مسرحية الموت ودي ألن

مسرحية الموت  ودي ألن

العدد 881 صدر بتاريخ 15يوليو2024

القاتل .. والموت
تدور أحداث المسرحية حول قاتل خطر ومهووس هارب، ويجري إحضار شخص يدعى كلينمان ويطلب منه وضع خطة حول كيفية الإمساك به، فكلينمان رجل منطقي في عالم مجنون، لكنه لم يحسم أمره ولا يشعر بالأمان، ولا يريد التورّط في البحث عن القاتل. رغم محاولات كلينمان التهرّب من هذه المهمة، لكن الجميع يلاحقه ويلحّ عليه لاتخاذ قرار مهمة العثور على القاتل، أو يكون الحال أنه متورّط معه أو أنه الجاني هو نفسه. يحدث أن ينجح كلينمان في العثور على القاتل المهووس ومواجهته، ليجد أنه لا يختلف عن أي شخص آخر، لكنه أثناء المواجهة يتعرّض إلى الطعن ويقتل، بينما يهرب القاتل ويتابع الجميع محاولة العثور على القاتل أو على ضحية أخرى تبحث عنه نيابة عنهم مثلما كان كليمان.
إن النص قائم علي فكرة فلسفية وهي فكرة البحث في الوجود والتساؤل حول مهمة الأنسان وما إن كان وجوده يعد حقيقة لكونه مادي ملموس ام انا الأمر متروك لدور المرء في الحياة فخلال رحلة كليمان للبحث عن دوره في المهمة يستعرض الكاتب بعض الأفكار الفلسفية والحياتية كيف أن شغف رجل بالعلم قد يودي به وكيف أن فتاة ليل في الأصل شاذة تقبل الرجال من أجل المال وكيف أن يكون شخص جاهلا بدوره في الحياه. 
نجد أن النص به عدة صور عبثية منها اشتراك بطل العرض في خطة هو لا يعرف دوره بها وحتى إن الرجال الذين أيقظوه لك فرد منهم جزء في الخطة هذا ما يعلمه لا أكثر وهذه إشارة واضحة الي ضرورة التزام كل فرد بدورة في المجتمع حتى يستمر الترس في الدوران. ومن ثم تحول شخصية المرأة العجوز الي زوجة كليمان التي توجهه الي ما ينقصهاثم هناك الدكتور الشخصية المهوسه بالقاتل لتكون بمثابة إحباط لكلينمان وتكشف أيضًا عن مكانة كلينمان الخارجية في المجموعة الذي انضم إليه. ثم جينا، التي تزيد محاولاتها المثيرة للإغواء والخطاب المتجول حول الحياة خارج الأرض من التوتر عندما يعرف الجمهور أن القاتل يمكن أن يخرج من الظل في أي لحظة.
فالتركيز على الجنون والقلق من مجتمع حضري يسيطر على براثن قاتل مجنون، فإن «الموت» مقلق من المشهد الافتتاحي، عندما يطرق حشد من المواطنين باب بطل الرواية كلينمان في منتصف الليل لمطالبتها بالانضمام مطاردتهم المحمومة للقاتل. على مضض، تنضم كلينمان إلى التحقيق، طوال الوقت غير مدرك لدوره الدقيق فيه؛ فقط قائد الغوغاء، هاكر، يعرف الخطة الكاملة.
الموت هو طنين سريع الحركة من الأفكار ويمكن أن يكون من الصعب متابعته. في بعض الأحيان، من السهل أن تضيع في تشابك الشخصيات والحوادث غير المبررة والظلال الخرقاء حول الأسئلة الفلسفية الكبيرة. تريدك المسرحية أن تكون نوعًا معينًا من المتلقين: شخص على استعداد تام لمواكبة الرحلة المجنونة، شخص على استعداد لقبول المزاج المتفجر والمنطق المجنون للجميع إلى جانب كلينمان، شخص على استعداد لاحتضان جميع الأسئلة المتبقية دون إجابة.
كان النص أرضا خصبة للحديث عن الموت في إطار فلسفي فالموت في حد ذاته ينطوي على كثير من المفارقات والتناقضات، وهو أيضاً موضوع كريه مزعج لا يشجع على التفكير فيه أو الحديث عنه، والظاهر أن الناس قد فطنوا إلى ذلك، من قديم الزمان، فنراهم قد دأبوا على نسيان الموت أو تناسيه بشتى الحين والأساليب، ولذلك يرى بعض المفكرين أن الحياة ما هي إلا الموت نفسه، لأن الإنسان يشرع في الموت بمجرد أن يولد، وهذه الفترة المحدودة التي يحيياها هي المدة التي تستغرقها عملية وفاته فالإنسان لا يحيا إلا وهو يموت، وهو إذ يمتع العين والقلب والفكر ويحيا الحياة بكل صورها، ولا يفعل كل ذلك ألا وهو ينسج بيده كل خيوط فنائه وموته، ذلك لأن كل لحظة يمر بها هي لحظة نحو الفناء، والإنسان يعرف أنه لا محالة (ميت)، لكنه لا يحاول أبداً أن يواجه هذه الحقيقة.
وهنا يظهر إبداع الن الذي اخرج من فكرة تقلق البشر وترعبهم نصا مسرحيا فلسفيا في إطار كوميدي ملحوظ.


محمد أحمد كامل