العدد 935 صدر بتاريخ 28يوليو2025
تحت أضواء المسرح التى لا تنطفئ، وفى حضرة الخشبة، حيث تُكتب الحكايات وتُحفر المواقف فى وجدان الأجيال، احتفى المهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته الثامنة عشرة بكوكبة من الرموز التى أثرت الحركة المسرحية وأضاءت عوالم الإبداع بموهبتها وإخلاصها، هنا وقف المهرجان القومى للمسرح المصرى ليقول «شكرًا» لمن حملوا شعلة الإبداع، وأضاءوا بأعمالهم عتمات الواقع، وتركوا بصماتهم على جسد الفن المصرى.
فتكريم هذا العام ليس مجرد تقليد سنوى، بل وقفة تقدير وامتنان لأسماء صنعت مجد المسرح المصرى، كلٌ فى مجاله، وهم: الفنانة القديرة ميمى جمال التى مثلت حضورًا إنسانيًا وجماليًا مؤثرًا فى أعمالها، والفنانة القديرة سميرة عبد العزيز، التى شكّلت وجدان أجيال بأدائها الصادق فى المسرح والدراما، الفنان محى إسماعيل، صاحب الحضور الفريد والتجليات الخاصة التى جعلت من أعماله المسرحية علامات لا تُنسى، والدكتور صبحى السيد، صاحب البصمة الأكاديمية والتطبيقية فى تطور فن الديكور، والفنان جلال العشرى الذى قدّم رؤى جمالية فريدة على الخشبة، الفنان القدير أشرف عبد الباقى، الذى تنقّل بين التمثيل والإخراج والإنتاج ليقدّم تجربة مسرحية متكاملة، والمخرج أحمد عبد الجليل، الذى أعاد اكتشاف النص الكلاسيكى بروح عصرية وبساطة آسرة، والمخرجة عبير على، صاحبة الرؤية الجريئة والتجريبية التى أثْرت بها الحركة المسرحية، والكاتب المسرحى سليم كتشنر، الذى حمل هموم الناس إلى الخشبة وكتب بصدق وإخلاص للإنسان، والفنان أحمد نبيل، أحد روّاد مسرح الطفل والبانتومايم.
وهنا يمدّ المهرجان يده ليربت على أكتاف الأوفياء.. ويقول: شكرًا لأنكم كنتم وما زلتم نبض هذا المسرح.
تكريم لا يُمنح مجاملة، بل اعترافًا بعطاء ممتد، ووفاءً لمشوار من الإبداع والتجديد والصدق الفنى، ورسالة حب ووفاء من الخشبة إلى رموزها. وفى هذا الملف نستعرض شهادات حيّة من كوكبة المكرّمين، لنتأمل فى قيمة هذا الاحتفاء وأثره، ولنستمع إلى شهادات عن المسرح كما عاشوه، وعن التكريم كما شعروا به.. لحظة امتنان مستحقة لأبناء الخشبة الأوفياء.
ميمى جمال: تكريمى من المهرجان القومى للمسرح طاقة جديدة للاستمرار
أعربت الفنانة الكبيرة ميمى جمال عن سعادتها العميقة وامتنانها الكبير بتكريمها فى الدورة الـ18 من المهرجان القومى للمسرح المصرى، مؤكدة أن لهذا التكريم طابعًا خاصًا ومكانة مميزة فى قلبها، كونه جاء من جهة ثقافية وطنية تُقدّر مشوارها الطويل مع الفن، لا سيما المسرح.
التكريم رسالة شكر من الدولة والجمهور
وقالت ميمى جمال إن هذا التكريم يُعدّ رسالة شكر من الدولة والجمهور على سنوات طويلة من الجهد والعطاء، وهو ما يجعل الفنان يشعر بأن رحلته لم تذهب هباءً بل كانت مليئة بالأعمال التى لاقت التقدير والاحترام. وأضافت: «عندما يُكرَّم الفنان، يشعر بأن هناك من يرى ويتابع ويحتفى، وهذا يمنحه دفعة قوية وطاقة حقيقية للاستمرار».
وأشارت ميمى إلى أنها قدمت رصيد فنى يتجاوز 500 عمل تنوع بين المسرح والتلفزيون والسينما والإذاعة، منها حوالى 200 عمل مسرحى، لكنها أوضحت أن الكتيّب الصادر عن المهرجان سيتناول عشرات الأعمال من مشوارها الحافل.
أبحث عن المعنى والرسالة
وتطرقت ميمى جمال إلى قرارها بالعودة إلى الفن بعد غياب سنوات عقب رحيل زوجها، لافتة إلى أنها لم تستطع الابتعاد طويلًا، وأنها عادت فقط حين شعرت بالوحدة والفراغ، لكنها لا تقبل إلا الأعمال التى ترى فيها قيمة فنية حقيقية وتأثيرًا، مؤكدة: لا أعمل من أجل الظهور، بل أبحث عن المعنى والرسالة.
شعار المهرجان وأجواؤه يستحق الإشادة
وأشادت ميمى جمال بالأجواء العامة للمهرجان، مثنية على الشعار الذى يُقام تحته هذا العام: «المهرجان القومى للمسرح فى كل مصر، معبّرة عن فخرها بتكريم عدد من الفنانين الذين رافقوها المشوار، قائلة: «فرحت جدًا لتكريم أشرف عبد الباقى، ده حبيبى، وكمان الفنانة الكبيرة سميرة عبد العزيز، وأحمد نبيل.. فرحتلهم من قلبى، وكل فنان بيفرح لما يشوف زميله بيتكرم لأنه تقدير لمسيرة وتاريخ طويل.
المسرح هو الأب الروحى للفنون
وعن أكثر الأعمال المسرحية قربًا إلى قلبها، أوضحت ميمى جمال أنها لا تميز عملًا بعينه، لأن كل ما قدمته نابع من حبها للفن، مؤكدة: لا أشارك فى عمل إلا إذا أحببته بصدق، وكل دور له مكانته الخاصة لدى.
واختتمت ميمى جمال تصريحاتها بالتأكيد على أن المسرح سيظل هو الأب الروحى للفنون، وأن تكريمها من المهرجان القومى للمسرح هو لحظة فخر واعتزاز لن تُنسى فى مسيرتها.
سميرة عبد العزيز: التكريم من مؤسسة وطنية بحجم المهرجان القومى له وقع خاص
أعربت الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز عن بالغ سعادتها وامتنانها لهذه اللفتة التى وصفتها بأنها «وسام على صدرها»، مؤكدة أن التكريم من مؤسسة وطنية بحجم المهرجان القومى له وقع خاص فى نفسها، لأنه يأتى من بيتها الأول، المسرح، الذى ظل يحتضنها منذ بداياتها وحتى الآن. كما وجّهت الشكر للفنان محمد رياض رئيس المهرجان على هذا التقدير الذى وصفته بـ»النبيل والمُحب».
استعادت الفنانة الكبيرة ذكرياتها الأولى مع المسرح، حين كانت طالبة بكلية التجارة، وشاركت فى عرض مسرحى بمدينة الإسكندرية. هناك رآها الفنان كرم مطاوع، الذى لمس موهبتها منذ اللحظة الأولى، وقال لها: «لازم تيجى القاهرة». لم يكن مجرد قول عابر، وهنا منحها أولى فرصها الحقيقية، وفتح أمامها أبواب الفن والثقة.
الموهبة حين تتسلّح بالعلم تصبح قوة لا تُقاوم
لكن الطريق لم يكن سهلًا- كما قالت - فعند انتقالها إلى القاهرة ومحاولتها الدخول إلى الوسط الفنى، اصطدمت برفض بعض الجهات لانضمامها بسبب عدم حصولها على شهادة من معهد الفنون المسرحية. أمام هذا التحدى، قررت أن تلتحق بالمعهد، لتؤكد للجميع أن الموهبة حين تتسلّح بالعلم تصبح قوة لا تُقاوم. وبالفعل، تخرّجت من المعهد وانضمت إلى فرق الدولة المسرحية، لتنطلق فى رحلة فنية طويلة ومضيئة.
ومن بين المحطات التى تعتبرها منعطفًا مهمًا فى مسيرتها، كانت مسرحية «وطنى عكا»، التى استمرت عروضها لأكثر من ثمانية أشهر متواصلة. وجدت فيها سميرة عبد العزيز مساحة لتفجير طاقاتها الإبداعية، ووصفتها بأنها عمل مسرحى استثنائى يحمل بُعدًا وطنيًا وإنسانيًا عميقًا، أثر فى الجمهور كما أثر فيها على المستويين المهنى والوجدانى.
المهرجان القومى للمسرح منصة جامعة لأجيال متعاقبة
وأكدت عبدالعزيز أن المهرجان القومى للمسرح يلعب دورًا مهمًا فى دعم الفن المسرحى واستعادة بريقه، ويُعدّ منصة جامعة لأجيال متعاقبة من المسرحيين. كما عبّرت عن أملها فى أن يواصل المهرجان دعمه للفرق الشابة والمواهب الجديدة فى مختلف المحافظات، لأنه بهذه الطريقة فقط يمكن أن يستمر نبض المسرح حيًّا ومتجددًا.
محيى إسماعيل: التكريم تأخر كثيرًا
قال الفنان القدير محيى إسماعيل: التكريم تأخر كثيرًا، لكنى لا أحمله أى مرارة.. على العكس، جاء فى وقته المناسب تمامًا، لأننى أؤمن أن لكل شىء موعدًا، وأن الاعتراف الحقيقى لا يسقط بالتقادم.
وأضاف: هذا التكريم لا يعنى لى مجرد درع أو لحظة تصفيق، بل هو رسالة تقدير من مؤسسة ثقافية وطنية لمسيرة طويلة من العطاء والتفرد، فى المسرح والسينما والتليفزيون. أشعر بأن هناك أخيرًا من انتبه لما قدمته من شخصيات كانت أقرب إلى دراسة نفسية وفكرية، وليس فقط أداءً تمثيليًا.
ما زرعناه فى وجدان الناس، لم يذهب هباءً
وتابع قائلًا: «المسرح كان جزءًا لا يتجزأ من تكوينى الفنى والروحى، بل هو الأساس الذى انطلقت منه، منذ تأسيسى لمسرح المائة كرسى التجريبى فى المركز الثقافى التشيكى عام 1969، وحتى اليوم. كنت دائمًا أؤمن أن الفن رسالة فكر، وليست وسيلة شهرة أو جماهيرية فقط».
واختتم إسماعيل حديثه بتقدير كبير لهذه اللفتة: أشكر القائمين على المهرجان القومى للمسرح على هذا التكريم، لأنه لا يُمثل فقط لحظة احتفاء، بل يعيد لى الثقة فى أن ما زرعناه فى وجدان الناس، لم يذهب هباءً.
صبحى السيد: سنوات عطاء وجهد فى المسرح لم تذهب سدى
قال الدكتور صبحى السيد، عن تكريمه، إن هذا التكريم يمثل لحظة مؤثرة فى حياته الفنية، إذ شعر بأن سنوات عطائه وجهده فى المسرح لم تذهب سدى، بل وجدت من يقدرها ويحتفى بها، وهو ما منحه دفعة معنوية كبيرة للاستمرار فى دعم الحركة المسرحية ورؤية مستقبلها بعيون أكثر تفاؤلًا.
المسرح بطبيعته كائن حى ينبض بالتفاعل اللحظى
وأشار السيد إلى أن المسرح تأثر بشدة بدخول الوسائط التكنولوجية الحديثة، فبعد أن كان يعتمد على تغيير المناظر بشكل يدوى ونمطى، أصبحت الخلفيات تُجهز جرافيك ويتم عرضها من خلال شاشات وإسقاطات، وهو ما أفقد العرض المسرحى الكثير من حيويته. فالمسرح بطبيعته كائن حى ينبض بالتفاعل اللحظى بين الممثلين والجمهور، ويتغير فيه المشهد والملابس والإضاءة أمام أعين الحضور، ما يميزه تمامًا عن السينما.
وأضاف أن هناك تطرفًا فى استخدام الوسائط الحديثة كالمابينج والإسقاط والردبروجيكتور وشاشات الليد، ما جعل المشهد المسرحى أشبه بعرض سينمائى معد مسبقًا، وهو ما يهدد جوهر المسرح ويجرده من لغته الأصلية التى تتأسس على التفاعل المباشر والصدق اللحظى.
أهمية استعادة الهوية المسرحية المصرية
وتحدث الدكتور صبحى عن ضرورة مراجعة شكل المسارح فى مصر، مؤكدًا أن المسرح المغلق أو ما يُعرف بـ»العلبة الإيطالية» لا يناسب المناخ المصرى الذى هو فى معظمه مناخ صيفى، وضرب مثالًا بالمهرجانات المسرحية فى الولايات المتحدة، حيث تُقام العروض فى الهواء الطلق بالحدائق أو الشوارع، وهى أماكن أقل تكلفة وتتيح تقديم عدد أكبر من العروض. وأكد أن مصر تمتلك فرقًا كثيرة على مستوى الثقافة الجماهيرية فى كل المحافظات، مما يتيح فرصة لبناء مسارح مفتوحة أكثر بساطة وتوافقًا مع بيئتنا.
ووجه صبحى السيد كلمته للشباب قائلًا إن الإبداع الحقيقى يسكن الإنسان من داخله، وأن الصدق هو مفتاح الوصول للناس، فإذا صدق الفنان إحساسه وقدم فنه بصدق، سيصل للجمهور ويجد لديهم التقدير والمحبة. وشدد على أهمية استعادة الهوية المسرحية المصرية، ومراعاة الاحتياج الثقافى المحلى عند تقديم أى عرض، بدلًا من الاكتفاء بتقليد النماذج الغربية التى لا تلائمنا.
جلال العشرى: هذا التكريم تتويج لرحلة عمرها 47 عامًا فوق خشبة المسرح
عبّر الفنان القدير جلال العشرى عن بالغ سعادته بتكريمه فى المهرجان القومى للمسرح المصرى، واعتبر هذا التكريم لحظة فارقة فى مسيرته الفنية التى امتدت لأكثر من سبعة وأربعين عامًا، قدم خلالها أكثر من مائة عمل مسرحى. يرى العشرى أن هذا الاحتفاء بمثابة شهادة تقدير لتعبه وإخلاصه، سواء فى مسيرته كفنان، أو كمدير لمسرح السامر، مؤكّدًا أن ما قدّمه لم يذهب هباءً، بل أثمر عن لحظة اعتراف جميلة تُشعره بالفخر والامتنان.
وأشاد العشرى بأهمية المهرجان القومى، واعتبره مؤسسة ثقافية وطنية بالغة التأثير، تسهم فى ترسيخ الهوية المصرية، وفتح النوافذ أمام الفرق المسرحية للإبداع والتطور. فالمهرجان، من وجهة نظره، لا يقتصر على كونه منصة للعروض بل يعد مختبرًا إبداعيًا يكتشف المواهب ويطوّر المفردات المسرحية من نصوص وأداء وإخراج.
تراجع الاهتمام بالنصوص التراثية
وفى رؤيته للمسرح المصرى اليوم، تحدّث العشرى عن عدد من الظواهر اللافتة، أولها ما وصفه بتراجع الاهتمام بالنصوص التراثية، خاصة فى مسرح السامر الذى يفترض به أن يحتضن هذا النوع من الأعمال. وأبدى أسفه لابتعاد بعض الكتّاب عن معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية والملاحم الوطنية، داعيًا إلى العودة إلى النصوص التى تعبّر بصدق عن الهوية المصرية.
التكنولوجيا الحديثة تقنيات باتت ضرورية
أما على صعيد الأداء، فأشار إلى تطور لافت فى استخدام الجسد والتعبير الحركى، وهو ما يعكس مستوى تدريب جيد ووعى متزايد بأهمية الأداء التمثيلى المتكامل. وفى الإخراج، لاحظ العشرى تطورًا ملموسًا فى الرؤية البصرية واستخدام عناصر السينوغرافيا، إلا أنه أكد على الحاجة إلى تأهيل المخرجين بشكل أعمق فى استخدام التكنولوجيا الحديثة، من مؤثرات بصرية وصوتية، وهى تقنيات باتت ضرورية لكنها لا تزال تمثل عبئًا ماديًا على كثير من الفرق.
الدعاية المنظمة هى شريان الحياة لأى مسرح.
وتوقف العشرى أيضًا عند مسألة تراجع الجمهور، معتبرًا أن ضعف بعض العروض وتكرار الموضوعات وغياب الدعاية الكافية ساهم فى هذا الغياب. لكنه أشار إلى أن هناك مؤشرات إيجابية لعودة الجمهور مؤخرًا، لا سيما فى ظل تنوع العروض وارتفاع مستوى بعض الإنتاجات. وأكد على أهمية الترويج الجيد للعروض المسرحية، معتبرًا أن الاعتماد على وسائل التواصل وحدها غير كافٍ، وأن الدعاية المنظمة هى شريان الحياة لأى مسرح.
وأعرب العشرى عن تفاؤله بالمشهد المسرحى الحالى، مشيرًا إلى أن الدورة الأخيرة من المهرجان القومى اتخذت طابعًا مختلفًا، خاصة بخروجها من العاصمة إلى الأقاليم، ما يفتح أفقًا جديدًا لوصول المسرح إلى كل ربوع مصر، ويجعل من هذه الدورة نموذجًا متميزًا.
وفى ختام كلماته، وجّه الفنان جلال العشرى رسالة صادقة إلى شباب المسرحيين قال فيها: صدق نفسك، وآمن بحلمك، وستصل إلى هدفك. الإيمان بالفن هو أول الطريق نحو الإبداع الحقيقى.
كما نوه فى النهاية إلى الثراء الكبير الذى يشهده الإنتاج المسرحى فى العامين الأخيرين، وخصّ بالذكر مسرحيات الهواة التى رأى فيها قدرًا كبيرًا من الجدية والإبداع، مؤكدًا أن ما يراه الآن من عروض مشرفة يعيد المسرح المصرى إلى طريقه الصحيح، ويجعل من مهمة لجان الاختيار مسؤولية صعبة ومشرّفة فى آن واحد.
أشرف عبدالباقى: هذا التكريم تتويج لمسيرة طويلة ومتنوعة فى حب المسرح
عبّر الفنان أشرف عبد الباقى عن سعادته الكبيرة بتكريمه فى الدورة الـ18 من المهرجان القومى للمسرح المصرى، معتبرًا أن قيمة هذا التكريم تكمن فى كونه لا يرتبط بعمل بعينه، بل يُعد تقديرًا لمسيرة طويلة حافلة بالعطاء فى مختلف جوانب المسرح.
تحدث عبد الباقى عن بداياته قائلًا إنه انطلق من مسرح الهواة ، وقدم خلال تلك المرحلة قرابة 80 عرضًا مسرحيًا، شملت التمثيل والإخراج والتأليف، إلى جانب توليه مهام الإدارة المسرحية وتصميم الديكور والموسيقى، مستفيدًا من خبرته السابقة فى مجال المقاولات والديكور.
محطات متنوعة بين التياترو ومصر واللوكاندة وسوكسيه
استعرض عبد الباقى محطاته المتنوعة فى المسرح التجارى، بداية من «خشب الورد» وحتى «لما بابا ينام» عام 2003، التى توقفت بسبب وفاة الفنان علاء ولى الدين، ثم جاءت تجربة «تياترو مصر» و«مسرح مصر»، والتى أنجز خلالها 130 عرضًا، تبعتها مشاركته فى المسرح السعودى بتقديم 20 مسرحية، ثم مشروع «اللوكاندة» الذى ضم 10 عروض، بالإضافة إلى 9 مسرحيات أخرى لكبار النجوم.
وأشار عبد الباقى إلى تجربته الخاصة بمسرحية «جريمة فى المعادى»، والتى اقتبس فكرتها من عرض بريطانى بلندن، ونجحت فى الاستمرار لمدة عامين عبر فرقتين من الشباب. ويقود حاليًا مشروعًا جديدًا بعنوان «سوكسيه»، يهدف إلى دعم العروض الشبابية الناجحة، ويتم تقديمها على مسرح الريحانى بهدف إتاحة الفرصة لوجوه جديدة.
المهرجان القومى سوق ضخمة للفراولة
وعن رؤيته للمهرجان القومى للمسرح، شبّه عبد الباقى المهرجان بسوق ضخم للفراولة، حيث تتنوع الثمار فى الشكل والطعم، وهذا هو حال العروض المسرحية المتنوعة. وأعرب عن رغبته فى أن تتضمن فعاليات المهرجان عددًا أكبر من المسرحيات المعروفة للجمهور، وليس فقط الأعمال المنتجة خصيصًا للمهرجان، مؤكدًا أن المهرجان يجب أن يعكس صورة حقيقية عن المسرح فى مصر كما كان فى أزهى عصوره.
فرق الهواة تحمل طاقات وإبداعات أصيلة
كما أعرب عبد الباقى عن أمله فى التمكن من مشاهدة المزيد من عروض فرق الهواة، نظرًا لما تحمله من طاقات وإبداعات أصيلة، مشددًا على أهمية وصول هذه الأعمال إلى جمهور أوسع، وليس فقط إلى جمهور النخبة أو المتابعين المعتادين، مؤكدًا أن مصر تضم مواهب حقيقية تستحق الدعم.
وفى ختام حديثه، وجه عبد الباقى رسالة إلى شباب المسرح دعاهم فيها إلى حب ما يفعلونه وعدم الاستسلام للإحباط، مؤكدًا أن العمل الجماعى فى المسرح يخلق طاقة إيجابية قوية. وأشار إلى أن مشروع «سوكسيه» يهدف لإعادة تقديم العروض الشبابية الناجحة، وقد بدأ بالفعل بعرض ثمانية مسرحيات واعدًا بمواصلة هذا الدعم.
أحمد عبدالجليل: ما قدمته لم يذهب هدرًا.. والمهرجان منصة للمخلصين أصحاب المشاريع الجادة
أعرب المخرج المسرحى أحمد عبدالجليل عن فخره وامتنانه لتكريمه فى الدورة الحالية من المهرجان القومى للمسرح المصرى، معتبرًا أن هذه اللحظة بمثابة تتويج لمسيرة امتدت لأكثر من خمسة عقود من العمل المسرحى الدؤوب. هذا التكريم، كما وصفه، ليس مجرد جائزة رمزية، بل هو اعتراف ضمنى بأن ما قدّمه من التزام وانضباط وإخلاص طوال مشواره لم يذهب سدى، وأن جهوده المسرحية قد وجدت من يقدّرها ويحتفى بها.
أحمد عبد الجليل الذى بدأ رحلته كممثل صغير، وتدرّج حتى أصبح مخرجًا يجوب الأقاليم، أكد أن المهرجان القومى أصبح اليوم أكثر وعيًا فى اختيار من يكرمهم، حيث بات يُعلى من قيمة المشروع الفنى الجاد على حساب الأسماء اللامعة فقط. وقدّم شكره لرئيس المهرجان الفنان محمد رياض، ولمديره الدكتور عادل عبده، ولأعضاء اللجنة العليا، واصفًا لفتتهم بالتكريم بأنها نبيلة وتحمل كثيرًا من المعنى.
دورة مسرحية تختلف عن سابقاتها
وفى تقييمه للدورة الحالية، قال عبد الجليل إن هذه الدورة تختلف عن سابقاتها، إذ استطاعت أن تثبت أن المهرجان ليس مجرد احتفالية عابرة، بل ضرورة ثقافية حقيقية. وأشار إلى أن امتداد الفعاليات إلى أربع محافظات، إلى جانب الورش والندوات والعروض الفائزة، كلها دلائل على أن المسرح قادر على أن يصبح «أسلوب حياة»، وأن هناك فرصة حقيقية لصناعة حراك مسرحى واسع النطاق خارج العاصمة.
كما أشاد عبد الجليل بالجيل المسرحى الشاب، الذى بات يحتل مساحات بارزة فى مواقع التأليف والإخراج والتمثيل، مؤكدًا أن معظم عروض الدورة جاءت بتوقيع شباب واعد يمتلك طموحًا وجدية، رغم غياب أسماء النجوم الكبار، باستثناء بعض العروض القليلة مثل «الملك لير». وأضاف أن النصوص المسرحية الجديدة التى قُدّمت كانت فى معظمها من تأليف كتاب جدد، ما يعكس تحولًا ملحوظًا فى المشهد وابتعادًا عن الأسماء التقليدية التى سادت فى الستينيات والسبعينيات.
الرهان الحقيقى يجب أن يكون على الأقاليم
وفى حديثه عن مستقبل المسرح، شدد عبد الجليل على أن الرهان الحقيقى يجب أن يكون على الأقاليم، حيث الطاقات اللامحدودة والجمهور المتعطش، مشيرًا إلى أن توسيع رقعة الفعاليات خارج القاهرة سيعيد الثقة فى المسرح كمؤسسة ثقافية حيّة، ويمنح الأجيال الجديدة الأمل فى مستقبل يليق بأحلامهم.
واختتم عبد الجليل كلماته برسالة مؤثرة للشباب، داعيًا إياهم إلى مواصلة العمل بإخلاص دون انتظار الاعتراف السريع، مؤكدًا أن هناك دائمًا من يراقب ويقدّر، وأن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملًا. واعتبر أن التكريم الحقيقى هو ما تمنحه الأيام من حصاد، حين يُضيء الجهد الصادق طريق صاحبه ليكون فى بؤرة الضوء.
عبير علي: «أخيرًا شعرْت أن هناك من يرانا… فالتكريم ليس فقط جائزة، بل هو اعتراف بحضورنا وتأثيرنا»
عبّرت المخرجة عبير على عن امتنانها لهذا التقدير، لا سيما كونه صادرًا عن مؤسسة ثقافية وطنية تجمع كل ألوان الطيف المسرحى من العاصمة والأقاليم، ومن الفرق المستقلة والجهات الرسمية، وهو ما يجعل الجائزة أكثر وقعًا فى النفس. «أهلى وزملائى يروننى الآن»، هكذا لخّصت شعورها.
ورغم حصولها على جوائز مرموقة على المستويين العربى والدولى، كجائزة عز الدين قنون وترشيحها ضمن قائمة أهم 20 مبدعة مسرحية فى رابطة المسرح المحترف فى نيويورك، إلا أن هذا التكريم خاصة له طعم مختلف، لأنه صادر عن المكان الذى تنتمى إليه، ولأنه يطرح عليها – دون أن يُقال – السؤال الذى ظلّت تطرحه فى أعماقها: هل تروننا؟ هل ترون ما نفعله؟
لم تُخفِ عبير على استياءها من التمثيل النسائى الضعيف فى لجان التحكيم والقيادات الثقافية، رغم كونها واحدة من القليلات اللواتى تمكّنّ من اقتحام هذه المساحات، إذ كانت عضوًا فى اللجنة العليا للمهرجان القومى للمسرح، والمجلس الأعلى للثقافة، والمهرجان التجريبى. لكنها ترى أنها ظلت استثناءً وسط غالبية ذكورية، الأمر الذى يجعل التكريم بمثابة تسليط ضوء على حضورٍ نسويٍّ ظلّ لفترة طويلة فى الظل.
المهرجان القومى المؤسسة الثقافية الوطنية الأهم
وتحدثت عبير عن أهمية المهرجان القومى، واصفة إياه بـ»المؤسسة الثقافية الوطنية الأهم»، ليس فقط لأنه يوثّق حصاد العام المسرحى بكل تنويعاته، بل لأنه يخلق مساحة للفرجة والتفاعل وتبادل الرؤى، ويفتح النوافذ بين العاصمة والأقاليم، ويحقق نوعًا من العدالة الثقافية عبر ورش وعروض وتكريمات لمبدعى المحافظات. ترى أن المهرجان لم يعد مجرّد حدث موسمى، بل مشروع ثقافى مستمر، يراكم التجربة ويصنع حراكًا فكريًا وإبداعيًا حقيقيًا.
بروز المسرح الغنائى والمسرح المستقل رافد ثالث
وفى قراءتها لمشهد المسرح المصرى اليوم، أشارت إلى بروز اتجاه متزايد نحو المسرح الغنائى، وهو ما اعتبرته تطورًا إيجابيًا يُعيد إحياء نوع مسرحى ظلّ مهمشًا. كما أثنت على مشروع الأوبرا لتقديم كلاسيكيات المسرح الغنائى وتوثيق الذاكرة المسرحية. ورغم كثرة المهرجانات، ترى أن الأهم من العدد هو وجود رؤية واضحة وآليات اختيار مدروسة، لكنها فى الوقت نفسه تؤمن بأن كثرة الحركة تتيح فرصة للتنوع وتبادل الخبرات، وتمدّ الساحة المسرحية بالدماء الجديدة.
أشادت عبير على كذلك بالمسرح المستقل كرافد ثالث إلى جانب القطاع العام والخاص، مشيرة إلى دور الفرق الشابة التى تعرض فى مسارح مثل روابط والفلكى والهوسابير، وتتعامل مع شباك التذاكر كحق مقابل عمل، وليس سلعة نخبوية باهظة الثمن. ترى أن هذا النوع من المسرح يمنح الجمهور خيارات متنوعة، ويخلق طاقات جديدة للعرض والاستمرار على أساس النجاح الفعلى وليس اعتبارات إدارية.
تأسيس استوديوهات تعليم المسرح
أما عن سبل استعادة وهج المسرح المصرى، فأكدت عبير أن الأمر يبدأ ببنية تحتية واضحة، تستند إلى سياسة ثقافية معلنة ومحددة الأهداف، تعرف ما الذى تريده من النشاط المسرحى. شددت على ضرورة تطوير قدرات العاملين فى الإدارة الثقافية، وتعزيز مهاراتهم فى التسويق والإدارة والتطوير، وفتح مسارح مغلقة داخل قصور الثقافة ومراكز الشباب والمناطق الطرفية، ووضع خطة تشغيل لها تخدم أهلها وروادها.
واقترحت عبير على تأسيس استوديوهات تعليم المسرح، تكون بمثابة مدارس ذات توجهات فنية مختلفة، مستمرة وتراكمية، بديلًا عن الورش القصيرة التى لا تصنع فنانًا حقيقيًا. فالتنوع، من وجهة نظرها، لا يصنعه الكم فقط، بل عمق التجربة وتمايزها.
تفعيل وحدة دعم المسرح
كما طالبت عبير على بتفعيل وحدة دعم المسرح المستقل التابعة لصندوق التنمية الثقافية، مشيرة إلى وجود لائحة جاهزة لتنظيم العلاقة بين الدولة والمسرح المستقل، والتى تضمن شمول الميزانية المخصصة للمسرح لكل أشكاله، لا للحكومى فقط، باعتبار أن جميع العاملين فى الحقل المسرحى من حقهم الاستفادة من المال العام المخصص للثقافة.
الموهبة وحدها لا تكفي
واختتمت عبير حديثها برسالة صادقة إلى شباب المسرحيين، أكدت فيها أن الموهبة لا تكفى وحدها للاستمرار، بل يجب أن تتغذى يوميًا بالتدريب والمعرفة والاحتكاك. شبهت الفنان بجهاز يعمل بطاقة «القطن والخيط»، أى التدريب والقراءة والاطلاع. وقالت إن من يعتمد فقط على الموهبة سينطفئ بمرور الوقت، أما من يراكم تجربته بالتعلم والانضباط، فسيصمد فى وجه كل الموجات الزائفة.
«قد يعلو فى مراحل بعينها أصحاب العلاقات والتربيطات، لكن المبدع الحقيقى لا يسقط»، بهذه الجملة ختمت عبير على شهادتها التى تصلح أن تكون بيانًا فنيًا من القلب، إلى كل من لا يزال يؤمن بأن المسرح فعل مقاومة ووجود.
سليم كتشنر: «التكريم أنقذنى من الاختناق وأعطانى أملًا جديدًا فى الحياة»
أعرب الكاتب المسرحى سليم كتشنر عن دهشته العميقة حين بلغه خبر تكريمه فى المهرجان القومى للمسرح المصرى، قائلًا:
«لم أكن يومًا فى حضن المؤسسة أو قريبًا منها، لذا جاءنى التكريم كأنبوب أوكسجين أنقذنى من اختناقٍ طويل، بسبب الحصار المفروض حولى، فتحول فى لحظة إلى طاقة حياة جديدة».
وفى معرض حديثه عن المهرجان القومى، أثنى كتشنر على نجاحه الملحوظ، باعتباره يمثل «المسرح الوطني» الذى يطرح قضايا وهموم الناس، بخلاف مهرجانات أخرى لا تعبّر عن واقعنا العربى – فى إشارة إلى المهرجان التجريبى – والتى قال عنها إنها «تستعرض قوالب براقة تنطفئ بمجرد التأمل فى خواء المضامين».
ودعا كتشنر إلى ضرورة فتح أبواب العروض للجمهور العام مجانًا، ليتحقق الالتحام الحقيقى بين خشبة المسرح وجمهورها، بدلًا من حصر الفعاليات فى حدود النخب والمشتغلين بالمجال المسرحى فقط.
«الكاتب غير المنحاز مثل المياه المالحة.. لا يروى ولا يشفي»
وعن تحولات المشهد المسرحى اليوم، يرى كتشنر أن هناك أسماءً جديدة فى مجال الكتابة المسرحية، لكن معظمهم – حسب رأيه – لا يملكون انحيازًا أيديولوجيًا واضحًا لقضايا العامة، وهو ما يجعله يراهم كـ»مياه مالحة لا تروى ولا تشفي».
أما الأداء التمثيلى، فوصفه بأنه يشهد تطورًا ملحوظًا واتساعًا فى الانتشار، فيما شدد على أن الإخراج المسرحى لا ينبغى أن ينشغل فقط بشكل العرض على حساب مضمونه، قائلًا: «المضمون والشكل مثل اللؤلؤ والمحارة، لا ينفصلان، ومن يهتم بالشكل وحده يسقط فى فخ الفشل».
«لكى يستعيد المسرح المصرى وهجه.. نحتاج مشروعًا ثقافيًا واضحًا»
وأكد كتشنر أن استعادة المسرح المصرى لوهجه المفقود تبدأ من إعادة بناء مشروع مسرحى واضح، كما كان فى الستينيات، حين دعا مفكرون كبار مثل توفيق الحكيم ويوسف إدريس وعلى الراعى إلى تأسيس «مسرح مصرى خالص» ينبع من خصوصية المجتمع والثقافة المحلية.
وأوضح أن المسرح المصرى بحاجة إلى تجاوز المعمار المغلق المتأثر بأوروبا، وتقديم عروض مسرحية فى الساحات العامة والقرى، لأن جمهورنا – على عكس جمهور الغرب – لا يذهب إلى المسرح، بل ينبغى أن يذهب المسرح إليه.
وأشار كتشنر إلى أن المدرسة المسرحية التى حملت هذه الروح تواصلت عبر أجيال متعاقبة بدءًا من محمود دياب ونجيب سرور، وصولًا إلى يسرى الجندى وأبو العلا السلامونى، لكنها انقطعت بعد صعود المهرجان التجريبى واللهاث وراء الأشكال الغربية.
رسالة إلى الشباب: اعرفوا جذوركم.. وانفتحوا دون أن تقتلعكم الرياح
وفى رسالته إلى شباب المسرحيين، شدد كتشنر على ضرورة الإلمام العميق بتاريخ مصر المتنوع حضاريًا وثقافيًا، بدءًا من الفرعونية، مرورًا باليونانية والرومانية، ثم القبطية والإسلامية، وصولًا إلى الانتماءين الإفريقى والمتوسطى، مؤكدًا أن هذا التنوع يشكل هوية مسرحية فريدة يجب التعبير عنها.
وأضاف: «أوصى الشباب بالقراءة المستمرة ومتابعة كل الأجناس المسرحية، فالفنان المثقف يختلف كثيرًا عن الفنان السطحي».
وختم كتشنر بكلمات ملهمة قال فيها: «كما قال غاندي: علينا أن نفتح كل النوافذ، لكن دون أن تقتلعنا الرياح من جذورنا».
أحمد نبيل: تكريم الوطن تتويج لمسيرتى الفنية والمسرح بحاجة إلى إنتاج ودعم
أعرب الفنان أحمد نبيل عن اعتزازه الكبير بتكريمه فى المهرجان القومى للمسرح المصرى، مؤكدًا أن تكريم الدولة له يُعد تتويجًا لمسيرته الطويلة، خاصة بعد حصوله على تكريمات عديدة داخل مصر وخارجها. وقال إن هذا التكريم يحمل طابعًا مختلفًا لأنه يأتى من بلده، وهو ما يُشعره بفخر عميق وسعادة لا توصف.
وأشار إلى أنه سبق أن كُرِّم فى مهرجان سينما الأطفال خلال فترة تولى الوزير فاروق حسنى، عن مجمل أعماله فى مسرح وبرامج الطفل، كما كرّمه دار الأوبرا عام 2010، إلى جانب الجامعة ووزارة الدفاع، وعدد من الجهات العربية والدولية. وأضاف أن اتصاله الهاتفى الأخير من وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو، ومن رئيس المهرجان الفنان محمد رياض، أسعده كثيرًا وأكد له أن مسيرته لا تزال محل تقدير.
البانتومايم يعزز الإحساس بالحركة والكلمة والتكوين المسرحى
وأوضح نبيل أنه يقضى معظم فترات الصيف حاليًا فى النمسا وألمانيا، حيث يقدّم ورشًا لفن البانتومايم، ويحرص على نشر هذا الفن المهم الذى يعزز الإحساس بالحركة والكلمة والتكوين المسرحى. وقال إن الجهات الفنية فى الخارج تُولى اهتمامًا بالغًا بهذا الفن، ولا تُخرج دفعة من معاهدها المسرحية دون أن يمر طلابها بدورات متخصصة فى البانتومايم، وهو ما يتم بدعوات رسمية تشمل تذاكر السفر والإقامة.
اعتزلت التمثيل المسرحى وأنا على خشبة المسرح
واستعاد نبيل تجربته الطويلة مع المسرح، مؤكدًا أنه بدأ من مسرح الطفل، وقرر اعتزال التمثيل المسرحى على خشبة مسرح سيد درويش بالإسكندرية بعد تقديمه آخر عرض بانتومايم، حيث أعلن قراره وسط مشاعر مختلطة لم تفارقه فيها الدموع. وقال إنه تعاون مع فرق مسرحية مرموقة مثل فرقة ثلاثى أضواء المسرح، والفنانين المتحدين، وأمين الهنيدى، وتحية كاريوكا، وشارك فى أعمال على مسارح الريحانى والكوميدى شو، ومن أبرز مسرحياته: «على فين يا دوسة»، «الدخول بالملابس الرسمية»، و»الحب فى الصندوق».
المسرح يحتاج إلى إنتاج جاد ودعم فعلى من الدولة
وحول واقع المسرح اليوم، أكد نبيل أن المسرح يحتاج إلى إنتاج جاد ودعم فعلى من الدولة، مشيرًا إلى أن ميزانية وزارة الثقافة الحالية لا تسمح بإعادة تأسيس فرق مسرحية كما كان يحدث سابقًا. وأوضح أن المسرح الخاص تراجع كثيرًا، وأن الجمهور بدأ فى الابتعاد، إما بسبب ضعف المحتوى أو ارتفاع تكلفة العروض. ولفت إلى أن الدولة فى الماضى كانت تدعم ما لا يقل عن عشر فرق من خلال مسرح التلفزيون، ما ساهم فى ازدهار الحركة المسرحية وتقديم عروض قوية ذات مردود مادى جيد.
وتحدث عن واقع الفن والممثلين الشباب، قائلًا إن كثيرًا منهم يركّز على العائد المادى أكثر من القيمة الفنية، مشددًا على أن جيله كان يقدم الفن بإيمان حقيقى برسالة ستُذكر بعد عشرات السنين، متسائلًا عما إذا كان الجيل الحالى سيحظى بنفس الذكرى لاحقًا.
وعبّر أحمد نبيل عن رضاه التام بما قدمه خلال حياته الفنية، معتبرًا أن الرضا هو مكافأته الحقيقية.
وتطرق نبيل إلى تجربته فى التدريس، مشيرًا إلى أنه قدّم ورشًا فنية فى ساقية الصاوى، ودرّس فى أكثر من جامعة مصرية، منها كلية الآداب قسم المسرح بجامعة الإسكندرية، وتخرج من تحت يديه العديد من المخرجين والممثلين والإعلاميين. وقال إن محاولته لتقديم ورش مستقلة داخل مصر لم تُكلَّل بالنجاح بسبب رغبة البعض فى الحصول على التدريب مجانًا، ما لم يكن ممكنًا من حيث الوقت والجهد، على عكس ما يحدث بالخارج حيث يُقدَّر العمل الفنى والتعليمى تقديرًا فعليًا.
وفى ختام حديثه، شدد نبيل على أهمية إعادة النظر فى دعم الدولة للمسرح، وتوفير بيئة إنتاجية حقيقية تليق بتراث مصر المسرحى ومبدعيه، مؤكدًا أن المسرح الجاد سيظل دائمًا أحد أعمدة الوعى والثقافة فى أى مجتمع.