مسرح فى الإذاعة

مسرح فى الإذاعة

العدد 952 صدر بتاريخ 24نوفمبر2025

الأصل فى المسرح أن يأتى الجمهور إلى المسرح ويجلس على المقاعد ويشاهد الأحداث التى تدور أمامه ويتفاعل معها، وهى الميزة الرئيسية للمسرح. والأصل فى المسرح أيضًا أنه مجال مفتوح للتجارب المتنوعة، والتى تتسم أحيانًا بالغرابة. 
وتحت هذا التصنيف تبدأ قريبا فرقة “المجموعة المسرحية الأمريكية “(وهذا هو اسمها وقع مقرها فى نيوجرسى) تجربة فريدة فى عالم المسرح. 
تعتمد الفكرة تقديم مسرحياتها عبر الإذاعة كى يستمتع بها من لا تسمح له ظروفه بالحضور إلى المسرح ولا يكون متاحًا له أن يشاهدها على الهواء عبر التليفزيون أو مواقع التواصل.
وتتمثل الفكرة فى بث المسرحية عبر الإذاعة على الهواء فى نفس وقت عرضها على المسرح وعدم استخدام أي عروض مسجلة وفى وجود شخص يشرح الأحداث للمستمعين حتى يتفاعلوا مع العرض بقدر الإمكان مثلما يتفاعل الجالسون فى المسرح.

ليس جديدًا
ويقول جيم فاجياس مدير الفرقة المسرحية إن أسلوب “المسرح الإذاعى” لا يعد أسلوبًا جديدًا، حيث تعرض محطات إذاعة فى الولايات المتحدة والعالم وبلغات عديدة مسرحيات مذاعة بنفس الأسلوب. وكانت هذه المسرحيات بالطبع مسجلة ومعدة مسبقا كما هو الحال مع الأعمال الفنية التقليدية.
ومع أزمة كورونا أو كوفيد 19 لجأت فرق مسرحية إلى هذا الأسلوب وأضافت إليه فكرة أن يكون العرض المسرحى الإذاعي على الهواء حتى لو لم يكن احد يشاهده على المسرح على امل تقريب جمهور المسرح الذى انصرف عنه خوفا من العدوى وبسبب إجراءات التباعد الاجتماعى.
ولم تحقق هذه الفكرة نجاحا كبيرا فى حينها. لكن المسئولين عن المجموعة المسرحية الأمريكية وجدت مزايا يمكن أن تتحقق لأن كلا من المسرح والإذاعة وسيلة مميزة وعريقة للتواصل مع الجماهير مع بعض الإضافات والأفكار التى تشعر المستمع بأنه يتابع المسرحية من المسرح أو يدفعه على الأقل إلى مشاهدة المسرحية فى المسرح. 

حياة رائعة
وبشكل مبدئى سوف يتم العرض الإذاعي المباشر لمدة عشرة أيام الشهر المقبل على مسرح فى مقاطعة سومرست فى نيوجيرسى.
 وتبلغ سعة هذا المسرح 256 مقعدًا وسوف تكون البداية مع عرض “انها حياة رائعة” وهى مسرحية مأخوذة عن فيلم أمريكى تم إنتاجه قبل 80 عاما، وحقق نجاحًا كبيرًا ولا يزال يعاد انتاجه سنيمائيا ومسرحيا وتليفزيونيا واذاعيا حتى يومنا هذا. وسوف نقدم فى النهاية عرضًا سريعًا لهذا الفيلم.  
ويستمر العرض المسرحى الإذاعى على مدى 90 دقيقة. ويشارك فيه خمسة ممثلين يجسدون عددًا كبيرًا من الشخصيات. وسوف يركز العرض على الموسيقى والمؤثرات الصوتية والأغانى لزيادة فعالية العرض الإذاعى. وتم اختيار عدد من الممثلين المشهورين على مستوى الولايات المتحدة وليس على مستوى نيوجيرسى وحدها مثل ارون ماك دانيل وجورج بيلى واريكا نايت. 
وسوف تتراوح أسعار تذاكر مشاهدة المسرحية فى المسرح بين 50 و55 دولارًا، وسوف تكون هناك أسعار خاصة للمجموعات والطلبة. 
ولن تذاع المسرحية عبر محطات الإذاعة التقليدية كما يقول مدير الفرقة بل سوف تذاع عبر مواقع التواصل بمقابل رمزى معقول لمن يرغب. ذلك أن الفن المسرحى مكلف حتى لو كان إذاعيًا. وسوف تكون هناك تجربة فى أحد الاستوديوهات على عينة من الجمهور للتعرف على إيجابيات التجربة وسلبياتها.

تجربة أخرى
وقبل أن يتم عرض المسرحية يجرى الإعداد لتجربة أخرى، وهى مسرحية مدينتنا، وهى من كلاسيكيات المسرح الأمريكى وتتحدث عن أسرة تسعى لقضاء عطلتها وتواجهها مواقف غريبة اقرب ماتكون إلى السحر.
وتُنتج فرقة المسرح الأمريكى (ATG)، التى تأسست عام 2012، أعمالًا جديدة وكلاسيكية، معظمها لكتاب مسرحيين أمريكيين. وذلك إلى جانب التركيز على تطوير أعمال جديدة وإعادة اكتشاف الأعمال القديمة المهملة. كما تُقدم الفرقة مبادرات نوعية فى مجال الفنون فى التعليم عن طريق مسرحة الاعمال القصصية المقررة على طلبة المدارس. وتسعى إلى اكتشاف المواهب المسرحية من بين غير البيض من السود وغيرهم. 

نجاح بعد فشل
ومسرحية إنها حياة رائعة مأخوذة عن فيلم بنفس الاسم  يدور حول احتفالات الأمريكيين بالكريسماس والعام الجديد. عرض الفيلم لأول مرة فى 1946 وهو مأخوذ عن قصة قصيرة للأديب الأمريكى فيليب شتيرن باسم “أعظم هدية” مأخوذة بدورها عن رواة ترنيمة عيد الميلاد لتشارلز ديكنز التى كتبها عام 1843. 
ويدور الفيلم حول جورج ستيوارت وهو شخص يتنازل عن أحلامه الخاصة لمساعدة الآخرين من أبناء المجتمع الذين يفكرون فى الانتحار هروبا من مشاكل يواجهونها  ليتراجعوا عن أفكارهم بمساعدة ملاكه الحارس وينجح فى محاولاته ويرى ماسيحدث إذا تركهم لأفكارهم. 
ولم يحقق الفيلم نجاحا كبيرا فى حينه ولم تزد إيراداته عن 6,3 مليون دولار وهى ضعف تكاليفه فقط رغم ترشيحه لخمس جوائز أوسكار لم يفز بأى منها. 
وعاد الفيلم إلى دائرة الضوء عام 1974 عندما انتهت حقوق استغلاله واصبح من حق القنوات التليفزيونية عرضه بدون مقابل وتبارت القنوات فى عرضه وحقق نسب مشاهدة عالية واصبح يحتل المركز 11 بين افضل مائة فيلم امريكى وتم تلوينه بعد أن كان ابيض واسود. وكان يؤخذ عليه فقط كثرة الشخصيات التى اقترب عددها من خمسين شخصية.
أما “مدينتنا” فهى مأخوذة عن مسرحية من ثلاثة فصول تدور احداثها فى مطلع القرن العشرين . وهى من تاليف ثورنتون ويلدر وعرضت لاول مرة فى نيوجيرسى عام 1938 ووصفها بعض النقاد بأنها اعظم مسرحية  كتبت فى تاريخ المسرح الأمريكى. وهى تروى على مدى ثلاثة فصول الحياة اليومية للمواطنين فى مدينة افتراضية اسمها جروفر كورنرز.
وتقدم المسرحية فى معظم احداثها فى فصولها الثلاثة على خشبة المسرح بدون ديكور. ويقوم الممثلون بتجسيد بعض المشاهد بدون حديث (بانتومايم). 
ويظهر فى البداية شخص يقدمه مدير المسرح على انه المؤلف ويتحدث إلى الجمهور عن المدينة الافتراضية وعن المشاكل التى تواجه بعض سكانها ومنها الادمان. 
وتدور أحداث الفصل الثانى بعد ثلاث سنوات من الفصل الأول وقبل تسع سنوات من الفصل الثالث. 


ترجمة هشام عبد الرءوف