقة، وفي حين لم يرزقها الله بابن أو ابنة، صار أغلب الوسط الفني أبناءها وبناتها.
وهذا ما يفسر تلك الحلوى التي تحرص على أن تكون معها في كل مكان تحضره، لتقوم بتوزيعها على الحضور وحينها تشعر بسعادة بالغة كأنها توزع تلك الحلوى على أطفالها.
د. عايدة، ورغم كل ما كان يحيط بها من أحزان وآلام، تشعرها بالوحدة والرغبة في العزلة، إلا أنها كانت شخصية محبة للحياة، تبحث عن الفرح أينما يكون، لذلك كانت دائما وخلال السنوات الأربع، التي تلت وفاة الدكتور حسن، لم تتخل يوما عن مفاجأتي في عيد ميلادي، مع بقية أبنائي، مثلما احتفلنا معها بعيد ميلادها.
رافقتها في الكثير من المناسبات والأنشطة، لعل إحداها حين دعتني لمناقشة رسالة دكتوراه في الإسكندرية، حيث كانت هي أحد المناقشين فلبيت الدعوة، وقضينا يوماً جميلا في الاسكندرية في صحبتها التي لا تُمل.
أمي وصديقتي الغالية د. عايدة سأفتقدك كثيراً حين أرتاد يوما قاعة أحد العروض، وسأظل أنتظر قطعة الحلوى التي اعتدت أن تمنحيها لي من يديك الرقيقتين، بحنان الأم ومحبة الأصدقاء.

 د. أمينة سالم: رحلت، ويبقى الأثر الطيب والسيرة العطرة 
وقالت الفنانة والكاتبة الدكتورة أمينة سالم:                                                     
  من الصعب على نفسي أن أرثي الأستاذة الدكتورة عايدة علام أستاذة السينوغرافيا والتقنيات المسرحية - بكلية الآداب جامعة حلوان، لما ينتابني من حزن وألم يرهقني ؛ وبخاصة أنني كنت معها قبل الوفاة بعشرة أيام فقط في ختام المهرجان القومي للمسرح، فقد وقفنا معا والسيدة الفنانة القديرة سميحة أيوب في صحن دار الأوبرا بالخارج ؛ نتحاور سوياً ؛ حيث كانت مقبلة على الحياة وبصحة جيدة، لذا فلا زلت حتى الآن لم أصدق ..لكنها إرادة الله وإنا إليه راجعون.
   التقيت بالدكتورة عايدة منذ عام 2010م عندما كنت أسجل لإجازة درجة الماجستير بكلية الآداب - قسم المسرح حيث كانت رئيس القسم آنذاك.
استقبلتني ساعتها بكل الحب والود ؛ فكانت بمثابة نور أضاء لي الطريق، فلم أراها يوما عابسة في وجه أي طالب أو طالبة للعلم، بل كانت دائمة الابتسامة محبة للأخر، قادرة على العطاء دون كلل أو ملل. كنت أحياناً أحس في عيونها الألم غير أن الابتسامة لا تفارق فاها، بل تسارع كثيرا بتوزيع الحلوى فتثير البهجة والفرح على الحاضرين وكأنهم أطفال وهى الأم التي تريد إسعادهم بالشوكولا، رغم أنها لم تنجب ولدا ولا بنتا،  كانت دكتورة عايدة كالملاك الطيب، لم أراها يوما أقدمت على إزاء أحد أو انتابها حقد أو غل؛ بل كانت تمتلك قلبا نقيا طهورا، ظلت إنسانة قلما أن توجد في هذا الزمان ؛ مثلها كمثل زوجها أستاذي دكتور حسن عطية -الأستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية – قسم النقد – أكاديمية الفنون، الذى كان لها بمثابة الأخ والزوج والحبيب، وكانت له الأبنة والزوجة والحبيبة والسكن والسكينة ؛ ورغم أنهم لم ينجبا، إلا أن الاحترام والصدق ظل بينهما والإيمان بالله كان حليفهما طوال الحياة حتى لآخر لحظة من عمرهما .. رحمهما الله.
رحلت د. عايدة علام لأن الموت علينا حق، وكلنا راحلون لا محالة، ولكن يبقى الأثر الطيب والسيرة العطرة تغتسل بها الأجيال ليقتدوا على الدرب الأصيل بالعطاءات المثمرة والبناءة .                                                                                         

منار زين: الأم والمعلمة والسند والداعم
 وقالت المخرجة منار زين: لا يوجد طالب التحق بآداب مسرح حلوان إلا وبشكل تلقائي تعامل معها على إنها أمه من كم مشاعر الحب والاحتواء والحنان التي كانت تعاملنا بهم، أول مرة قابلت دكتور عايدة من 20 سنة وأنا في أولى جامعة، وكانت دائما مصدر الطمئنة بالنسبة لي، واستمرت تدعم وتساند حتى بعد التخرج، كانت تحضر كل تجاربي وتكون فخورة بي، وتعزم الناس وتجيلي مرة واتنين وتلاتة، وفي مناقشتي لرسالة الماجستير ساعدتني بالكتب والمقالات النقدية وكانت دائما متابعة معي طول الوقت شغلي ودراستي . كانت الأم والمعلمة والسند والداعم، رحمها الله.

فاطمة بيومي: كانت سبب في نجاحنا في مصر وخارجها 
وقالت فاطمة بيومي (مخرجة في المسرح الكوميدي التابع  للبيت الفني التابع لوزارة الثقافة المصرية):
أنا دفعة 2002 في قسم علوم المسرح، درست لي رحمة الله عليها الدكتورة عايدة والدكتور حسن السنوات الأربع في قسم علوم المسرح جامعه حلوان قسم الدراما والنقد المسرحي.
وكان دكتور حسن مشرفا على مشروع التخرج هو ودكتورة عايدة، كانوا نعم السند والدعم، كنت دائما أقابلهم في مهرجان المسرح، وكانت تدعمني في العروض التي أخرجتها في مسرح الدولة، وأنا موظفة في البيت الفني للمسرح ومخرجة، وكنت أساعد زملائي في رسائل الماجستير، إلى أن قالت لي الدكتورة عايدة المرة القادمة تأتي بالماجستير لك أنت  وليس لزملائك.
وفعلا شجعتني ولكن جاني تعاقد في دولة الامارات لتدريس مادة المسرح في وزارة التربية والتعليم وبالفعل سافرت، والحمد لله شرفت بلدي بالعديد من الجوائز التي حصلت عليها، والمراكز الأولى في مهرجان المسرح المدرسي، وكنت تلميذة مجتهدة لمعلمتي رحمه الله عليها، كانت سبب في نجاحنا في مصر وخارج مصر.

سعيد سليمان: كانت أبعد من أن تكون ناقدة أو ضيف يشاهد العرض
وقال المخرج سعيد سليمان: كانت تحرص على أن ترى كل العروض لي ولزملائي، فمنذ بداياتي كانت تحضر ومعها الطقس المعروفة به وهو الحلويات والبونبون، في افتتاح مسرحية ياسين وبهية أحضرت معها الجاتوه في مسرح الغد، وهو ما تعودت عليه وعودتنا نحن أيضا على ذلك.
وهي نادرا ما تكتب نقد على العرض، ولكنها تفعل الأهم من ذلك، حيث تذهب إلى الفريق وفي مواجهتهم تتحدث معهم عن ملاحظاتها وايجابيات وسلبيات العرض، فكنا نشعر أنها الأم، وكأنها جزء من الفريق وجزء من العائلة، والملاحظ أنها باستمرار في قلب المجموعة وتشجع الجميع، لم تكتف بحضور العرض وإبداء آرائها، ولكنها تتصل تليفونيا بعد عرض ملاحظاتها، وتتطمئن ماذا فعلنا بعد الملاحظات، وأيضا تضيف ملاحظات أخرى قد تكون نسيتها، وتظل دائما وباستمرار على اتصال، وتذهب للعرض بعد ملاحظاتها لترى ماذا حدث، فهي أبعد من أن تكون ناقدة أو ضيف يشاهد العرض، فكانت غيورة على العرض المسرحي، حريصة على ظهور العرض في أبهى صوره، وهذا ما تفعله مع الجميع، فهي الأم الحنونة اللطيفة مع كل فريق العمل، فدائما ما كنا ننتظرها ببهجتها وتشجيعها للجميع، هي الأم التي لا تنسى، رحمها الله.

مايسة محمد: تربينا في منزلها و ارتوينا فنون المسرح
وقالت مايسة محمد عبد اللطيف (مصمم ديكور وأزياء مسرحية- ومديرة دار عرض مسرح الغد):
قطعة من الحلوى تسير على الأرض لتنشر الابتسامة والمساعدة والرقي وقطع من الحلوى لكافة البشر، وهي الجميلة طيبة القلب الحنونة د. عايدة علام، تربينا في منزلها هي والدكتور حسن عطية على الفن والذوق والرقي والأخلاق الحميدة، ارتوينا فنون المسرح بلا شبع، وشهد منزلهم المبهج الجميل أجيال وأجيال، مواقفها الجميلة لا تعد ولا تحصى، ومساعدتها لكل من يحتاج إليها أو يدق بابها بكل طاقتها وبكل حب، مكتبتها الرائعة المفتوحة للجميع، نستعير ما نريده من كتب ومراجع بكل رضا نفس. 
يعتبر اليوم الأول من الدراسة بقسم المسرح بجامعه حلوان من الأيام المصيرية المهمة بالنسبة للطلبة ولدكاترة القسم؛ لأنه يوم ( التشعيب )، ففي صباح يوم الأحد الموافق 7 سبتمبر 2008 كان أول أيام العام الدراسي،  وكانت العظيمة د. عايدة علام رئيسة القسم آنذاك وهذا من حسن حظي، حينها تم تشعيبي لشعبة الدراما والنقد المسرحي وهنا كانت الصدمة لرغبتي في دخول شعبة الديكور والأزياء المسرحية، وتأتي العظيمة لتحل هذه المشكلة التي كانت تعتبر بمثابة نهاية الكون بالنسبة لي .
فقامت بعمل موافقة كتابية لدخولي شعبة الديكور والأزياء المسرحية، فقد كان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى لدراسة ما أحبه وما رغبت فيه . 
ونضجت وتطورت علميا وعمليا بفضلها وبفضل أساتذة القسم الأفاضل، إلى أن وصلت لمرحلة الماجيستير وهنا ازداد دعمها أكثر وأكثر، وتشجيعها الدائم للاستمرار في السعي والاجتهاد والارتقاء بالعلم وفن المسرح .
وفي منزلها الجميل حيث كانت اجتماعاتنا مع أصدقاء ونقاد تشرفت بمعرفتهم بمنزلها الدافئ المفعم بالفن والثقافة والرقي، وكلما كنا نتقابل في أي عرض مسرحي او احتفال او مهرجان داخل مصر أو خارجها، لم أجد منها سوى كل الدعم والتشجيع يصاحبهما الوجه البشوش وباقة من الحلوى، تملأ بها الدنيا حب، فكنت أستمد منها الأمل والتطلع للأفضل والنجاح، وهذا ليس بغريب على أيقونة السعادة، أيقونة علمية بحجمها تحب الخير للجميع بكل طاقة الحب الموجودة بهذا الكون. مهما تحدثت عنها لن استطيع أن أفي ولو بجزء من أثرها في حياتنا . وكان آخر لقاء بيننا في افتتاح المهرجان القومي وتحدثنا ودارت مناقشات عن الحركة المسرحية، واتفقنا على جلسات ومقابلات أخرى، ولكن  القدر جاء ليجعل هذا اللقاء اخر لقاء بيننا سأفتقدك كثيرا ولكنك محفوره بقلوبنا وعقولنا، وداعا يا قطعة الحلوى، وداعا د. عايدة علام.

إيمان غنيم: أشعر وكأن جيشًا داعمًا ومحباً يرحل تدريجياً
وقالت الفنانة إيمان غنيم: سيدة فاضلة وأستاذة وأم لجميع طلابها وجميع شباب المسرحيين، دعمتني كثيرا، وأول من تنبأ بجائزة أفضل ممثلة دور أول عن دور بهية في المهرجان القومي العام الماضي،وتقابلنا في حفل الختام وكانت أول من يحتضني بكل الحب، وقالت لي « أنا جاية عشان أسمع اسمك وأكون حاضرة اللحظة دي لأنى كنت متأكدة»، طبعا كل هذا الحب والدعم المتواصل بلا سابق معرفة شخصية سوى أنها شاهدت كل العروض المسرحية التي شاركت فيها، فأصبحنا عائلة يربطها الفن الخالص، فهي أستاذة كبيرة وناقدة معروفة وشعوري بإيمانها الكبير بموهبتي وبشغلي ساعدني لأجدد الثقة بنفسي وأتخطى أزمات وصعوبات في الشغل كانت ممكن تنهى مشواري الفني وهو في بدايته،هي أستاذة وأم، ونادرا ما نقابل مثلها، رحلت بهدوء مثلما كانت دائما، وبرحيلها ومن قبلها أستاذي في المعهد العالي للفنون المسرحية د. مصطفي سليم ثم د. علاء عبد العزيز أشعر وكأن جيشًا داعمًا ومحباً يرحل تدريجياً، وهو شعور أتمنى أن أتخطاه في يوم ما، رحمة الله عليهم جميعا ورحم الله الحبيبية د. عايدة.

صفاء البيلي: اللي علم مامتش
وعقبت الكاتبة صفاء البيلي متأثرة: منذ أن وطأت قدماي عالم  الكتابة المسرحية وأنا أراهما معا، كنت بنتا صغيرة، أندهش من هذا الثنائي المترابط، المتوائم، المتجانس، كنت أندهش من كم التوافق والانسجام، بين الأستاذين العزيزين الراحلين د. حسن عطية ود. عايدة علام، كانت المحبة تفوح منهما، كل منهما يفهم صاحبه من نظرة العين وإيماءة الجسد. كنت أتمنى أن أنعم بعلاقة متجانسة دائمة هكذا مع أحدهم، كانت هي الطيبة والمحبة وكان هو الاحتواء.  حينما رحل د. حسن، أشفقت عليها، ظننت أنها ستنكمش في بيتها مكتفية بمحاضراتها في قسم المسرح بكلية آداب حلوان، لكنها ليست هي تلك الشخصية، ربما اعتقدت هذا الاعتقاد بسبب العرى الوثيقة التي كانت تربطهما معا. قامت هي وأكملت مسيرتها، اندمجت في كونها الذي تعشقه، جيرانها وأصدقائها، طلابها، زملائها. الحلوى التي كانت تمزجها بمحبة قلبها وتوزعها على الجميع. فأنى وجدت حلوى علمت أنها كانت هنا، روح طيبة، حنونة متواضعة محبة، علاوة على هذا كله أستاذة كبيرة في علوم المسرح، أستاذة سينوغرافيا مهمة دون أن تطنطن بمصطلحات أو تستعرض معارفها بمناسبة وبدون مناسبة، نسمة باردة في نهارات الصيف القائظة، لا تسلم من أحضاني في نهاية أي لقاء يجمع بيننا، ولا أسلم من محبتها وسؤالها عني ومباركتها لي حينما ترى لي إنجازا جديدا.
 من يرى عايدة علام الإنسانة - بدون ألقاب جامعية ولا طلبة ولا مسرح - يشعر أنها أمه أو أخته، أو جارته، وجه مصري طيب وأصيل يبتعد كل البعد عن الصراعات التي تودي بحياة البعض وهى في النهاية هشيم يزروه الرياح، ولتسألوا  جارها الشاب (مينا ) الذي كانت عيناه تذرفان الدموع من قلبه، وكان يحمل جثمانها مع الحاملين كابن بار لم تنجبه، لنا الآن أن نتذكر ما يقال في الأثر: (اللي خلف ما  متش) وفي عزائها حينما تجد الطلبة حتى ممن لم يكملوا رحلتهم في الكلية يقفون قلوبهم وعيونهم الباكية تتأكد أن المثل يجب أن يكون، (اللي علم ما ماتش) و (اللي وزع المحبة بغير حساب ما ماتش) فكل أحبابها رجالا ونساء كانوا يقفون لأخذ العزاء وتقبل المواساة على أنهم عائلتها الأصيلة. في العزاء.. كنا مع ألم الفراق نستشعر غمامات الرحمة مع الدعوات التي لم تنقطع وتذكر جمالها الروحي والأخلاقي الذي كان يعبق كل مكان تذهب إليه. 
لروحك السلام والرحمة والمغفرة .. الأخت والصديقة الحنون د. عايدة علام.. وعزاؤنا سيرتك الطيبة ومحبتك التي تحيط بنا وبكل من عرفك يوما.

خليل العلي: تركت أثراً طيباً في حياة كل من عرفها
وقال خليل العلي ( المسرح الوطني الفلسطيني التابع للاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين في لبنان):
لم يخطر ببالي ونحن نقوم بالتحضير للمشاركة في المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب بدورته التاسعة أنني لن ألتقي بالدكتورة عايدة علام، ولا أتخيّل المهرجان من دونها، لقد كانت محور جميع المشاركين في المهرجان، حتى أن الجميع كان يطلق عليها اسم “ماما عايدة”.
كان لي الشرف أن أتعرف بالدكتور عايدة قبل أربع سنوات وكنت ألتقي بها فاعليات المهرجان، لم تكن مجرد أحد أعضاء اللجنة العليا المنظمة للمهرجان، بل كانت صديقة ورغم سنها إلا أنها كانت تشع بالحيوية والنشاط، وكانت تشارك في جميع الأنشطة سواء المسرحية او الترفيهية.
دائماً كانت تبحث عن الوفد الفلسطيني لتتبادل الأحاديث معه حول الفن وحول فلسطين، وكانت تحرص دائماً أن تقدم لكل من يقابلها “الملبس” والابتسامة لا تفارقها، ولم تقطع التواصل معنا حتى بعد مغادرتنا مصر.
الدكتورة عايدة في كل دورة من المهرجان وبحكم خبرتها الطويلة كانت تقدم النصائح للشباب المشاركين في الأعمال المسرحية، وتعطي ملاحظاتها الفنية التي كان يتقبلها الجميع ويعمل بها. 
أعتبر أننا خسرنا إنسانة عظيمة كما خسرها المهرجان التي كانت تقدم فيه ورش تدريبية حول السينوغرافيا.
الراحلة الدكتورة عايدة علام إنسانة بكل للكلمة من معنى، طيبة القلب، ودودة، محبة للجميع ومحبوبة من الجميع، تركت أثراً طيباً في حياة كل من عرفها، لروحها الرحمة وجعل الله مسكنها الجنة. 

وفاء عبده: حرصت على تشجيع شباب الموهوبين وأمدتهم بكل خبراتها ودعمها المادي والمعنوي
وقالت الفنانة وفاء عبده: الدكتورة عايدة علام كانت أم للجميع، منحها الله حب واحترام وتقدير كل الناس من حولها، من أساتذة  المسرح وطلابه والفنانين والنقاد، ولم تكن لتبخل على أحد بمعلومة، محبة للجميع، وتنقد بكل حب نقدا بناء، وكانت دائما تحرص على حضور عروض المسرح وتقول رأيها وترسل الطلبة حتى يستفيدوا من العروض، وتحرص دائما على تشجيع شباب الموهوبين وتمدهم بكل خبراتها ودعمها المادي والمعنوي .  دكتورة عايدة ودكتور حسن عطية رحمة الله عليهم، كانوا دائما يفتحان منزلهم لكل طلاب العلم سواء مصريين أو عرب، وأنا أشهد على استضافتهم لمعظم  الذين حضروا من العراق والمغرب وسوريا والسودان لاستكمال دراستهم بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وطلاب كلية الآداب بقسم علوم المسرح، وكانوا يمدوهم بكل ما يمتلكون من خبرات ودراسات نقدية وكتب علمية، أراد الله سبحانه وتعالى أن يرحلوا عن حياتنا الدنيا دون أبناء، ولكن منحهم الله حب المئات من الشباب والبنات الطلبة والطالبات لديهم، وتركوا لنا علما ينتفع به، أتمنى من الله أن يجعل كل ما فعلوا في دنياهم في ميزان حسناتهم، وأنا مدينة لهم بكثير من الفضل والمعرفة والدعم الذى منحوني إياه، إنا لله وإنا إليه راجعون.

د. بشار عليوي: خير من كان يدعم المسرحيين وخصوصاً الشباب منهم 
فيما قدم المخرج والناقد المسرحي د. بشار عليوي - العراق-  رسالة رثاء قال فيها: عاجزةٌ هيَ الكلماتُ التي نُحاول أن نجعلها مُطواعةً لنا بُغية مُجاراة ما بداخلنا من مشاعر قاسية وحزينة تجاه فَقْدَ أحبتنا الخُلّص ممن تَمَثَلَتْ فيهم أعلى مراتب الإنسانية بأبهى صورها القارّة، وهكذا يكونُ الرثاء لهم مُغمساً بالحُزنِ والألم والحسرة على هذا الفَقْدِ الموجع .
اليوم أقف يا سيدتي الجليلة ويا من كُنتِ الأُمّ الثانية لي ولعشرات غيري، كي أرثيكِ وأرثِ فيكِ خسارتنا لتمثلات الانسانية في شخصكِ وللنُبل والعذوبة والطيبة التي تجسدتْ من خلالكِ فقيدتنا العزيزة د. عايدة علّام .. الحسرة على هذا الفَقْد مُتأتية أنَ خسارتكِ لا تُعرض فمعها خسرنا احساس الأمومة الجياشة التي كنتِ تنثرينها علينا جميعاً، احساس بالطمأنينة وراحة البال، يتعدى علاقة الأستاذ بالطالب أو علاقة مسرحية تقليدية تُماهي بقية العلاقات في الوسط المسرحي، هو احساس بالأمان، وكل هذا تجسد فيكِ يا دكتورة عايدة صانعة الفرح وخير من كان يدعم المسرحيين وخصوصاً الشباب منهم .
ليس غريباً كل هذا الوصف عنكِ، فأنتِ رفيقة درب أستاذنا المعلم المسرحي الكبير وفقيدنا الغالي الأستاذ الدكتور حسن عطية، فأنتما الثنائي الاستثنائي في حياتنا المسرحية كنتما حالة نادرة من المحبة والطيبة والمعرفة الحقة .. كنتِ يا سيدتي الوجه الناصع بالبياض وبكل محبة . نعم نحنُ بالأمسِ القريب فقدنا أُستاذنا د. حسن عطية وكانَ عزاؤنا أنكِ باقية معنا تحملينَ على عاتقكِ مسؤولية المحافظة على إرثهِ المعرفي والانساني والنقدي الهائل، وكنتِ حريصة أشد الحرص على السعي النبيل لأي خطوة من شأنها ايقاد ذكراه في نفوس طلبتهِ ومُحبيهِ، فكنتِ نِعمَ الزوجة ورفيقة الدرب الوفية . لي معكِ محطات عِدة أبزرها حينما عقدنا العزم أنا وأخي د. عامر صباح المرزوك بعد ثلاثة أيام من وفاتهِ رحمة الله عليهِ،  على إنجاز كتاب يتضمن سيرتهِ العطرة ويحفظ تراثه النقدي الثري، فاتصلت بكِ أعلمكِ بخطوتنا هذه فكنتِ سعيدة جداً بخطوتنا، وقد وظفتِ جميع امكانياتكِ و وقتكِ بعدما نحيتِ جانباً الحزن على رفيق الدرب من أجلِ إنجاحِ مهمتنا وكانَ تواصلنا هاتفياً أثناء الجائحة .. لقد ضربتِ أروع أمثلة الوفاء للزوج والحبيب في موقفكِ النبيل هذا، فكنتِ لها .
نعم ومع هذا كله وغيرهِ ومع كل السواد الذي أتشحت فيه صفحات أحبتكِ وطلبتكِ ومُحبيكِ حزناً على فقدكِ، أقول من الذي لا يُحب عايدة ؟

غادة شلبي: كانت تحب نجاحاتنا وتدفعنا للمزيد
وقالت غادة شلبي (مهندسة ديكور): د. عايدة كانت بمثابة أم لنا قبل أن تكون أستاذة فاضلة، كانت دائما تدعمنا وتشجعنا وتقف معنا، وكانت حريصة جدا على حضورها في عملنا، ونصائحها التي كانت دائما تفرق وتعلي من عملنا، كانت تحب نجاحاتنا وتدفعنا للمزيد.

د. هبة الله سامي: كنت دائما أكتب لها لا عنها 
وفي رسالة رثاء كتبت دكتورة هبة الله سامي:
لو حكينا يا حبيبتي نبتدي منين الحكاية .. أعرف أني كنت دائما أكتب لها لا عنها.. وما يعزيني أني كنت أقول لها  أحبك  بمناسبة ومن غير مناسبة ..مثلما كانت معي دائما ومع الكل تحبنا بمناسبة ومن غير مناسبة .
عرفتها من 22 سنة وأنا طالبة في أولى مسرح من أول يوم احببتها ودكتورة منال زغلول رحمة الله عليها كانوا دائما بجانبي سواء في حياتي الدراسية أو الشخصية .. حتى عندما حولت من ديكور لتمثيل وإخراج في سنة تانية لم تلومني، بالعكس كانت سعيدة  لأنى سأذهب إلى المكان الذي أكون  فيه منورة أكثر - حسب تعبيرها - وحشتنى جدا . 
وتابعت مخاطبة د. عايدة: هل تعرفين أن أول هدية كنت أشتريها عند سفري كانت هديتك ؟ وهل تعرفين ان هدية عيد الأم التي تخصك ستظل  كل سنة باسمك كما كنت موجودة؟ وهل تعرفين أن كل هداياكي محتفظة بها .. كنت أشعر بالسعادة كل سنة عندما تكلميني وتقولي” مبسوطة إنك خدتي مشروع سنة تالتة علشان نشتغل مع بعض ونقعد نرغى كتير ونتكلم في النص اللي اخترته وإيه يكون الديكور وروحك المرحة وعقلك الواعي يفضلوا يعلموني” ... من سنة أولى وأنا طالبة إلى حصولي على الدكتوراه، وحتى أخر عمل كنا فيه سويا.. كنت معك اسمع وأتناقش وتسمعينى بدون أن أشك للحظة إن الحب والعلم والفن هو كل ما نبحث عنه . بيننا مشاوير كثيرة، كنت بتلكك حتى أوصلك المستشفى لدكتور حسن الله يرحمه  لنظل نتحدث.. وعندما ادخل بيتكما أشعر انه بيتي، أحبك وسأظل أحبك .. أنا وكل عائلتي التي تعتبرك واحدة  مننا .. كل الأوقات التي جمعتنا كانت جميلة وحقيقية، حضنك كان حقيقيا، وابتسامتك كانت أحلى ما في الحلويات التي تقديميها للكل .. أنتي فى قلبي وسأظل أدعو لك وأتكلم عنك، أحبك يا أستاذتي وأمي وحبيبتي.

ميرنا مفيد: كانت دائمًا ترشدني وتعلمني
وقالت ميرنا مدحت مفيد (مصممة  ديكور وأزياء):
كان من حسن حظي أن ألتقي بالدكتورة عايدة علام لأول مرة في ورشة للسينوغرافيا، حيث تعلمت منها ما لم أتعلمه طوال سنوات دراستي. كانت محبة للفن وللمسرح، وفي نفس السنة كانت أول مسرحية أعمل عليها كمصممة سينوغرافيا. منذ تلك اللحظة وحتى آخر وقت، كانت دائمًا ترشدني وتعلمني، كانت ترى عملي وتوجهني وتضعني دائمًا على الطريق الصحيح. كانت دائمًا تبارك لي على عملي وتقول لي “أنا فخورة بكِ”.
آخر موقف لا أنساه، كان عندما واجهت مشكلة في المسرح، فاتصلت بي مكالمة طويلة مليئة بالدعم والمحبة. صعب عليّ أن أرثي الدكتورة عايدة حبيبتي، لكن كل كلامها محفور بداخلي ولا يمكن أنساه. شكرًا على محبتك وقلبك النادر.


سامية سيد