العدد 946 صدر بتاريخ 13أكتوبر2025
تحفل الولايات المتحدة بالعديد من التجارب المسرحية فى معظم ولاياتها. وتحتاج إلى بعض هذه التجارب إلقاء الضوء عليها نظرًا لطابعها الفريد.
من هذه التجارب تجربة مسرح «كاباريه كلينتون ستريت» فى مدينة بورتلاند بولاية اوريجون التى حققت إعجازًا كبيرًا فى عالم المسرح لم يشعر به أحد ولا يمكن إغفاله رغم بعض ملاحظاتنا.
تعرض الفرقة مسرحية استعراضية غنائية باسم عرض «روكى المرعب»، وهى اقرب ترجمة لاسم العرض The Rocky Horror Picture Show.
تقدم الفرقة هذا العرض المأخوذ عن بعض القصص الشعبية المتداولة فى الولاية مرة واحدة فقط فى الأسبوع يوم السبت. والمثير هنا أن المسرح يقدم هذا العرض منذ 1978، ولم يتخلف عن تقديمه كل أسبوع واحد مهما كانت الظروف، وهذا رقم قياسى لم تحققه أى مسرحية أخرى فى العالم.
تقاليد غريبة
ويقدم العرض وسط تقاليد غريبة تحرص عليها فرقة مسرح كلينتون مثل تقديم كيس به قطع خبز صغيرة وآخر يحوى بعض الارز لكل مشاهد قبل دخول المسرح ليقوم بالقائها على الممثلين. ويقوم موظف تابع للفرقة وهى من الفرق غير الربحية بكتابة حرف V باللون الأحمر على جبهة المشاهدين الذين يشاهدون العرض لأول مرة.
لكن الغريب هنا أن الفرقة تشترط على المشاهدين ارتداء ملابس كاشفة قدر الإمكان! وهذا الشرط الذى لم تتنازل عنه الفرقة منذ بدء العرض يبرره مسئولو الفرقة المتعاقبون بانه ضرورى ليعايش المشاهد أحداث المسرحية! كما ان كيس الارز وقطع الخبز ضرورية للاندماج فى العرض، كما فى مشهد الزواج. ويقول مسئول الفرقة إن هذه نجحت كثيرًا فى تحقيق اندماج الجمهور بهذا الأسلوب. وكثيرًا ما يطلب الحاضرون إعادة مشهد العرس وبعض المشاهد، وعادة ما توافق الفرقة على هذا الطلب ولكن بحدود.
ومن غرائب الفرقة أنها احتفلت منذ أيام بمرور خمسين عامًا على بدء تقديم العرض المسرحى رغم أنه يقدم فقط منذ 47 عامًا. وتبرر إدارة الفرقة ذلك بأنها تعتبر الميلاد الحقيقى لهذا العرض المسرحى الذى يعتمد على موسيقى الروك هو عام 1975 الذى عرض فيه الفيلم المأخوذ عنه العرض المسرحى. ولولا هذا الفيلم لم يكن هناك ما يجذب الجماهير لمشاهدة العرض المسرحى.
وحتى الآن تعرض الفرقة الفيلم فى مسرحها بين الحين والآخر.
كما أنها تعرض بعض مشاهدها الغنائية الراقصة مباشرة على الجمهور، وتعرض البعض الآخر على شاشة سنيمائية. والمهم أن يتفاعل الجمهور مع العرض، وهى الفكرة الأساسية للمسرح.
ارتجالية
ومما يميز هذا العرض أن العديد من مشاهده الراقصة والغنائية لا تعد مقدمًا بل تترك لتقدم بصورة ارتجالية حسب ردود فعل الجماهير التى تشاهد العرض! ويعتبر المسئولون عن العرض ذلك نقطة قوة فى العرض وليست ضعفًا كما يزعم النقاد. فهى تعد نوعًا من إشراك الجمهور فى العرض.
ويؤكد المسئولون فى الفرقة أن العرض يتم وفق مرونة كبيرة. فهو يشهد تعديلات وقت اللزوم بناء على ردود فعل الجمهور وآرائه. كما يتم تغيير الممثلين الذين لا يجيدون تجسيد شخصياتهم.
ولا تعد فرقة كباريه كلينتون الفرقة الوحيدة التى تقدم هذه المسرحية الاستعراضية التى تعد من كلاسيكيات المسرح الأمريكى بل يقدم هذا العرض فى أى وقت ما لا يقل عن خمسة فرق مسرحية فى طول الولايات المتحدة وعرضها. لكن فرقة كباريه كلينتون تتميز بطول فترة عرض هذا الفيلم التى دخلت موسوعة جنيس للأرقام القياسية قبل عدة سنوات. ولم يتوقف عرض المسرحية فى أى وقت حتى خلال إجراءات التباعد الاجتماعى أثناء أزمة كوفيد-19. كما تتميز الفرقة بتقديم هذا العمل برؤى مختلفة ومتنوعة بشكل كبير وبالجمع بين الأداء المسرحى وبين الفقرات السنيمائية.
تجارية أولًا
ويعود تاسيس الفرقة الى مطلع سبعينيات القرن الماضى عندما اسسها عازف الأورج الشهير الراحل «لينى دى» (1923-2007) مع صديق له بعد أن شاهد المسرحية الاستعراضية نفسها. وحققت الفرقة التى سميت عند إنشائها «شبح الجنة» أرباحًا كبيرة، لكنه قرر بعدها تحويلها إلى فرقة غير ربحية والانسحاب منها للتفرغ لعمله الأصلى كعازف أورج.
وبمرور الوقت وبسبب إدارة الفرقة بالطريقة السابق ذكرها بدأت تحقق نجاحًا كبيرًا، وتحقق إيرادات كبيرة جعلتها قادرة على الإنفاق على نفسها بنفسها دون حاجة إلى دعم كبير من الدولة أو تبرعات كبيرة.
وفى المسرحية الاستعراضية يكتشف الحبيبان براد (باري بوستويك) وجانيت (سوزان ساراندون)، اللذان علقا بإطار مثقوب أثناء عاصفة، قصر الدكتور فرانك-إن-فورتر. العالم غرب الاطوار. وبينما يفقدان براءتهما، يلتقى براد وجانيت عائلة مليئة بالشخصيات الجامحة، بما فى ذلك راكب دراجات نارية وخادم مرعب (ريتشارد أوبراين). ومن خلال رقصات متقنة وأغانٍ معبرة. يكشف فرانك-إن-فورتر عن أحدث إبداعاته: رجل مفتول العضلات يُدعى «روكى».
وحسب الإحصائيات تعاقب أكثر من مائة ممثل على تجسيد الشخصيات الرئيسية فى المسرحية و4 على إخراجها.