العدد 892 صدر بتاريخ 30سبتمبر2024
تحت رعاية الأستاذ دكتور غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون، وبإشراف المخرج ومصمم الديكور محمود فؤاد صدقي المشرف العام على مسرح نهاد صليحة بأكاديمية الفنون، والمدرس المساعد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، أقيمت ندوة نقدية عن العرض المسرحي صانع النجوم نتاج ورشة التمثيل الاحترافي 2 تدريب واخراج الفنان الدكتور علاء قوقة استاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية وكان على منصة الندوة الدكتور ياسر علام استاذ الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، والناقد والكاتب أحمد عبد الرازق أبو العلا، والناقدة أسماء حجازي، وقدم الندوة الناقد فادي نشأت المعيد بقسم الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية وقدم الحضور وأعطى الكلمة للدكتور ياسر علام فرحب بالحضور وقال:
انا سعيد بوجودي بمسرح نهاد صليحة فهو المسرح الوحيد في العالم باسم ناقد فيما وصل إلىّ من علم، ولقد قضينا سهرة ممتعة مع هذا العرض المسرحي، وعندما نذهب لشراء تي شيرت مثلاً نشاهد المعروض في الفاترين والتي يختفي ورائها عارض متميز ودكتور علاء اختفى مثل هذا الرجل على الرغم من إنه ممثل والمثل دائما يكون لديه الرغبة في الظهور لكنه أستاذ أيضا فكان هدفه ظهور هؤلاء المتدربين واختفي خلفهم، والعروض من تلك النوعية عروض لها طبيعة خاصة مثل عروض مهرجان ما او عروض حفلات تخرج او غير ذلك فعرض اليوم هو عرض تخرج دفعة من الشباب لإبراز مواهبهم في الأداء التمثيلي، وعلى الرغم من ذلك يوجد عرض مسرحي وراءه مخرج، وشعرت في لحظات بسيطة أن العرض شدني بمعنى بمفهوم العرض، وفي لحظات أكثر شدني حالات من الأداء التمثيلي، وما بين هذا الهدف وذاك الهدف من الطبيعي أن تحدث متراوحات، فنذهب أحيانا إلى هذه القمة أو إلى القمة الأخرى، ولذلك نكون غير متأكدين ماذا يحدث ، فمثلاً في الوقت الذي يتحدث فيه المنتج الفني عن الملل وإنه غير سعيد فهو يعبر عن شيء يحدث، ولكنه ليس بعيد عن أن يكون ترمومتر للحظات حقيقية على خشبة المسرح، لكن تبقى الأهداف المصاغ لها عرض من هذا النوع والتي تحققت بدرجة كبيرة وشاهدت مواهب في مرحلة أقرب ما تكون للثقل بالقدر الذي توفر فعل الثقل لها، وأعتقد أن هذه التجربة بالنسبة لهم تجربة مميزة وممتعة وجادة وأن كلاً منهم يستطيع أن يضع قدمه على بداية الطريق وشكرا.
انتقل الميكرفون إلى فادي مدير الندوة الذي سأل الناقد والكاتب أحمد عبدالرازق أبو العلا سؤال وهو: ما هو وجهة نظرك في فكرة المزج ما بين التدريبات الأكاديمية في صقل الحرفية للمثل وما بين الأداء التمثيلي بالطريقة العادية؟ وهل ذلك يحقق فكرة ظهور الممثل بالشكل المختلف والمغاير بأنه يستطيع ان يظهر إمكانيات الممثل المختلفة؟ وما تأثيره على فكرة الوحدة العامة للعرض؟ بجانب رأيك فيما شاهدناه فقال:
لقد شاهدت سبعة عشر شاباً وشابة أسعدوني وبأعمار مختلفة ويحسب ذلك للورشة حيث أن ذلك مسألة مهمة بالنسبة للممثل، والممثل من الممكن أن يمثل في أي عمر حتى وإن لم يكن وقف علي خشبة المسرح مطلقا، لكنه من خلال التدريب من الممكن أن يصبح ممثلاً جيداً، وأْتُخِذَ لفظ الورشة في الفنون من الصناعة، وأهم عنصر في المسرح هو الممثل، حيث أنه الوسيط الذي يقوم بتوصيل الرسالة إلى الجمهور، وقد ظهرت الورش حديثاً، ويُدَرس في الأكاديمية مناهج التمثيل، لكن هناك فرق بين ورش التمثيل ومناهج التمثيل، والمهم الأكثر تأثير هي ورش التمثيل فالمنهج يُدَرس، أو يقرأ في كتاب ويفهم، مثل منهج ستانسلافيسكي أو مايرهولد أو جرتوفسكي، وهكذا، والصورة هي كيفية تنفيذ ذلك على خشبة المسرح، ومن ثم تصبح الورشة مهمة جداً، ودكتور علاء قوقة ممثل ومخرج وأستاذ في الأكاديمية فهو يجمع الشروط الصالحة كلها لان يكون مدرباً لورشة فن التمثيل، وعلمت أنه قام بعمل ورشة للتمثيل الصامت ولم يحالفني الحظ أن أشاهد العرض وهو نوع من انواع الأداء التمثيلي الصعب جداً، وفي عرض اليوم شاهدت المشهد الموسيقي، مشهد لا للوساطة ولا للرشوة، وشاهدت من خلاله الإيقاع والتلوين في الأداء التمثيلي، والعرض من وجهة نظري حقق أشياء كثيرة، لكنني أميل إلى أن التدريب يقوم على نص مسرحي، ولا أميل لفكرة التدريب الذي يعتمد على الارتجال، وإن كان ذلك موجود لكنه ليس العنصر الأساسي، واميل إلى أن يعتمد المدرب على نص مكتوب يعطي فرصة للممثل والمدرب في نفس الوقت ليستطيع أن يحشد طاقة الممثل التمثيلية ويوجهها التوجيه الصحيح، حتي نقدر أن نفرق بين التشخيص وبين التمثيل وما بين المحاكاة، ومع عدم وجود نص هل لم يصلني أن هذا الفريق تدرب ام لا، أقول أنه تدرب جيدا، ويضاف له إفساح المجال أمامه للارتجال، وأقول أن المَشاهد قُدمت بشكل بسيط ولم تبعد عن واقعنا، ولعب المدرب على تلقائية الممثل في الأداء التمثيلي وهي العتبة الأولى لنجاح الممثل، وظهرت قدرات الممثلين من خلال تدريبهم الصوتي والحركي ، واتمني أن اري هؤلاء الممثلين في عرض بنص معد سلفا واشكركم.
وانتقل الميكرفون لفادي ووجه للناقدة أسماء حجازي سؤال هل وضع إطار أو قصة لمشروع تخرج الورشة هل أضر أم أفاد بنتاج العرض؟ فقالت:
الدكتور علاء لم يبخل على المتدربين وبذل جهدا كبير معهم وكانت التدريبات من اول الإيقاع والخيال والبايوميكنيك والفلكلور وقد وصل عدد كبير من المتدربين إلى مستوى عالي جدا مثل فكرة اللعب بالكور والوقوف على مسند الكرسي ويمثل هذا مستوي عالي، وأيضا فكرة تواصل المتدربين مع بعضهم ومع الجمهور، ذلك شيء ليس بالسهولة حتي بالنسبة لبعض المحترفين، وكذلك فكرة البساطة كما قال الأستاذ أحمد، ومشهد الصول فيج باستخدام السلم الموسيقي أخرج منه مشهد بديع يؤدي رسالة، وأرى أنهم ممثلين لهم مستقبل واعد، وعن سؤال الأستاذ فادي فكرة أن يكون وضع إطار أو قصة لمشروع تخرج الورشة، فكرة المشاهد او التابلوهات التي اشتغل عليها، فكل تبلوه رغم بساطته يقول رسال، وتوجد تنقلات لكي يكون لكل متدرب مساحة للتمثيل لإظهار القدرات، لكنني انا مع فكرة وجود نص مسرحي يشتغل علية، واخيرا اشكركم واشكر دكتور علاء على هذا الجهد.
انتقل الميكرفون لفادي وقال للدكتور علاء أنه استخدم أكثر من لغة على المسرح من اللغات الكلامية واللغات الجسدية، ووجه له سؤالا ممكن توضح لنا ببساطة الفروقات التي كنت تريد توصيلها للمتلقي، والغرض من فكرة إلغاء الكلمات المفهومة، أو الغرض من الإيقاع، أو حتي حرفية الممثل وحضرتك من أهم أساتذة حرفية الممثل في الوطن العربي، ومدى تأثير ذلك على الممثل على المدى الطويل، وخاصة بين الممثل على المسرح أو في الوسائط الأخرى؟ فما هي الإضافة التي يكتسبها الممثل في المستقبل؟ فقال:
اشكركم جميعا واشكر الزملاء على المنصة وما تحدثوا به عن الورشة ومفردتها وشيء طيب ان يصل ما قدمناه للجميع، وانا أبدأ في تدريبات الورشة من تحرير قدرات المخ، بمعني كيف يكون للمخ تعددية التفكير، أو تعديل الهيمنة بأن يكون المخ مسيطرا على أكثر من مهمه تصل إلى سبعة مهام في نفس الوقت، وأن امتلك الممثل هذه القدرة فتؤثر على الخيال وعلى الذاكرة وعلى التركيز، وعلى كل أدوات الممثل، وشغلي مع المتدربين على المخ أن تتطور كل الأشياء، ونرصد ذلك ونعالج أي تقصير ببعض جلسات لنصحح التقصير، وتدريبات الارتجال أساسها معرفة المتدربين قواعد الارتجال، ثم اقوم بنقد أخطاء كل منهم، ثم أحولهم إلى نقد بعضهم لبعض حتي يتحول كلاً منهم بشكل لا إرادي بكشف الأخطاء التي تحدث أثناء الارتجال، فيعمل المخ لا أراداي على تصحيح العيوب، وعندما يقدم كلاً منهم ملحوظته للأخر يولد ذلك تواصلاً أكثر بينهم وينمي فكرة الأسرة التي تحافظ على أفرادها لتظهر في أحسن حالات، وتقنيات التمثل مثل أيقاع مريم ورقصة كمال والوقوف على مسند الكرسي مع لعب الكور، فكل ذلك محتاج قدرة، والتمثيل بمفرداته المختلفة محتاج قدرة، وباقي الأشياء التي تكون الفكرة الكاملة، والحقيقة في ناس كثيرة تعبت في التدريبات، ولكنني لا يمكن أن أقدم كل الناس في كل التدريبات، وما شاهدتموه هو جزء مختصر من التدريبات، وكما يقال نأخذ من كل بستان زهرة، أما مشاهد الصول فائي فلدينا أكثر من خمسة مشاهد صول فائي، لكنني قررت أن أقدم مشهد واحد فقط ، لأنني أنوي أن أقدم عرض كامل صول فائي على صول فائيتاً مختلفة، والفكرة الأساسية أن الكلمة دائما تساعد الممثل على التعبير بما في داخلة، أما لو كانت الكلمة نغمة لا يستطيع الخروج عنها، مثل النغمات التي سمعناها وشاهدناها والمتدربين يقومون بغنائها تولد مشاهد وليس مشهدا واحداً، وكيف يستطيع الممثل بالتعبير الجسدي ينتج حكاية او معني او رسالة غير رسالة اللحن الأصلي، وذلك يستنفر عند الممثل قدرات أخرى غير الكلمة التي تساعده على التعبير، وبالنسبة لفكرة أن أقدم عرض مسرحي معد سلفا فعروض كثيرة تقدم، وكان هدفي هو كيفية أن يبتكر المتدربين باستخدام المخ وكتابة مشاهد، وفي النهاية وضعت لهم الإطار العام لهذه الأشياء الصغيرة التي كتبت، فكان ما شاهدنا بأن منتج قادم ليختار ممثلين من فرقة مجتهدة لكنه في النهاية يختار أقاربه، وهذه سخرية من الوضع العام، وذلك لم يحدث في التمثيل فقط لكننا نري أن ذلك يظهر في كل مناحي الحياة، وكذلك ظهور الوسطة والمحسوبية والرشوة في مشهد الصول فائي.
وانتقل الميكرفون لفادي وفتح النقاش للحضور وقال كاتب هذه السطور:
انا بوجه الشكر للدكتور علاء لإنه لم يبخل باي جهد على المتدربين واليوم اشاهد على المسرح جزء من رسالة الدكتوراه التي حصل بها على الدرجة العلمية من المعهد العالي للفنون المسرحية، وهي رسالة علمية مهمة قابلة للتطبيق وليست من الرسائل العلمية التي تزين رفوف المكتبات، ومن وجهة نظري أن الذي قدم لنا اليوم هو عرض مسرحي له إطار عام به حبكة مسرحية رئيسة يتخللها حبكات فرعية عرض لنا قضية نعيشها في الوقت الراهن في ظاهرها قضية التمثيل ونشعر بها كممثلين سواء كبار أو مبتدئين ولا يسكن الممثل المتميز المستحق في دور (شخصية) يناسبه، بل يذهب الدور للأقارب والمحاسيب والتضبيطات وغير ذلك، وهي قضية مهمة جدا تنعكس على كل شيء في الحياة ليس في مصر فقط بل انتقلت على مستوى العالم، وربط بهذه القضية الأساسية بعض القضايا الفرعية ومنها قضية استغلال سلطة الموظف الكبير ليزوج إبنته المتخلفة عقليا من مرؤوسه وانتهاز أقرب أصدقاءه لتك الفرصة، وقضية الرشوة والمحسوبية، وأهم قضية نعاني منها الأن قضية الأسرة التي تعيش تحت سقف واحد وفي منزل واحد ومتواجدة معا في لحظة واحدة، لكنها منفصلة اجتماعيا، فكل منهم مشغول مع ما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها وسائل تباعد اجتماعي، وغير ذلك من القضايا، وقدمت جرعة من الكوميديا الراقية، وبعد طرح القضية الرئيسية للمنتج الذي جاء ليكتشف وجوه جديدة، والذي جاء مجاملة لابنة زوجته ومتخذ قرار مُسبق بتشغيل أقاربه في عمله الفني تم حل الأزمة بشكل بسيط بعودة المنتح للفرقة مرة أخري ، ونستطع القول أن زوجته وبخته لهذا السلوك، اول استيقظ ضميره ليختار ممثلين من الفرقة على الرغم من أنه لم يتنازل عن إسناد أدوار البطولة لأقاربه، فما شاهدناه كان بعيدا عن التكرار والملل الذي تكون حجته أننا نقدم عرض للتدريب على التمثيل ولابد من إعطاء لكل متدرب فرصة لإبراز مواهبه وامكاناته التمثيلية وأكرر وأقول أن ما شاهدناه يعتبر عرض مسرحي جيد ومتماسك، ولو قدم هذا العرض في مكان أخر به إمكانات تقنية عالية والاهتمام بالإضاءة لإبراز الحالة الدرامية وتكمل شاشة عرض المنظر المسرحي ويتم التركيز على بعض التقنيات الجمالية بخلق صورة بصرية ممتعة للمتلقي سيتحقق لنا عرض مسرحي متكامل من جميع جوانبه بجانب تقدم الرسالة الأساسية والتركيز على المتدربين وتقديمهم في أبهي صورة بعرض امكانياتهم التمثيلية، والاستفادة من القضايا التي عرضت واشكركم جميعاً.
وعقبت أسماء حجازي على ذلك بقولها:
اننا بالفعل امام قوام عرض مسرحي وحديثك لن يختلف عن ما طرح ولكنني اقول أنني افضل أن يقدم عرض مسرحي مكتوب مسبقا وهذه ذائقة فنية واشدنا جميعا بالعرض.
وشاركت سلوى من الجمهور الدائم والمهتم بالمسرح واشادت بالدكتور علاء حيث أنها متابعة جيدة لكل ورش التمثيل التي يقدمها بالإضافة إلى أعماله الفنية سواء في المسرح أو التليفزيون، وهو يعمل بطريقة اكاديمية محترفة تطبق في الواقع فهو مدرسة فنية مختلفة لها طابعها الخاص والمميز وأنها مبسوطة جدا بما شاهدته اليوم.
وتداخل بعض من المتدربين الذين أجمعوا على استفادتهم من هذه الورشة وأن الدكتور علاء لم يتعامل معهم كدكتور ومدرب لكنه تعامل معهم كإنسان وأخ أكبر وأعطى لهم ثقة كبيرة واستخرج من داخلهم كممثلين أشياء لم يروها في انفسهم أو يتخيلوا أن يقدموها وان بعض منهم اول مرة يقف علي خشبة مسرح وإذا كانوا حققوا نجاحاً فالفضل لله ثم لمجهود دكتور علاء معهم .
وانتقل الحوار للدكتور ياسر علام فقال:
إن الفن الجيد يستدعي النقد الجيد وإنهما جناحان تجعل الممارسة الإبداعية تصل لأفاق ابعد وأجمل وافضل، وإن لم يكن هناك عرض لما استدعى لدينا هذه الأفكار والتأملات والخواطر التي تشاركنا فيها معا، وهذه مسألة ضرورية وحيوية، والفنان دائما بحاجة لأن يرى بعين أخرى ما يقدمه، وحتي الفنان ذاته يكون لديه نقد ذاتي يسمح له بالتطور للأمام، وأنا سعيد بوجودي اليوم بينكم واتمني أن تستمر هذه التجارب واشكركم.
واختم الدكتور علاء الندوة بتوجيه الشكر لكل من عاونه في هذه الورشة وذكر منهم رضوى صبري مصممة الاستعراض، وإبراهيم الزناتي مخرج مساعد، وعبد الباري سعد الذي ساعده في التدريب، وشكر كل من كان له دور فعال في هذه الورشة، وشكر كل متدربي الورشة كلاً باسمه لأنهم كان على قد المسئولية، وقال : انا لا أشعر معهم بأنني استاذ فمثل ما يتعلمون مني أنا أيضا أتعلم منهم.