العدد 900 صدر بتاريخ 25نوفمبر2024
في خضم تسارع وتيرة التطور التكنولوجي، يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد أبرز الاتجاهات الحديثة التي تُعيد تشكيل ملامح الفنون والإبداع. ومع تزايد الاعتماد على هذه التقنيات في مختلف الصناعات، يثور التساؤل حول إمكانية أن تحل هذه التكنولوجيا محل الكتاب المبدعين، أم ستظل مجرد أداة تدعم وتعزز العملية الإبداعية؟
تتناول هذه القضية أسئلة جوهرية تتعلق بطبيعة الإبداع الأدبي والفني، حيث يسعى هذا التحقيق لاستكشاف إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة النصوص المسرحية. هل يمكن لهذا النظام أن يستوعب العمق الإنساني ويعبّر عن أفكار فلسفية تعكس ما قدمه عمالقة الأدب مثل شكسبير وكامو؟ وما هي الحدود التي قد تواجه هذا النظام في تجسيد التجارب الإنسانية الغنية والمعقدة؟
كما يتناول التحقيق كيفية استجابة النقاد والمخرجين للنصوص التي تُنتجها الآلات، وما إذا كان يمكن للجمهور تقبل أعمال يصعب تحديد هويتها الإبداعية. هل يمكن دمج الذكاء الاصطناعي مع الإبداع البشري بشكل تكاملي، ليصبح وسيلة لتطوير النصوص وتجديد المسرح، بدلاً من كونه بديلاً للكتاب المبدعين؟
الممثل والمسرح
يتناول المخرج أحمد السيد دور الكاتب في المسرح، حيث يطرح تساؤلات هامة تتعلق بمكانة الكتابة في الفنون المسرحية المعاصرة. يرى أحمد أنه في مجالات مثل المسرح الراقص والحركي والغنائي، يمكن الاستغناء عن الكتاب كعنصر أساسي. يعود ذلك إلى أن المسرح قد نشأ منذ القدم كمنصة تجمع بين الممثل والجمهور، حيث يُعتبر الممثل العنصر الرئيسي القادر على تقديم الموضوعات والأفكار بطريقة تُعبر عن التجربة الإنسانية.
الذكاء الاصطناعي كأداة
يُبرز أحمد السيد دور الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة في الإنتاج المسرحي، لكنه يشدد على أنه لا يمكن أن يحل محل الكاتب أو المبدع. يُعبر عن قلقه الأخلاقي بشأن الاقتباس والانتحال، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى القدرة على نقل المشاعر والأحاسيس التي تُميز الإبداع البشري.
تأثير الذكاء الاصطناعي
على الرغم من ذلك، يعتقد أحمد السيد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحسن من بعض العروض الضعيفة، حيث يوفر وسيلة لتحسين الأداء الفني. ومع ذلك، يبقى ضمن نطاق النسخ والتقليد، وليس الإبداع. يُشير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في المسرح قد يُخفف من البيروقراطية المرتبطة بإنتاج العروض، مما يُسهل العمل الإبداعي.
الجانب الأخلاقي
وفيما يتعلق بالجانب الأخلاقي، يؤكد أحمد السيد على أهمية الإشارة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في عناصر العرض. تعكس هذه النقطة ضرورة الاعتراف بدور الإبداع البشري، حيث تظل الحاجة إلى الفن الذي يتفاعل مع المشاعر والتجارب الإنسانية قائمة.
يختتم أحمد السيد برؤية مستقبلية، مُشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل عنصرًا مهمًا في مستقبل المسرح، لكنه لن يغني عن الإبداع البشري. فالتفاعل البشري والمشاعر الفريدة هي التي تجعل من المسرح تجربة مؤثرة لا تُنسى، وتمنح الفن القدرة على التأثير العميق في الجمهور.
رؤى النقاد حول الذكاء الاصطناعي والفن
وتقدم الناقدة ليليت فهمي تحليلاً معمقاً لعلاقة الفن بالذكاء الاصطناعي، مُشيرة إلى أن الفن الجيد والفريد نادر، وهذا لا جدال فيه. في مقابل ذلك، نجد وفرة من الأعمال المعاد إنتاجها والمستنسخة، التي تتسم بالتكرار وعدم التجديد. وترى فهمي أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدراته المتزايدة، لا يمكنه أن يتجاوز هذه الحلقة المفرغة من الاستنساخ.
الاستنساخ والفن
ترى فهمي أن ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي هو ببساطة إنتاج نسخ منضبطة تشبه نماذج فريدة، لكنها في النهاية تفتقر إلى الأصالة. يتسم الذكاء الاصطناعي بإمكانية توفير مجموعة من النسخ الجيدة، إلا أن هذه النسخ تبقى محكومة بتعريفات ومعايير معينة، مما يجعلها بعيدة عن التجربة الإنسانية الغنية التي يمثلها الفن الحقيقي.
مفهوم “القرين»
تستعين الناقدة بمصطلح “القرين” الذي استخدمه الكاتب الفرنسي أنتونين آرتو، لتوضيح فكرة وجود إنتاج فني دائم ومتكرر يمثل قصوراً فنياً. تُعبر عن هذا الإنتاج كقرين غير حقيقي للعمل الفني الأكثر جمالاً وعمقاً. ويعكس هذا المفهوم مدى انفصال الأعمال الناتجة عن الذكاء الاصطناعي عن الجماليات الأصيلة، حيث تمثل هذه النسخ تجارب سطحية قد لا تُلبي الحاجة الحقيقية للجمال.
الحاجة إلى الإبداع الفريد
تشدد فهمي على أنه لا يوجد خطر حقيقي يهدد الإبداع الإنساني من هذا النوع من الاستنساخ. فالبشر لا يزالون بحاجة إلى الفن الذي يُزعزع وجودهم ويدعوهم للتفكير والتأمل. إن الإبداع الفريد هو الذي يبحث في جوهر التجربة الإنسانية، ويعبر عن الأبعاد العميقة لوجود الإنسان وما يمكن أن نسميه «الجرح الإنساني القديم». وبالتالي، يبقى للفن الأصيل القدرة على التأثير وإحداث التحول، حتى وإن تم تقليله أو تجاهله في بعض الأحيان.
تفاعل النقاد والمخرجين
أما بخصوص كيفية تعامل النقاد والمخرجين مع الأعمال التي تُنتجها الذكاء الاصطناعي، فتوضح فهمي أن التجارب السابقة تشير إلى إمكانية تعرضهم للخداع بكونهم بشراً، ولكن بمجرد ظهور عمل فني أصيل، ستبرز الحدود الفاصلة بين الابتكار الحقيقي والاستنساخ. تؤمن بأن الحاجة إلى الفن الفريد ستظل قائمة، حتى لو قوبل هذا الفن بالرفض أو الإهمال.
العمق الإنساني والتعبير الفلسفي… حدود الذكاء الاصطناعي
يجيب المخرج يوسف المنصور بثقة قائلاً: «لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيُستخدم كأداة لكتابة النصوص بشكل كامل. لكن من المؤكد أنه سيلعب دوراً في توليد الأفكار وتقديم معلومات تاريخية واجتماعية تدعم الكاتب، لكنه لا يستطيع أن يتملك الإحساس واللغة التي يتميز بها الكاتب البشري.» ويضيف: «الذكاء الاصطناعي أشبه بآلة؛ قادر على جمع الثقافات والمعلومات، لكنه يفتقر لروح الكاتب التي تضفي عمقاً على النصوص.»
يطرح المنصور رؤية واقعية حول قدرة الذكاء الاصطناعي على التعبير عن العمق الإنساني والأفكار الفلسفية العميقة، ويعلق قائلاً: «حتى الآن، الذكاء الاصطناعي يعمل بشكل عقلاني ومنطقي. قد يُدخل حسابات وأفكاراً فلسفية إلى النص، لكنه يفتقد للروح التي تضيفها تجربة الكاتب وإحساسه.» ويواصل المنصور بالقول: «هذا العمق الفلسفي المرتبط بروح الكاتب هو ما يجعل النص الإبداعي مختلفاً، وهو ما لم يستطع الذكاء الاصطناعي تحقيقه.»
الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي… نحو شراكة تكاملية؟
يرى المنصور في الذكاء الاصطناعي شريكاً محتملاً للفنان وليس منافساً له. «الفنان كان على الدوام بحاجة إلى البحث والمراجع التاريخية والإلهام، والآن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون الشريك الذي يسهل على الفنان الوصول إلى الأفكار والمعلومات المطلوبة بسرعة وكفاءة.» ويضيف المنصور: «يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر دعماً للمبدع، لكن الشكل النهائي للنص لا يزال بحاجة للروح والإحساس الذي يملكه الكاتب البشري»
هل يستطيع الجمهور التمييز؟
حول إمكانية تأثير الذكاء الاصطناعي على تفاعل الجمهور، يقول المنصور: «قد لا يسأل الجمهور أحياناً عن كاتب النص، ولكن المتلقي المدرب والنقاد المسرحيين قد يكشفون النصوص التي أنتجها الذكاء الاصطناعي من خلال ضعف الروح الإبداعية فيها.»
الذكاء الاصطناعي وسرعة العمليات الفنية
أكد المخرج والمؤلف المسرحي محمد علي إبراهيم أن الذكاء الاصطناعي يوفر ميزة أساسية للمبدعين، تتمثل في تسريع عمليات تحليل وإنتاج النصوص التي كانت تتطلب وقتاً طويلاً في السابق. يوضح إبراهيم أن الذكاء الاصطناعي يمتلك قاعدة بيانات ضخمة تمكنه من الوصول إلى معلومات متنوعة، إلا أنه يشدد على أن هذا الذكاء لا يتجاوز كونه أداة تقنية لتسريع العمل وليس لتعميق أو ابتكار المحتوى الفني.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الكتابة المسرحية
يعتقد إبراهيم أن الذكاء الاصطناعي قادر على كتابة النصوص المسرحية، ولكنه يراها غالباً تفتقر للعمق والجماليات التي تميز إبداع الكاتب البشري. في رأيه، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم حبكات وشخصيات ويُنشئ حواراً، لكنه يرى أن النصوص المنتجة قد تكون ذات مستوى لغوي بسيط وضعيفة التعبير، مما يجعل من الصعب أن تتفوق على النصوص التي يبدعها كاتب حقيقي.
الحدود الإبداعية للذكاء الاصطناعي في المسرح
يرى إبراهيم أن اعتماد الذكاء الاصطناعي كجزء أساسي من العملية الإبداعية في المسرح أمر غير ممكن، إذ يعتبر المسرح فنّاً يعتمد على عناصر حسية وروحية يصعب على الذكاء الاصطناعي تمثيلها. يقول إبراهيم: «الذكاء الاصطناعي قد يساعد في تطوير أدوات العرض المسرحي، لكنه لا يستطيع أن يحل محل الكاتب المبدع في تقديم تجربة مسرحية حية ومؤثرة.» فهو يعتبر أن الكاتب الحقيقي يتمتع بقدرة فريدة على تحويل القيم والأفكار الإنسانية إلى نصوص تجذب الجمهور وتثير مشاعره»
الجمهور والنقاد: من يستفيد من الذكاء الاصطناعي؟
عندما يتعلق الأمر بتلقي الجمهور للنصوص المسرحية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، يؤكد إبراهيم أن الجمهور ينصب اهتمامه بشكل أساسي على جودة المنتج النهائي وليس مصدره. ومع ذلك، يرى أن النقاد والمخرجين ينبغي أن يتبنوا منظوراً أوسع، وأن يفهموا دور الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة يمكن توظيفها لإثراء التجربة المسرحية، لكن دون المساس بروح الإبداع البشري.
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في النصوص المسرحية العميقة
يشدد إبراهيم على أن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك القدرة على التعبير عن موضوعات معقدة تتعلق بفلسفة الإنسان ومشاعر الأقليات وحالات الحزن أو الاضطهاد. يضيف قائلاً: «يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحدث عن القيم الإنسانية بشكل عام، لكنه لا يستطيع أن ينقل بدقة تجربة شعورية أو فلسفية عميقة في مشهد مسرحي.
الذكاء الاصطناعي: أداة تقنية وليست بديلاً عن الإبداع
في ختام رأيه، يؤكد إبراهيم على ضرورة التعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة تسهل وتسهم في العملية الإبداعية، وليس كبديل للكاتب والمخرج المبدع. من وجهة نظره، المسرح هو فنٌ يعتمد على تفاعل الجمهور مع الأداء الحي والروح الإنسانية، مما يعني أن دور الذكاء الاصطناعي يجب أن يقتصر على تطوير الأدوات التقنية، وترك جوهر العملية الفنية للبشر الذين يعبرون عن مشاعرهم وأفكارهم من خلاله.
توسع الذكاء الاصطناعي في كتابة النصوص المسرحية والدرامية
يرى الممثل والمخرج أحمد الرافعي أن الذكاء الاصطناعي سيشهد توسعاً كبيراً في مجال الكتابة المسرحية والدرامية. وأشار إلى أن الشواهد الحالية تدل على هذا الاتجاه، مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة النصوص ليس فقط في المسرح، بل أيضاً في المسلسلات والأفلام. ويرى أن هذا التحول سيكون له مردود واضح على سوق العمل، حيث يلاحظ زملاؤه في المجال الدرامي أن بعض النصوص التي تعرض عليهم لاختبارات الأداء يتم إنتاجها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأن هذه النصوص قد تخضع لتعديلات لعدم اعتمادها على إبداع بشري أصيل.
دمج الذكاء الاصطناعي مع الإبداع البشري
أما حول إمكانية دمج الذكاء الاصطناعي مع الإبداع البشري بشكل تكاملي، فقد عبر الرافعي عن رؤيته لدور الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة وليست بديلاً للإنسان. ويقول إن الذكاء الاصطناعي، شأنه شأن الآلة الحاسبة، يمكن أن يوفر وقتاً وجهداً للمبدعين في جوانب معينة، ولكن دون أن يكون بديلاً للإبداع البشري. من وجهة نظره، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مرجعية لمساعدة الكُتّاب، لتوفير المعلومات بسرعة ولتقديم اقتراحات ربما تساعد في حل بعض التحديات الإبداعية.
الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة... ولكن بحدود
يوضح الرافعي أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُعامل كرفيق في العملية الإبداعية، حيث يستشيره الكتاب أحياناً كعقل إضافي عند التفكير في حلول لمشاكل فنية أو سردية. ولكنه يضيف أن هناك عناصر لا يمكن للذكاء الاصطناعي استيعابها أو تمثيلها بدقة، مثل التعقيد العاطفي والرؤية الإنسانية الأصيلة، مما يجعل من الصعب عليه تحقيق نفس مستوى العمق والتأثير الذي يولده الإبداع البشري. ويؤكد الرافعي أن «بعض الجوانب الفنية يجب أن تبقى دائماً وليدة الإبداع البشري، ولا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح بديلاً شرعياً لهذه العناصر الإنسانية.»
مستقبل الكتابة المسرحية في عصر الذكاء الاصطناعي
في ختام حديثه، شدد الرافعي على أهمية تطوير أدوار الذكاء الاصطناعي كأدوات مكملة للإبداع، وليس كعناصر جوهرية في صناعة النصوص المسرحية والدرامية. وأوضح أن الإبداع البشري هو روح المسرح، ويجب أن يُحافظ على هذه الروح من خلال عدم الاعتماد بشكل كامل على التقنيات الذكية التي قد تفتقد العمق الشعوري والمعرفي الذي يتمتع به المبدع البشري.
الإبداع الأصيل وتحديات التكنولوجيا
فيما يرى د. ياسر علام استاذ الدراما و النقد المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية أن الإبداع الحقيقي هو ناتج عن التجربة الإنسانية العميقة، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يساعد في تسهيل عملية الكتابة، لكنه لا يستطيع أن يصل إلى جوهر الإبداع ذاته. ويقول: «الكاتب المسرحي الجاد يرتكز في إبداعه على حصيلته الذاتية، فالإبداع يتطلب تفاعلًا داخليًا ومغامرة مستمرة مع الذات والعالم، لا مجرد الاعتماد على خبرة سابقة أو على معطيات تقنية.»
ويستطرد علام موضحًا أن الفنان لا يمكنه الركون بشكل كامل إلى أدوات الذكاء الاصطناعي؛ فالتجربة المسرحية تعتمد على عمق التجربة الإنسانية، والتي لا تستطيع التكنولوجيا محاكاتها بشكل كامل. ويؤكد على أن المبدع الجاد يسعى دائمًا إلى التجديد، مؤمنًا بأن الإبداع «هو كل مرة مغامرة جديدة»، وأن الاتكاء التام على أدوات تقنية ينذر بجمود الفنون التي تعتمد في أصلها على التفاعل الإنساني الحي.
دخول الذكاء الاصطناعي في المسرح: بين التوجس والتبني
كما يناقش علام توجس بعض المثقفين من دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الإبداع، لكنه يبرز جانبًا آخر من هذا التحدي. ويضرب مثالًا بواحد من أهم أساتذة الترجمة في مصر، الدكتور مصطفى رياض، الذي قيم ترجمة شعرية أنجزها الذكاء الاصطناعي وقال إنها «جيدة»، مشيرًا إلى أن التقنية قد تحقق إنجازات لافتة في بعض الجوانب، لكن هذا لا يعني أنها ستحل محل الترجمة البشرية المتعمقة. ويضيف: «أتمنى أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من إنتاج نصوص تتجاوز كل ما أنتجه البشر، فربما يكون هذا التحدي محفزًا للكتّاب والفنانين.»
الذكاء الاصطناعي: محفزٌ للإبداع أم مهدد له؟
بالنسبة لـ د. ياسر علام، فإن دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجالات جديدة يتيح للمبدعين فرصًا غير مسبوقة لتطوير أفكارهم، لكنه يرى أيضًا أن تلك التحديات قد تدفع الفنانين إلى استكشاف مستويات أعمق من الإبداع. ويستشهد في هذا السياق بأمثلة تاريخية، مثل عودة ونستون تشرشل إلى الساحة السياسية في الحرب العالمية الثانية بعد تقاعده، مشيرًا إلى أن التحديات الكبيرة تستدعي مواجهتها بشجاعة وإصرار.
مستقبل الكتابة المسرحية
على صعيد المسرح، يتوقع علام أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم في تسهيل الوصول إلى بعض الأفكار، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليه كليًا في مجال الكتابة المسرحية. فالإبداع المسرحي يتطلب فهمًا عميقًا للعواطف الإنسانية والتجارب الحياتية. ويرى أن الأجيال القادمة قد تستفيد من الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة، لكن تظل القوة الحقيقية للإبداع بيد الإنسان، حيث يتوجب على الكاتب التعامل مع الذكاء الاصطناعي كعامل مساعد، وليس كبديل للإبداع.
في ختام حديثه، يحذر د. ياسر علام من الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن «روح الفن تكمن في تجارب البشر، وهو ما يجب الحفاظ عليه». ورغم تأكيده على قيمة الذكاء الاصطناعي كمساعد للكتّاب، يبقى الإبداع المسرحي، من وجهة نظره، مرتبطًا بالقدرة على تجاوز هذه التحديات والحفاظ على العمق الإنساني في الأعمال المسرحية.
في ختام موضوعنا نقول إن الحوار حول الذكاء الاصطناعي في الكتابة المسرحية يشير إلى مرحلة جديدة من التفكير الفني. على الكتّاب استكشاف كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والعمق الإنساني، مما يسهم في إثراء التجربة المسرحية للجمهور.
و يبقى السؤال: هل سيكون الذكاء الاصطناعي رفيقًا للكتّاب أم عائقًا أمام الإبداع الإنساني؟