العدد 897 صدر بتاريخ 4نوفمبر2024
يعد مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما واحداً من الفعاليات المسرحية التي تحتفي بفن الأداء الفردي، حيث يجمع بين فنانين ومبدعين من مختلف أنحاء العالم للاحتفاء بهذا النوع الفني. المهرجان يمثل منصة متميزة لاكتشاف المواهب وتقديم عروض تمثل تجارب إنسانية متنوعة بطرق إبداعية مبتكرة. منذ انطلاقه، يهدف المهرجان إلى تعزيز التواصل الثقافي والفني بين الدول، وفتح آفاق جديدة للفنانين للتعبير عن أفكارهم وقضاياهم الاجتماعية والسياسية عبر لغة المسرح. وقذ التقينا عدد من المكرمين خلال الدورة السابعة من المهرجان وأيضا مجموعة من لجان المشاهدة والتحكيم للمسابقات المختلفة من عروض ونصوص مسرحية للتعرف على بعض من المعايير التي اعتمدوها في عملهم ..
هاني رمزي: سعيد بتكريمي والمهرجان فرصة للاطلاع على تجارب مسرحية متنوعة
قال الفنان هاني رمزي: سعيد جداً بتكريمي في مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما، فأنا من عشاق هذا الفن ولي الشرف أن أتواجد إلى جانب نجوم كبار سواء من مصر أو من الوطن العربي. المهرجان فرصة رائعة للاطلاع على تجارب مسرحية متنوعة، وسعيد بالجهود الكبيرة التي بذلها الفنانون لتقديم هذه العروض المميزة. لقد شاهدنا فنونا مختلفة أثرت المهرجان، وكما أقول دائماً، المونودراما هي محاضرات للممثل. والحقيقة لدينا العديد من المهرجانات المهمة التي تهتم بهذا الفن، سواء في القاهرة أو الخليج، مثل مهرجان الفجيرة الدولي، وهو مهرجان كبير ومهم جداً، وأحرص دائماً على التواجد فيه.
وأضاف: كان لدينا أساتذة قادرون على الوقوف على خشبة المسرح وتقديم أعمال مونودراما رائعة، بالإضافة إلى مخرجين أثروا هذا الفن بشكل كبير. أقدر جداً الممثل الذي يبدع في هذا المجال، وقد رأينا خلال المهرجان العديد من التجارب المتعددة والمختلفة التي تستحق التقدير.
واختتم «رمزي» حديثه قائلا: أبحث حالياً عن نص مسرحي للعودة من خلاله، وأتمنى تقديم عمل مونودراما لأنني شغوف جداً بهذا الفن.
غنام غنام: اعتبر التكريم خاصاً لأنه جاء باسم فلسطين.
قال الفنان المسرحي الفلسطيني غنام غنام عن التكريم:
أعتبره خاصاً لأنه جاء باسم فلسطين. هذا التكريم يكتسب أهمية استثنائية في هذه الظروف، لأن المثقفين يعلنون تضامنهم ووقوفهم إلى جانب الحق الفلسطيني والشعب الفلسطيني، الذي يعاني منذ 76 عامًا من هذا الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وخاصة ما يحدث الآن في غزة ولبنان وفي كل مكان.
وأضاف «غنام»، إن البلطجة الصهيونية بلغت مداها، وبالتالي، فإن تلويحة الانتصار التي يلوح بها المثقفون في أي مناسبة لفلسطين تعتبر تضامنًا مهمًا وقويًا، ولا يمكن إلا أن نرفع من شأنها ونؤكد على أهميتها. فلا توجد ثقافة دون أن تكون منحازة للحرية والحق والجمال والعدالة. أعتقد أن هذه الأقانيم هي التي تعاني منها فلسطين؛ فحقها مسلوب، وجمالها منتهك، وحريتها مغتصبة. وكما قلت في كلمتي يوم افتتاح المهرجان عقب تكريمي: لا عزة ولا كرامة ولا حرية لنا دون عزة وكرامة وحرية فلسطين.
وتابع، من هنا أشير إلى اعتزازي بهذا التكريم، ولربما ليس من باب التفاخر، بل من باب التأكيد على أنني نلت العديد من التكريمات التي أقدّرها جميعًا، وفيها اعتراف بمسيرتي ومواقفي. لكنني أؤكد أن التكريمات التي تأتي تقديرًا لهويتي وموقفي وانحيازي الفني والفكري للقضية الفلسطينية هي التي تمس شغاف قلبي. ولعل ذلك أمرٌ مهم، فقد تواجدت لمدة 36 ساعة فقط في القاهرة لحضور التكريم، نظرًا لانشغالاتي الكثيرة، إلا أنني شعرت بالاطمئنان لأهمية حضوري، حتى يكون الموقف الفلسطيني واضحًا في مواجهة تصريحات لا يُفترض بالمثقف قولها. وكما نعلم ما حدث من تصريحات الفنانة إلهام شاهين عندما تحدثت عن حل الدولتين، وأنا أقول إنني مع حل ‘العودتين’؛ عودة الفلسطيني إلى دياره، وعودة المغتصب إلى البلاد التي جاء منها. هذا هو الحل الوحيد، لأن فلسطين، كما قال محمود درويش، كانت تُسمى فلسطين، وصارت تُسمى فلسطين، وليس لها اسم آخر.
التكريمات تتويج للفنان عن جهوده المتواصلة مع الجميع
فيما قال د. جبار جودي نقيب الفنانين العراقيين حول التكريم في المهرجان، وأهمية التكريم عموما بالنسبة للمبدع: تلقيت بسرور خبر تكريمي في مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما، وهو أمر مهم أن يتوج الفنان بين الفينة والأخرى بتكريم هنا وهناك تقديرا لجهوده المتواصلة مع الجميع.
وأضاف «جودي» أما عن تطور فن المونودراما في الوطن العربي: ففن المونودراما في تطور مستمر، لكن لا يزال نظيره العالمي متفوقا عليه، حيث يتم العمل عليها بشكل أكبر وتُبذل جهود أكبر في إنتاج المونودراما على الساحة العالمية. لذلك، علينا ألا نستسهل في تقديم هذا النوع من المسرح.
وتابع «د.جبار»موضحا تقيّمه للمهرجان ودوره في تعزيز هذا النوع من الفنون المسرحية قائلا : مهرجان أيام القاهرة للمونودراما يسهم في تعزيز لطراز مسرحي خاص، وهو المونودراما والذي يعتمد على الممثل الواحد، ويعيد إحياء هذا الفن حيث يفتح المجال للتجارب المتنوعة مما يعزز فرص الابتكار والإبداع . وإذا عدنا إلى الأصل، فإن ثيسبيس Thespis يُعتبر أول من أسس لهذا النوع من الفن فهو كان يقدم مسرحياته وحيدا.
وحول ما إذا كان فن المونودراما قادر على جذب جمهور واسع في ظل المنافسة مع أشكال المسرح الأخرى أشار نقيب الفنانين العراقيين: أظن أن المونودراما قد لا تستطيع جذب جمهور شعبي واسع بمعنى الجمهور الجماهيري الواسع، لأنها تظل مسرحا للنخبة.
د. ملحة عبدالله: الفن لا سقف له ويجب الاستجابة لنداءه في كل زمان ومكان
وعلى جانب آخر أوضحت د.ملحة عبدالله مؤلفة مسرحية سعودية وعضو لجنة التحكيم قائلة:
الفن لا سقف له، ولا يحتاج إلى تردد حين ينادي، فمن واجبنا أن نستجيب لنداء الفن في أي زمان ومكان. هذه هي متعة المبدع، أن يشارك في خدمة الفن دائمًا. الدكتور أسامة رؤوف، شخصية دمثة الأخلاق، مناضل وفنان، ويجب أن نقف إلى جانبه في هذه الاحتفالية، خاصة وأنها دولية. كما أن فن المونودراما يتطلب اهتمامًا كبيرًا وفهمًا عميقًا من الجمهور ومن الصناع في هذا المجال.
وأضافت«عبدالله»، المعايير تختلف بين المسرح التقليدي وفن المونودراما، وبرغم أنني وضعت تعريفاً جامعاً وشاملاً لمفهوم المونودراما ليكون معياراً نقدياً. فالتعريف الذي وضعتُه هو نتيجة دراسة شاملة نُشرت في جريدة «مسرحنا» على مدى ثلاثة أعداد، وهو كالتالي: «المونودراما هي محاكاة لفعل درامي محدد له طول معين، لشخصية واحدة يقدمها ممثل واحد، مستعرضاً أزمة الشخصية تجاه نفسها أو تجاه الآخرين، من خلال المناجاة والجانبية والحوار مع شخصيات افتراضية، ومشفوعاً بألوان التزيين الفني». وهذا التعريف الذي اعتمدته الهيئة العالمية في عام 2013، وأصبح مرجعا في هذا المجال. ومع ذلك، للأسف لا يزال هناك عدم فهم للمعيار النقدي لدى البعض حول مفهوم المونودراما.
وتابعت تتقاطع المونودراما مع العديد من الخطوط العريضة للعرض المسرحي التقليدي، لكنها تنفصل عنه في بعض الخطوط. في المجمل، يُعتبر العرض المسرحي هو نفس العرض، ولكن معاييرها تعتمد على المفهوم المذكور سابقاً.
وحول العروض التي تركت أثراً خاصاً لديها، أكدت قائلة: «كل العروض جيدة، وأغلبها ممتاز، ولكن عرض «العقرب» وعرض «رحيل»كانا رائعين.
واسترسلت، لم نترك توصيات لأن الناس أصبحت تمقت فعل الأمر، ولكن بشكل عام نصيحتي للمبدعين الشباب أولاً، لابد أن يعرفوا أن المونودراما ليست عبارة عن مونولوج أو أزمة سيكودرامية. بل ينبغي أن تحتوي على فعل وصراع وحوار ومحاكاة، وكل مفردات التعريف التي ذكرناها، لأن مفهوم المونودراما لا يزال ناقصاً عند البعض، مما يضعف الفهم العام لها. فهي يجب أن تقوم على فعل يتضمن توتراً وأفق انتظار، وليس مجرد سرد، فالسرد يمثل فعلاً ماضياً، بينما المونودراما تحدث في اللحظة الراهنة. والدليل على ذلك هو استحضار الشخصيات الضدية في الصراع وأدائها وتقمصها. وأخيرا حول تطور هذا الفن في الوطن العربي، فهي نفسها لم نلحظ أي تطور ملحوظ.
حسين العنزي: ركزنا على معايير الحداثة والتطور الذي طرأ على المعالجات والأساليب الإخراجية للعروض المسرحية
وأعرب المخرج والمنتج حسين العنزي عن سعادته قائلا : سعيد باختياري عضواً في لجنة التحكيم مسابقة المونودراما للدورة السابعة من هذا المهرجان العريق. فقد تلقيت خبر اختياري من إدارة المهرجان، ممثلة بمؤسسه ورئيسه الفنان القدير الدكتور أسامة رؤوف، بفرح وارتياح كبير. وحرصت على بذل كل جهدي لوضع آلية فنية قوية لاختيار الأعمال الفائزة بجوائز وشهادات المهرجان.
وعن المعايير التي اعتمدتها في التحكيم، أوضح«العنزي»، ركزت اللجنة على معايير الحداثة والتطور الذي طرأ على المعالجات والأساليب الإخراجية للعروض المسرحية بشكل عام، وعروض المونودراما بشكل خاص. وتم تقييم الأعمال بناءً على مدى مواكبتها لأحدث ما توصل إليه الفنانون العاملون في هذا المجال من كتّاب، مخرجين، ممثلين، وفنيي السينوغرافيا والموسيقى وغيرها من العناصر الفنية.
وحول اختلاف معايير تحكيم عروض المونودراما عن العروض المسرحية التقليدية التي تضم أكثر من ممثل، أكد «حسين» قائلاً: “إن عروض المونودراما عادة تضع ثقلها الرئيسي على الممثل، كونها مسرحية الممثل الواحد. لكن هذا لا يعني إهمال باقي مفردات العرض مثل التأليف، الإخراج، السينوغرافيا، والمؤثرات. بل يجب الاهتمام بها جميعًا، لأنه إذا ضعفت أي من هذه المفردات، فإن العرض كله سيضعف حتماً. وكما ذكرنا، فإن العرض المونودرامي يعتمد أساساً على أداء الممثل بالدرجة الأولى.
وعن العروض التي تركت أثراً خاصاً لديه كمحكم، قال : كل العروض تركت بشكل أو آخر انطباعاً متبايناً، فلكل عرض ميزة وخاصية تفرد بها عن باقي العروض. ولكن، وكما هو الحال في كل مجال، لا يمكن أن تكون جميع العروض على مستوى فني وأدائي واحد، وهذا التباين هو الذي يخلق التنافسية بين العروض. لذلك جاء العرض المسرحي الإسباني «العقرب» متكاملاً شكلاً ومضموناً، حيث قدّم وجبة دسمة في التأليف والإخراج، وتوِّج بأداء مذهل للممثل خوسيه أنطونيو، الذي أبدع في تجسيد عدد من الشخصيات التي قام باستحضارها.
واسترسل، أبرز التوصيات التي ركزنا عليها: الحقيقة رفضنا الخوض في هذا، فكل المشاركين هم زملاء لنا وربما أقدر منا، وبالتالي لا يجوز لنا أن ننصب أنفسنا أوصياء على إبداعهم. لقد اجتهدوا وقدموا ما لديهم، ونحن مجرد متذوقين لما قدموا وأطلقنا أحكامنا وفقاً لتقديراتنا وما لمسناه من تفاعل الجمهور مع كل عرض. فنحن كلجنة تحكيم لا يجوز لنا أن نعلّم الغير كيف يبدع، فكل فنان له طريقته الخاصة في الإبداع، ولسنا أوصياء على إبداعه وفكره.
وحول تطور فن المونودراما خلال السنوات الأخيرة في الوطن العربي، أشار إلى أنه في تطور مستمر. والدليل على ذلك كثرة المهرجانات والملتقيات المتخصصة بهذا الفن المسرحي، حيث يكاد يكون في كل بلد مهرجان للمونودراما أو أكثر. وهذا يعكس شغف المسرحيين والجمهور على حد سواء بهذه المهرجانات، مما يعزز مكانة المونودراما كنوع فني له خصوصيته وأهميته في المشهد المسرحي العربي.
وعن رأيه في المهرجان قال: أستطيع أن أختصره بكلمة واحدة، رائع. المهرجان يتميز بدقة التنظيم والاختيارات المتميزة. لقد بذل القائمون عليه برئاسة الفنان الصديق أسامة رؤوف وكل طاقم عمله جهوداً جبارة، حيث عانوا من تعب وإرهاق خلال متابعة كل تفاصيل المهرجان، من الصباح الباكر حتى ساعة متأخرة من كل ليلة. كي يظهر المهرجان بمنتهى الدقة والتنظيم، ليليق باسم مصر العريقة، بفنها، وحضارتها وأسمها الخالد.
أحمد خميس: الجودة والوعي الدرامي..معياران أساسيان في تحكيم النصوص
وقال الناقد أحمد خميس رئيس مسابقة التأليف للمونودراما حول مشاركته:
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي أشارك فيها في تحكيم نصوص مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما، فقد شاركت في آخر أربع دورات في نفس اللجنة. ولكن المختلف هذه المرة هو كوني رئيسا للمسابقة، حيث أشرفت فقط على اللجنة المحكِّمة للنصوص، وكتبت لهم شروط التسابق من وجهة نظري. كما شاركت معهم في الاتفاق على بعض المعايير في حال الاختلاف على نص معين.
وأضاف« خميس»، أول معيار هو الجودة ومدى وعي المؤلف بأهمية النوع الدرامي، وثانيها مدى قدرته على الإمساك بموضوعه وتطويره بالمنطق الذي يليق بطبيعة الحدث المتناول. كذلك، مدى ارتباط المؤلف ببقية العناصر المكونة لنص درامي كُتب خصيصًا ليؤدى على خشبة المسرح، ومدى إلمامه بالشخصية الدرامية ومكوناتها المختلفة.
وتابع، التوصية الأهم في رأيي هي أن المونودراما فن صعب، ولا يُنصح بدخول المبتدئين فيه إلا إذا كان التناول جاداً وواعياً تمامًا بالنوع وفلسفته. فهو فن لا يسلم نفسه بسهولة إلا لمن يدرك تماماً حساسيته، ويحتاج إلى خبرة وحنكة كبيرة لا تُكتسب إلا من خلال تجربة مسرحية مهمة.
وحول مدى ملائمة النصوص التي شاركت في التسابق وفن المونودراما أوضح الناقد أحمد خميس قائلا: بالطبع، كانت النصوص المشاركة هذا العام مهتمة بالنوع الدرامي، حيث تقدّم للمسابقة أكثر من 60 نصاً من معظم الدول العربية. أما تطوير فن المونودراما فهو شأن آخر، يمكن مناقشته ضمن ندوات أو محاضرات تُقام خصيصاً لهذا الغرض.
واسترسل، حدث أمر مهم للغاية في هذه الدورة من عمر المهرجان، إذ تم عقد اجتماع بين مؤسسي بعض مهرجانات المونودراما لمناقشة سبل التعاون في المستقبل. وتم الإعلان عن تأسيس اتحاد بينهم، وهي خطوة مهمة للغاية ستسهم في تعزيز التعاون وتطوير فن المونودراما على المستويات العربية والدولية.
أنور الشعافي: مسابقة التأليف للمونودراما تفتح آفاق جديدة للمبدعين وتدعم الذاكرة الفنية
فيما أشار المسرحي التونسي الكبير أنور الشعافي عضو لجنة تحكيم مسابقة التأليف قائلا : في البداية أوجّه تحية تقدير للأصدقاء الساهرين على هذا المهرجان وأخص بالذكر الناقد المتألّق أحمد خميس الحكيم الذي اقترحني لعضوية لجنة تحكيم مسابقة التأليف للنصوص المونودرامية، تشرفت و سُعدت بالتعرف غلى زملاء أجلّاء في غاية الموضوعية و المعرفة.
وأضاف «الشعافي»، لقد بدأ المسرح مونودراميا مع ثسبيس قبل أن يضيف اسخيلوس الممثل الثاني فظهر الحوار. أما عن المعايير التي تعتمدها لجنة التحكيم عند تقييم نصوص المونودراما، الإبداع و طرافة الفكرة و التمكن من تقنيات الكتابة لهذا النوع المسرحي الصعب، كتابة و تمثيلا و إخراجا فالإيقاع العام للعرض يتطلب سيطرة على المسار و النسق حتى لا يسقط في الرتابة و التقريرية. كانت هذه مقاييسنا التي استندنا إليها و هنا أشير إلى المناخ الديموقراطي الذي ساد عملية التقييم و قبول الاختلاف.
وتابع أن التحديات الرئيسية التي تواجه الكتاب عند كتابة نصوص المونودراما تتمثل في أن فعل الكتابة بشكل عام يستنزف روح وطاقة الكاتب. وفي المسرح، تكون المسألة أكثر دقة، لأن الكتابة الدرامية تتطلب اشتغالاً على التفاصيل، وإعلاء الكاتب لروحه ومهجته لشخصياته حتى يعيش حياتها. في المونودراما، لا يكون أمام الكاتب سوى شخصية وحيدة يجب أن تتمثل الفكرة والموضوع بشمولية وصدق لا يتحقق إلا بالولوج إلى عمقها. الكتابة للمونودراما تتطلب الوعي بتقنياتها: التشخيص، والتنقل السلس بين أكثر من شخصية بتقنية البناء، التفكيك ثم إعادة البناء، والسرد أحيانًا.
واسترسل في حديثه أنا عن دور المونودراما في توصيل القضايا المجتمعية والسياسية والإنسانية: فهي، باعتبارها علاقة بين شخص واحد ‘ممثل واحد’ ومجموعة من الأشخاص ‘المتفرجين’، يكون التفاعل أكثر مباشرة، حيث لا يتشتت الخطاب بين شخصيات المسرحية كما هو الحال في المسرح الجماعي. وخلال هذه الدورة، وجدت مسرحيات ملتصقة بالراهن، أي هنا والآن، تناولت مواضيع متنوعة سواء كانت اجتماعية أو سياسية.
وحول الدور الذي تلعبه مثل هذه المسابقات في دعم الكتّاب والمبدعين الجدد، أشار إلى أن هذه المسابقات تمثل حافزًا ودعمًا للكتاب الجدد، حيث تخرجهم أولًا من الظل إلى النور، وتلفت الانتباه إليهم، وتمنحهم بوصلة يهتدون بها إلى الطريق الصحيح. يُعتبر مهرجان القاهرة للمونودراما تظاهرة جدية بمشروع جاد، ومسابقات النصوص تعيد الاعتبار للنص في عصرنا الرقمي، لأن العرض زائل لكن النص باقي. فأين عروض يوريبيد وسفوكليس؟ لقد ذهبت لكن بقيت نصوص “ميديا” و”أوديب”، ولم يبقَ من عروض شكسبير سوى نصوصه، مثل “هاملت” و”ماكبث” وغيرها. لذلك، فإن مسابقة النصوص تعد حفظاً للذاكرة وتأسيساً لمدوّة ‘ريبيرتوار’.
وأردف: نعم، تتوفر بفضل مثل هذه التظاهرات فرص لكتّاب هذا النوع. وكما ذكرت، توجد في دورة هذا العام مواهب لافتة قادرة على الأفضل وإضافة للمدونة النصية في مصر وكامل المنطقة العربية.
وعن توصياتي لكتّاب المونودراما بشكل عام: اجنحوا بخيالكم ولا تكبحوا أقلامكم الجامحة شكلاً ومضموناً، وانسوا عبارة ‘هذا لا يُحوز’ فالتاريخ لا يخلّد سوى المنزاحين عن السائد والمبتكرين الذين لا تصطف أقلامهم في طاحونة المسرح المعتاد.
وعن مقترحاته لتطوير مسابقة نصوص المونودراما أوضح أنه يجب أن يستند الكتاب في الكتابة إلى مختلف الجماليات. مضيفا، فالمسرح في العالم يتطور يوماً بعد يوم، ولا بد أن نكتب في كل الأنواع دون إقصاء، إذ لم يعد المسرح الأرسطي هو المرجع الوحيد. لقد شهدنا ما بعد الدرامي، والآن نشهد ما بعد بعده، أي الدراما الجديدة. إذا أردنا أن نتطور، يجب أن نبتعد عن دكتاتورية النوع وإرساء ‘ديموقراطية جمالية’.
د. محمود سعيد: واجب المشاركة في مهرجان بلدي هو شرف لكل محب للمسرح ووطني
فيما قال د. محمود سعيد ناقد فني وعضو لجنة مسابقة النصوص:
أولًا، طلب مني الصديق والناقد أحمد خميس أن أنضم إلى لجنة التحكيم لنصوص المونودراما في المهرجان. أكيد لا يمكن رفض طلب مثل هذا، لأن هذا مهرجان بلدي، وأي مشاركة تخص بلدي تُعد واجباً قوميا وشرفاً ليس بعده شرف. كما تواصل معي الصديق د. أسامة رؤوف ليشكرني على قبول المشاركة، فكان ردي له: ‘يا دكتور، هذا واجب على كل عاشق للمسرح ومحب لوطنه مصر.
وأضاف«سعيد»، أهم معايير الاختيار هي معرفة الكاتب بمفردات وأساسية الكتابة المونودرامية ومتطلباتها، والوعي بأهمية السرد والتفريق بين السرد والحكي. والأهم من ذلك، معرفة أصول الكتابة للمونودراما ورسم الشخصية بشكل يلبي متطلبات الشخصية المونودرامية.
وتابع «محمود»، عن الدور الذي تلعبه المسابقة لدعم الكتاب الجدد قائلا: بكل تأكيد، أي تسابق ينتج إبداعاً جديداً وجاداً. فالمشاركة والإقدام عليها داخل المسابقة تُعد خطوة مميزة نحو مراحل أكثر تطوراً لأي كاتب. بعيدًا عن مسألة الفوز في المسابقة، لأن الفوز في أي مسابقة لا يعد مقياسًا لنجاح تجربة كاتب أو فشل تجربة من لم يفز. الأهم هو التسابق والمشاركة، ذاك يعلي من شأن الكاتب ويصقل خبراته ويزيد من مفردات لعبته المسرحية.
وعن أهم التحديات التي تواجه كاتب المونودراما أشار الناقد محمود سعيد موضحا: تعج المونودراما بفعل السرد والحكي، إلا سردا ينطلق بفعل الحركة والبوح والتجلي، حيث حضور الصوت الواحد وتداعياته. فنحن أمام طقس كتابي مختلف متحولا من فضاء الجمع إلى فضاء الفرد، الذي يستدعى محملاً بالعوالم والأسماء والأفعال والحركات. كل ذلك لابد أن يتجلى في تكوين نص مونودرامي في حالات من التقاطع المستمر بين السارد والحكواتي. إلا أن الكاتب يبقى متفرداً بلغته وتكوينه الكتابي. المونودراما هي ببساطة فن القبض على اللحظة، كما قال العراب الكاتب السعودي فهد الحارثي.
و استرسل: هي كغيرها من الأنواع الفنية، تحمل بالتأكيد العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والإنسانية. إذ لا يوجد نص لا يحمل مثل هذه القضايا ويضمنها داخل رؤيته ومحتواه بشكل أو بآخر.
وعن تطور فن المونودراما أشار: أجد أن هناك تطور مستمر مع كثرة المهرجانات في شتى ربوع العالم العربي. إلا أنني أعترض على نقطة مهمة، وهي وضع مسابقة للمونودراما داخل مهرجان لا يخص المونودراما، وكأنها جاءت على الهامش، وهذا يقلل من شأنها. لكن اللعبة متطورة ومستمرّة، وأصبح لدينا عربياً كتّاب ومخرجون وممثلون لهم باع كبير في مجال المونودراما.
وفي النهاية أوصي الجيل الجديد بالقراءة ثم القراءة، وحضور العروض بانتظام، والاستفادة من تجارب الآخرين قدر الإمكان.
حمد الظنحاني: شرف لي أن أكون في لجنة تحكيم المسابقة .. فالمونودراما منصة حيوية للأفكار الإبداعية
فيما أضاف المؤلف المسرحي حمد الظنحاني عضو لجنة تحكيم مسابقة التأليف قائلا: في البداية، يشرفني أن أشارك كعضو لجنة تحكيم في مسابقة نصوص المونودراما ضمن مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما. هذه المسابقة تعد منصة هامة تتيح للمؤلفين فرصة عرض أفكارهم وتجاربهم من خلال هذا النوع المسرحي الفريد. المونودراما تعتمد بشكل أساسي على قدرة النص على التواصل المباشر مع الجمهور من خلال شخصية واحدة، وهو تحدٍ كبير يتطلب تركيزاً على الدراما الداخلية والتعمق في الشخصيات.
وأضاف«الظنحاني»، بالنسبة للمعايير التي نعتمدها في لجنة التحكيم، فإننا نولي أهمية كبيرة لبنية النص وجودة الحوار. كذلك نركز على قدرة النص على تقديم حبكة متكاملة رغم اعتماده على شخصية واحدة، بالإضافة إلى التفكير في كيفية نقل مشاعر وأفكار تلك الشخصية بشكل جذاب ومؤثر، وكذلك الإبداع في تقديم موضوعات جديدة ومعالجتها بأسلوب مبتكر يمثل عنصراً حاسماً في التقييم.
وتابع، أما التحديات التي يواجهها الكتّاب في كتابة نصوص المونودراما، فتكمن في كيفية الحفاظ على تفاعل الجمهور طوال مدة العرض، النص يجب أن يكون مشوقاً ومؤثراً دون الشعور بالرتابة، خاصة وأن المؤلف يعتمد فقط على شخصية واحدة لنقل كل الأفكار والمشاعر. التحدي الآخر هو إيجاد توازن بين النص المسرحي والتأمل الشخصي للشخصية.
وعن دور المونودراما في توصيل القضايا المجتمعية والسياسية والإنسانية أكد «حمد» قائلا: مهم للغاية. إنها وسيلة تعبير مباشرة وقوية تجعل الجمهور يتفاعل مع الشخصية الفردية التي تعكس تجربة أكبر، سواء كانت اجتماعية، سياسية، أو إنسانية. من خلال شخصية واحدة، يمكن تسليط الضوء على قضايا هامة وشخصية قد تمثل مشاعر وأفكار مجتمعات بأكملها.
وتابع، المسابقات مثل هذه تسهم بشكل كبير في دعم الكتاب والمبدعين الجدد من خلال منحهم فرصة للتعرف على أعمالهم وتقديمها للجمهور والنقاد. كذلك، هذه المنصات تساعد على اكتشاف مبدعين جدد وإثراء الساحة المسرحية. النصيحة التي أود توجيهها للكتّاب الشباب هي التركيز على الشخصية وتعمقها النفسي، والعمل على خلق تواصل مباشر مع الجمهور عبر النص، بالإضافة إلى الابتعاد عن التكرار، والإبداع في الطرح.
وحول فن المونودراما في مصر والوطن العربي، فهناك تزايد في الاهتمام به في المهرجانات والفعاليات المسرحية فلدينا الفجيرة الدولي للمونودراما، وهناك العديد من المهرجانات الخاصة بالمونودراما على مستوى الوطن العربي . أعتقد أن هذا الفن يتطور، ولكن لا يزال هناك مجال كبير لتقديم نصوص أكثر تنوعاً وجرأة.
وعن مقترحاته للمهرجان، أعتقد أنه يجب تعزيز التواصل بين المبدعين والجمهور والنقاد بشكل أكبر، وزيادة الدعم للكتّاب الجدد من خلال ورش عمل وفعاليات تفاعلية. كما يمكن أن تُطور مسابقة نصوص المونودراما بتقديم جوائز إضافية مثل أفضل نص يُنفذ على خشبة المسرح، مما سيشجع الكتّاب على تقديم نصوص قابلة للتنفيذ المسرحي بشكل أكثر احترافية.
سامح مجاهد: المعايير تتطلب رؤية إخراجية متسقة مع السينوغرافيا وإتقان جميع عناصر العمل الفني
بينما قال الفنان سامح مجاهد مدير مسرح الغد وعضو لجنة النقاد:
إن أول المعايير هو التعامل المغاير مع فضاء قاعة الغد، حيث تُعتبر فضاءً مسرحياً غير تقليدي. ثانياً، يتطلب الأمر اتساق الرؤية الإخراجية مع السينوغرافيا الخاصة بكل عرض، مما يتيح طرحًا غير تقليدي يمكّن المخرج من التحليق بخياله لصنع صورة بصريّة وتشكيلية تتسم بالجدة والاختلاف، مع الحفاظ على مبررات وأسباب هذا الاختلاف الفني. المعيار الثالث هو إتقان كل عناصر العمل الفني بما يتوافق مع رؤية النص المكتوب ونص العرض.
وأضاف «مجاهد»، عن التوصيات، فبعضها تشمل ضرورة الحفاظ على ضبط اللغة العربية، ووجود ترجمة مصاحبة للعروض إن أمكن. كما أوصي بالاهتمام بوجود وسيلة دعاية لكل عرض للتعريف بمبدعي العروض. من المهم أيضًا الحفاظ على طبيعة عروض المونودراما المتعارف عليها، وعدم الخلط بين مشاريع التخرج وفن الحكي، والستاند أب، وغيرها من الأشكال الفنية.
وحول ما إذا كان هناك أزمة نقد أشار قائلا: من وجهة نظري المتواضعة، لا توجد أزمة نقد على الإطلاق، فهناك العديد من الأقلام المتخصصة التي تثري الحركة المسرحية بإبداعها النقدي ودراساتها النظرية، مما يفتح آفاقًا جديدة للشباب والدارسين والمشتغلين بفن المسرح. إذا كانت هناك أزمة، فهي تكمن في عدم الاطلاع والقراءة، رغم سهولة الوصول إلى المعلومات في الوقت الحالي، وذلك بفضل التطور التكنولوجي الذي ساهم بشكل جلي في الحصول على أدق المعلومات بسرعة دون عناء.
إكرام عزوز: من توصياتنا ضرورة التفريق بين فن ستاند أب كوميدي، المونودراما ، والمونولوج
قال الفنان إكرام عزوز رئيس المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج حول عضوية لجنة النقاد بمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما: إنه يأتي في إطار التعاون بين هيئات مهرجانات مختصة، كما كان الدكتور أسامة رؤوف مكرم في الدورة السادسة بمهرجان المونودراما بقرطاج. لقد أضاف لنا من خلال الندوة والورشة، وأنا أيضاً ساهمت بما أتيت في إطار مسابقة النقاد في المهرجان.
وأضاف«عزوز»، وفي توصيات اللجنة، كنا نشدد كثيراً على أهمية أن يكون الممثل متمكناً، لأن المونودراما تجربة الممثل الواحد بدون ان يكون بجانبه أصوات أخرى وممثلين يرفعوا عنه التركيز ليتمكن المتفرج من الاستمتاع بأكثر من ممثل وطريقة أداء درامية وكراكتر . لذا، فإن قدرة الممثل على جذب الانتباه تعتبر من أهم المعايير. وبالنسبة لنا، فإن تناسق مكونات العرض يعتبر أمراً هاماً للغاية. البكائيات التي لا تضيف طابعاً جمالياً تكون مرفوضة. ومن الضروري أن تتناغم الإضاءة والسينوغرافيا مع روح العمل وطريقة انجاز هذه المونودراما في هذا الوقت المحدد، وفي هذا الفضاء بالذات. خاصة أن الفضاء في مسرح الغد كان غير تقليدي، مما يتطلب دراية وحساً مختلفين عن التعامل مع العلبة الإيطالية. أيضاً، يجب أن يكون النص ليس مجرد مونولوج، بل عملا متكاملا بقصته وكل تفاصيله.
التوصيات في هذه الدورة أكدت على ضرورة التفريق بين فن «ستاند أب كوميدي»، «One Man Show”، والمونولوج، حتى يُعطى فن المونودراما حقه كعرض متكامل. كما نؤكد دائماً على احترام قواعد اللغة العربية الفصحى. بالإضافة إلى ضرورة وجود نوع من “التباعدية”، لأن هذه الأعمال تحتاج إلى أن يأخذ المتفرج متنفساً بين اللحظة والأخرى، ليتذكر من خلال أداء الممثل أنه يجسد شخصية وأن هناك قضية تُطرح. المسألة ليست التقمص كما في التلفزيون أو السينما، بل نحن أمام اللعب الدرامي بمفهوم “اللعب الدرامي”، الذي يجمع بين التباعدية والأداء والتقمص، ولمَ لا؟ قد نرى أيضا من تركيب شخصيات عند الحديث عن الشخصيات المساعدة الموجودة في نص العمل.
وتابع عن أهمية المسابقات، فالمسابقات وإن كنا لا نراها مجرد وسيلة لاختيار الأفضل، فهي في الحقيقة فرصة لتبادل التجارب حيث نلتقي لنرتقي. هي مساحة لرؤية هذا الفن في إطار أبحاثه التجريبية وتطويره، خصوصاً أننا نعيش في عصر التكنولوجيا والفرجة الحية التي اختلفت في تأثيراتها على الجمهور عن الفرجة الحية سابقا. الجمهور اليوم متأثر بما يجري على مستوى الإنترنت، التلفزيون، والمنصات الرقمية، وكذلك بأساليب التلقي المختلفة.
واسترسل، لدينا فن المونودراما الذي يعتمد أساساً على حب الجمهور لشخص الممثل، الذي يأتي للاستمتاع بأدائه. ولخلق هذا الاستمتاع، يجب تطوير آليات العمل المسرحي المونودرامي، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا النوع من الأعمال قابل للترويج دولياً. وعند ترويجه، من الأفضل مراعاة خصوصية كل بلد نزوره، وتقديم عرض بروح يمكن أن يتقبلها ذلك المجتمع، سواء كان شرقيا أو غريباً.
وعلى جانب آخر فيما يتعلق بتطور فن المونودراما في الوطن العربي، فالتجربة المونودرامية تطورت في الوطن العربي بشكل كبير، حيث كانت بداياتها في الخمسينيات تعتمد على محاولات فردية من بعض الممثلين الرواد، وأحيانًا اقتباساً عن أعمال عالمية. وفي الأربعينيات والخمسينيات ظهرت تجارب فردية، لكن في السبعينيات بدأت حركة شبه مونودراما في المغرب العربي والمشرق، وكان من المتميز تشكيل رابطة لهؤلاء المونودراميين. وبعد التسعينيات، شهدت التجربة نهضة جديدة بفضل كتابات متميزة لبعض الكتاب والمخرجين في العراق، مصر، تونس، المغرب، الجزائر، وليبيا. وبدأت الرؤية تتضح أكثر حول فن المونودراما في الوطن العربي، ويقدم فيه أعمال مهمة تحدث أثرا جميلا في عدة دول عربية. على سبيل المثال، في الجزائر، تُقام عروض مونودرامية جديدة في كل ليلة خلال شهر رمضان، مما يعكس حركة مونودرامية محترمة جدًا في العالم العربي.
وأكمل مشيرا لأهمية تشكيل اتحاد دولي لمهرجانات المونودراما في العالم، مضيفا :هو مبادرة جميلة جداً اقترحها مهرجان أيام القاهرة، وأشعر أننا في الطريق الصحيح، لأن معظم هذه المهرجانات، نظراً لتخصصها، تعاني من بعض العراقيل والمصاعب كونها ليست ترفيهية بنسبة 100?. فجمهورها يتكون بشكل كبير من محبي المسرح والتجربة المسرحية. لذلك، أرى أن الاتحاد سيسهم في تطوير عملية الاختيار والفرز للأعمال، إضافة إلى اقتراح فعاليات أو ورش على بعضنا البعض لتطوير التجربة المونودرامية في العالم.
وفي النهاية سعيد بالدكتور أسامة وفريقه على تطوير المهرجان من دورة لأخرى، وهذه الدورة أفضل لأن تطوير المهرجانات هو ما يصنع الصورة الجميلة المستقبلية التي نريدها للمونودراما في الوطن العربي. هذه الدورة تميزت بمنصة الحكواتي والصعيد، بالإضافة إلى مسابقتين: الدولية والنقاد، ولكل منهما فلسفته الخاصة. لذلك، كانت هذه الدورة متميزة وأتمنى المزيد من التألق لهذا المهرجان الذي يقدم الكثير لفن المونودراما في الوطن العربي.
فيما أوضحت الفنانة أبا خادم الله، مديرة مهرجان بوجدور الدولي للمونودراما النسائي المعايير التي تتبعها قائلة: إن الجودة هي المعيار الأساسي في تقييم جميع العروض في المسابقة، وكان هذا في الحقيقة قراراً من جميع أعضاء اللجنة، وأيضاً توصية من رئيس المهرجان أن نختار العروض بناءً على جودتها وعلى أساس ملامستها للواقع الإنساني في إطار فني خالص. حيث أن فن المونودراما يعتمد على الممثل الواحد، بشرط أن يكون خلفه فريق عمل متكامل من إخراج، تمثيل، تأليف، وتقنيات مختلفة، وجميعهم يجب أن يكونوا على مستوى عالٍ من الإتقان، لأن هذا الفن ليس عادياً، بل هو فن الأداء الفردي الذي يتطلب قدرات استثنائية من كل العاملين فيه.
وأضافت «خادم الله»، بخصوص قبول عضوية اللجنة، الدكتور أسامة رؤوف كان يعمل على التحضير لهذه اللجنة منذ فترة طويلة قبل بدء المهرجان، وفعلاً تواصل معي، وكان لي شرف كبير أن أكون عضوًا في لجنة تحكيم مهرجان مهم للمونودراما في الوطن العربي. وبالطبع، كان من دواعي سروري أن أقبل كوني عضوًا في لجنة تحكيم مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما.
أما بخصوص التوصيات، لم تكن هناك توصيات كثيرة، حيث كان مستوى العروض جيداً. التوصيات الموجودة لا تذكر، منها أن الممثل أحيانًا يميل نحو الحكي في بعض العروض، وأحياناً يقع في بعض الرتابة نتيجة الإسهاب في الحوار. لكن بشكل عام، كان المستوى جيداً جداً، وأرجو أن تكون النتائج التي أعلنت متناسبة مع هذه الطاقات الجيدة التي شاهدناها.
واسترسلت: المسابقات بالطبع تنشط فن المونودراما، وأعتقد أن وجود مهرجان للمونودراما في أي بقعة من العالم يعزز إنتاج أعمال جديدة لهذا الفن. وبالتالي، المسابقات تلعب دورًا مهمًا في انتشار فن المونودراما.
وعن تقييمها للمهرجان أردفت قائلة: رأيي في مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما إيجابي جداً، والدليل على ذلك أنني موجودة هنا في القاهرة الآن. فالمهرجان حقق خطوات بارعة وأصبح من أهم المهرجانات في الوطن العربي وربما العالم، والجميع يتوقون للمشاركة فيه من جميع أنحاء العالم. وجودنا والتعاون بيننا يُعدّ شيئاً مبشراً بنتائج جيدة في المستقبل. وقد أسس الدكتور أسامة رؤوف فكرة إنشاء اتحاد دولي لمهرجانات المونودراما، وأعتقد أن هذا الاتحاد سوف يعزز العلاقات بين مهرجانات المونودراما حول العالم، مما سيؤدي إلى تعاون كبير تحت إدارته وإدارة القاهرة.
أما د. عمر فرج أ.د/ عمر فرج أستاذ الدراما والنقد ورئيس قسم المسرح والدراما بكلية الآداب جامعة بني سويف وعضو لجنة المشاهدة والاختيار فبدأ حديثه قائلا: قبولي لعضوية لجنة المشاهدة يُعتبر واجباً عليّ، كوني رئيس قسم المسرح والدراما بكلية الآداب في جامعة بني سويف. هذا هو عملي، سواء في النقد أو الدراما أو التمثيل والإخراج. بالإضافة إلى كوني عضوًا في نقابة المهن التمثيلية، فإنه من الطبيعي أن أشارك في المحافل الدولية. عندما عرض د. أسامة رؤوف الأمر عليّ، لم أتردد. كنت عضواً في لجنة المشاهدة العام الماضي، وكذلك هذا العام. نفخر ونتشرف بالمشاركة في مهرجانات مصرية دولية، وفي مثل هذا المهرجان.
وأوضح «فرج» أن معايير اختيار العروض في المهرجان تعتمد أساسًا على جودة النص أو العرض المونودرامي، بحيث يكون شاملاً لجميع عناصر العرض ومعبراً عن قضية مهمة، دون ابتذال أو تجاوز للمعايير الاجتماعية. كما أشار إلى أهمية التمثيل الجيد، حتى لايضيع الممثل حق المؤلف، ويجب أن يكون لدى المخرج القدرة على توظيف باقي عناصر العرض مثل الديكور والإضاءة لخدمة النص.
وأضاف أن العروض التي ربما تثير الجدل ترفض خاصة التي تتنافى مع العادات والتقاليد، وإذا كانت تتناول السياسة أو الجنس أو الدين بشكل صريح، أو أي موضوعات غير منطقية، فنراعي عادتنا والشروط التي تتبعها الرقابة على المصنفات والمتعارف عليها. هناك درجة من القبول ولا تتعارض مع حرية الرأي والتعبير وأن تكون موضوعات تخدم المجتمع سواء المصري أو العربي أو العالمي.
كما أوضح أن الأعمال المسرحية لا تُقيَّم بناءً على الحوار فقط، بل تعتمد أيضا على الحركة والإشارات التي تعبر عن مشاعر وأفكار عميقة، مشيرا إلى أن الأداء الجسدي للممثل له دور كبير، خاصة في عروض المونودراما.
وأكد في ختام حديثه على أهمية المهرجان ودوره في المسرح المصري والعربي، مشيرًا إلى أنه سيشهد تطورًا في الدورات القادمة بفضل الإقبال الكبير من الفرق، كما أنه يُعد فرصة للفرق ذات الإمكانيات المحدودة نظرًا لقلة التكلفة مقارنة بالعروض المسرحية التقليدية مما يجعلها إضافة للمسرح المصري والعربي والدولي.
أما المخرج محمد حجاج عضو لجنة المشاهدة والاختيار فأشار قائلا:
بخصوص قبول عضوية لجنة المشاهدة، أود أن أقول إنني عندما أجد عملاً جاداً ينتمي إلى مهرجان جاد وله هوية واضحة، ويعمل بجهد كبير. من الرائع أن أكون شريكاً في هذا النجاح، وقد تشرفت بعضوية اللجنة لأكثر من عام، وآمل أن نستمر.
وأضاف«حجاج»، المعايير التي نعتمد عليها في اختيار العروض تشمل مجموعة متنوعة من العناصر، حيث نستعرض عروضاً من مختلف أنحاء العالم تتميز بتنوع كبير بين العروض الحركية وعروض الكلمة وأشكال متعددة من المونودراما. في الحقيقة، لدينا معيار واحد أساسي، وهو أن يكون العمل متكاملًا ويقدم فكرة واضحة عن ثقافات مغايرة. كما يجب أن يعكس أشكالًا فنية جديدة ومختلفة. بالتالي، سيكون العرض النهائي جيدًا ويستحق المشاهدة هنا في مصر.
وتابع، بالنسبة للعروض المثيرة للجدل والتي تتعارض مع ثقافتنا، نحن دائمًا نختار العروض التي تناسب هويتنا وتقاليدنا، ويجب أن تكون أيضًا على مستوى فني راقٍ وقوي. لذا، فإن العروض التي تثير الجدل وتخرج عن التقاليد والأعراف والثقافة والهُوية المصرية لا تحظى باهتمام المهرجان.
وحول العناصر التي يتم التركيز عليها أثناء المشاهدة أكد موضحا: بالطبع، نحن نأخذ في الاعتبار جميع عناصر العمل الفني أثناء المشاهدة، حيث لا يقتصر التركيز فقط على الممثل. يجب أن يكون هناك مخرج جيد، ومهندس ديكور متميز، ونص قوي، حيث تؤثر كل هذه العناصر على أداء الممثل بشكل كبير. لذا، ننظر إلى العمل بشكل متكامل أثناء عملية الاختيار.
وفي النهاية، تقييمي للمهرجان هو أنه يخطو خطوات واسعة عاماً بعد عام ويحقق نجاحاً دولياً كبيراً. يتضح ذلك من خلال مستوى التكريمات، ومستوى الضيوف، وحجم العروض المقدمة. مما يُظهر أن المهرجان أصبح واحداً من المهرجانات المهمة في المنطقة العربية.