إيمان البوهى تناقش تقنيات الإخراج فى عروض مسرح الفئات الخاصة بجامعة المنوفية

إيمان البوهى    تناقش تقنيات الإخراج فى عروض مسرح الفئات الخاصة بجامعة المنوفية

العدد 949 صدر بتاريخ 3نوفمبر2025

شهدت كلية التربية النوعية بجامعة المنوفية صباح الخميس 23 أكتوبر 2025 مناقشة رسالة الماجستير المقدمة من الباحثة إيمان عادل محمد حلمى البوهى، المعيدة بقسم الإعلام التربوى - تخصص الإعلام التربوى (مجال الفنون المسرحية)، وذلك بعنوان:
«تقنيات الإخراج فى عروض مسرح الفئات الخاصة - نماذج مختارة».
تناولت الدراسة أحد الموضوعات الحديثة والمهمة فى مجال الفنون المسرحية، حيث سعت الباحثة إلى الكشف عن الدور الحيوى الذى تلعبه تقنيات الإخراج المسرحى فى إثراء تجربة العروض المقدمة للفئات الخاصة، وكيف يمكن لهذه التقنيات أن تتحول إلى وسيلة فاعلة للتعبير، ودمج ذوى القدرات الخاصة فى المجتمع ثقافيًا وفنيًا وإنسانيًا.
وقد تشكلت لجنة الإشراف والمناقشة والحكم من كل من:
أ.د/ محمد عبد الله حسين – أستاذ بقسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم – جامعة المنيا (مناقشًا ورئيسًا).
أ.م.د/ منى عبد المقصود شنب – أستاذ المسرح التربوى المساعد بقسم الإعلام التربوى – كلية التربية النوعية – جامعة المنوفية (مشرفًا وعضوًا).
أ.م.د/ منى مصيلحى حامد حبرك – أستاذ المسرح التربوى المساعد بقسم الإعلام التربوى – كلية التربية النوعية – جامعة المنوفية (مناقشًا داخليًا).
د/ مى محمد طعيمة – مدرس المسرح التربوى – كلية التربية النوعية – جامعة المنوفية (مشرفًا).
وحصلت الباحثة على تقدير امتياز مع التوصية بالنشر والتداول بين الجامعات العربية.
فيما شهدت المناقشة حضورًا مميزًا من أساتذة الكلية وطلابها وزملاء الباحثة، الذين أشادوا بجهدها البحثى وما قدمته من رؤية تطبيقية جادة حول كيفية توظيف تقنيات الإخراج لخدمة قضايا الفئات الخاصة، باعتبار المسرح وسيلة فنية وإنسانية للتعبير والتفاعل والدمج المجتمعى.
تتناول هذه الدراسة توظيف تقنيات الإخراج المسرحى فى العروض المقدمة من ذوى الفئات الخاصة، من خلال تحليل ثلاث نماذج مختارة هي:
«سندريلا المصرية»، «السفينة (عن هجرة شجرة)»، و«صانع الأقنعة»، والتى قدمتها فرقة «إحنا واحد للفنون المسرحية» التابعة لوزارة الثقافة.
وتنطلق فيها الباحثة من إيمانها بأن المسرح مرآة للمجتمع ووسيلة للإصلاح الاجتماعى، وهو قادر على تمثيل جميع الفئات، بما فيها الفئات المهمشة وذوى الهمم. وترى أن المسرح لا يُعد مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة علاجية وتربوية تساعد فى دمج ذوى الاحتياجات الخاصة داخل المجتمع، وتنمية مهاراتهم الفنية والنفسية والاجتماعية.
وانطلقت الباحثة فى الإطار النظرى والمشكلة البحثية حين لاحظت الباحثة أن الاهتمام بقضايا ذوى الاحتياجات الخاصة تزايد فى مصر خلال السنوات الأخيرة، فى ظل مبادرات الدولة مثل «دمج.. تمكين.. مشاركة» (2016) وإعلان عام 2018 عامًا لذوى الاحتياجات الخاصة.
وانطلاقًا من هذا الواقع، طرحت الباحثة تساؤلها الرئيسي:
 كيف يتم توظيف تقنيات الإخراج فى عروض مسرح الفئات الخاصة؟
وتفرعت عنه مجموعة من الأسئلة الفرعية حول طبيعة القضايا التى تناولتها العروض، وأنواع الإعاقات الممثلة فيها، والعلاقة بين الممثل ذى الإعاقة وباقى عناصر العرض، والدلالات الجمالية التى استخدمها المخرجون لتحقيق التكامل الفنى.
أما عن أهمية الدراسة وأهدافها فأشارت الباحثة إلى أن أهمية الدراسة تكمن فى أنها تسلط الضوء على دور الفن المسرحى كوسيلة دعم وتمكين لهذه الفئة، وتؤكد على قدرته فى تحقيق الدمج الاجتماعى وتغيير الصورة النمطية السائدة.
أما أهدافها فتتمثل في: توضيح كيفية توظيف المخرجين للتقنيات المسرحية فى خدمة ذوى الهمم، تحليل الدلالات الجمالية والفكرية فى العروض المختارة، الكشف عن علاقة الممثل من الفئات الخاصة بعناصر العرض المسرحى.
واتبعت الباحثة المنهج الوصفى التحليلى، وهو الأنسب لدراسة وتحليل العروض المسرحية فنيًا ودراميًا.
واستخدمت أداة تحليل المضمون لرصد كيفية توظيف التقنيات (الإضاءة، الديكور، الموسيقى، الملابس، الأداء الجسدى، والسينوغرافيا) فى العروض محل الدراسة.
وفى نهاية الدراسة قدّمت الباحثة تحليلًا دقيقًا لأداء المخرجين وكيفية تعاملهم مع الممثلين ذوى الإعاقة، وجاءت النتائج فى عدد من المحاور:
1. التمكين والدمج الفني:
نجح المخرجون فى تحويل الممثلين من الفئات الخاصة إلى عناصر فاعلة داخل العرض، عبّروا عن قضاياهم بوعى، وأثبتوا قدرتهم على الأداء المتكامل.
2. تعدد الإعاقات وتنوع المعالجة:
دمجت العروض إعاقات متعددة (بصرية، حركية، ذهنية، سمعية، الأقزام)، وتم توظيفها كجزء من البناء الدرامى وليس كعائق.
3. الديكور المرن والمناسب:
اعتمد المخرجون على ديكورات بسيطة وسهلة التغيير، تراعى الحركة المحدودة لبعض الممثلين، مثل الديكور البارز فى «سندريلا المصرية» ليساعد المكفوفين على الإدراك اللمسى.
4. الإضاءة كرمز درامي:
استخدمت الإضاءة للتعبير عن الحالات الشعورية، مثل الإضاءة الحمراء فى «صانع الأقنعة» لترميز الشر، والأصفر فى «السفينة» للدلالة على الإعياء، مما منح العروض بعدًا بصريًا دلاليًا قويًا.
5. الموسيقى بوصفها لغة تواصل:
أدّت الموسيقى دورًا مزدوجًا، فكانت وسيلة للتعبير عن المشاعر من جهة، ودليلًا إيقاعيًا يوجّه حركة الممثلين ذوى الإعاقة من جهة أخرى.
6. الملابس كعامل دعم حركي:
روعى فى تصميمها أن تكون مريحة وفضفاضة، لتسهيل الأداء الحركى والتعبيرى ومنح الممثلين حرية وثقة فى التمثيل.
7. الدمج الكامل لعناصر العرض:
تحقق التكامل بين جميع العناصر المسرحية (إضاءة، ديكور، موسيقى، أداء) لتكوين رؤية إخراجية متماسكة تبرز فكرة الدمج والقدرة الإنسانية.
8. الاعتماد على الأداء الجسدى والتعبير البصرى:
استخدم المخرجون لغة الجسد كأداة رئيسية للتواصل، خاصة مع المكفوفين، مما منح العروض طابعًا بصريًا مؤثرًا.
9. توظيف المسرح الملحمى:
استعان المخرجون بتقنيات بريختية مثل كسر الجدار الرابع والمسرح داخل المسرح، لزيادة وعى الجمهور بالقضية وخلق تفاعل نقدى مع الواقع الاجتماعى.
أما عن القضايا المطروحة فى العروض، فأشارت الباحثة إلى أن العروض ركزت على مجموعة من القضايا الإنسانية والاجتماعية، منها:
التهميش وحق الدمج الاجتماعى، وكسر الصورة النمطية عن ذوى الهمم، والتمكين وتحقيق الذات والطموح، والاعتزاز بالهوية الوطنية والانتماء، وإثبات المساواة بين ذوى الإعاقة والأسوياء.
وفى النهاية فإن الاستنتاج العام يظهر فى أن الدراسة تؤكد أن المسرح يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإعادة تشكيل وعى المجتمع تجاه ذوى الاحتياجات الخاصة، وذلك عبر دمجهم كصنّاع للفن وليس كمجرد موضوع له.
كما برهنت التجربة التطبيقية أن المخرج المبدع قادر على توظيف التقنيات المسرحية لتحقيق توازن إنسانى وفنى، يتيح للممثلين من الفئات الخاصة التعبير عن ذواتهم بكرامة واقتدار.
خلصت الباحثة إلى أن المسرح الإنسانى الذى يتبنى ذوى الهمم قادر على خلق فضاء من التفاعل الحقيقى بين الفن والحياة، بين التقنية والوجدان، بين الاختلاف والقدرة.
ومن خلال العروض المدروسة، برزت قيمة الفن كقوة للدمج والتنوير، إذ لم تعد الإعاقة عائقًا أمام الإبداع، بل تحوّلت إلى طاقة درامية وجمالية تثرى التجربة المسرحية وتعيد تعريف معنى البطولة على الخشبة.
 


سامية سيد