رضوى رشاد عثمان: «فرحة».. رحلة إبداعية في دمج وتمكين الأطفال ذوي الهمم من خلال تجارب العرائس

رضوى رشاد عثمان: «فرحة».. رحلة إبداعية في دمج وتمكين الأطفال ذوي الهمم من خلال تجارب العرائس

العدد 893 صدر بتاريخ 7أكتوبر2024

نلتقي بالمخرجة رضوى رشاد عثمان التي ابدعت في إخراج العرض المسرحي “فرحة”، وهو يسعى لعرض القضايا الاجتماعية المدمجة وتمكين الأطفال ذوي الهمم من خلال مسرح العرائس.
يطرح العرض قضية دمج وتمكين ذوي الهمم، حيث تدور أحداثه حول طفلة تعاني من متلازمة داون وتواجه مضايقات من زملائها، مما يدفعها لعدم الذهاب إلى المدرسة. ولكن بدعم من والديها وتشجيع المدرسين، نجحت في الاندماج مع زملائها والمجتمع، وبرزت موهبتها الفنية وتميزت لدى الآخرين.

ما الذي ألهمك لإخراج عرض “فرحة” وكيف تعاملت مع الموضوع الحساس الخاص بدمج وتمكين الأطفال ذوي الهمم من خلال مسرح العرائس؟
العروسة فرحة هي فكرة أ.د. غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون، وكان هدف دكتور غادة عمل عروسة أيقونة من ذوي الهمم لطرح مشاكل وقضايا اقرانها وما يتعرضون له من مضايقات في المجتمع وكذلك معاها نحكي حكايات من التراث وإحياء عادات وتقاليد مصر القديمة المتعلقة بالمناسبات مثل استقبال رمضان وصنع كعك العيد وغيرها من المناسبات الدينية والإجتماعية و العادات التي  تتميز بها  بلدنا الحبيب والتي توشك على الاختفاء ولا يعلم بها الجيل الجديد، وبناءا عليه وقع اختيار  أ. د. غادة جبارة رئيس الأكاديمية على معهد فنون الطفل لإنتاج هذا العرض بقيادة العميد السابق أ.د. حسام محسب وكذلك اختيار الموسيقار أ.د. طارق مهران _وكيل المعهد والعميد الحالي للمعهد_ في ذلك الوقت بمهمة التأليف الموسيقي . وهنا تم تكليف الاستاذ إسماعيل الموجي بصفته مخرج ومحاضر بقسم العرائس بمعهد فنون الطفل أن يقوم بإختيار عناصر هذا العمل .. وكان من حظي السعيد أني قد انتهيت من مرحلة دراسات دبلومة إخراج مسرح الطفل في تلك الفترة وقام بترشيحي أستاذ إسماعيل بدلا منه لإخراج العرض لتقديم فرصة مهمة لخريجي المعهد وقدم وافقت دكتور غادة ودكتور حسام واضعين ثقتهم في شخصي لمهمة إخراج هذا العرض وعليه بدأت رحلة الكتابة واختيار الزميلة هجرة الصاوي من قسم الكتابة الإبداعية والعمل علي النص الورقي في جلسات عمل متعددة إلي أن خرج الي النور بشكله النهائي.

كيف كانت عملية التعاون مع الفريق الإبداعي، بما في ذلك الدكتورة غادة جبارة وهبة بسيوني، لإحياء شخصية “فرحة”؟
التعامل مع دكتور غادة من أفضل الاشياء التي حدثت لي فهي إنسانة محبة للجميع باب مكتبها مفتوح طوال الوقت  لاستقبال جميع طلبة ودارسي الاكاديمية .. وكان هناك عدة لقاءات في التحضيرات الأولي حتي يتثني لي فهم الإطار العام للفكرة وعند انتهاء كل خطوة يتم عرض الأمر عليها وتتابع كل تفصيلة بشخصها للاطمئنان على الشكل العام للعرض.
وبعد الانتهاء من تصميم العرائس وتنفيذها بشكل نهائي من قبل المهندسة هبة بسيوني ومتخصص الميكانيزم يوسف مغاوري.. كانت دكتور غادة حريصة طوال الوقت علي رؤية العروسة فرحة قبل أي شخصية أخري وبالفعل ذهبنا إلى المكتب بصحبة أ.د حسام محسب وكانت الفرحة بفرحة أن ظهرت بشكل مناسب لأصحاب متلازمة داون .

أما الديكور فكان للمهندسة أميرة عادل وهي خريجة الأكاديمية وتعمل رئيسة الاقسام الفنية  بمسرح القاهرة للعرائس .. وهي حقا مخلصة لعملها وتعمل بجد وصاحبة رؤية فكان اختيار الألوان والأشكال لمشهد السبوع معاصر كذلك محل الآلات الموسيقية والمدرسة ومسرح المدرسة.. وكانت تعمل يدا بيدا مع شباب مسرح نهاد صليحة وشباب المدرسة التكنولوجية للتصنيع الديكور بالمشاركة مع المهندسة سماح نبيل وهي مشرف تنفيذ الديكور بالعرض .

أما العملية الفنية الاكثر أهمية وهي موسيقي العرض المسرحي فكانت  للموسيقار ا.د. طارق مهران .. وحقا له كل الشكر والتقدير علي قبوله العمل وعلى صدره الرحب في تقبل المناقشات فقد  قام بمجهود إبداعي في ألحان خمس أغاني  مهداة للعرض والأكاديمية كذلك الموسيقى التصويرية،  وأيضا تدريب أطفال الكورال الكونسير على الغناء وأيضا اختياره لزميلتنا اسراء كاشون وتدريبها واستقبالنا جميعا بالاستديو الخاص به حتي يخرج شريط الصوت في شكله النهائي .
أيضا حتى تكتمل الصورة المميزة للأغاني فكان القرار ان يكون هناك تصميم استعراضات للاغاني بشكل مسرحي وليس الاعتماد على تحريك العروسة فقط في مكانها فكان دور مصمم الإستعراضات هاني نبيل ليقوم بتدريب المحركين على خطوط الحركة للاستعراض ثم إعادة التدريب بالعرائس.

هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن عملية اختيار الممثلين، وخاصة اختيار الطالبة نيرة عصام، وكيف أثرّت قصتها الشخصية على الأداء؟
إختيار نيرة كان بالمشاركة مع دكتور غادة جبارة حيث كانت رغبتي في وجود فتاة متلازمة داون وكانت الجميلة نيرة عصام عازفة الفلوت بأكاديمية الفنون وبمجرد التواصل مع والدتها قبلت على الفور والتزمت بالبروفات والتدريبات كاملة.
واوضحت لنا بعض المضايقات التي تعرضت لها في حياتها واقتبسنا منها البعض .
كذلك كان اختيار لدور الأب لأستاذنا الفاضل الفنان القدير حسن يوسف المدير السابق للمسرح القومي للأطفال والفنانة القديرة فاطمة محمد علي في دور  الأم وكم أضافوا حالة من الدفء والثراء للعمل .. كذلك دكتور فيفي أحمد_وهي محاضر في المعهد قسم إخراج مسرح_  في دورا المدرسة الحنونة المتفهمة لفكرة الدمج.
  أما بالنسبة لأصحاب فرحة فهم طلبة المدرسة التكنولوجية التطبيقية للفنون وهم أنس علاء الدين وإمام وحيد وجومانا أشرف ومنار كمال .. وهم الطلبة الذين قمت بتدريبهم للمشاركة في مشاريع تخرج الدبلومة قبل عرض فرحة.
وعليه تمت جلسات بروفات بين نيرة والأصدقاء حتي دخول الاستديو للتسجيل مع زميلي وصديقي المخرج الإذاعي عمرو دياب.

- ما هي ردود الفعل التي تلقيتموها من الجمهور، خاصة من ذوي الهمم وأسرهم؟
كانت ردود الفعل إيجابية من الجمهور بشكل عام كبار وصغار .. وخاصة الأطفال كانت تعليقاتهم جميعا في اتجاه التعاطف وقبول فرحة ورفض تصرفات زياد والمضايقات التي تتعرض لها ، وحفظ بعض جمل الاغاني وترديدها . 
أما أطفال متلازمة داون فسعادتهم لا توصف وهذا ما زاد شعوري بالسعادة والمسؤولية تجاههم.. فأغلبهم شعروا بأن فرحة جزء منهم تمثلهم وتدافع عنهم أما عن أولياء أمورهم ،  فحقا كانوا سعداء بهذا العمل الذي يسلط الضوء على ابنائهم وما يتعرضون له من مضايقات،  فأحدي الأمهات قالت بالنص ..”كأنكم كنتوا معانا وشوفتوا حصل لولادنا ايه”.

كيف ترين حالة مسرح العرائس في مصر حالياً؟ وهل هناك تحديات أو فرص ترينها لهذا الفن؟ 
هناك توجه بشكل عام لمسرح الطفل أو العرائس في الفترة الأخيرة وهناك عدد عروض تم إنتاجها خاصة في بعض الفرق الحرة .. لكن انتشرت بين الفرق الحرة النقل المباشر لافلام ديزني وشخصياتهم .. علي رغم من أننا لدينا العديد من الافكار والتراث والشخصيات التي تناسب أن تقدم للطفل وتخرج من ثقافتنا المصرية الأصيلة .. لكن مجرد الحراك المسرحي الخاص بهذه العروض يكون شرارة لبداية تقديم عروض فيما بعد تتناسب مع هويتنا المصرية العظيمة .

في رأيك، كيف يمكن أن يكون مسرح العرائس أداة قوية في سرد القصص، خاصة عند تناول قضايا اجتماعية مثل الدمج والتمكين؟
كانت تجربة فرحة خير مثال على أن عروض العرائس تستطيع أن تناقش قضايا مجتمعية عامة .. حيث أن قضية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة هي قضية هامة للغاية ويجب أن تزرع الفكرة الخاصة بتقبل الاخر  داخل الآباء والأمهات اولا حتي يستطيعوا غرز الأفكار في أبنائهم.. ولأن العروسة هي عنصر جذب فعال للكبير والصغير .. فهنا يظهر ان  دور مسرح العرائس ليس فقط الترفيه والمتعة وانما هو دور مؤثر في إيصال القضايا المجتمعية للكبار والصغار .

ما هي أفكارك حول مستقبل مسرح العرائس في مصر؟ وكيف يمكن تطويره أو جعله أكثر شعبية؟
أتمني أن يصبح هناك دور عرض عديدة في كل محافظات الجمهورية  تصلح لتقديم عروض مسرح الطفل والعرائس ذات إمكانيات تقنية عالية .. كذلك العمل على خروج جيل جديد من فنانين العرائس بمختلف أنواعها (اراجوز / خيال ظل/ ماريونيت / عصا وغيرها) حتي يستمر هذا الفن.  كذلك كوادر من مخرجين متخصصين على علم ودراية بأنواع وأساليب الإخراج لمسرح الطفل والعرائس وكذلك مهندسي الديكور ومصممي العرائس .

من وجهة نظرك، كيف تطورت الحركة المسرحية في مصر خلال السنوات الأخيرة، خاصة في تناول القضايا الاجتماعية المعاصرة؟
أنا مازلت في بداياتي ولست في المكان الذي يجعلني أقيم تطور حركة المسرح .. فهذا يسأل عنه أستاذتنا الكبار .. نحن نعمل ونحاول أن نقدم فن هادف وراقي للارتقاء والتطور .

ما الدور الذي تعتقدين أن المؤسسات التعليمية مثل أكاديمية الفنون يجب أن تلعبه في تنمية وتعزيز المسرح، خاصة في أنواع مثل مسرح العرائس؟
إن أكاديمية الفنون هي بالفعل المنبر الذي يعمل على تنمية وتعزيز مختلف الفنون وعلى رأسها المسرح .. فكان هدف دكتور غادة جبارة من انتاج عرض فرحة بجانب طرحة عروسة أيقونة أن نقدم  فريق خاص بالأكاديمية من طلبة مدرسة التكنولوجية التطبيقية للفنون يتعلم فني تحريك العرائس كذلك تصنيع الديكور كان بأيدي الطلبة من نفس المدرسة قسم ديكور  تحت إشراف من مهندسة الديكور سماح نبيل .
وعليه هو عرض قائم بمعظم عناصره بجيل جديد من فنانين المسرح من طلبة ودارسي وخريجي أكاديمية الفنون.

هل هناك مشاريع أو عروض قادمة تشعرين بالحماس نحوها، خاصة تلك التي تستمر في استكشاف موضوعات الدمج الاجتماعي؟
اذا كان هناك مشاريع أخري سيتم الإفصاح عنها من مكتب دكتور غادة جبارة ودكتور حسام محسب فنحن هنا نتحدث أن مشاريع تنتمي لكيان أكاديمية الفنون.


صوفيا إسماعيل